تصريحات ابن سلمان حول بقاء الأسد تحرج الجبير المنادي برحيله
فجائية الموقف السعودي جاءت من ولي العهد، محمد بن سلمان، بشأن بقاء الرئيس السوري، بشار الأسد في السلطة، عقب سلسلة تصريحات سابقة حول رحيل الأسد من قبل وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير.
الجبير تسلم الحقيبة الدبلوماسية في المملكة في 2015، ومنذ ذلك الحين تولّى، مهمة صعبة في تمثيل وإدارة السياسة الخارجية للمملكة، المهمة التي احتكرها سعود الفيصل لمدة 40 عامًا قبل ذلك التاريخ.
ولم يمرر شهران على تسلّم الجبير لحقيبة الخارجية حتى بدأت سلسلة تصريحاته المشابهة لتصريحات سلفه بشأن سوريا، “الأسد لا يمكن أن يبقى في السلطة”، “على الأسد أن يرحل”، “سنقوم بالإطاحة بالأسد عسكريًا أو سياسيًا”، “الأسد ليس جزءًا من الحل”.
وعوّلت المعارضة السورية على تصريحاته مرارًا، إلى جانب تعويلها على الدعم المادي والعسكري الذي قدمته المملكة لفصائل المعارضة، إلا أن ذلك الدعم لم يكن ليفلح في إزاحة الأسد، أو على الأقل في تقليل الضغط على المعارضة.
لكن تغير الموقف السعودي بدأ مع أواخر العام الماضي، عندما نقلت وسائل إعلام، عن مصدر من المعارضة السورية أن الجبير أكد لهم أن “الأسد باق وأن الوقائع تؤكد أنه لم يعد ممكنًا خروج الأسد في بداية المرحلة الانتقالية”، ليؤكد ذلك ولي العهد حاليًا، في تحول واضح نحو أولويات السياسة الخارجية للرياض وهي محاربة الوجود الإيراني في الشرق الأوسط.
الجبير شغل منصب سفير السعودية في واشنطن لمدة ثمانية أعوام قبل أن يصبح وزير الخارجية، وقبلها كان المتحدث باسم السفارة لسنوات عدة، ما جعله يحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، كما وصفته وسائل إعلام أمريكية مرارًا بأنه “العقل المدبر للاتصالات” لدى المملكة السعودية.
ومن هذا المنطلق، لعب الجبير دورًا كبيرًا في التنسيق بين سياسة المملكة وسياسة أمريكا تجاه سوريا.
على المستوى العسكري أيضًا، دفع الجبير باتجاه التعاون مع التحالف الدولي في بعض الضربات العسكرية على داعش، وتحدّث أكثر من مرة عن إمكانية دخول قوات سعودية برية لمحاربة التنظيم تحت راية التحالف.
ووصل الجبير في ذروة تصريحاته الداعمة للمعارضة في شباط عام 2016، إلى الدعوة لتسليمها صواريخ “أرض- جو”، ما “سيغير موازين القوى على الأرض”، موضحًا أن “تسليم هذا النوع من الأسلحة، سيتيح للمعارضة المعتدلة وقف حركة المروحيات والطائرات التي تقصفهم وتلقي عليهم المواد الكيميائية” على حد زعمه.
وواصل الدبلوماسي الذي جاء إلى منصب حساس من خارج العائلة المالكة على ثبات موقفه تجاه الرئيس الأسد، لكن سيطرة الأمير محمد بن سلمان على زمام الأمور في السعودية، والعلاقة بين الأخير وبين الولايات المتحدة، دفعت موقف المملكة إلى موقع أقل تأثيرًا في الملف السوري كما في السابق، ولم يعد موقف الجبير السابق يعوّل عليه في تمثيل التوجه السعودي.
وتشير المواقع التي تحدثت عن السيرة الذاتية لعادل الجبير، أنه يكنّ الكثير من الولاء للعائلة الحاكمة، ولا يخالف سياساتها، ما يعني أن الجبير الذي صدح لمدة ثلاثة أعوام بإطاحة الأسد، سيغير أقواله للتناسب مع أقوال الأمير.
ويملك محمد بن سلمان شخصية سلطوية أمسك من خلالها المملكة بقبضة من حديد، وعلى الرغم من أنه لم يتجاوز 32 عامًا من العمر، يحضّر نفسه لـ”عرش الإمبراطورية” القادمة.
التعليقات مغلقة.