بين الغوطة المحرّرة وعفرين المحتلّة / فوزي بن يونس بن حديد
فوزي بن يونس بن حديد ( الإثنين ) 19/3/2018 م …
يربط الإعلام بين ما يجري في الغوطة الشرقية وما يجري في عفرين من أن كليهما تعيش مأساة إنسانية، وأن النظام السوري يرتكب مجزرة في الغوطة الشرقية، وأن القوات التركية ترتكب مجزرة في عفرين، غير أن ما يحدث خلاف ذلك تماما، ولأن الإعلام الذي يعتبر ما يجري في الغوطة الشرقية مجزرة ومحرقة كما يروّج له المرصد السوري لحقوق الإنسان فإننا نرى الوجه الآخر المشرق لما يجري في الغوطة الشرقية من تحرير للأرض من أيدي الإرهابيين الذين يسمّون أنفسهم معارضة، وأي معارضة هؤلاء الذين يحبسون الناس ويمنعونهم من الخروج خوفا على أرواحهم وأموالهم وأبنائهم، وأي معارضة هذه التي تستند إلى القوى الامبريالية والاستعمارية والاحتلالية التي تبحث عن مصالحها مستخدمة المعارضة ورقة ضغط على النظام السوري.
إن الذي يجري في الغوطة الشرقية تحريرٌ بأتمّ ما في الكلمة من معنى، تحرير الأرض من أيدي الإرهابيين الذين مارسوا كل ألوان التعذيب في حق المواطنين السوريين ومنعوهم من الحياة الطبيعية ومن المواد الغذائية، فكان لا بد من التصدي لهم وكان لا بد من إخراجهم من هناك وإحاطة المواطنين السوريين بالرعاية التامة الصحية منها والغذائية وتوفير الأمن والأمان، ما يجري في الغوطة الشرقية تحريرٌ وصدٌّ عظيم للصواريخ التي كانت تلقي بها المعارضة المرتزقة على دمشق الحرّة الأبية لتشتيت الأنظار وإثارة الرعب في قلوب الآمنين الأحرار، وبتحرير الغوطة الشرقية كلها تكون سوريا قد قضت على فلول الإرهاب بضواحي دمشق وتصبح دمشق في مأمن من صواريخهم وإرهابهم، ولكن حتى وإن تمّ التحرير كاملا فعلى النظام في دمشق أن لا يأمن بوائقهم لأنه قد يتسلل البعض منهم إلى العاصمة للقيام بعمليات انتحارية ويقتلون على إثرها الأبرياء ويثيرون الفزع في وسطهم.
وقد تأكد للنظام السوري أن هؤلاء لا ينفع معهم حوار ولا نقاش لأنهم مدعومون من قوى امبريالية لا تعرف إلا القوة سبيلا لتحقيق مآربهم، ويستخدمون كل الوسائل المحرمة دوليا للوصول إلى هدفهم، ومادام هذا مسعاهم فسيخيب حتما لأنهم لا رسالة لهم سوى أنهم يريدون أن يحكموا سوريا كما حكم من كان مثلهم وقبلهم في العراق، وقد ثبت للعالم زيف ما يسعون إليه من خلال الادعاءات الكاذبة مرة باستخدام السلاح الكيميائي ومرة بالبراميل المتفجرة، ومرة باستخدام الغازات السامة، وجندت المعارضة نفسها ومن ورائها أمريكا وتركيا وإسرائيل للحديث عن مناطق عازلة تديرها ما يسمى المعارضة ممثلة في الجيش السوري الحر، ولا يدرون هم ومن كان وراءهم أن الجيش السوري لن يسمح لأي محتل في أراضيه أن يقيم قواعد عسكرية أو يقيم دولة داخل دولة كما فعلت أمريكا في العراق وأحدثت ما يسمى بإقليم كردستان، فما عساها أن تفعل في شمال سوريا هذه المرة؟.
بينما ما يجري في عفرين احتلال من الطراز الرفيع، وتكريس للاستعمار على الطريقة العثمانية القديمة التي تستولي على الأراضي وتستعبد من كان فيها من المؤمنين، عفرين البلدة الآمنة أصبحت بين عشية وضحاها المنطقة المحتلة من الأتراك ومن يسمون أنفسهم الجيش الحر، قتلوا أهلها، هجّروا ساكنيها، هدّموا مبانيها، ويخرج أردوغان مبتهجا بالفوز العظيم أنه احتل عفرين، فلماذا لا يحرر القدس الشريف إن كان فعلا يسعى إلى تحرير؟، وللمشاهد أن يفرّق بين ما يجري في عفرين والغوطة الشرقية، فالسكان في عفرين خرجوا مضطرين يبحثون عن الأمن بعيدا عن بنادق العثمانيين بينما في الغوطة الشرقية وإن كان السكان خرجوا مضطرين أيضا إلا أنهم خرجوا من أيدي الإرهابيين إلى حضن الدولة السورية التي منحتهم الأمان والغذاء والدواء، فيا ليت الإعلام يدير ظهره إلى من يموّله ويستقبل الحقيقة المشرقة التي لم تعد غائبة.
ستتحرر الغوطة الشرقية بإذن الله تعالى، تحت ضغط من الجيش السوري وحلفائه، ولن يكون للإرهابيين مكان فيها، وستتحرر عفرين يوما من الجيش التركي والجيش الحر الذي بُني على جرف هار، ويوم تعافه أمريكا لن يجد مكانا في سوريا ولا حتى في تركيا إن تغيّر فيها النظام، وسيتحرّر كل شبر من الأراضي السورية بإذن الله تعالى وتنكشف اللعبة القذرة التي تمارسها أمريكا وتركيا وإسرائيل في المنطقة، كلٌّ يغنّي على ليلاه، وليلى كل منهم في عالم آخر من التَّيَهان.
التعليقات مغلقة.