لماذا سقطت عفرين بسرعة؟ / حميدي العبدالله
فاجأ سقوط عفرين السريع كلّ المتابعين والمحللين العسكريين. معروف أنّ مدينة عفرين هي كبرى المدن الواقعة في هذا القضاء،
وهي مركز القيادة لوحدات الحماية الكردية، وكانت جميع التوقعات تشير إلى أنّ سيطرة الجيش التركي على المدينة يحتاج إلى أسابيع وربما أشهر في ضوء المواجهات التي دارت في بلدات وقرى صغيرة في قضاء عفرين تقع بالقرب من الحدود التركية. وعلى الرغم من قرب هذه القرى والبلدات من الحدود، وعلى الرغم من صغر حجمها، إلا أنها أبدت مقاومة كانت أشرس وأقوى من أيّ مقاومة أبدتها عفرين، بل يمكن القول إنّ القوات الغازية التركية دخلت عفرين من دون أيّ قتال، فما إن اقتربت القوات التركية من المدينة حتى انسحبت وحدات الحماية منها، وكانت السيطرة التركية على المدينة أقرب إلى عملية التسلّم والتسليم منها إلى أيّ شيء آخر.
واضح أنّ العامل الرئيسي الذي يفسّر هذا الانهيار السريع، هو أنّ وحدات الحماية الكردية، وبسبب اختراقها أو ارتباطها بالولايات المتحدة، فضّلت الاستسلام على المقاومة، لأنّ الولايات المتحدة لا تريد مواجهة فعلية وواسعة وجدية بين وحدات الحماية الكردية والجيش التركي، لأنّ الولايات المتحدة ترى أن تركيا ووحدات الحماية حلفاء لها في معاركها ضدّ الدولة السورية وحلفاء الدولة السورية، وتسعى إلى الحؤول دون وقوع حرب استنزاف لحليفين لها سيضعف موقفها في سورية.
واضح الدور الأميركي في سقوط عفرين من خلال تركيز إعلام وحدات الحماية الكردية ونشاطاتها على مهاجمة روسيا بدلاً من الهجوم على الولايات المتحدة التي أعلنت عشية غزو تركيا لعفرين أنّ الأخيرة غير مشمولة بالحماية الأميركية، ولم تسمح واشنطن لوحدات الحماية الكردية بنقل العدد الكافي من المقاتلين والأسلحة المناسبة من المنطقة الشرقية إلى منطقة عفرين للإسهام في الدفاع عن هذه المنطقة في وجه الغزو التركي.
السيطرة على عفرين لم تكن ثمرة قوة عسكرية كبيرة ومعارك طاحنة واختلال بتوازن القوى لصالح الجيش التركي، بل كانت ثمرة قرار بالانسحاب وعدم الدفاع عن المدينة لأسباب واعتبارات وحيثيات سوف تتكشف في المستقبل.
البناء
التعليقات مغلقة.