المواجهة -2- / د.يحيى محمد ركاج

 

د. يحيى محمد ركاج * ( سورية ) الثلاثاء 12/5/2015 م …

* باحث في السياسة والاقتصاد

تتوالى الأحداث تباعاً في سورية خصوصاً والعراق واليمن وفلسطين والأردن والمنطقة العربية على وجه العموم، فبعد تدمير صعدة وقبل الانتهاء من تدمير كامل اليمن تعود منطقة القلمون في سورية مجدداً للواجهة وكذلك الأمر في جسر الشغور وادلب، وتترافق هذه الأحداث مع تطور قذر للمناورات الصهيوأمريكية التي تقام على أرض من لم يفكروا يوماً بتحرير القدس والأقصى بل لا زال تفكيرهم بتأجير مزيد من الأراضي ومزيد من التبعية للكيان الصهيوني تحت مبررات مختلفة في هذه الأيام أبرزها الحاجة الاقتصادية وضغط تكاليف المعيشة واستقبال اللاجئين والمهجرين.

وتشتعل مع هذه الأحداث المعارك الإعلامية بين فريق مؤهل مدعوم من أغلب دول العالم التي تمتلك التكنولوجيا والأدوات الذكية، وفريق قليل الخبرة لا يملك من أدوات التكنولوجيا الكثير ولكنه يملك السلاح الأغلى والأكثر قوة وهو العزيمة وإرادة الانتصار.

لن أخوض في هذا القسم في هذه المواجهات لأنها محسومة مسبقاً، فالبقاء والنصر لأصحاب الحق دوماً, ولن أخوض في تفاصيل الخسائر التي تتسبب بها هذه الأحداث لأننا اتفقنا أن العدوان والإرهاب له بواسل الجيش العربي السوري، ولن أقف عند كسر خواطر شاب عربي سوري أحرز ميداليات وتم سحبها منه في بطولات رياضية لأنهم أصرّوا على رفع علم الشرف والسيادة السورية العلم المقر دستورياً لأن من انتزع التتويج منهم لا يعرف معنى السيادة والشرف، ولن أقف عند تسريبات الصحف العالمية عن لقاء عربي صهيوني في تل الربيع (تل أبيب) وما رافقه بعدها من ظهور طائرة عربية في مطار تل الربيع، وما تبعه بعدها من تكذيب وتبرير وتحميل الأمر لتجاوزات شركة متعاقدة – ومن الطبيعي من سوف يزور الكيان ألا يزوره بطائرة رسمية تابعة له- وذلك لأن مبادرة الجيش السوري في إدلب وجسر الشغور والقلمون وباقي المناطق السورية والمترافقة مع ما تشهده المنطقة من حراك عالمي كالمناورات الروسية الصينية والمناوشات الإيرانية وتطور الحوار اليمني المسلح في الأيام الماضية كفيلة بالرد على كل من يشكك بالانتصار السوري, وما تنوع مصادر الإرهاب المستمرة إلى هذا اليوم بالتدفق نحو سورية وتباعد الرقع الجغرافية له وتزايدها إلا محاولة استنزاف لمقدرات هذا الجيش وإنهاكاً لعزيمته، وإرغام السيادة السورية على تقديم بعض التنازلات قبل المفاوضات القادمة.

والخلاصة في كل ما يجري إننا نخوض معركة الشرف والبقاء نيابة عن الأمة بأكملها، وإذا كنا متفقين على ضرورة دعم الجيش العربي السوري فإن لدينا ميادين أخرى لا تقل أهمية عن تقديم الدعم للجيش، لذلك سوف أتناول في هذا الجزء من المواجهة قضية الحرب الإعلامية والتضليل الإعلامي الذي تمارسه الفئة الباغية. تاركاً الحديثعن المواجهة الاقتصادية للقسم الثالث بعد أن يكون المغتربين نفذوا حملة دعم الليرة السورية التي سوف يقومون بها بـ 15من هذا الشهر من خلال صرف (تبديل) ورقة المئة دولار بالعملة السورية من البنوك والصيارفة الموجودين في بلدانهم، ومن زاد فهو خير له ولبلاده ولن نكلف أحداً فوق طاقته.

لقد عاد السيناريو القديم المتجدد للواجهة في هذه الأيام، فلم يخلو خبر من فضائيات الفتن والدم العربي الخنزيرة القطرية والعبرية وبعض القنوات المشبوهة الأخرى من دجل وتحريض وقتن ودعوة للطائفية، إذ يقومون بالتجييش والتحريض على أحداث اليمن بوصفهم لها أنها ضد الحوثيين المدعومين من إيران متناسين أنه حدث داخلي يمني وأن الحوثيين ليسوا بالعدد الكثير إذا ماقارناهم بالجيش اليمني الذي يقاتل دفاعاً عن اليمن والذي يقاتل الحوثيون في صفه، أو بالعشائر المؤيدة للرئيس صالح وأنصاره وهم ليسوا من الحوثيين، ولكن إن تم ذكرهم فقد مات التحريض والشحن الطائفي في المواجهة الإعلامية التي يقودونها, كما لم يخلُ خبرٌ عن اليمن السعيد إلا وتم ذكر مقاتلين من إيران وحزب الله وسورية كثلاثي يتم التحريض بشأنهم بلغة طائفية مدروسة بعناية هدفها إن لم تستطع التعبئة الآنية لحلفهم الضال، فأن يكون مسخٌ لعقول الأجيال العربية والإسلامية الناشئة بغية عدم تمكنها من التفكير السديد الذي يجعلها تميز بين عدوها وصديقها، أو حتى تكون قادرة على إدارة موازين الرأي في عقولها وألبابها، فإذا كانت أخبار فراعين الإعلام تظهر سورية مدمرةً والجيش العربي السوري متقهقراً والسيادة السورية (أو كما يسمونها هم النظام) في أضعف حالاته، فكيف يمكن له إرسال مقاتلين لليمن وهو على حد زعمهم لا يوجد لديه مقاتلون ويقوم بإحضارهم من إيران ,وإذا كان ما يزعمونه هو ما يريدون ترويجه لعقول الشباب الخليجي الذي أصبح تفكيره محصوراً فقط في البلاي ستيشن والنكاح والجهاد وجمع المال واستغلال القوانين لسرقة جهود الآخرين في صعوبة الجمع بينهم جميعاً بالنسبة لعقول قيدتها التكنولوجيا، أفلا يوجد من رعاة هذا الشباب من يدرك ويملك المحاكمة لسيناريوهين فقط لن أقول أكثر حتى لا أحملهم مالا طاقة لهم به، سيناريو يفترض أن هذه القنوات تعمل على تدمير عقول الشباب وعليه أن يتبوأ المواجهة لحماية أبنائه وأبناء الدين الذي هم عليه مؤتمنين، أو سيناريو ثانٍ يُصدق ماتقول هذه القنوات وعليه أن يدرك حينئذ أن سورية العربية الإسلامية التي بارك رب العزة حولها في القرآن والتي يحرضون عليها ويتوسلون الإرهابيين إليها من كل حدب وصوب خارقة القوة بإذن الله، وأنها الملاذ الآمن والملجأ الوحيد (بعد الله سبحانه وتعالى) للعرب والمسلمين في مواجهة أي خطر يحدق بهم.

إننا للأسف كشعب عربي سوري ونخب قليلة جداً من المثقفين العرب وبعض الشعوب العربية المغلوب على أمرها من العراق والجزائر ومصر وليبيا وبعض شعوب دول الجوار وبعض الشعوب الأخرى المقيمة في أوطانها أو الهاربة منه وهم للأسف بمجموعهم قلة، فقط من يتحمل عبء المواجهة في معركة الشرف، وإن القسم الهام جداً من المواجهة هو الإعلام النفسي والترويج، وهو للأسف ما يفتقده إعلام دول المواجهة عموماً وسورية على وجه الخصوص.,فإذا كانت الغلبة لإعلامهم بالمال والتكنولوجيا فليكن سلاحنا الكلمة التي تنتشر بمصداقية وموضوعية ووسطية في كل مكان، فالقلم بلسم يشفي المجتمع من جميع الأمراض وإن يكن أثره يحتاج وقتاً طويلاً، وعلينا أن نكون حذرين في الكلمة لأن القلم نفسه رصاصة فتاكة أثرها أيضاً يحتاج وقتاً طويلاً.

عشتم وعاشت سورية وبلاد العرب أوطاني.

 

 

 

 

 

   

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.