الجماعات المتأسلمة …ورهن مصير الأمة كلّ الأمة للغرب الصهيو ماسوني !؟ / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) الإثين 19/3/2018 م …
ما زالت دروس التاريخ تعلّمنا أنّ من لا يقرأ الماضي جيداً لن يقدر على فهم الحاضر ولن يستطيع ان يتكهّن بالمستقبل، مناسبة هذا الكلام انه ما زالت هناك فئة ليست بقليلة في أمتنا تصطنع لنفسها للأسف إطاراً خاصاً مبنياً على «عاطفة حمقاء» تؤمن بجماعات متأسلمة رهنت مصير الأمة كلّ الأمة رهينة للغرب الصهيو ماسوني، وما زالت هذه الفئه من الأمة تبتعد عن فهم الماضي لتعرف الحاضر على الأقلّ، وما زالت لغاية الآن لا تؤمن بنظرية «المؤامره» كواقعة وحقيقة مثبتة تستهدف كيان الامه ككلّ، ومن هنا ومن قاعدة انّ درء المفاسد أوْلى من جنب المنافع، سوف أتحدث عن مؤامرة نوح فيلدمان والرابط بينها وبين سرّ صعود «الجماعات المتأسلمة» وعلاقة صقور البيت الأبيض أحفاد العم سام «الماسونيون الجدد» و «الصهاينة بالوراثة» بكلّ هذه المؤامرة التي اصطنعت وأنتجت لنا جماعات متأسلمة تتستر بستار الدين الاسلامي، والهدف هو الإساءة إلى الإسلام وللمسلميين، ليبقى العالمان العربي والإسلامي بالذات تحت الوصاية والتبعية لأميركا التي تحكمها اليوم القوى المسيحية المتصهينة ومافيات اللوبيات الصهيونية الماسونية القذرة.
سنبدأ بسرد بعض الحقائق عن مؤامرة نوح فيلدمان، وبلمحة بسيطة عن الأخير فهو يهودي أميركى أرثوذكسي، وبالأحرى هو مسيحي متصهين، وهو أستاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة نيويورك، حصل على درجة الدكتوراه في الفكر الإسلامي من جامعة أكسفورد الإنجليزية، وهو مؤلف كتاب شهير عنوانه «بعد الجهاد: أميركا والنضال من أجل الديمقراطية الإسلامية»، عمل مستشاراً لوزارة الخارجية الأميركية بعد غزوها لأفغانستان عقب أحداث 11 أيلول 2001، وكان المسؤول الأول عن صياغة مسودة الدستور الأفغاني المعمول به حالياً هناك، كما عيّن مستشاراً دستورياً للحاكم الأميركي فى العراق بول بريمر عقب سقوط بغداد بأيام فى نيسان عام 2003، وهو مَن قام بصياغة مسودة الدستور العراقي الموقت فى آذار 2004، ثم أصبح دستوراً دائماً بعد استفتاء الشعب العراقي عليه فى كانون الأول عام 2005، وهو من أشرف على وضع دستور مصر وتونس كذلك.
لفيلدمان مجموعة من الكتب التي درس من خلالها التاريخ العربي والإسلامي، وأهمّها كتاب صدر عام 2008 تحت عنوان: «سقوط وصعود الدولة الإسلامية»، هذا الكتاب يحمل الكثير من الدلالات حول فكرة تمدّد واصطناع الغرب للإسلام المتطرف «داعش ومنتجاتها.
وبالانتقال الى خلفيات هذه المؤامرة التي اصطنعها المسيحي المتصهين فيلدمان، نقرأ انه وبعد ولوج نظرية «صراع الحضارات» ودخولها بقوة الى حسابات موازين القوى العالمية المستقبلية، والتي تبشر بنظام عالمي جديد مكوّن من امبراطوريات ذات أساس عرقي او ديني، ولكن ليس بالضرروة ان تكون على أساس ايديولوجيات سياسية او اقتصادية، ولتنحصر هنا حتمية هذا الصراع كما يروّج لها واضعو نظرية «صراع الحضارات» بين العقائد الدينية والأمم العقائدية، وبالتوازي… اصطدمت هذه النظرية بفكر آخر يؤمن بنظرية «نهاية العالم» التي تزعم الانتصار الأخلاقي والاستراتيجي للحضارة اليهو – مسيحية القائمة على الحرية والديمقراطية والرأسمالية.
في بالمحصلة استمرّ الصراع بين هاتين النظريتان في أروقة دوائر صنع القرار الأميركي – البريطاني – الفرنسي تحديداً، وبين المحللين الاستراتيجيين والمخططين ورجال الدين وغيرهم مع خشية أميركية من عودة صراع الحضارات الى الواجهة من جديد، ولكن حصلت أحداث 11 ايلول عام 2001، المفبركة اعلامياً، وحينها اقتنعت دوائر صنع القرار الاميركي بفرضية فشل الدولة الوطنية في الحفاظ على المصالح الأساسية للدول الكبرى العظمى المنتصرة، وحينها قرّرت اميركا وحلفاؤها بأنّ عليهم إعادة رسم ملامح جديدة لنظام عالمي يضمن لهم أن تبقى السيادة الدولية ضمن نظرية «نهاية التاريخ»، وبنفس الوقت عليها ان تتخلص من نظرية «صراع الحضارات»، ومن الطبيعي ان يكون العالم الإسلامي جزءاً من هذا الصراع، وهو عالم يُعتبر وفق هذه النظرية العدو الأكثر قوة وعدداً وإيماناً وصاحب تاريخ عظيم وله عقيدة تؤمن بأنها ستعود يوماً لتحكم هذا العالم من جديد، ولذلك قرّرت أميركا وحلفاؤها الولوج بمعارك ضدّ ما تسمّيها الدول راعية الإرهاب والدول المارقة في محاولة لتدمير هذه الأمة وتقسيمها وتفتيتها وضرب مقوّمات وحدتها، فكانت وجهتها العسكرية الأولى الى أفغانستان والعراق، وحينها تلقت خسائر فادحة بشرياً ومادياً مما جعل هذا الخيار غير مقبول، أيّ الخيار العسكري والتدخل المباشر، حتى بين صقور الإدارة الأميركية.
لذلك اتجهت الانظار جميعها نحو نوح فيلدمان ليقدم الحلّ الذي قد يغير تاريخ البشرية فكانت نظرية فيلدمان تقوم بالأساس على أنّ العالم الإسلامي هو الشريك الأمثل للحضارة الغربية، فلا يرى فيلدمان العالم الإسلامي كخصم في صراع الحضارات، إذا تمّ وضع جماعات إسلامية بفكر غربي تحمل شعارت إسلامية في رأس هرم السلطه في عدة بلدان، فإن نجحت التجربة يتم تعميمها على أكبر عدد ممكن من الدول العربية والإسلامية وحينها ستكون هذه الأمة شريكاً أو حليفاً محتملاً في النظام العالمي الجديد «بشرط استمرار التبعية طبعاً»، فيرى فيلدمان أنّ الحلّ الأمثل لاحتواء العالم الإسلامي وتفادي صراع الحضارات، و القضاء على الإرهاب الإسلامي «والمقصود بالإرهاب الإسلامي من وجهة نظر فيلدمان، ليس «داعش» ومنتجاتها بل كلّ فكر مقاوم يعارض تمدّد المشروع الصهيو ـ أميركي في منطقتنا العربية والإسلامية». ويقول هنا فيلدمان إنه تمّ اصطناع هذه الجماعات المتأسلمة لتكون هي الضامن لتوفير مناخ مناسب لاستمرار أمن دولة «إسرائيل»، فكلّ هذا ممكن إذا أمكن استعادة دولة الخلافة الإسلامية، حسب ما يقول فيلدمان.
طبعاً، فيلدمان لا يرغب في دولة خلافة مثل الأموية أو العباسية مثلاً، فهذا يعتبر تجسيداً لكابوس صراع الحضارات في أسوأ «سيناريواته»، لا بل وحتى بنوع من الاتحاد الاقتصادي على غرار الاتحاد الأوروبي، حيث أنّ ذلك قد يؤدي إلى خروج العالم العربي من التبعية للغرب، فنظرية فيلدمان حول «صعود الدولة الإسلامية» ترى أنّ من الممكن الحصول من العرب والمسلمين على كلّ ما نريد، من دون عنف وبأقلّ تكلفة، إذا أمكننا إيهام المسلمين بأنهم أصبحوا أحراراً ولهم كرامة عن طريق زرع جماعات إسلامية في هذه الدول تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية، وذلك ممكن عبر إيجاد نوع مختزل مما يمكن وصفه بدول خلافة إسلامية، تكون فيها للشريعة الإسلامية مكانة متميزة، وإن كانت شكلية، ويقول فيلدمان إنّ سيادة الشريعة الإسلامية كقانون يحترمه ويقدسه الجميع «قد تكون وسيلة أسهل وأقلّ تكلفة كي نجعل المسلمين يفعلون كلّ ما نريد وهم يظنون أنهم يفعلون ما يرضي الله ورسوله.
المخاطرة سهلة والمعادلة بسيطة جداً، فإذا نجحت هذه الجماعات الإسلامية «باختبارات حسن النوايا وتنفيذ المخططات» فلهم البقاء، وإن لم تستطع فالعسكر دائماً موجودون ويمكنهم إعادة الإسلاميين إلى المعتقلات بسهولة والأمثله حية وشاهدة على ذلك، ويقول فيلدمان كذلك إنّ القانون في العالم الإسلامي قد يكون نوعاً ما من الشريعة، وإنّ أفضل وسيلة لإعلاء تلك الشريعة هي عودة نوع ما من علماء الإسلام لدور الرقيب والضامن لاحترام الشريعة، ووفق نظرية فيلدمان فإنّ المطلوب أنظمة ذات مرجعية إسلامية لنظام الحكم، من دون تطبيق فعلي لأحكام الشريعة الإسلامية مطلوب دولة أو بالأصح دول خلافة إسلامية من دون أن تكون هناك وحدة إسلامية ، مطلوب سيادة القانون الإسلامي مع عدم تفعيل جوهر ذلك القانون فمن هذه الكلمات نلاحظ أنّ هذا التصور، دوله مدنية بمرجعية إسلامية، هو المشروع نفسه الذي تتبناه، على الأقلّ في العلن، حركة الإخوان في مصر، والنهضة في تونس، ومجلس الثورة في ليبيا، وكذلك بعض الحركات الإسلامية في المغرب العربي.
فقد أصبح الإسلام السياسي في معظم أرجاء العالم العربي يطالب فقط بالمرجعية، من دون الإصرار على التطبيق الفعلي للشريعة، وينادي بدولة ذات طبيعة إسلامية، مع استبعاد كامل لفكرة دولة الخلافة الواحدة الموحدة، وبذلك فإنّ هذه التيارات الإسلامية تتوافق تماماً مع تصور فيلدمان للشرق الأوسط الجديد، ولكن طبعاً مع اختلاف الدوافع، وهذا ما ينادي به كذلك نوح فيلدمان ويقول إنه يمكن تحويل العالم الإسلامي من أعداء إلى شركاء عن طريق هذه الجماعات التي يجب تموليها وحشد الدعم الإعلامي والشعبي لها بمناطقها حتى تكون البديل والحليف الأفضل لأميركا، ويقول فيلدمان إنه من خلال هذه الجماعات يمكن القضاء على الإرهاب الإسلامي، بل وحتى إنهاء حالة العداء الشعبي لدولة «إسرائيل»، إذا قام الغرب بمنح الجماعات الإسلامية شيئاً من الشرعية وأن نعاملهم بدرجة أكبر من الاحترام والثقة.
ختاماً، يرى فيلدمان أنّ هذه الجماعات الإسلامية سوف تصبح أكثر نفعاً للغرب إذا وصلت إلى كراسي الحكم في بعض الدول العربية وستحول هذه الجماعات الدول من نظام الدول الوطنية المستبدة الفاشلة، حسب رأيه، إلى أنظمة عادلة تحترم القانون «ومن هنا نعرف سرّ صعود الجماعات المتأسلمة إلى كراسي الحكم في بلاد ما يسمى بالربيع العربي في الفترة الماضية، وكيف أوصلتهم نظرية فيلدمان إلى هذه الكراسي «وهذا كله في النهاية سوف يزيد من حتمية بقاء هذه الجماعات والشعوب التي تحكمها هذه الجماعات المتأسلمة تحت الوصاية الأميركية ـ الصهيونية، وبقائها ضمن نطاق التبعيه للغرب بما يضمن لأميركا أن تبقي نظرية «صراع الحضارات» حبيسة الأفكار وأن تطلق العنان لنظرية «نهاية التاريخ» التي تزعم الانتصار الأخلاقي والاستراتيجي للحضارة اليهوـ مسيحية القائمة على الحرية والديمقراطية والرأسمالية المستبدة.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن.
التعليقات مغلقة.