مقاومة أم عملاء ؟ … متمردون أم ثوار؟ / جهاد المحيسن

 

 

د.جهاد المحيسن ( الأردن ) الإثنين 11/5/2015 م …

في المقالة السابقة عن “المدارس الموازية للتكفيريين”، لم ننوه فيها إلى انقسام هذه الجماعات في مدارسها كذلك ما بين جبهة النصرة وداعش، والحديث طبعاً يُعنى بالحالة الأردنية، ويعمم كذلك على باقي العالم الإسلامي، المؤمن بفكر وسلوك هذه الجماعات.

هذا الانقسام سبقه انقسام في وعي الناس في العالم العربي. حول التنظيمات المقاومة في المنطقة، وعلى رأسها حزب الله في لبنان، وحركتا الجهاد الإسلامي وحماس في فلسطين المحتلة، وهذه التنظيمات المقاومة الثلاثة، لم تسلم من التخوين، والاتهام بالعمالة لإيران بالدرجة الأولى، وثانيا للعدو الصهيوني، بما يخص حزب الله، على اعتبار أن الشيعة عدو للسنة، وبالتالي وحسب ما يفترض بعض المؤيدين لوجهة النظر هذه؛ فإن الحزب ينسق مع دولة العدو،أو في أسوأ الأحوال فإن كلا الطرفين يجمعهما قاسم مشترك “القضاء” على السنة؟

وهذا الطرح لا تتبناه الجماعات الدينية المتطرفة، أو المتدينون بشكل عام، بل هي حالة عامة يشترك بها المتدين العادي وكثير من العلمانيين والقوميين وبعض اليساريين الزائفين، وينسحب النقد كذلك ،ولكن ليس بصورته تجاه حزب الله وحركة الحوثيين لاحقاً، على كل حركات المقاومة الفلسطينية؛ وخصوصاً حركتي الجهاد وحماس، وكذلك الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وطبعا طبيعة الحال بالنسبة للمقاومة الفلسطينية يصعب القول إنها تخدم “دولة العدو”، رغم أن البعض لا يخجل من الحديث عن هذه العلاقة الكاذبة كما في سابقتها مع حزب الله، ولكنّ قصة العمالة في المقاومة الفلسطينية أنها تفسح المجال “لإسرائيل” لتدمير البنية التحتية للشعب الفلسطيني، وعلى وجه التحديد في غزة، والحصار المفروض عليها وإغلاق المعابر، وتعثر عملية السلام المزعومة كلها نتيجة للمقاومة الفلسطينية التي جرّت الخراب والدمار والموت والجوع، لعمليتها العبثية ضد العدو الإسرائيلي.

ينسى أنصار هذا التيار المشكك والخائف أساساً من فكرة التحرير والمقاومة، أن أسّ الخراب في المنطقة يعود للولايات المتحدة ودولة العدو المتحالفة عضوياً مع المشروع الإمبريالي والرجعية العربية، وأنه بزوال “إسرائيل”، والتحرر من التبعية الغربية، سيتحقق الحلم العربي بالوحدة والتحرر والعدالة الاجتماعية وزوال الأنظمة الديكتاتورية !

والحالة اليمنية ليست بعيدة عن كل هذه الانقسامات والتخوينات، ولكن هذه المرة جاء الحديث عن الشرعية والتمرد على السلطة، على اعتبار أن الحركة الحوثية أجهزت على الشرعية فيها، لصالح المشروع الشيعي الإيراني في المنطقة، وينسى من يدعم وجهة النظر هذه أن ما يحدث صراع داخلي، كان من الأجدر حله سياسياً، وليس عسكريا عبر الطائرات والبوارج السعودية، وغيرها من الدول المشاركة عسكرياً في ما تسمى “عاصفة الحزم” !

العرب منقسمون حول كل شيء، وأخشى أنهم في الواقع الحالي، يعانون من انفصام حاد في تفكيرهم، ويطلقون على بعضهم وأنفسهم الاتهامات، وكان من نتائجها الخطيرة عدم التمييز بين العدو والصديق، وبالتالي الانتحار على مسارح الأمم!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.