تَبّاً لمجلس الأمن! / محمد خروب

محمد خروب ( الأردن ) الجمعة 9/3/2018 م …
ضاق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ذرعاً بمجلس الامن الدولي, مُتّهماً إياه بـ»خداع العالم»، مُعتبِراً ان ما يجري في «الغوطة الشرقية» هو انتهاك لقرارات المجلس, مستطردا في نبرة عتاب مريرة «بأن العقل والحسّ لا يستطيعان استيعاب ما يجري هناك».. وقبل ان تنتهي اشارته الى هذه المسألة قال في نفاد صبر:» فـَ»تبّاً» لمجلس الأمن. قد لا يجد الرئيس اردوغان أغلبية تعتَرِض على تعريضِه القويّ بمجلس الامن, وبخاصة انه ومنذ نحو من سبعين سنة ونيف, لم تنهض هذه المؤسسة الدولية التي «اخترعها» المُنتصِرون في الحرب العالمية الثانية, لضبط إيقاع العالم وترتيب نظامه الجديد الذي «وُلِدَ» للتو, بعد صمت المدافع وهزيمة النازية والفاشية، بمسؤوليتها المُؤطَّرة بميثاق هيئة الأمم المتحدة, والمحكومة حصراً بمهمة الحفاظ على الامن والسلم الدوليين, وعدم السماح للمُعتدين والغُزاة بالإفلات من العقاب, وخصوصاً احتلالهم اراضي الغير بالقوة و خرق سيادات الدول، بل تحوّل مجلس الامن بعد سنوات معدودات من قيام منظمة الامم المتحدة على أنقاض عصبة الامم وتطوير صيغتها, تِبعا لمستجدات المشهد الدولي الجديد الذي نشأ بعد الحرب الكونية الثانية, ثم اندلاع الحرب الباردة الأشدّ قسوة من الساخنة, الى ما يشبه ساحة صراع وتجاذبات لا تنتهي, بين المعسكر الغربي الاستعماري الذي استشعر فائض قوة غير مسبوقة لدى اطرافه, فذهَبَ باتجاه الطمس على ميثاق الامم المتحدة وتحويله الى «خادِم» لمصالحه الاستعمارية وتغوّله واستباحته معظم دول العالم، ناهبا ثرواتها مُنتهِكا سياداتها، في مواجهة المعسكر الاشتراكي الذي دفع اثمانا باهظة في مواجهة النازية,




وجاء الامبرياليون ليس فقط لسرقة هذا النصر وادِّعاء أبوَّته الحصرية, بل ودائماً في العمل بلا كلل من اجل محاصرة وتقويض الحليف «الشيوعي» الذي فرِحوا بقوّتِه وقدراتِه ومواردِه وشراكتِه في الحرب، ليُديروا له ظهورهم بعد ان تحقّق النصر وتبدّد خطر الفاشية والنازية. ما علينا.. تباً لمجلس الامن… الذي لا يُنفّذ قراره الذي اتُّخذ بالاجماع وهو الرقم «2401 «في الرابع والعشرين من شباط الماضي(وهل نفّذ ذات يوم قرارت تمسّ مصالح حلفائِه وأتباعِه؟).. لكن الندّابين والمتباكين على عدم تنفيذه, في عواصم الغرب الاستعماري كما في بعض عواصم الإقليم, العربية منها وغير العربية وفي مقدمتهم.. انقرة, يُهمِلون عن قصد وفي شكل انتقائي,حقيقة ان القرار دعا الى وقف اطلاق النار على «كلّ» الاراضي السورية، ولم يحدّد الغوطة الشرقية فقط، اي انه يشمل.. الشمال السوري ومنطقة عفرين, التي يتوغل فيها الجيش التركي ومرتزقته من الجيش السوري الحر المزعوم, ويصبّون حمم مدافعهم وقذائف دباباتهم على المدنيين، رغم ان الرئيس اردوغان «جزَم» في شكل قاطع عدم تضرر «اي مدني» في عفرين جراء عملية «غصن الزيتون» المستمرة بعنف وقصف غير مسبوقين يطال البشر والحجر في ريف عفرين والمدينة ذاتها منذ اربعين يوماً(لا تنسوا غزوة «درع الفرات»..قبلها), فيما تكشف التقارير المصوّرَة, حجم الدمار الذي لحق بالممتلكات الخاصة والمؤسسات العامة, بما فيها الجوامع والمشافي وقوافل الإغاثة الانسانية. حقا.. تباً لمجلس الامن, الذي ورغم انعدام ثقة معظم دول العالم.. به ، إلا انه ما يزال اداة ترهيب ووسيلة لتبرير العدوان وإضفاء الشرعية على الاجتياحات والإعتداءات والإحتلالات, وطمسا لميثاق الامم المتحدة الذي انبثق عنه هذا المجلس, ازدراء للقانون الدولي والقانون الانساني الدولي وشرعة حقوق الانسان وغيرها من المواثيق التي تواضعت عليها اسرة الشعوب, لكنها لم تعُد قابلة للتداول في عواصم الغرب الإستعماري,ليس فقط في تنكُّر للعدالة بل وعلى نحو إنتقائي, لا يخدم سوى منطق القوة وخذلان لمنطق السلام وحق تقرير المصير والمصالح المشتركة. وإلاّ.. كيف يمكن تفسير ما كشفه الرئيس اردوغان نفسه, عندما اعلن بداية الاسبوع الجاري: بأنه تلقىّ «عَرْضاً» من وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون, يقضي بإخراج عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي من منطقة «منبج», مقابل «تقاسُم» السيطرة الأمنِيّة على المنطقة.. بين انقرة وواشنطن؟. أليست منبج.. كما عفرين وإعزاز وكل الشمال السوري, اجزاء من الجمهورية العربية السورية؟. العضو في الامم المتحدة والدولة ذات السيادة, غير المسموح – وفق ميثاق الامم المتحدة – انتهاك سيادتها او احتلال اي جزء من اراضيها؟ وما علاقة واشنطن بالمسألة اصلا؟ وبأي حق تسمح انقرة لنفسها, بان تقول ردا على العرض الاميركي غير الشرعي: بأن الجانب الأمني يجب ان يكون «لنا.. أو لكم»؟. كِلاهما.. التركي والاميركي أجنبي وغازٍ ومُحتلّ، وردع احتلال وغزو مُزدوَج» كهذا..هو احد مهام مجلس الامن الدولي, المولج بسط السلام في المعمورة والمحافظة عليه, ومعاقبة كل من يلجأ للقوة ويتدخل في شؤون الدول «الأعضاء» في المنظمة الدولية..بغير تفويض. تباً لمجلس الامن.. الذي لا يجتمع إلاّ للضغط على الدول الضعيفة او تمهيدا لاجتياحها او التلويح باستخدام القوة، اذا ما واصلت دُولٌ بعينها التمسّك بسيادتها والدفاع عن مصالحها ورفض الهيمنة والابتزاز ونهب الثروات, وخصوصا في قول «لا» للدول الغربية الاستعمارية, التي تزداد توحّشاً وانتهاكاً للقانون الدولي, وجشعاً لا يتوقف من اجل مراكمة ارباحها وتوسيع هيمنتها وفتح المزيد من الاسواق لمنتجات مصانعها وخصوصا العسكرية منها, عبر شنّ الحروب وتأجيج الصراعات الأهلية المسلّحة بين الدول وداخلها واحتضان وتمويل الجماعات الارهابية. حقاً.. تَبّاً لمجلس الأمن

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.