المعلمون رهان سورية نحو المستقبل (بمناسبة عيد المعلم) / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) الخميس 15/3/2018 م …
إن الخامس عشر من شهر آذار من كل عام، يمثل قيمة كبيرة بالنسبة للميدان التربوي والتعليمي، إذ ننظر من خلاله، بكل التقدير والاحترام، إلى المعلم باعتباره رمزاً للوفاء والعطاء، ومعلم الأجيال، وباني حضارات الأمم وباعث النهضة والتقدم في المجتمعات، فهذا العملاق الشامخ في عالم العلم والمعرفة ضرب لنا أروع الأمثلة في التضحية من أجل إسعاد أبنائنا التلاميذ فمنهم من شمر عن ذراعيه وأخذ زمام المبادرة بالقيام بحملات لإعادة إعمار وتأهيل مدارسهم وتنظيفها الى جانب قيامهم بابتكار أساليب جديدة في التدريس وبما يتناسب مع التطور الحاصل في العملية التربوية والتعليمية.
تولي وزارة التربية هذه المناسبة اهتماماً خاصاً، لما تُمثله من معنى كبيراً لنا، حين تأخذنا إلى مآثر المعلم، وتضحياته وإخلاصه لرسالته، وللأمانة التي اؤتمن عليها، فما هذه الألوف المؤلفة من أبنائنا إلا غراس تعهدها المعلم بماء علمه فأثمرت وفاضت علماً ومعرفة, فهو الأخ، والأب، والصديق، والراعي للأجيال على مر العصور.
اليوم تتبدل المعطيات وتتغير من حولنا، فيما لا يزال المعلم في سورية متشبثاً بدوره يجاهد ليبني جيلاً بات على دراية بأمور التواصل وفتح أبواب المعرفة قبل غيره، فاستمرار المدارس والعملية التربوية خلال سنوات الحرب كان تحدياً كبيراً لوزارة التربية التي اعتبرت أن هذا الأمر خط أحمر وبذلت في سبيل تحقيقه كل الامكانات والجهود، وبالرغم من جميع محاولات التخريب التي أتبعها إرهابيو الفكر الظلامي للتأثير على مفاصل العملية التعليمية التربوية فإن جميع المعلمين في سورية واصلوا مواجهة هذه الاعمال الإجرامية من خلال متابعتهم واجبهم الوطني ووجودهم المستمر في المدارس والمعاهد والجامعات وتقديمهم كل أنواع العلوم والفكر المتحرر المتقدم.
إن وزارتنا كانت على الدوام حجر الأساس في بناء الأجيال والحفاظ على ثقافتنا وهويتنا ولا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي قامت به خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية، فقد قطعت الوزارة شوطاً كبيراً في مجال التعليم من خلال تحقيق مبدأ ديمقراطيته وربطه بالتنمية الشاملة، ووضعه في متناول الجميع، كونه حقاً تكفله الدولة لأبنائها وذلك بتطبيق إلزاميته، وإنطلاقاً من ذلك عملت الوزارة على مواكبة التطورات العلمية والتربوية وتعميق تأهيل المعلمين والمدرسين، فضلاً عن الجهود المبذولة لوضع منهاج تربوي قادر على إستيعاب الحداثة العلمية، حيث نفذت خلال الفترة الماضية دروس تقوية اضافة للتعليم الذاتي في المناطق صعبة الوصول والتي لا يتواجد فيها مدارس كما قامت بتنفيذ مناهج الفئة (ب) للطلاب المنقطعين عن الدراسة لمدة سنة أو أكثر، لذلك نجحت سورية في تحقيق هوية المواطن السوري العربية والإسلامية من خلال إعداد وتطوير المناهج التربوية التعليمية التي حرصت على إختيار أمثلة متنوعة تتلاءم والمراحل العمرية للطالب، كما حرصت على ترسيخ البعد القومي في نفوس أبناءها الطلاب وهنا يمكنني القول بأن سورية كانت السباقة في كل ما يخدم العمل العربي المشترك من أجل الوصول الى مجتمع مزدهر ومتقدم يستطيع الإنسان من خلاله تحقيق طموحاته وتسليحه بالعلم والمعرفة.
إن سورية ستبقى على الدوام صامدة بفضل محبة والتفاف الشباب حولها، فالطلاب أكّدوا للعالم أجمع على أنهم سوريون بإنتمائهم وقيمهم، ومن هنا فكل ما يجري في سورية من تدمير وتخريب لمدارسنا ولمعالمنا الثقافية هو مخططاً رهيباً وحاقداً لإزالة شواخص سورية، يريدون من خلاله القضاء على حضارتنا وثقافتنا وإستبدال العلم بهمجية التخلف والوفاء والمحبة بالبغض والكراهية، برغم ذلك يظل الأمل معلقاً على أعتاق شبابنا وطلابنا الذي ما زال يجمعهم حب سورية، يتطلعون صوب المستقبل وهم يخططون له، هم الآن يزرعون الأمل الجديد في نفوسهم، ويتحفزون لكي يكون لهم الدور الأكبر ليعملوا وينتجوا، ويؤكدوا وجودهم، إنهم شباب يجري في عروقه حب سورية وكرامتها والدفاع عنها، هذا هو الولاء الوطني وهذه هي محبة الأوطان التي يجب أن تسود، وإنطلاقاً من ذلك فإن المعلم هو سلاح الدولة لمواجهة الأفكار المنحرفة والجهل والتخلف ووسيلته للإرتقاء بالمجتمع علمياً وخلقياً والمعلم هو المصنع الحقيقي لقادة المستقبل.
وفي الختام تحية إجلال ومحبة وتقدير إلى كل معلم ومعلمة على أرض هذا الوطن المعطاء ، صناع شرف الكلمة والحرف، لهم أجمل التبريكات والأماني وأن يديم فيهم قوة الصبر والإيمان ليتواصلوا مع مهنتهم العريقة والنبيلة من أجل سورية التي تكن لهم الإحترام والتقدير، وليس مفاجئاً أن نرى أن جميع المعلمين في أرجاء الوطن يشاركون في تقرير مصير ومستقبل وطننا الكبير ” سورية” من خلال وجودهم في الصفوف الأمامية لنظامنا التعليمي.
التعليقات مغلقة.