لمصلحة من يعمل خالد مشعل؟ / د.رفعت سيد أحمد

 

رفعت سيد أحمد ( مصر ) الأحد 10/5/2015 م …

الاستخبارات والصحافة «الإسرائيليتان» تكشفان سراً خطيراً: مشعل أوْقف أثناء العدوان على غزة عملية نوعية للمقاومة يتمّ فيها اقتحام مستوطنات وأسر مئات الجنود الصهاينة!

الخطر الأكبر الذي سيدمّر حماس هو إعلاء انتمائها الإخواني المدعوم قطرياً وتركياً على حساب انتمائها الفلسطيني!

لا مستقبل لفلسطين من دون عودة فورية وجادّة إلى خيار المقاومة وفق استراتيجية شاملة للتحرير ولن يتمّ ذلك بدون إقصاء اللاعبين في السياسة والمفاوضات أمثال مشعل وأبو مازن

من الخطأ الاستراتيجي الكبير الذي يرتكبه حزب الله وإيران وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أن يقوموا بعملية غسيل سمعة أمثال خالد مشعل الذي وقف ضدّ سورية وثورة 30 حزيران في مصر… فهو سيظلّ إخوانياً أكثر منه فلسطينياً!

مشعل وأبو مازن وجهان لعملة واحدة الأول مرهون لقطر والتنظيم الدولي للإخوان والثاني أبو مازن مرهون لخيار وادي عربة وأوسلو! والمستفيد الوحيد منهما هو العدو الصهيوني.

يوماً إثر يوم «تنكشف لنا أسرار جديدة» عن خالد مشعل، وبعض القادة السياسيين لحماس من العاملين في الخارج بشكل أساسي، ينكشف لنا كيف أنهم كانوا إخواناً أكثر مما كانوا فلسطينيين ، فقبل أيام نشرت الصحافة «الإسرائيلية» معلومات استخبارية مهمة نشرها بعض الصحافيين أمثال جاكي حوجي وحملت عنوان «خالد مشعل منع عملية نوعية خطيرة ضدّ «إسرائيل» في أثناء العدوان على غزة التي سُمّيت وقتها بالجرف الصامد «أكدت فيها أنّ خالد مشعل تدخل شخصياً وبالتهديد المباشر للمقاتلين على الأرض داخل غزة من شباب حركة حماس، ليمنع قيامهم بعملية نوعية تمثلت في خطف جنود صهاينة، وفي اختراق نوعي للمستوطنات عبر الأنفاق وفي تهديد لمؤسسات نافذة صهيونية، وأنّ تدخله أتى بنتائج إيجابية للصهاينة وحمى دولة «إسرائيل» من خطر مؤكد كاد يتسبّب فيه مقاتلو حركة حماس داخل غزة، وتقول الصحافة الإسرائيلية حرفياً: «حدث ذلك في الأسبوع الأول من الحرب بين إسرائيل وحماس في بداية تموز 2014، رئيس الذراع العسكرية للتنظيم محمد الضيف طلب الخروج للقيام بالعمل بخطة تنفيذية مطوية أعدّها هو وقادته الميدانيون، حوالي 30 مقاتلاً من وحدة النخبة اختيروا للمشاركة في العملية، تمّ توزيعهم على عدة خلايا، واحدة كانت ستكون مسؤولة عن السيطرة، والثانية عن أخذ الرهائن، والقوة الثالثة حدّدت مهمّتها الهجوم على قوات الجيش الاسرائيلي الذين سيقتربون من منطقة تنفيذ العملية».

«كانت الخطة بسيطة ولكنها دراماتيكية، ولو أنها سارت كما أريدَ لها ان تسير كانت لتغيّر مسار الحرب، الورقة القوية فيها هي عنصر المفاجأة، كان من المفترض أن يتسلل مسلحو حماس عبر أنفاق تحت أرضية الى منطقة تحتلها إسرائيل في كرم أبو سالم، وعند خروجهم كانوا سيجتاحون كيبوتسات وبلدات قريبة ويقومون بعمليات قتل بحق المستوطنين، والعودة سريعاً قدر الإمكان الى قطاع غزة عبر الأنفاق، ومعهم العدد الأكبر الذي يستطيعون أسره من الرهائن، ومن ثم مفاوضة اسرائيل حول إطلاقهم مقابل أسرى من حماس».

كانت هذه لتكون عملية يتردّد صداها لسنوات طويلة، وحدثاً يعيد الى الأذهان القدرة التنفيذية للذراع العسكري، ويحقق لها إنجازاً لم يتحقق مثله لسنوات منذ أسرها لشاليط في حزيران 2006.

القوة كانت جاهزة للخروج الى الميدان مزوّدة بالأوامر المطلوبة ومعلومات حول أهدافها، ولكن قبل التحرك جاءت أوامر الإلغاء، رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، القاطن بعيداً في قطر، خشي من نتائج العملية، ففرض عليها الفيتو، وجهود قادة الذراع العسكري في إقناعه باءت جميعها بالفشل».

وفي تفسير رفضه للعملية أوردت الصحافة «الإسرائيلية» نقلاً عن تقارير لـ»الموساد الإسرائيلي» – حججاً لا تليق بالمجاهدين كما يطلق البعض على مشعل وهي أنه خشي من الانتقام الإسرائيلي! ثم تقول الصحافة «الإسرائيلية» نصاً: «بعد ذلك بعدة أسابيع اكتشف جنود الجيش الإسرائيلي الأنفاق التي أراد مسلحو حماس الخروج منها لتنفيذ عمليتهم ودمّروها، وأثناء الحرب دمّر الجيش الإسرائيلي 32 نفقاً، جناح حماس العسكري نفذ حينها بعضاً من عمليات التسلل الى الأراضي المحتلة عام 1948 عبر الأنفاق أو البحر، غير أنها كانت جميعها تتلاشى أمام ذات الغارة المفاجئة وتكبح بأمر من خالد مشعل أيضاً» .

ثم تقول الصحافة «الإسرائيلية»: «التوتر الذي طرأ في الـ2014 بين القيادة السياسية في الخارج وبين الجناح العسكري ما زال يرسم الى يومنا هذا معالم موازين القوى في صفوف حركة حماس، لم ينتهِ الأمر مع انتهاء الحرب بل ما زال مستمراً الى اليوم، الذراع العسكري، وعلى رأسه الرجل ذو السبعة أرواح محمد الضيف، يتهمون القيادة السياسية بأنها قيّدت أيديهم ومنعتهم من تحقيق إنجاز تاريخي، إنجاز كان من شأنه أن ينهي معاناة أصحابهم من الأسرى المعتقلين في «إسرائيل» ومحو الشعور بالذلّ الذي يرافق الجناح العسكري منذ سنوات طويلة إثر سلسلة من الهزائم العسكرية أمام إسرائيل».

ومن بين أسباب الصراع بين مشعل وقادة الداخل، تقول الصحافة «الإسرائيلية» نقلاً عن تقارير استخبارية: «قيام مشعل جاهداً على تدشين قناة توسط ملتوية مع واشنطن، صاحبه وزير الخارجية القطري خالد العطية أجرى بِاسم المكتب السياسي لحماس الاتصالات التي تهدف إلى وقف إطلاق النار مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، والذي كان من جانبه على اتصال حثيث مع إسرائيل، أمل مشعل ان تبقى قناة الاتصال الملتوية مع البيت الأبيض حتى بعد انتهاء الحرب».

وتقول الصحافة الصهيونية أيضاً «إنّ حماس حركة تعيش الأزمة من الداخل والخارج، في الداخل تتمنى تأييد الشارع ومساعدة السلطة الفلسطينية التي تدير لها ظهرها وتتمنى زوالها، وفي الخارج تبحث حماس عن حلّ، منذ اندلاع الحرب السورية بعنفوانها طُلب من حماس ان تبدي تأييدها تجاه أحد الأطراف المتخاصمة، فاختارت ان تدير ظهرها لدمشق التي قدّمت لها الغطاء لسنوات طويلة وولّت شطر خصومها، وعلى رأسهم إمارة قطر، ومن حينها انقضت أربع سنوات، ورغم انها فترة قصيرة نسبياً، اكتشف خالد مشعل وجماعته انّ اللحن في المنطقة توزّعه السعودية تحديداً، ويحاول مشعل جاهداً هذه الأيام أن يمهّد طريقاً للوصول إليها، غير انّ السادة في الرياض ليسوا مستعجلين في معانقة الرجل الذي تربّى على مبادئ خصومهم «حركة الإخوان المسلمين»، وأحد الأسباب لحدوث ذلك هو الجناح العسكري في غزة، الذي يغازل خصم السعودية تحديداً في طهران، مسؤولو الجناح العسكري ليسوا وحدهم، في القسم السياسي للحركة يوجد مدافعون عن الاتصالات المقرّبة مع إيران، وعلى رأسهم المسؤول الرفيع محمود الزهار».

وحول هذه الرواية الاستخبارية «الإسرائيلية» المبنية على اختراق معلوماتي وسياسي «إسرائيلي» واسع والتي تحدثت عن انقسامات داخل حركة «حماس» وعن الأدوار الغريبة والشاذة لخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في مهادنة «إسرائيل» وحمايتها من عمليات كان الجناح المسلح لحركة حماس ينتوي القيام بها أثناء العدوان على غزة في تموز 2014، حول هذه الرؤية نسجل ما يلي:

أولاً : كما سبق وقلنا في أكثر من وسيلة إعلام مقروءة ومرئية أثناء العدوان الصهيوني الأخير على غزة في تموز 2014، إنّ حماس قد انقسمت إلى حماسين وأنّ هذا الانقسام سيزداد خلال المرحلة المقبلة، أولهما حماس الخارج بقيادة خالد مشعل والتي أعطت ولا تزال الأولوية لانتمائها الإخواني على حساب انتمائها لفلسطين، و حماس الداخل التي بحكم مرارة الواقع وقسوته أعطت لفلسطين الأولوية قبل الأخونة ! بالتأكيد هذه لم ولن تكن قسمة نهائية وفاصلة حيث نجد بها تداخل، فبعض قيادات وأفراد الداخل يعلون من انتمائهم الإخواني على حساب فلسطين، وبعض عناصر الخارج يقدّمون فلسطين على الإخوان ومشروعهم الذي انهار وسقط! ولكن بالمطلق وفي الخطوط العريضة، هناك حماس الإخوانية التي يهمّها تنظيم الإخوان وتطيعه وتحافظ عليه أكثر من حفاظها على فلسطين، وهذه الـ حماس خير من يعبّر عنها هو المدعو خالد مشعل ! أما حماس الأخرى التي تعطي لفلسطين الأولوية ولا تتخلى في الوقت ذاته عن إخوانيتها ولكن بطريقة أقلّ وضوحاً، فأغلبها من شباب المقاومة المسلحة ومن الصف الثاني، مع قلة من قيادات الصف الأول من الداخل داخل قطاع غزة .

إنّ هذا الانقسام هو الذي أودى بحماس ووضعها في حالة تفكك وصراع داخلي شديدين، وأدّى بها إلى هذه الحالة الصعبة في طريقة تعاطيها مع الواقع السياسي العربي والفلسطيني وطالما هو مستمرّ فإنّ الكثير من المشكلات ستواجهها إلى أن يحسم الأمر وتتحوّل نهائياً إلى حركة مقاومة فلسطينية فقط ويسقط وبوضوح كامل وقاطع، مشروعها الإخواني الخارجي، وخاصة شقه القائم على نهَم الوصول إلى السلطة في مصر مجدّداً وبأيّ ثمن، حتى لو كان التعاون مع استخبارات تركيا وقطر ومن ثم «إسرائيل»! وهو مسار ثبت فشله وأثر سلباً عليها وسيظلّ للأسف الشديد مؤثراً!

ثانياً: أما ما نشرته الصحافة الصهيونية نقلاً عن تقارير لـ»الموساد» وأجهزة الأمن، عن دور تاريخي طبعاً بالمعنى السلبي لخالد مشعل في إيقاف عملية فدائية كبرى لحركة حماس كانت ستتمّ وستغيّر مجرى الحرب والصراع فظني أنه صحيح، رغم أنّ الصهاينة صحافة واستخبارات مجرمين وكاذبين، إلا أنّ خالد مشعل في هذا القرار لم يكن رئيساً للمكتب السياسي لحركة مقاومة بل كان الإخواني، والانتهازي خالد مشعل لأنه كان منشغلاً بالحسابات والمفاوضات وردود الفعل لتنظيمه الإخواني الدولي وموقف راعيته قطر وأمه الحنون الآن تركيا ، ومفتيه الداعشي يوسف القرضاوي صاحب فتاوى الدم والدمار في ليبيا ومصر وسورية! لقد دخل مشعل وقتها لعبة الحسابات الانتهازية تماماً مثل رئيس السلطة الفلسطينية ولكن بوجه آخر وخرج من دائرة المجاهد و المقاوم الصارم الذي لا ينبغي له أن يقيم أيّ اعتبار للثمن الذي سيدفعه إنْ هو قاوم ودافع عن أهله والذين قتلوا هكذا قالت الأرقام والحقائق على الأرض بعد هذا الموقف أكثر مما كانوا سيقتلوا لو أنه كان قد وافق على خطة الجناح المسلح لاقتحام المستوطنات وخطف الأسرى الصهاينة. لقد كان مشعل في هذا القرار ابن العقل والتاريخ الإخواني أكثر من كونه ابن فلسطين والمقاومة! لذلك، نظنّ وليس كلّ الظن إثمّ أنّ الرؤية «الإسرائيلية» صحيحة!

ثالثاً: نؤكد أنّ كلّ محاولات غسيل السمعة ومواقف خالد مشعل وبعض قادة حماس ممن وقف ضدّ سورية وضدّ ثورة 30 حزيران في مصر الذي تقوم تحديداً به إيران وحزب الله وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين تحت مسمّى أولوية المقاومة سوف يبوء بالفشل ويعدّ خطأ تاريخياً ننزّه أصحابه عن ارتكابه، لأنّ أمثال خالد مشعل ومن يحمل نفس مواقفه الانتهازية والمعادية لسورية ولثورة 30 حزيران في مصر التي حالت دون دخولها في سيناريو الإرهاب والفوضى، إنّ هذه المواقف لم تتغيّر وهي إخوانية أكثر منها فلسطينية. ومن الخطأ الكبير غسيل سمعة أصحابها!

رابعاً: إذا ما نظرنا إلى المستقبل، سواء لحركة حماس أو للمقاومة في فلسطين بوجه عام، فإننا نعتقد جازمين أنّ تخلص حركات المقاومة من أمثال خالد مشعل بإبعادهم عن منطقة اتخاذ القرار، سيكون هو نقطة البداية الصحيحة، لإعادة بوصلة المقاومة إلى مسارها الصحيح، فأمثال مشعل، لم يخدموا سوى العدو الصهيوني والرجعية العربية والمشروع التفكيكي للأمة بقيادة تركيا، وهي بالمجمل قوى معادية للمقاومة. إنّ القادة الحمساوية من أمثال خالد مشعل خدموا العدو الصهيوني خلال السنوات الأربع الماضية عبر مواقفهم المتأرجحة وكلامهم الكثير الذي بلا معنى، ومعاركهم الخاسرة ضدّ الدول المركزية في المنطقة، وبخاصة مصر وسورية التي حمتهم ثم خانوها مع جماعات الإرهاب من «داعش» إلى «النصرة» والتي ساعدوها بالمال والمواقف وبأسلحة كانت سورية قد أعطتها لهم، وهذه بالمناسبة معلومات وليست تحليلات.

إنّ إقصاء أمثال خالد مشعل، الذي يحب الآن قطر وتنظيمه الإخواني الدولي أكثر من حبّه لفلسطين، هو نقطة البداية الجادّة لتصحيح مسار حركة حماس، إنّ ثمة أكثر من خالد مشعل داخل حركة حماس وداخل حركات المقاومة في فلسطين، ولن تستعيد هذه الحركات قوتها دونما إبعاد هؤلاء عن منطقة اتخاذ القرار، إنهم مثل أبو مازن في لعبة السياسة والمفاوضات التي لم توصل فلسطين إلا إلى الخسائر المتتالية منذ أوسلو 1993 وحتى اليوم. ومن يرد خيراً بفلسطين فليدع إلى إبعاد هؤلاء جميعاً سواء أبو مازن في رام الله أو خالد مشعل في قطر عن القرار الوطني الفلسطيني، وأن تتقدّم قوى المقاومة والثورة بقيادات ورموز جديدة تليق بفلسطين، وأن تبني حركات المقاومة استراتيجية شاملة للمقاومة يتعانق فيها الفعل السياسي مع الفعل المسلح دون تناقض، وتقدر من خلالها على الانفتاح على قوى الدعم والمساندة العربية في مصر وسورية ولبنان.

إننا نؤكد ومن موقع تاريخي يدافع عن المقاومة منذ ثلاثين عاماً أنّ كلاً من خالد مشعل و أبو مازن وجهان لعملة واحدة، الأول مرهون لقطر والتنظيم الدولي للإخوان والثاني أبو مازن مرهون لخيار وادى عربة وأوسلو! والمستفيد الوحيد منهما هو العدو الصهيوني ونؤكد أنه إذا استمرّ أمثال خالد مشعل وأبو مازن رابضين فوق صدر حركات المقاومة والشعب الفلسطيني، معطلين استراتيجية التحرير والمقاومة ومفضّلين انتماءاتهم الأيديولوجية أو حساباتهم الإقليمية على حساب انتمائهم لفلسطين فصدقوني إخوتي ستخسر فلسطين كثيراً، وستعاني أكثر، وسيفرح العدو الصهيوني، لأنّ بداخلنا من ينفّذ أجندته حرفياً، دون طلقة مدفع، فانتبهوا يا أولي الألباب! اللهم قد بلغنا اللهم فأشهد.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.