تقرير حول انقسامات الإخوان المسلمين في الأردن

 

الأردن العربي – محمد شريف الجيوسي ( الإثنين ) 4/6/2015 م …

** أردنة الجماعة واختراقات النظام لها وطموحاتها المتسرعة وفشل الإخوان في تونس ومصر وليبيا وسورية ودرجة الولاء او المعارضة للدوائر الحاكمة .. والمنافسات الحادة على أموال الجماعة وعقاراتها واستثماراتها والمناصب القيادية فيها .. وراء تفاقم الخلافات الإخونية في الأردن

 

قالت جريدة المجد الأسبوعية الأردنية ذات التوجه القومي ، أن يوم الخميس الماضي تحول صقور المكتب التنفيذي لجماعة همام الاخونية تحولت يوم الخميس الماضي الى حمائم، وربما الى ارانب، حين قرروا فجأة، وخلافاً لسيل التهديدات والعنتريات السابقة، الغاء المهرجان الذي كانوا يعتزمون تنظيمه على اوسع نطاق عصر اليوم التالي، احتفالاً بالذكرى السنوية الـ 70 لتأسيس الجماعة ، واستعراضاً لقوتها التنظيمية في معرض المقارنة مع ما يطلقون عليها (  الشراذم الاخونية المحدودة التي انشقت عن الجماعة الام وشكلت ما بات يُعرف بـ ” جمعية ذنيبات المرخصة” ).

وأضافت المجد بلسان ساطع الزغول ، أن الموقف المتخاذل من صقور ”جماعة همام” سيشكل منعطفاً بارزاً في مستقبل العلاقة وطبيعة التعامل بين هذه الجماعة المهزومة وبين الدوائر الرسمية المتغولة ، فضلاً عن انه سيكون له ما بعده في ميزان التنافس التناحري بينها وبين الجمعية المرخصة التي رجحت كفتها ، حيث بدأت تشعر انها في الموقع الاقوى بفضل الدعم الرسمي السخي الذي يوفر لها ما ينتزعه من خصومها، ويوسع عليها بقدر ما يضّيق عليهم.

ورأت المجد أن معادلة سياسية جديدة..تتشكل ، قوامها الاردنة شرط الاخونة ، وأن ما تتعرض له جماعة الاخوان الآن ، ليس وليد الساعة او الصدفة، وإنما هو نتاج تنازع وتدافع حركي وتنظيمي داخل الجماعة بالدرجة الاساس، شأن العديد من الانشقاقات والاستقالات السابقة، وانما هو حصيلة ( لقاء مصالح ) بين مجموعة فئوية غاضبة داخل الجماعة، وجهات حكومية وامنية اخترقت البيت الاخواني منذ مدة طويلة، ودفعت هذه المجموعات الى التفلت والانشقاق وشق عصا الطاعة على قيادة الجماعة، بدءاً بفريق ”حزب الوسط الاسلامي” ومروراً ”بمجموعة زمزم” وانتهاء ”بجمعية ذنيبات” التي ابتدأ الاعداد لانشقاقها وترخيصها منذ ”مؤتمر الاصلاح الاخواني” الذي عقده فصيل محسوب على جناح الحمائم في مثل هذه الايام من العام الماضي في مدينة اربد، وترأسه المحامي عبد المجيد ذنيبات، والقى فيه كلمه ”ملغومة” قال فيها ”الاخوان وليس الطرف الآخر”،  معتبراً أن جماعة همام الصقورية ، طرف آخر ، وأن هذا الآخر ليس إخونياً  ، فيما كان هذا الآخر هو الذي يهيمن على قيادة الجماعة متمثلاً في الثنائي همام – بني ارشيد.

وهكذا، فقد نجحت لعبة الدوائر الرسمية في توظيف خلافات الاجنحة المتصارعة داخل البيت الاخواني لصالح مشروعها التفكيكي المتمثل في اشغال هذه الاجنحة بمشاكلها الذاتية، واستنزاف قواها ضد بعضها بعضاً، ودرء مخاطرها على نظام الحكم، بل دفعها الى التنافس على التودد له والاستقواء به، رغم قراره غير المعلن بخفض سقف التعامل مع اطراف هذه الجماعة من المستوى السياسي الى المستويين الامني والقضائي، ووضع هذا الملف في عهدة السلطات القضائية (المحاكم) والامنية (وزارة الداخلية ودائرة المخابرات).

فقد قال مصدر رسمي متابع لاوضاع الجماعة، ان صناع القرار الرسمي ما عادوا يحسبون لها حساباً جدياً او يكترثون لاية مخاطر او تهديدات سياسية يمكن ان تشكلها في الوقت الراهن، خلافاً لما كان عليه الحال اوائل موجة ما يسمى ( الربيع العربي )حيث تطوع احد قادتها آنذاك قائلاً ، ان الجماعة جاهزة لحكم الاردن.

واشار المصدر الى ان سقوط الحكم الاخواني في غير دولة عربية، وخمود الحراكات الشعبية التي واكبت ( الربيع العربي) ، علاوة على انقسام اخوان الاردن وتطاحنهم الراهن ؛ حد كسر العظم، ادى الى زوال مخاطرهم وتحدياتهم، ليس على الحكم الاردني فحسب، بل على الصعيد العربي بأسره.

واعرب هذا المصدر المتابع والمطلع عن قناعته بان حالة الصراع والاختلاف داخل البيت الإخواني الاردني مرشحة للتفاقم والاستمرار لمدة طويلة، خصوصاً بعد تدخل عدة اطراف خارجية فيها، سواء لمناصرة ”جماعة همام” التي تتلقى دعم التنظيم الدولي للاخوان، او لمناصرة ”جمعية الذنيبات” التي تتلقى الدعم والتشجيع من الجانب الرسمي والاعلامي الاردني.

وقال ( المصدر المتابع ) ان ”جماعة همام” ما زالت هي الاقوٌّى تنظيمياً والاوسع تمثيلاً للجسم الاخواني بخاصة بين ( ذوي الاصول الفلسطينية) ولكنها باتت قيد الموقف الاضعف ورهن الحالة الدفاعية البحتة، في حين تتخذ ( جمعية الذنيبات) موقفاً هجومياً وترفع شعارات كيانية أردنية، وتزعم انها اصبحت بعد الترخيص صاحبة الشرعية والحق في ممتلكات ومقرات جماعة الاخوان (العمومية).

واضاف يقول ان القياس في موازين القوى بين الفريقين لم يعد تنظيمياً ؛ يعتمد على حجم انصار كل فريق من قواعد وكوادر الجماعة، بل اصبح سياسياً يعتمد على درجة الولاء او المعارضة للدوائر الحاكمة التي باتت تمسك بكل خيوط اللعبة الاخونية، وتملك أن ترجح كفة فريق على حساب آخر، وترغب آخر الامر في اعادة الجماعة الى سابق عهدها في الولاء التام للنظام، والالتزام بخدمة مصالحه واهدافه، بعيداً عن العنتريات وخطابات المزايدة والمعارضة التي درجت عليها قيادتها خلال هيمنة جناح الصقور عليها في السنوات الاخيرة بزعامة المراقب العام همام سعيد، ونائبه المشاكس والمسجون حالياً زكي بني ارشيد.

واوضح هذا المصدر ان جدلية المعارضة والموالاة هي اساس الخلاف السياسي بين (جماعة همام ) وبين ( مجموعة الذنيبات ) وشقيقتها التوأم (مجموعة زمزم )، وفيما عدا ذلك ليس هناك خلافات سياسية او عقائدية تُذكر بين الفريقين، بل هناك خصومات شخصية ومنافسات حادة على أموال الجماعة وعقاراتها واستثماراتها والمناصب القيادية فيها.

وكشف المصدر النقاب عن ان حلقة حوار ضيقة ضمت عدداً من المخططين السياسيين بعضهم اعضاء في ”مجلس السياسات” قد توصلت اواخر العام الماضي الى ضرورة ”اردنة” الجماعة الإخونية وفك ارتباطها بالتنظيم الدولي للاخوان، بخاصة بعد انتقاله الى اسطنبول وارتمائه في أحضان تركيا، عقب سقوط حكم الرئيس محمد مرسي في مصر، وتشرد مكتب الارشاد الاخوني ومصادرة مقره في جبل المقطم بالقاهرة، الذي كان يتولى التوجيه والاشراف على جماعة الاخوان بالاردن بخاصة لأنها تشكلت في الماضي بوصفها فرعاً لجماعة الاخوان المصرية.

ونقلت السبوعية المجد عن المصدر قوله ، أن التدخل الرسمي في موضوع الخلافات الاخوانية، موجود منذ بروز اهمية الحركات الاسلامية ودورها فيما يسمى ثورات ( الربيع العربي ) وفي  دورهم في الحراك الاردني.

وأضاف ان عملية (عض الاصابع ) بدأت بين مختلف دوائر السلطة وبين صقور جماعة الاخوان الذين تصوروا انهم باتوا قريبين من تسلم الحكم، شأن ما حصل في تونس ومصر وليبيا.. مشيراً الى ان الدوائر الحكومية  والامنية بادرت بفورها الى ضرب ( الطموح الاخوني)  في مهده ، من خلال جملة وسائل واجراءات سرية وعلنية، أهمها واخطرها استخدام (القوة الناعمة) لاختراق الجماعة من داخلها، وتأجيج الخلافات المزمنة بين اجنحتها الصقورية والحمائمية والوسطية حتى وصلت الى لحظة الانفجار وحالة الانقسام الراهنة والتي سيكون لها حتماً ما بعدها من عواقب وتداعيات !!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.