ثقافة مقاومة تعزز الطاقات الكفاحية للجماهير الشعبية ( في فلسطين ) / سعيد مضيه

سعيد مضيه ( فلسطين ) الثلاثاء 27/2/2018 م …




لم يحن اوان التسوية العادلة، فالجماهير محبطة ومستلبة، والممارسات الإسرائيلية –الأميركية تعزز القهر والإحباط. ثقافة المقاومة مغيبة في حقبة الجمود الثقافي، حيث السياسة تنبذ الثقافة، والمثقفون يبدعون بمنأى عن الجمهور المفتون بجلد الذات. التحرك الشعبي بدون ثقافة تخبط في الظلام، والثقافة التي لا ترشد الفعل الاجتماعي ثرثرة ولغو. التغيير الاجتماعي يبدأ بالبشر ، وبالبشر الإيجابي في مجتمعه، المتحرر من الاستلاب، يتعدل ميزان القوى، وقد ينقلب، على أرض الصراع. كان اولى بقيادات الفصائل الانهماك في عقد اجتماعات شعبية ومؤتمرات تتداول في أمر تحصين الوعي الاجتماعي وإثرائه بهدف الحشد والتعبئة.
موقف اميركا وإسرائيل أغلق الأبواب بوجه حل تقبله المنظومة الدولية، ولن تكف اميركا عن سلوكها المعطل لتسوية عادلة. ومن مندوبي البلدين ودبلوماسييهما صدرت تعليقات سفيهة متعالية تحمل الازدراء والاستهانة، ليس للطرف الفلسطيني فقط ، بل وكذلك للدول الأخرى وللقوانين والاتفاقات الدولية . وجهت مندوبة ترمب كلماتها للرئيس الفلسطيني بلغة الإنذار النهائي : «نحن مستعدون لكي نتحدث معك ، لكننا لن نجري وراءك… ليس عليك أن تمدح قرارنا ولا حتى أن تقبله، ولكن عليك أن تعرف التالي: هذا القرار لن يتغير”. أعقبها سفير إسرائيل بالمنظمة، داني دانون، فوجه الخطاب للرئيس الفلسطيني : «أنت لم تعد جزءا من الحل. إن الفلسطينيين بحاجة إلى قيادة تتحدث مع إسرائيل لا قيادة تتهرب من الحوار”. بغطرسة القوة أفصح مندوب إسرائيل أن حكومته لا تتعامل إلا مع مسئول فلسطيني يرفع الراية البيضاء. وإمعانا في الكيد والاستهانة قرر ترمب نقل سفارته الى القدس في يوم الذكرى السبعين لنكبة الفلسطينيين. تطوع سفير ترمب في إسرائيل، ديفيد فريدمان، للدفاع عن قرصنة الإسرائيليين، مدعيا ان انسحاب إسرائيل من الأراضي المحلة يتسبب في حرب اهلية. زاود على نتنياهو الذي اتخذ الاستيطان تكئة تمنع حكومته من السقوط، ما دفع رفيف دروكر محرر القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، معقبا على تصريحاته ، الى القول إن من يسمع فريدمان لا بد أن يقول بسره إن الرجل انضم رسميا لحزب البيت اليهودي. فقاعات تصاعدت من مستنقع الليبرالية الجديدة، تشيع النتن في اجواء السياسة الدولية.
تسترشد الليبرالية الجديدة بلاهوت المسيحية الأصولية، تزعم أن التاريخ يمضي بمشيئة ربانية عبر احتضان إسرائيل نحو الألفية السعيدة. استبدلت القانون الدولي والاتفاقات الدولية ،المؤسسة للشرعية الدولية، بخرافات المسيحية الأصولية. لم يستلهم اللاهوت الأصولي فكرة دينية ، إنما تكيف طبقا لنهم الاحتكارات للأرباح الأسطورية. قبل الليبرالية الجديدة كان الثراء يقيم بالملايين وبالمثال الليبرالي الجديد انتشر وباء النهب بالمليارات.ألهمت المسيحية الأصولية برنامج اليمين الإسرائيلي ودمجته عضويا مع برنامج القرن الأميركي للهيمنة الكونية ، وبمقتضاه تنفرد الولايات المتحدة ومن يسير في ركابها بتقرير القضايا الدولية. رفعت يافطة استثناء اميركا ومن يسير في ركابها من الالتزام بالقوانين الدولية. في داخل الولايات المتحدة انحسرت الديمقراطية وتدخل المال السياسي في الانتخابات حيث اندمجت السياسة بالرأسمال المالي وفق مصالحه ؛ وفي السياسة الدولية المطابقة نصبت اميركا نفسها مبعوثة العناية الربانية لإنجاز مسيرة التاريخ حتى حرب هرمجدون وعودة المسيح لتدشين حقبة الألفية السعيدة. تدخل المسيحيون الصهاينة في الولايات المتحدة في الانتخابات الإسرائيلية وضمنوا البرنامج الانتخابي لحزب الليكود بند عدم الانسحاب من الأراضي المحتلة؛ انطلاقا من هذه الخطوط العريضة ضمن نتنياهو رده على خطاب الرئيس الفلسطيني بتصنيف المناضلين من أجل الحرية ومناهضي الأبرتهايد إرهابيين تدمغ بالإرهاب كل من يدفع المساعدات المالية لأسرهم. أشاعت الولايات المتحدة بسياساتها العدوانية على الصعيد الدولي ثقافة الكراهية والعرقية والقسوة الشرسة. إن تهميج المجتمعات البشرية، والتي رصد بعض معالمها أكاديميون ومثقفون في أميركا والعالم ، عملية سياسية انتهجتها الليبرالية الجديدة منذ سبعينات القرن الماضي. ومن تداعيات االليبرالية الجديدة في مجالات السياسة والاقتصاد واختلالات الثقافة تهيأ المسرح لترمب رئيسا للولايات المتحدة .
عاينت مجلة نيويوركر الأميركية الوباء المتمثل في تسخير السياسة لمصالح الراسمال المالي، وابرزت نموذجين من متموّلي السياسة: “أثرياء مثل زوكربرگ، صاحب الفيسبُك، ممّن يدفعون خلال المواسم الانتخابيّة فحسب، بينما وجد آخرون مثل عائلة كوخ وميرسر وغيرهم أنّ الاستثمار الأجدى هو في تمويل مؤسسات ومراكز اعلامية للتأثير على الرأي العام على المدى الطويل، وأن تفرض ارادتها مباشرة في السياسة، بدلاً من الاكتفاء بدعم مرشّحٍ ما”. تخلص الصحيفة الى الاستنتاج بأن السّياسة الأمريكية تماهت مع عالم “مثالي” تخيله روبرت ميرسِر: القوي والذكي والثري الذي يفرض نفسه بماله. فتح الباب على مصراعيه، أمام المال السياسي لتصبح إرادته نافذة وافكاره رايا عاما، يجلس في برجه العالي في موقع منيع، لا شيء يمنعه عن تحقيق ما يريد، طالما أنّ كلّ شيءٍ يُشرى بالمال. فمثلا، يؤمن ميرسِر بأنّ الإحتباس الحراري حجّة واهية، فموّل دراساتٍ وأبحاثاً تناسب هواه، وكاد أن ينصِب رئيسا لوكالة البيئة عالما في الكيمياء الحيويّة، ينكر الإحتباس الحراري، باعتباره عالِمه المفضل.
بنفس المنطق والغاية جمح نهج تسلح متسارع. من منطلق التفوق في قدرة الردع يتحدى التحالف الأميركي – الإسرائيلي الفلسطينيين والقانون الدولي والاتفاقات الدولية ويتحدون كل الدول الملتزمة بالقانون والاتفاقات لدى مقاربة المشكلة الفلسطينية. ولن يتبدل الحال طالما لا يضطر الطرفان، الولايات المتحدة وإسرائيل، لدفع ثمن الموقف المستهتر والمستهين، وطالما يجدون في المنطقة عملاء يساندون سياساتهم ويخمدون بسلطويتهم كل حراك شعبي . نظم الاستبداد العربية تمارس السطوة الأبوية، تتخاذل بوجه المكائد الامبريالية وتتواطأ معها، مركّزة سطوتها على الجماهير. ينبغي التذكير المستمر أن الحواضن المحلية للسلفية التكفيرية هي الظلم والفساد المقرونين بالحرمان في ظل الأنظمة القهرية. تشيع الأنظمة حالات الإحباط والتيئيس وتسفيه الذات والهروب من العمل العام واللامبالاة والتردي الأخلاقي والاختلالات الاجتماعية في صفوفها.
حيال هذا الاختلال المريع والسعار الشرس ليس أفضل ولا أكرم لذكرى الضحايا والسجناء والمعاقين والأسر المعذبة بالفراق من الإقلاع عن التفاوض والكف عن طرح الحلول من مواقف الضعف. فلا بد من تراكم مصادر القوة الذاتية . تفشي المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي ومشاريعه حالة من الضعف، تغري باستخفافها بل ازدرائها. تدرك إسرائيل سر ضعف المقاومة الفلسطينية ، وتأخذه بالحسبان ؛ ولا توفر وسيلة تسخرها لتعزيز مركب النقص لدى الجمهور الفلسطيني، تغذي الهدر الذي تمارسه الأنظمة، وتقوض فعالية الجماهير . يبهج نتنياهو أن يكرر في كل مناسبة الإشادة بتطور التنسيق الإسرائيلي مع انظمة عربية. وفي كتابه الأخير”غزة تحقيق في استشهادها”، فسر نورمان فينكيلشتاين، الأكاديمي اليهودي الذي فضح متاجرة إسرائيل بالمحرقة، الهجمات الإسرائيلية على غزة، فأرجعها جزئيا الى رغبة في البرهنة على قدرة الردع بعد هزيمتها امام المقاومة اللبنانية، وجزئيا بهدف الترويع بشراستها المتعاظمة وبالعنف المفرط في استهداف المدنيين. لم تنتظر إسرائيل شيوع ثقافة الحرب على الإرهاب كي تشوه المناضلين من اجل التحرر ومناهضة نظام الأبارتهايد؛ فعمدت الى شيطنة المقاومة في نظر العالم، واختلقت منذ احتلالها في حزيران 1967، مفردة الإرهاب الصقتها بالمقاومة الفلسطينية. ومن التحقيقات التي اجرتها لجنة غولدستون إثر عدوان 2009 على غزة تبين ان الجنود قد منحوا تصريحا لأن يبطشوا بجنون وعصابية مسعورة كي “يدمروا كل شيء في طريقهم” و”يقتلوا كل ما يتحرك”. انها ثقافة القسوة والكراهية المتأصلة في نهج الليبرالية الجديدة . وفي اغتصاب أراضي الضفة تتجلى ضراوة النهب الافتراسي لليبرالية الجديدة . واثناء القصف الأميركي على العراق ثم فرض الحصار عليه، قتل وشوه مئات آلاف الأطفال، وانبرت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة ، مادلين اولبرايت، تبرر قتل هذا العدد الضخم من الأطفال وتدافع عن الجريمة.
نجحت نماذج العدوان وهدر الأنظمة في إشاعة مركبات النقص في المجتمعات العربية، ومنها المجتمع الفلسطيني، تتجلى في كيْل ضروب التسفيه وتحقير الذات الوطنية والقومية. يتمظهر هوان الحالة الاجتماعية في شيوع نموذج المحبَط واليائس والمكتئب والمتشائم والعدمى الساخر من الشعب لخموده. الأغلبية تنطلق من وعي سطحي وجهل ساذج يظن انها حالة طبيعية وقدر لا فكاك منه، والبعض الآخر يمعن في تبرير تضليل الجماهير المستلبة ، وتحطيم معنوياتها . واخطر شيء يحرص المحتلون على مكافحته ثقة الجمهور بقدراته على تغيير الواقع.
مناخ تعشش فيه عناصر الانحطاط الفكري وتردي مستوى الأخلاق فى معاملات الشارع، دلالة على خلل اجتماعي خطير. ان ما نشهده الآن من اختلالات اجتماعية وخروج على المجتمع وما تنشره الصحف ووسائل الإعلام من فضائح أخلاقية وتجاوزات سلوكية، إن هي إلا تدهور في المستوى الثقافى والفكرى للبشر.. انكسف الضمير العادل لتتعزز سطوة التسيب والفلتان على سلوكيات الناس، ثمرة مرة لتغييب صوت الثقافة والحكمة والموضوعية. تراجع لغة الحوار سواء فى الحوارات العادية أو فى الأعمال الفنية ، تفشي الانحطاط الثقافي ، حيث تبعث تقليعات فكرية متخلفة باسم التغيير وتنتعش الحركات الشعبوية والإيديولوجيات المنحرفة مثل الاستهلاكية والعدمية والتيارات السلفية وحرية السوق والخصخصة، والمحافظين الجدد والنازية الجديدة . أجواء التضليل تتنكر للحقائق العلمية، والوقائع السياسية والاجتماعية. يسهل، عن طريق تكرار الأكاذيب في منابر الإعلام، ترسيخها في الأذهان لتغدو مسلمات لدى الجمهور الراكد، يقابل ناقدوها بالصد والتسفيه. ظهر وتكاثر فى العالم العربي؛ جماعات يعيشون فى فقاعات من صنع أنفسهم، ولا يقبلون من المعلومات إلا ما يؤكد روايتهم للواقع، ونظراتهم للمستقبل. وعندما يواجهون بما يناقض رواياتهم للواقع، أو يشكك فى أحلامهم ورؤاهم، يتعصبون ويعاندون ويعادون .
ما من نشاط ثوري يستهدف التغيير يبزغ من تلافيف هذا المناخ الثقافي الموبوء، والمخرج يتعين بالمقاومة الثقافية تتصدر المهمات الكفاحية. وهذا يلقي على قوى التغيير الاجتماعي وعلى المثقفين الملتزمين مسئولية تبديد المركبات النفسية والذهنية للإحباط . تنمو عقد النقص لدى اجيال لا تحصنها العملية التعليمية. تم رصد رداءة العملية التعليمية،إحدى عوامل الوهن الاجتماعي، نظرا لارتكارها على التعليم التلقيني. والعملية التعليمية ، بنواقصها لا تحظى بعناية قوى التغيير الاجتماعي ، وخاصة فصائل اليسار الفلسطيني والعربي . التعليم لا ينمي العقل المفكر والباحث، ويئد في المهد روح المبادرة والاعتماد على الذات والبحث عن المعرفة، ويدمر ملكة النقد والتقصي. تطوير التربية، باتباع نهج التعليم الحواري، ينمي لدى الأجيال روح المبادرة والاعتماد على الذات والرؤية النقدية؛ إتقان التحاور وتأصيله في الحياة الاجتماعية والسياسية يسفر عن ديمقراطية نقدية مستدامة، يوسع المدارك و يعزز الانتماء الوطني، إذ يصفي النزعات العصبوية الطائفية والعرقية. التربية الديمقراطية تنطوي على ثقافة إنسانية وطموح بالاستناد إلى منهجية علمية تعتمد جدل الفكر والممارسة. يقع على عاتق فصائل المقاومة تعرية الثقافة اللاإنسانية ، تلك التي توحش البشر وتشيع الفردية العازفة عن الصالح العام، واكثر من ذلك تعيدهم إلى مرحلة الهمجية، ترصد اتجاهاتها وتكشف عن منابعها. حيال التصحر الوجداني المنتشر على أديم الحياة، تضطلع الثقافة بتوفير الشروط والقيم والممارسات الضرورية للنهوض بالمسئوليات المتوجبة علينا كمواطنين لتعرية ثقافة القسوة والعنف والتضامن مع ضحاياها ، علاوة على مقاومة البؤس البشري واستئصال الظروف المنتجة للبؤس.
في مرحلة الليبرالية الجديدة أخضعت الولايات المتحدة العملية التعليمية لتحكّم المال السياسي، اولا من خلال تشريعات قصرت المنهاج التعليمي الجامعي على إتقان حرفة، وقطعته عن الإبداع واستقلالية الطلبة وارتباطاتهم الاجتماعية ؛ وثانيا الغت قرارات المجالس المنتخبة، بتأثير المال السياسي، مجانية التعليم الجامعي والمدرسي ، فتحول إلى سلع متفاوتة الجودة، يتاح للطلبة ، كل حسب قدرته المالية وليس بناءً على القدرة الذهنية، لتتقرر في ضوئه فرص التأهل للوظائف الرفيعة والحاسمة ويتم توارثها. تردى التعليم في الولايات المتحدة الى مستوى التعليم في الأقطار العربية، وتشبثت الأنظمة العربية بنظمها التعليمية المتخلفة، متذرعة بالمثال ” الإصلاحي” الأميركي.
البروفيسور فالك ، خبير القانون الدولي، مكافح عنيد من اجل العدالة في فلسطين، وكوّن خبرة من خلال معاناته القاسية في مجال نشاطه الدؤوب مفوضا دوليا من أجل حقوق الفلسطينيين لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. يقول ان ” انصار إسرائيل ذوي النفوذ نقلوا النقاش بصدد النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني إلى نمط من الحرب الثقافية العدوانية”. حرب نفسية تنطوي على تحريض يعوض أدوار فرق مسلحة، وهذا ما يدور داخل إسرائيل . هذه الحرب العدوانية تصدها مقاومة ثقافية حداثية تتفاعل عبر حركة شعبية ديمقراطية، تنزل الى جماهير الشعب لتضوي حركتها؛ الاستثمار فيها يعود بأفضل مردود على المقاومة الشعبية. مهمة تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني تستند إلى تنمية طاقاته الكفاحية مسنودة بالطاقات الكفاحية للشعوب الشقيقة، بعد أن تتحرر من أنماط التخلف ونماذجه. تحديث الحياة الاجتماعية اقتصادا وثقافة وتعليما وسياسة شرط لخوض مقاومة فاعلة تستند إلى تكثيف النشاط السياسي -الثقافي في أوساط الجماهير لتأهيل القوى المجمدة وتنشيط حراكها السياسي. .ما لم تفارق الجماهير عفوية التصدي وتعي دورها للتحرك بوعي مرشد لوقف مدحلة الاستيطان فإن الكلام عن التحرير والتحرير من النهر إلى البحر كلام عابث يستر التخاذل وضعف الإرادة وضيق الأفق.
التحرر الوطني والديمقراطية والتنمية والوحدة العربية مفاهيم متداخلة عضويا في عملية التحديث والتقدم الاجتماعي للمجتمعات العربية. وضمن هذه التوليفة تندرج قضية تفكيك الأبارتهايد في فلسطين . إنه مرتبط بتفكيك الوجود الأميركي بالمنطقة والعالم، ومرتبط عضويا بالنضال ضد الليبرالية الجديدة وأنظمتها الجائرة. ومهمة شعب فلسطين تقتضي تعبئة حركة شعبية ديمقراطية ضاغطة؛ المهمة ثقافية بدرجة اولى. وحيث ان الثقافة تحيل على النشاط العملي والممارسة السياسية للأحزاب والقوى التقدمية، فإن تحريك الجماهير للنشاط العملي من اجل تغيير اوضاع البؤس يمضي عبر وضع مهام قصيرة الأمد يبعث النجاحُ في إنجازها حماسةَ الجماهير ويرفع معنوياتها وثقتها بإمكانية التغيير. المقاومة الشعبية حراك جماهيري موجه يمنح الجماهير ثقة بالنفس وقوة إرادة يتم البناء عليها . يقتضي تنشيط المقاومة الناجعة للأبارتهايد توفير شروط الصمود بوجه نهج الإفقار وتضييق سبل العيش والحصار التي ينتهجها الاحتلال في الأراضي المحتلة. يتكامل في هذا الميدان نشاط المثقف مع نشاط الأحزاب السياسية. والمثقف النقدي يسهم في توفير شروط تصعيد النشاط السياسي وتنويره.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.