إضاءة على المشهد في الأردن رفْعُ الرأسِ – مُقدماتٍ .. مُقتضياتٍ وتَبِعاتْ / سمير أيوب




د. سمير محمد ايوب ( الأردن ) الجمعة 6/4/2018 م …

المواطنون الأردنيون ، على تنوِّعِ مشاربهم ، ومرجعياتهم الصغرى ، وأجندَتِهِم الأوسع ، هم فعلا كل الأردن . من أي تضاريسَ جغرافيةٍ ، قريبةٍ أو مُمعنةٍ في البعد ، جاء أجدادهم أوآباؤهم ، أوحتى هُمْ . وإن جاءوا ، عبر تواريخ متقاربةٍ أو متباعدة .أو لأي أسبابٍ مُعلنةٍ مَشروعةٍ جاءوا .إختياراً أو قسراً جاؤا . طالما بقي إنتماؤهم وولاؤهم ، لهذا الوطن وقضاياه ، لا لبسَ فيهما ولا تأتأة . وطالما آمنوا تماماً ، بأن كل قضايا أمة العرب ، وبوصلتها فلسطين ، هي مُكونٌ سِياديٌ حتمي ، أساسيٌ وهام ، في منظومة قضايا الوطن .

كما المطلوبُ مِنا كأردنيين ، رفعُ الرأسِ عالياً ، فأنني أسأل :هل كل واحدٍ فينا ، هو فعلاً ممن ينطبق عليهم ، معايير هذه المقاصد النبيلة  ؟

إن كان الإعتماد في هذا ، على الوثائق الرسمية المعتمدة وحدها ، فالجواب ، بالتأكيد نعم . فقد نكون كلنا ، وفق مباني ومعاني نداء سيد البلاد ، ممن يَعتَزُّ بهم الوطنُ ويفخرْ ، بل وربما لأبعدِ الحدود .

وحتى لا أُطيل ، أسارع الى واقع الحالِ ، لأسأل ثانية : هل يحق ممارسة هذا الحق الآن ، لِمن لوَّثَ أو ما زال يُلوثُ شرف الوطن ؟ وملوثاتُ شرفِ الوطن ، هالأيام أكثر من الهَمِّ ، على قلبِ بُسطاءِ ناسِنا ؟ حقاً ، كم مِنّا يملك فعلا ، مستلزمات شرف رفع الرأس عاليا ، بإتجاه رايات الوطن ، وضميره مرتاح ؟

نعم ، كلنا مواطنون أردنيون ، ولا أشَكِّك في إنتماء واحدٍ منا . فهذا ليس من حقي ، وأمرٌ لا أتقنه بتاتاً ، وأحرص على أن انأى بنفسي عن مفاسده .

أما واقع سلوك ، أوقول اوعمل الكثير منا ، فأعتقد أنه لا يتطابق كثيرا أو قليلا ، مع مقاصد الأنتماء الحق ودلالاته . وهنا تتباين المسافات بُعداً أو قُرباً ، من مُقتضيات وتبَعات شرفِ رفعِ الهاماتِ عالياً .

فكيف ينتمي فردٌ أو جماعةٌ لشرف هذا الوطن ، دون ان يعيثوا فيه فسادا أوإفسادا ، أوتخويفاعابثا بأمنه السياسي ؟ سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي .

وكيف يمارس هذا الشرف ، من يُجْبِرُ بِعَبَثهِ الإقتصادي أو الإجتماعي ، أبناءَ الوطن على هَجْرِهِ مُضطراً ؟

وكيف يُمارس هذا الشرف ، من يعمل مُتعمدا على تدمير البنية التربوية التعليمة لخيرة شباب الوطن ؟

وذاك الذي بغبائه المَقيت ، وعَبثه بالذاكرة الجَمْعِيةِ ، يعمل على إضعافِ اللُّحمة الداخلية للوطن ، كيف يحق له ممارسة هذا الشرف ؟ ولِمَ يَرْفَع رأسَه ؟ أو حتى يُسمح له برفعِ رأسه بالأساس ، ولو فوق كتفيه ؟

وذاك الذي باع ، أو ما يزال يبيع ، عِيني عِينك ، شيئاً من شرفِ الوطن ، او يُسَمْسِرُ على أيٍ من مُكوناتِ شرفه ،على مدى عقودٍ وبأثمانٍ بخسة ، هل يشارك شرفاء الوطن بنعمة رفع الرأس عاليا …؟ !

ثم كيف أساوي في هذا الشرف ، بين القاتل والمقتول ، وبين السارق والمسروق ، وبين من بنى ويبني ويُعلي البُنيان ، ومن هدم ويهدم ، وبين من يغتصب موقعاً عاماً ، ليس له ولا من حقه ، وبين نشميات ونشامى من أبناء الوطن ، يحمون ليل نهار ، بدمائهم وعرقهم وفكرهم وسواعدهم ، كل ثغورِ الوطن ؟

ثم أسألُ باخلاصٍ للمرةِ الثالثة والرابعة والألف : هل تعرفون الآن ، بعد هذه الحزمة من ألأسئلة ، كم عدد الذين يحق لهم من منتسبي الهوية ، شرف رفع الرؤوس ،عاليا بإتجاه الرايات ؟

لِله دِرُّكَ ياوطن ، كم مُنْتَمٍ لكَ حقاً ، كما يَليقُ بِكَ الأنتماء ؟ وكم مُدَّعٍ بذلك ؟

حقا ، إن الأمر يستحق أكثر من بقيةٍ ، مُتبصرةٍ مُتأملة ……….

Print Friendly, PDF & Email

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.