هل تنجح تركيا بإستدراج السعودية الى المستنقع السوري؟ / د.خيام الزعبي

 

 

د.خيام الزعبي ( سورية ) الإثنين 11/5/2015 م …

* مدير مكتب صحيفة العالم الجديد بدمشق

تواجه المنطقة العربية أزمة إقليمية وعالمية حادة يدفع ثمنها الشعب السوري الذي يواجه موجة التطرف والإرهاب المدعومة من الغرب وبعض الدول العربية والإسلامية لتحقيق أهداف غير شرعية للآخرين، لكن مقاومة هذا الشعب إتضحت من خلال شراسته في صد القوى المتطرفة، لذلك إتخذت الولايات المتحدة  قراراً إستراتيجياً بعدم الدخول في أي حرب مباشرة في الشرق الأوسط، وباتت تفضل القيادة من الخلف، وترك القوى الإقليمية الحليفة تدافع عن مصالحها، في هذا الإطار تسعى تركيا إلى علاقات أوثق مع السعودية، خاصة بعد تولي الملك سلمان بن عبد العزيز السلطة إذ وضعت جانبا خلافات قديمة مع الرياض بشأن الإسلام السياسي، فالملك الجديد يبدو أكثر إستعدادا لدمج حلفاء يدعمونه في مواجهة الخطر الذي يراه في الجمهورية الإسلامية إذ يرى أن الأولوية لمحاربة نفوذ إيران وليس لمحاربة الإخوان المسلمين، وتعزيز الدعم العسكري للفصائل المسلحة في سورية لإسقاط النظام السوري، ومن جهة أخرى، بدأت تركيا عملية تدريب المقاتلين السوريين المعتدلين، حسب تعبيرها، والذي جاء بعد إتفاق تركي أمريكي، على أن تستضيف تركيا عمليات التدريب، فيما تشرف الولايات المتحدة عليها، بهدف تحقيق تقدم على مستوى العمليات العسكرية في سورية.

مع بدء السعودية حربها “عاصفة الحزم” ضد جماعة أنصار الله “الحوثيين” في اليمن، بدأت كل من تركيا وقطر تدعو الى تشكيل تحالف دولي على غرار تحالف “عاصفة الحزم” يهدف الى القضاء على نظام الرئيس الأسد، وطبيعة هذا الهجوم تتضمن أن تقدم تركيا القوات البرية وتزود المسلحين بالمعلومات الإستخباراتية والمساعدة اللوجستية، في حين تقدم السعودية الدعم بالغارات الجوية والتمويل المطلوب، وتقسيم هذه الأدوار سبقها محادثات تركية سعودية في الثاني من آذار، عندما زار الرئيس أردوغان الرياض والتقى الملك سلمان بن عبد العزيز، وأعلنا زيادة الدعم للمجموعات المسلحة وتعزيز إتفاقات الدفاع والأمن بينهما، في هذا الإطار عدت هذه المحادثات هي المؤشر الأول لتدخل عسكري مشترك مباشر للبلدين ضد الرئيس الأسد.

في الإتجاه الآخر تلعب كل من تركيا وقطر دوراً كبيراً في محاولة زج وتوريط السعودية في تحالف إقليمي ليس عربياً لمحاربة الأسد، لما تتمتع به المخابرات التركية من علاقات بالجماعات المتطرفة والمجموعات المسلحة في سورية وعدد من الدول الإقليمية في المنطقة، فالإتفاق العسكري الذي وقع بين حكومة أردوغان وحكومة الأمير تميم بن حمد آل ثاني للدفاع مع قطر، بالإضافة الى تسهيل تبادل المعلومات الإستخباراتية والتعاون العسكري، يعتبر جزءً من التمهيد لتشكيل تحالف إقليمي لمواجهة النظام السوري بدعم وتشجيع أمريكي وغربي، في هذا الإطار يمكنني القول إن قطر لعبت دوراً كبيراً في تحالف “عاصفة الحزم” ضد الحوثيين في اليمن وبدعم تركي لوجستي كامل في إطار إستراتيجية إقليمية سعودية أقوى بعد تغيير القيادة في السعودية وهو ما شجعهم على تكرار الموقف في سورية.      

في هذا الإطار تعد أنقرة من أوائل الدول التي أعلنت تأييدها للحرب السعودية على سورية، ويبدو ان القيادة التركية سعيدة من التورط السعودي في سورية وهي تتوقع فشله، لا سيما وأنه سينعكس سلباً على موقع المملكة وقيمتها كدولة إقليمية كبرى، فتركيا تطمح إلى التفرد بزعامة العالم الإسلامي وهي تتنافس مع المملكة على ذلك، ويبدو أن المسؤولين الأتراك أرادوا عبر تأييدهم المبكر للحرب على سورية إغراق السعودية في المستنقع السوري لإضعافها، لا سيما وأن هذه الخطوة تتلاءم مع سياستهم الرامية لعودة القيادة العثمانية في المنطقة.

فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل تستطيع تركيا إستدراج السعودية في تحالف إقليمي الى المستنقع السوري؟ هنا لا بد من الإشارة الى أن هناك العديد من المشكلات والعقبات التي تهدد فشل هذا التحالف، فسورية يجمعها خصوصية علاقة مع قوى دولية وإقليمية ما جعلها لاعباً مؤثراً وقوياً في المنطقة، لا سيما إيران والعلاقات الإستراتيجية معها، وروسيا وعلاقاتها بالمصالح والتسهيلات المركزية، فضلاً عن حزب الله، وهو الذراع العسكري لإيران ولاعب هام على الساحة، بالتالي فإن روسيا وإيران سترفضان أي هجوم على سورية وستعتبران أن أي عدوان على سورية، يقابله تزويد الحكومة السورية بالسلاح لمكافحة الإرهاب، وسط تأكيدهما على ضرورة إيجاد صيغة سلمية لتسوية الأزمة في سورية من قبل السوريين أنفسهم دون تدخل أجنبي وعلى أساس مبدأ إحترام سيادة سورية، فإيران سبق لها أن وجهت إنتقادات قاسية للتحالف الدولي بمواجهة داعش، مشككة في جدواه وفاعليته، كما أصاب العلاقات الإيرانية التركية نوع من الفتور حيال الأزمة السورية حيث تصر طهران دعمها للأسد فيما تسير أنقرة باتجاه دعم الإرهاب، والعمل على إسقاط الأسد الذي عدته بأنه “خطوة لا يمكن لها التراجع عنها”، أما مصر وغيرها من الدول العربية الصديقة سترفض مثل هذا التحالف، لأنه سيؤدي إلى تفكيك المنطقة وتحويل سورية إلى الفوضى الخلاقة والفاشلة، الأمر الآخر أن مصر تعتبر سورية عمقها الإستراتيجي وخط الدفاع الأول لها وهو ما قد يؤدي إلى تهديد العلاقات المصرية الخليجية، في ظل تأكيد مصر على الدعم الحل السياسي في سورية بعيداً عن التدخل العسكري.

فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن المنطقة مقبلة على تحولات وأزمات خطيرة، لأن إيران لن تسمح لتركيا أو أي دولة أخرى بالدخول إلى سورية مهما كلف الأمر، لدرجة أن طهران هددت بقصف أي قوات تركية أو أجنبية تجتاز الحدود مع سورية مستندة الى دعم روسي، بينما يستعد النظام السوري لإستخدام أسلحته الصاروخية ضد أي قوات برية تعبر حدوده، وبإختصار شديد يمكن القول إن إستمرار الأزمة في سورية وإنتشار المجموعات المتطرفة فيها ينذر بنتائج كارثية على المنطقة والعالم، وهذا يستدعي حل سريع لهذه الأزمة، ينهي معاناة الشعب السوري بما يحفظ وحدة أراضي سورية وإستقلالها السياسي في المنطقة.

[email protected]

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.