هل بمقدور مجلس النواب الاطاحة بحكومة؟ / د. احمد القطامين
اخطأ مجلس النواب خطأً جسيماً في طرح فكرة الثقة في الحكومة من حيث المبدأ. فالمجلس يعلم علم اليقين ان طبيعة المعادلة السياسية الفاعلة في بلدنا لا تتيح لمجلس النواب ان يسحب الثقة من اية حكومة، مع ان ذلك متاحا دستوريا، الا انه عمليا غير متاح.
في السياسة كما هو الحال في كل مكان حول العالم ‘غير المتطور سياسيا’ الدولة العميقة اقوى من المؤسسات والقرار النهائي حول كل الامور يصدر عن آليات اتخاذ القرار في تلك الدولة العميقة الفعلية. مع ان المؤسسات قائمة وتبدو انها تعمل حسب المعطيات الدستورية القائمة الا انها في الواقع لا تعدو كونها ‘حالة توازي’ لأدوار تقوم بها الدولة العميقة فعليا.
وفي حالة كهذه، سنرى المؤسسة التشريعية مثلا تجتمع ويتبارى النواب في إسماع الحكومة كل انواع الدروس السياسية العميقة والمحرجة واحيانا المتطاولة على الحكومة وسيتاح للشعب ان يسمع كل ما لذ وطاب من الكلام الكبير الذي يبدو انه يصب تماما في صلب المصالح الاساسية للشعب والدولة.. وسترى نوابا يتبارون سرا وعلنا في تهديد الحكومة بسحب الثقة منها مستغلين كل الوسائل المتاحة لايصال تهديدهم ووعيدهم الى الرأي العام فيرفعوا سقف التوقعات الشعبية الى مستويات عالية جدا.
وعندما يأتي التصويت يصوتون لصالح منح الثقة للحكومة.. ويصوتون علنا.. يقولون انها ثقة، واحيانا ‘ثقة ونص’ إمعانا في التحدي وارضاء لمتطلبات الدولة العميقة..
وهنا يطرح سؤالا منطقيا لا بد من طرحه: من الخاسر في هذه العملية ؟
الجواب : الخاسر الوحيد هو الوطن ويتم ذلك على حساب منحنى تطوره السياسي على المديين القصير والمتوسط.
اما النائب فهو يعلم تماما ان ذلك لا يؤثر على امكانية إعادة انتخابه مستقبلا وذلك لأن معايير اختيار النائب من قاعدته الشعبية ليس من بينها ما يمتلكه من قدرات شخصية او كفاءته في اداء العمل او حتى انحيازه لمصالح الشعب وقواعده الانتخابية، وبالتالي لا ثمن للمواقف غير الشعبية التي يقوم بها لاسباب كثيرة ليس هنا مجال للحديث عنها، لكنها معروفة للجميع..
اذن، فازت الحكومة(صحتين وعافية)، وخسر النواب (لكنها خسارة لا تؤثر في شئ).. والنتيجة كما هي دائما (مكانك قف)!!
[email protected]
التعليقات مغلقة.