التفكير من داخل الصندوق … ومن خارجه ! / هاشم نايل المجالي
هاشم نايل المجالي ( الأردن ) السبت 3/3/2018 م …
هناك سؤال تقليدي لرؤيتنا للامور من مختلف الجوانب وهو هل الكوب نصفه مملوء ام نصفه فارغ ، والاجابة على ذلك هي التي تميز نظرة الفرد للامور عن بقية الناس ، والحياة هي القدرة على التصالح مع منظوري الكوب كذلك الامر عندما نتساءل هل العالم شرير ام طيب مليء بالالم ام بالفرح هل هو عدواني ام مسالم هل هو قاسي ام حنون وهكذا فأيهم يكون ، وهذا يشمل جميع التقييمات التي ذكرناها ، وهنا تكمن اهمية ان نختار المنظور الذي يساعدنا على خلق الحياة التي نريدها لتحقيق السعادة والامل والتفاؤل ، فالجفاف ليس اكثر واقعية من البلل فكلاهما موجود وعلينا ان نتخذ القرار الذي يناسبنا ونركز عليه ، اي اختيار المنظور الذي سيجعله يطغى ، فهناك من يبحث دوماً عن الاخبار السلبية اكثر من بحثه عن الاخبار الايجابية اي يبحث عن المآسي في العالم ليرى ان العالم اكثر عدوانية وشر ، واذا اردنا ان نكون واقعيين فعلينا ان نرى جميع الاوجه الايجابية والسلبية ، ولكل منهما رؤية وخبرة وتجربة ونوايا ، فعلينا ان ننظر ما في الناس من جمال واخلاق وطيبة وحب وتقدير وشعور ايجابي وامل ، لتتحول العلاقة الى صداقة ومحبة وفائدة وتعاون وتفاهم مشترك ، والحياة فيها تناقضات متعددة ومختلفة الاوجه فهناك من يجد في فرصة العمل التي تسنح له رغم ظروفها فرصة لتكوين نفسه واخرون ينظرون اليها انها لا تلبي طموحاتهم ليفضل السكون على الحركة ولكن ما هي النصيحة لشبابنا فهناك سؤال نظري يطرح من قبل الخبراء وهو ( كيف تفكر خارج الصندوق ) ، اي لنتخيل ان هناك صندوق بالفراغ بغض النظر عن ابعاده ولنضع به كل افكارنا ومبادئنا وخبراتنا ومشاعرنا وتصوراتنا ، وعندما يقابلنا تحدٍ او ازمة او مشكلة اياً كان نوعها فعلينا ان نستخدم هذا الصندوق من اجل التفكير كي يخرج لنا الحل حيث تدخل المشكلة من ناحية ويخرج الحل من الناحية الاخرى بعد المرور على ما يحتويه الصندوق من افكار وتجارب وخبرات وطرق معينة للتفكير ، من اجل حل هذه المشكلة والاستفادة من تجارب الغير وخبراتهم اما التفكير خارج الصندوق يعني ان ندع كل تجاربنا وافكارنا جانباً لنبحث عن حل جديد لا يعتمد ولا يستند على اي شيء موجود بالصندوق حتى ولو استعنا بخبرات خارجية .
وكما قال شارلز هولاند ذات مرة عام 1899 ( كل شيء كان من الممكن اختراعه فقد تم اختراعه ) ، هذه المقولة بالضبط ما يعنيه التفكير داخل الصندوق فعندما قالها كان الناس يستخدمون الخيل للتنقل قبل اختراع السيارات والطائرات ، فاذا مارسنا تدريب شبابنا على التفكير بهذه الطريقة علينا ان نطرح عليهم اختيار مشكلة ثم يبدأوا التفكير في حلها ثم نضع هذا الحل جانباً ، وليفكروا بحلول اخرى حتى تصبح لديهم مهارة التفكير ويوسعوا افاق تفكيرهم بكل مرونه بتفكير ابداعي ، ونطور افكارنا ونركز لغايات الاستفادة من قدراتنا وامكانياتنا ونفكر بمنظور جديد وان نغير من طريقة تفكيرنا التقليدية بأشياء جديدة واعادة الصياغة بمنظور مختلف وبطريقة اكثر ايجابية ، حينها سنغير نظرتنا للمشكلة او الازمة او الموقف والخطأ والفشل تجعلنا ننظر للاشياء من منظور آخر لنجد طرقاً اخرى نحقق بها النجاح بكل شجاعة بدون خجل فلِحل مشكلة البطالة هناك حلول كثيرة من داخل الصندوق ومن خارجه .
نحن الان تحت امر واقع وهو ان الحكومات تلجأ لسد العجز بالموازنة على حساب جيب المواطن لاسباب عديدة وضغوطات متعددة خارجية وداخلية ، كذلك فإن المواطن ليس لديه ايضاً اي خيارات الا ان يفكر بحلول سواء من داخل الصندوق او من خارجه سواء كانت فردية او جماعية ، او ان يلجأ الى تغيير استراتيجية اسلوب المعيشة حتى يتكيف مع الامر الواقع بكل ما يتعلق باسلوب ونمط حياته ، ومن المفروض اعادة النظر بالكثير من العادات والتقاليد التي تثقل كاهل المواطن من اجل التأقلم على ضوء المتغيرات والمستجدات المتكررة .
اما اختيار القرار الخاطيء سواء الفردي او الجماعي مثل الشغب والعنف والتكسير والشتم وغيره فانه سيؤثر بشكل سلبي ويصبح عائقاً بينهم وبين اصحاب الشأن ولن يغير من القرارات المتخذة شيء وهذا عائد لنمط العقليات الاجتماعية او من يفعل ويحرك ذلك بالاتجاه الغير سوي وممكن من قلة الخبرة والتجربة تدفع البعض للتصرف بسلوكيات سلبية فمن المهم ان ندرك ان نمط تفكيرنا يؤثر بشكل كبير على ميولاتنا وقدراتنا وعلى اتخاذ القرار اللائق ، فالحياة المستقرة الآمنة ترتكز بالاساس على نمط التفكير السليم وان تستقل عن التبعية المنظمة او صاحبة الاجندات او اصحاب المصالح الذاتية او الافراط في الثقة باشخاص والمبالغة بذلك .
فقصر النظر هو عندما ترى الامور من نافذتك الضيقة الخاصة ومن منظورك الخاص المرتبط في معتقدات واقتراحات غير صحيحة او غير مدرك لاسبابها ودواعيها ، فالحياة دائماً تبدأ خارج راحتك وهي تحتاج الى عمل اضافي وجهد وتفكير بنمط جديد حتى لا نقع في دوامة من التخبط وعدم الارتياح ، بل اكتشف نقاط قوتك وابداعك وخبرتك التي من شأنها ان تمنحك العديد من الفرص والافضليات التي تنفعك .
المهندس هاشم نايل المجالي
التعليقات مغلقة.