قراءة مختصرة بين الفقه الإسلامي والتلمود, أحكام الزنا في الفقه الإسلامي نموذجاً / شاكر زلوم
شاكر زلوم ( الأردن ) الجمعة 23/3/2018 م …
في مشهد من مشاهد القتل والترويع قام الدواعش بقتل امرأة بدم بارد بالرغم من توسلاتها. رفض المسلح المدجج بالسلاح طلبها لمشاهدة أطفالها, إمرأة فقيرة زنت لتطعم أطفالها فقرر الدواعش قتلها فقتلت بطلقة في الراس, تم القتل بعد قراءة القرار “الشرعي”, هكذا كان االمشهد, فقه الجريمة تحول لممارسة اخشى على الناس مِن تَقَبُلها واعتبارِها أمراً عادياً أو دينياً لا سيما وأن معظم المسلمين يعتقدون بصحة قتل الزانية الثيب وكأن فقه المجرمين تحول لدين له قواعدة وأصوله وقبوله من عموم المسلمين, هذا العامل النفسي خطير وهو نتاج لتوارث مفاهيم موروث صنعه مسلمة اليهود الأوائل في القرنين الهجريين الأول والثاني, نعم تُستلب العقول باسم الدين فيتحول الناس لقطيع وحشيٍّ نتيجة لقناعتهم بمفاهيم خاطئة ما انزل الله بها من سلطان, يقتل الأبرياء باعتداء آثم على الدين والإنسانية حتى أضحى قتل الشقيقة بإسم العفة يجد من يبرر له ويشرع له ويتحول لقانون بعد ذلك بمسمى العذر المخفف, بموجبه تخفف الأحكام بينما القتل هو القتل وعقاب جريمة القتل هو الموت دون الإعتبار لعذر أو تبرير لتخفيف الأحكام.
ماذا ورد ورد بمتن القرآن عن جرم الزنا؟, ورد بنص الآية 15 من سورة النساء” وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنّ أَرْبَعةً مّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنّ فِي الْبُيُوتِ حَتّىَ يَتَوَفّاهُنّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنّ سَبِيلاً” والإمساك بالبيوت أتت هنا بمعنى“ الحبس بالبيوت” حتى يفرج الله عن الزانية بالموت الطبيعي أو بالإفراج عنها بحكم من حاكم أو من قاضٍ مختص, وورد نص آخر بسورة النور الأية 2 ما يلي: “الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ”. لقد بعض الفقهاء الواهين وبعض المثقفين لفقه المجرمين, فندوا كل الحجج الباطلة والأضاليل الواردة حول قتل المرأة الثيب تقليداً لفقه ابن ميمون وقردته, ساستشهد ببعض ردود الفقهاء المتنورين, ورد بردودهم الآتي:
– الرجم من المصائب الفقهية الكبرى في تاريخ الإسلام، وهو أبلغ مثال على التخلي عن المحكمات القرآنية واتباع الآثار المضطربة, وإليكم البيان:
– تتراوح عقوبة الزنا في القرآن الكريم بين ثلاثة: جلد الزانيين: “فاجلدوا كل واحد منهما”، والإقامة الجبرية للنساء: “فأمسكوهن في البيوت”، وأذية الرجال: “فآذوهما“.
– تخلَّص الفقهاء من عقوبة الإقامة الجبرية للنساء، وعقوبة الأذى للرجال، بحجة أن الآيتين اللتين وردت فيهما العقوبتان منسوختان, بينما لا ناسخ ولا منسوخ فكل آية لها حِكمتها وحُكمها.
– جاء فقهاء التلمود بعقوبة غريبة عن روح الإسلام، ومناقضة لنص القرآن، وهي الرجم ففرضوها عقوبة للزاني المحصن والزانية المحصنة.
– أراد الله عقوبة الزاني عذابا: (ويدرأ عنها العذاب) (ما على المحصنات من العذاب) وجعلها فقهاءُ الرجم تقتيلا وتمثيلا، فأيهما أحسن قيلا؟
– بنى الفقهاء عقوبة الرجم على أحاديث مضطربة المتون، معلولة الأسانيد، مثل حديث الغامدية، وحديث الداجن، وحديث المجنونة!!
– جل أحاديث الرجم يتضمن طعنا في حفظ القرآن الكريم. فمن قال بالرجم فهو قائل ضمناً بتحريف القرآن لأن أغلب أحاديث الرجم تفيد ذلك!
– حديث الداجن:”لقد نزلت آية الرجم والرضاعة فكانتا في صحيفة تحت سرير فلما مات رسول الله (ص) تشاغلنا بموته فدخل داجن فأكلها“!!
– هنالك خلاف في أسانيد هذه الأحاديث، لكن العلل في متونها أكبر، وأسوأ تلك العلل الطعن الضمني في حفظ القرآن، والمناقضة الصريحة لمضامينه
– من أمثلة اضطراب أحاديث الرجم: أنها جعلت عقوبة المحصنة الرجم حتى الموت، والقرآن جعل عقوبة الأمة تُنصَّف. فهل يوجد نصف موت؟!
– قصة الغامدية محشوة بالتناقض والغموض، وأوله تضارب الروايات هل المرأة المرجومة غامدية أم جهنية، وهي هي قصة واحدة أم قصتان…الخ
– حديث الداجن المروي قال عنه العلامة المحدّث الجوزقاني في كتابه (الأباطيل والمناكير) إنه حديث باطل..
– أطبق علماء المعتزلة على إنكار الرجم منذ القديم,وقد أصابوا في ذلك وأحسنوا إذ تثبثوا بالقرآن ونبذوا الآثار المناقضة له
– كل من له ذوق في العربية وقرأ قوله تعالى بعد فرض الجلد: (ولا تأخذكم بهما رأفة) عرف أن الجلد قاس بما يكفي ولا عقوبة للزنا أقسى منه,علماً ان الهدف منه التشهير لا الإيذاء.
– الخلاصة: لا رجم في الإسلام، ولا عقوبة للزنا إلا ما نص عليه محكم الكتاب من جلد للزانيين، أو الإقامة الجبرية للمرأة الزانية، والأذى للرجل الزاني.
في المقاربة بين أحكام القرآن وبين أحكام التلمود نجد بوناً شاسعاً ولفهم أسباب ذلك ساستشهد بما ذكره ابن خلدون, ذكر بن خلدون : ” دخلت شعوب فى الإسلام ورأت مناسبة بين الدين الجديد وبعض ما فى دينهم، فذهبوا يفسرون الإسلام ويفهمونه على أساس تلك الموروثات المهجورة, ولذلك ادعوا بوجود آية الشيخ والشيخة ورووا الروايات الكاذبة عن رجم تم بزمن النبوة والعياذ بالله أَن يتجاوز نبي الله على أمر الله.
ورد بالبخاري بباب “فضائل الصحابة “حديث عمرو بن ميمون ونصه: ”رأيت في الجاهلية قِرْدَةً، اجتمع عليها قِرَدَةٌ، قد زنت فرجموها فرجمتها معهم”, و ورد بصحيح البخاري بمكان آخر عن عمرو بن ميمون : “روى عمرو بن ميمون من أن (قردة زنت ورجمها القرود).
بالبحث بمتن الحدبث يتضح تناقضه مع النص القرآني وبالبحث في اسانيده يتضح بأن أحد رواة العنعنة هو هشيم, وهشيم هذا مدلس كما وصفة بن حجر متبني هذا الحديث, يقول ابن حجر بأن أحد رواة الحديث وهو هشيم مدلس، والتدليس هو أخو الكذب كما قال الشافعي، إلا أن أبن حجر دافع عن الحديث وحاول إثبات صحته بالرغم من إقراره بكذب هشيم!.
لقد أقحمت التلموديات بالفقه فتحولت تلك الإسرائيليات لناسخات لآيات محكمات من القرآن عند الكثيرين, إختلط الكذب بالأسطورة فتحولا لركن متين من أركان الدين!.
لقد تقولوا على الرسول, تقولوا على الصحابة وتقولوا على الأئمة فحولوا الأحاديث الموضوعة (الإسرائيليات) لدين يتعبد به المسلمون, بين معتقد الحاريديم وفقه المجرمين من المسلمين أواصر عقدية, لقد عظم أحبار السلف الحديث ورواته وقدموه على نصوص القرآن, ان فقه معظم السلف يقبل كل الأحاديث حتى لو تناقضت مع النص الصريح للقرآن وهذا ما يتوافق مع جاء بأقوال التلمود, ورد بالتلمود:
(إنها كلام الله مهما وجد فيها من التناقض, فمن لم يعتبرها، أو قال إنها ليست أقوال الله فقد أخطأ في حق الله)
وورد بالتلمود : (مخافة الحاخامات هي مخافة الله)
ورد بالتلمود: قال الحاخام (روسكي): (التفت يا بني إلى أقوال الحاخامات أكثر من التفاتك إلى شريعة موسى).
ان حد الرجم شرعته العقيدة اليهودية, لقد أنكر الشيخ محمد أبو زهرة وهو أعلم الناس في الفقه السني ومدارسه في القرن العشرين الرجم, لقد أنكر أبو زهرة عقوبة الرجم قالها قبل وفاته بستة اشهر, علماً أنه احتفظ بسره لمدة عشرين عاماً خوفا من الرهاب الفكري الذي يمارسه الجهلة, للعلم لم ينجُ بعد وفاته من نقد التلموديين المسلمين فناله ما ناله من النقد اللاذع.
ان حد الرجم للزانية هو حد شرعته العقيدة اليهوديه واليكم بعض من فيض ما ورد بالتوراة والتلمود من نصوص توجب الرجم:
1- ورد بسفر اللاوين عن زنى رجل مع امراة الحكم التالي ” فاذا زنى مع امراة قريبه فانه يقتل الزاني والزانية”
2- ورد بسفر التثنيه (ان 22:22 ) “إذا وجد رجل مضطجعا مع امراة زوجة بعل يقتل الاثنان الرجل المضطجع مع المراة والمراة فتنزع الشر من إسرائيل”.
3- ورد في هالاخاة ” عقوبة الزنا هي الرجم لكل من الرجل والمرأة، ولكن هذا لا يتم إلا عندما يكون هناك شاهدان مستقلان.
لقد أدخلت على الدين الإسلامي معتقدات اليهود الحريديم المتشددين كلبس النقاب ورجم المحصن وقتل المرتد ونحر الأسرى والى ما غير ذلك من مفاهيم مجرمة دخيلة عليه, أليس من العار أن نقتدي بحديث لمدلس فنتعبد بفقه القردة لا بأحكام القرآن؟ لن تنهض شعوبنا ولن ترتقي لمستوى الشعوب المتقدمة والمتحضرة ما لم نحارب هذه المفاهيم المتخلفة والجاهلة, إن شرف الشعوب وعفتها يكون بعزتها وبمقدار محافظتها على كرامتها وسيادتها على بلادها ولا يكون بإدعاء الشرف والعفة بينما تستباخ الأرض ويغتصب الشعب من قبل المستعمرين ومن ولاهم من المستعمرين علينا في كل يوم, الشرف والعفة لا يكون إلآ بمحاربة المستعمرين واذنابهم, ان الوجود الأمريكي والغربي على الأرض العربية واحتلال ارض فلسطين يمثل إغتصاباً وإنتهاكاً للشرف والعفة للأمتين العربية والإسلامية, الشرف لا يتمثل فقط بالحفاظ على رقاقة جلد بين فخذي الأنثى, لا شرف لنا بوجود المستعمر على أرضنا وبإحتلال بيت مقدسنا وبنهب ثرواتنا وأموال بلادنا على يد أعدائنا,
تصحيح المفاهيم ونبذ الشاذ منها وتربية النشأ على صحيح المفاهيم هو الخطوة الأولى للإنطلاق نحو النهضة المنشودة.
*شاكر زلوم, كاتب وباحث
التعليقات مغلقة.