كيف صنع الروس صاروخًا يُساوي 50 مليون دولار لتَدمير حامِلة طائِرات تُساوي 10 مليار دولار؟
مشاركة
الثلاثاء 3/4/2018 م …
الأردن العربي –
تتحدث الصحف الروسية بفخرٍ شديد عن الإنجازات العسكريّة في مجال التسلّح التي عرضها الرئيس فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، وعلى بُعد أسابيع من الانتخابات الرئاسيّة، وبرعت وسائل إعلام مثل روسيا اليوم في معالجة مختلف الجوانب.
وبعيدا عن البروباغندا، يسيطر قلق على دول غربية وبالخصوص فرنسا ألمانيا من التحدّي الجديد للسلاح الروسي الذي سيُعزّز لا محالة من قرارات بوتين الجريئة بعدما ضم شبه جزيرة القرم، ونزل بكل ثقله في سوريا لمنع استفراد واشنطن بمنطقة الشرق الأوسط.
وما قام به بوتين هو استمرار للعقيدة العسكريّة الروسيّة التي بُنيت على التعامل مع الواقع الميداني للحروب، والتركيز على تطوير وامتلاك أسلحة دفاعيّة تُصيب أي قوّة هجوميّة بالشلل، وبالخُصوص الصواريخ وآخرها “سارمات” المُرعب.
مؤسسات الدراسات العسكريّة الاستراتيجيّة والاستخباراتيّة الروسيّة كانت دائمًا تعلم أنها لا تستطيع مقارعة الولايات المتحدة في القدرة القتاليّة الهجوميّة نظرًا لتوفر الولايات المتحدة على ميزانية ضخمة وتكنولوجيا متقدمة، لهذا لجأت روسيا إلى وضع جل قدراتها العسكرية على تطوير دفاعي يعتمد على صواريخ سرعتها يستحيل على أي نظام دفاعي التصدي لها، وها هي صواريخ “سارمات” تتحدى برنامج الدرع الصاروخي الأمريكي الذي يكلف مليارات الدولارات.
والكثيرون يخطئون عندما يتحدثون عن صاروخ “حرقة الشمس″، هذا الأخير برنامج “لإنتاج” منظومة صواريخ ذات المدى المختلف من كالبير الى “إسكنرد” إلى “سارمات” وليس صاروخ SS-N-22، وهو ما اختلط كثيرًا على الحلف الأطلسي لسنوات.
لم يكن للاتحاد السوفياتي أو روسيا القدرة على امتلاك حاملات الطائرات بأعداد كبيرة، نظرا لغلاء صيانتها ونظرا كذلك لاستنتاجها أن المستقبل للصواريخ لضرب أهداف وليس حاملات الطائرات، ولننظر الى هذا السيناريو، إذا استطاع صاروخ أو صاروخين ذو سرعة فائقة ضرب وتدمير حاملة للطائرات وإخراجها من القتال، فهذه مصيبة كبرى للبنتاغون، لأننا نتحدث عن خمسة آلاف من الجنود وسبعين من الطائرات المقاتلة.
وطورت روسيا هذه الصواريخ لأنها كانت تدرك أن خطر الولايات المتحدة قادم من حاملات الطائرات لأنها مطارات حربية متقدمة ومتحركة، وتحمل عتادا ضخما سواء عدد الجنود أو الدبابات والمدرعات، وسعر الصاروخ لن يتجاوز 50 مليون دولار، بينما سعر حاملة الطائرات يقارب العشرة مليار دولار.
روسيا لم تكن بليدة ولم تسقط في الفخ، لم تنتج حاملات طائرات لمواجهة حاملات طائرات لعلمها أن حاملات الطائرات بطيئة جدًّا في الحركة والمراوغة وحجمها الكبير يجعل منها هدفًا سهلاً أمام سلاح متطور مثل الصواريخ التي أنتجتها روسيا.
وما جرى مع حاملات الطائرات تكرر مع الدبابات. والدبابة بدورها بطيئة الحركة والمناورة وكل تطوير للدبابة يتطلب استثمار أموال كبيرة، ورغم إنتاجها لدبابات فهي فضلت الاستثمار في سيارات سريعة الحركة ومصفحة وحاملة لصواريخ نظام صواريخ صغيرة قادر على شل حركة الدبابات، وهذا هو التصور الذي طبقه حزب الله ضد دبابات المركافا في حرب تموز 2006.
العقيدة العسكرية الروسية المبنية على الذكاء في الصناعة الحربية جعل موسكو تتدارك ضيق القدرات المالية، وتُقدِّم نفسها كقوة قادرة على مقارعة طموح الولايات المتحدة في العالم.
التعليقات مغلقة.