الغوطة.. عملية انتاج الصور والفيديوهات ! / أ.د احمد القطامين

نتيجة بحث الصور عن احمد القطامين




أ.د احمد القطامين* ( الأردن ) الثلاثاء 27/2/2018 م …

المشهد الاول: رجل يحمل طفليه على كتفيه بفزع وهو يجوب الشارع المهدم بينما الدخان والغبار يحجبان اشعة الشمس.. ويخلقان مشهدا سينمائيا مرعبا متقن الاخراج..

المشهد الثاني:   طفله ترتدي تنورة حمراء ممزقة وشعرها الطفولي الجميل يتناثر حول جسدها الصغيرتشق طريقها عبر الشارع في حالة رعب شديد.. الركام وشظايا الابنية المتهدمة والشمس تكاد تُحجب بطبقة كثيفة من الغبار..

المشاهد تم اخراجها بطريقة فنية شديدة الاتقان وكأنك بالفعل تشاهد صورا سينمائية انتجتها اقوى العقول الفنية  والتكنولوجية في هوليوود، عاصمة السينما الامريكية.

لا وجود لمراسلي محطات التلفزة العالمية في الغوطة اذن من يستطيع تصوير واخراج هذه المشاهد المفرطة في جودة اخراجها ؟ معلوم طبعا ان المسلحين في هذه المنطقة مزودين بتكنولوجيا انترنت مرتبطة بالاقمار الصناعية وهي تكنولوجيا بالغة التقدم لنشر الفيديوهات والصور والاخبار عبر الشبكة العنكبوتية بسرعة بالغة ودقة متناهية. ولكن يظل الجواب على السؤال المهم مبهما: من يصور لهم ومن يخرج هذه الصور المتقنة شديدة التأثير على من يشاهدها.

بعد ان يتم التصوير والمونتاج المتقن ترسل هذه المقاطع الى الانترنت عبر الاقمار الصناعية وتتلقفها الفضائيات اياها  وتبثها مع تعليق بالصوت مدروس بعناية بحيث يُفَعل بشكل كبير قدرة الصورة على التأثير على من يشاهدها.

مشاهد مثلا هذه يتم انتاجها في الغوطة الشامية وتأخذ مسارها فورا لتحط في شبكة الانترنت وتبث عبر فضائيات العربان وشبكات التواصل الاجتماعي وتنتشر بعد ذلك وفي دقائق معدودة لتجوب كوكب الارض مئات المرات..

مع الاسف هكذا هو الحال في منطقتنا، وهكذا يَتشكل الرأي العام البائس حول مجريات الحروب التي تقودها الولايات المتحدة وتنفذها ايدي عربية اسلامية لتمعن قتلا في البشر وتدميرا اسطوريا لا رحمة فيه لموارد الشعوب وبناها التحتية ومتطلبات المستقبل على تنوعها واختلافها..

المشكلة ان الكل يعرف ذلك، الدول واجهزتها الاستخبارية والمتابعون والمراقبون ومن فقط يتابع الاخبار ويشغل عقله قليلا، ومع ذلك يستمر التأثير وخلق اسباب الاحباط والتطرف ..

الحديث موجه لمن من العربان يساهم في هذا القتل الحرام .. من سيدفع الثمن هو انتم ونحن وشعوبنا وسمعة امتنا والانسانية وقيم الخير والعدل والصلاح.. الا تدركون عواقب ما تفعلون ؟ اين الحد الادني من العقل ليتمكن العالم من الاعتراف بكم كبشر من الجنس البشري ؟

يوما ما ستدركون حجم المأساة في افعالكم.. لكنني اخشى انه عندما تكتشفون ذلك ان  يكون الحال قد تجاوز نقطة العودة الآمنة..

* اكاديمي ومحلل سياسي من الاردن

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.