صندوق التنمية السعودى يمول القصر العينى / د. محمد حسن خليل

 

د. محمد حسن خليل ( مصر ) الجمعة 8/5/2015 م …

نشرت جرائد الأحد الماضى خبر الاتفاق الأولى على أن يقوم صندوق التنمية السعودى بتمويل احتياجات تطوير القصر العينى على أن يجتمع ممثلوا الصندوق مع ممثلى المستشفى ووزارة التعليم العالى لبحث التفاصيل.

هل تعرفون قصة القصر العينى؟ قام محمد على باشا والى مصر بإعادة بناء قصر العينى باشا، ونقل إليه أول مستشفى وكلية طب حديثة أنشئت فى مصر وأفريقيا والشرق الأوسط لكى ينقل فيها الجامعة والمستشفى، التى كانت قد أنشئت فى أبو زعبل عام 1827، إلى مقرها حتى الآن، عام 1837، حيث كان يعالج العسكريين والمدنيين بالمجان.

تم تعيين أول عميد مصرى لكلية الطب التى أصبحت جزءا من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) عام 1929، وهو الدكتور على باشا إبراهيم. نظر على باشا إبراهيم فرأى عبر نافذته مساحة كبيرة من الأرض الخالية أمامها، ففكر فى بناء مستشفى جديد، وعرف أن المالك هو الملك فؤاد الذى اشتراها ليقيم عليها قصرا لابنه فاروق.

ثم مرض الملك فؤاد عام 1931، فعالجه منه بنجاح على باشا إبراهيم، فطلب من الملك تلك القطعة من الأرض، فتبرع بها الملك فؤاد لبناء امتداد لكلية الطب عليها، وهى المعروفة بالقصر العينى الجديد. (وهى بالمناسبة غير القصر الذى بدأ بناؤه أيام السادات باسم القصر العينى الفرنساوى).

بقى تمويل بناء القصر، وكان وقت الأزمة الاقتصادية العالمية 1929-1933، وكان رئيس الوزراء شديد التقشف إسماعيل باشا صدقى. ولكن صادف أيضا أن مرض رئيس الوزراء وعالجه بنجاح على باشا إبراهيم. وكان أن استجيب طلبه بتخصيص مليون جنية لبناء القصر على خمس سنوات حتى افتتاحه سنة 1937!

بنى المستشفى على غرار مستشفى سان توماس بلندن، وبه 1300 سرير، وكان يعالج المرضى بالمجان، وأصبح من أكبر وأفضل 8 مستشفيات جامعية بالعالم، وكان خريجوه معترفا بهم فى لندن والعالم بدون معادلة طوال الأربعينات وما بعدها لفترة طويلة.

تم بناء معظم الهيكل الطبى الحالى على فترتين: من ثورة 1919 إلى ثورة 1952، وساهم فيه التبرع بنسبة محسوسة والحكومة بالنسبة الباقية، وفترة الخمسينات والستينات، حيث اعتبرت منظمة الصحة العالمية أن مصر قد أحدثت ثورة فى نشر الرعاية الصحية الأولية ورعاية المستشفيات العادية والمهارية، واعتمد تمويله أساسا على مساهمة الدولة مع نسبة بسيطة من تمصير المستشفيات الأجنبية.

نحن أمام أجيال بنت تلك المستشفيات من موارد مصر. وجاء جيل بعد انفتاح عام 1974 لكى يهدر تلك الثروة بتقليص ميزانية الصحة مما أثر على المرتبات والمستلزمات وصيانة الآلات والمبانى والتجهيزات فتدهورت الخدمة الطبية بشكل ليس له نظير.

ثم جاء الجيل الحالى لكى يرى الحل فى التمويل الخاص المحلى والأجنبى، إما على شكل قروض وديون، أو على شكل بيع للمستشفيات وخصخصتها كما رأينا فى نموذج الشركة القابضة للرعاية الصحية عام 2007، أو على شكل مشاركة القطاع الخاص فى تقديم الخدمات ومنها العلاج وفقا للقانون 67 لسنة 2010.

تشكو الحكومة من أن ربع الموازنة مخصص لخدمة الديون (أقساط + فوائد) نتيجة لسفة النظام السابق فى القروض ومع ذلك تقترض من جديد. ألا يمكن تعبئة مواردنا المحلية حتى للصرف على علاج المصريين؟

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.