نظرة حول الدعوة لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الجمعة 9/3/2018 م …
كعادتها تخرج علينا سلطة أوسلو بمواقف ودعوات تزيد الوضع الفلسطيني إرباكاً ، فعلى الرغم مما يحدث وكل ما حدث والذي كان يستوجب على الحد الأدنى المطلوب من السلطة أن تعلن حل نفسها وتسليم المفتاح للحاكم الفعلي للضفة الغربية / وزير دفاع الكيان الصهيوني وفقاً لما صرح به صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير” كبير المفاوضين ” / رئيس الوفد المفاوض للسلطة الفلسطينية ووفق قوله فإن منسق شؤون حكومة الاحتلال ورئيس الإدارة المدنية للاحتلال بالضفة الغربية”يوئاف مردخاي” بات الرئيس الفعلي للشعب الفلسطيني .
إجتماعات متكررة وطبول تقرع ويمع صوتها من هنا وهناك ، اجتماعات للتنفيذية وللمجلس المركزي فللفصائل وأجتماعات مطولة لتحقيق المصالحة ، زمجرة سمعناها وتصريحات ملأت الصحافة ووسائل الإعلام وقرارات وتوصيات لم تنفذ ، فالغزل مع أمريكا مازال مستمراً فمن رفض رعايتها إلى القبول بمشاركتها في الرعاية كخطوة للعودة عن التصريحات بهذا الشأن مع استمرار ممارسة التنسيق الأمني مع الاحتلال.. وفي خضم كل ذلك ، تخرج علينا السلطة البائسة بدعوة المجلس الوطني الفلسطيني للاجتماع في نهاية نيسان / أبريل وتتحت حراب الإحتلال ..
إجتماع يذكرنا بالإجتماع الأخير للمجلس “الوطني” الذي عقد في نيسان / أبريل 1996 حين قام المجلس ذاته وبايعاز من “” القائد الرمز ، الختيار ” بإلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني أو تعديله بما يتفق ومهرجانات أوسلو … يوم انكمشت فلسطين بقدرة قادر وبايعاز من الختيار وسلطته إلى 22% من مساحتها التاريخية .. يوم تخلت المنظمة عن الكفاح المسلح ومهدت لكل أنواع العهر والصفقات ، حينها كان كبيرهم يتحكم تقريباً بكل شيء وهو أمر ورثه خليفته عنه فاصبح واهماً بأنه الحاكم بأمره ، واستمرت التنازلات إلى أن وصلنا ما وصلنا إليه .
اجتماع المجلس الوطني سنة 1996 قاطعته عدة فصائل كالجبهتين الشعبية والديمقراطية وإشراك حماس والجهاد لم يتم على الرغم من محاولات عرفات المستميتة لإشراكهما ، فكان اجتماعا مبتوراً لا يعبر عن جموع الشعب الفلسطيني وإرادته علاوة على أن ما ذهب إليه الاجتماع بحد ذاته يلغي شرعية ” المجلس ذاته ” بإلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني وإلغاء شرعية منظمة التحرير الفلسطينية فما اتخذ في ذلك الاجتماع من قرارات لا تمثل إلا سلطة أوسلو وتيار التنازل العرفاتي الأوسلوي ..
إن الدعوة للاجتماع في نيسان / ابريل القادم يجافي المنطق من نواحي كثيرة ومنها :
· كونه يعقد تحت حراب الاحتلال وسيكون حتماً بموافقة الاحتلال الضمنية وبما يجعل من العدو رقيباً على كل ما يحصل وعلى كل من يشارك في الاجتماع ، وهذا يعني بحدوده الدنيا أن من لم يوافق الاحتلال على حضوره ومشاركته سوف لن يتمكن من المشاركة بغض النظر عن مواقفه ، عدا عن استحالة مشاركة المعارضين للنهج الأوسلوي فيه وعدم تمكن غالبية أعضاء المجلس ممن هم خارج الضفة الغربية من المشاركة سواء من في غزة أو في الشتات .
· عدم معرفة من هم أعضاء المجلس بعضهم بعضاً ووفاة نسبة كبيرة منهم وعجز البعض الآخر، مما سيترك المجال لسلطة أوسلو استبدال من تتوقع معارضته ومن قضى ورحل بأشخاص آخرين ، بمعنى أن العضوية والمشاركة ستكون ” على قياس ” سلطة أوسلو لتمرير ما تريد من قرارات .
· الغياب المؤكد لفصائل مؤثرة على الساحة الفلسطينية وتوقع غياب البعض الآخر فحماس والجهاد لن تشاركا في الاجتماع بالإضافة إلى توقع عدم مشاركة الجبهات الشعبية والديمقراطية والقيادة العامة.
· إن عقد الاجتماع يتعارض بل ويلغي ما تغنت به السلطة من نيتها تحقيق المصالحة ويشكل ضربة لكافة الجهود المبذولة في هذا المجال بما فيها الجهود المصرية ، فالحد الأدني من نية المصالحة تتطلب التنسيق مع الطرف الآخر في المصالحة على اقل تقدير وليس التفرد باتخاذ القرارات ، وهنا لا بد من التوقف عما تم تحقيقه بهذا الشأن وما فعلت السلطة من تخفيف الحصار عن قطاع غزة والحد من إجراءاتها التعسفية ضد المواطنين في القطاع ، فعقد الاجتماع سيجسد دون أدنى شك الإنقسام الفلسطيني وسيجعل أمر المصالحة بلا عودة ويكشف كل مناورات السلطة الأوسلوية بتحقيق المصالحة.
والسؤال … ماذا عملت السلطة من تنفيذ لقرارت المجلس المركزي وهل وصلت في تنفيذها لطريق مسدود حتى تعود لأطلال المجلس الوطني ، إن ما تفعله السلطة لا يتجاوز المناورات العبثية شأنها في ذلك شأن مفاوضاتها العبثية وكما يقال ” ضحك عاللحى ” .. لقد دمر المجلس الوطني في اجتماعه السابق 1996 مبررات وجود منظمة التحرير ونزع شرعيتها بإلغائه الميثاق الوطني الفلسطيني وبالتالي ألغى ما يسمى ” المجلس الوطني الفلسطيني ” ذاته .. فكل ما نتج بعد 1996 لا شرعية له شأنه في ذلك ما استند عليه من قيادة مزعومة للشعب الفلسطيني .. فمنظمة التحرير الفلسطينية فاقدة الشرعية وقيادة السلطة فاقدة الشرعية وعلى الأقل من سنة 2009 ومجلس وطني مندثر ولا يحيي العظام إلا الجبار العظيم فلن تحييه سلطة أوسلو ولن تمنحه ترياق الحياة التي لا تملكه …
إن دعوة المجلس في مثل هذه الظروف والمعطيات لا تعني إلا شيئاً واحداً وهو الحصول على شرعية مشبوهة للمضي في المفاوضات العبثية التي قد تصل لنزع ما تبقى من ورقة التوت عن السلطة الأوسلوية وصولاً لمباركة صفقة القرن ….
إن اي دعوة للمجلس يجب أن يسبقها التخلي عن مسار المفاوضات والعودة للميثاق الوطني الفلسطيني وإعادة الإعتراف من قبل سلطة اوسلو بفلسطين التارييخية من بحرها لنهرها بعد التخلي عن الاعتراف بالكيان الصهيوني وحقه في الوجود على 78 % من أرض فلسطين .
التعليقات مغلقة.