دور المشاركة الشعبية في التنمية / النائب الأردني حسن عجاج عبيدات

 

 

النائب الأردني حسن عجاج عبيدات ( الثلاثاء ) 12/5/2015 م …

تتطلب التنمية أولاً بناء الانسان ، و حين ننجح في بناء الانسان ، فإننا ننجح في بناء المجتمع و تنميته ، والتنمية عملية متعددة الجوانب ، و يجب أن تبدأ منذ الصِغر . و تتطلب كفاءات على مستوى عالٍ .

حققت التنمية في الاردن بعض النجاحات في بعض القطاعات ، ولكن يؤخذ عليها تركزها على محور المدن الكبرى ،وتحديد محور العاصمة و المناطق المحيطة بها . ولا بد من التنويه إلى القصور الذي حدث في أحدى مراحل التنمية ، الأمر الذي أدى لعدم نجاح العديد من المشاريع التي تحدد لها أن تدفع بعمليات التنمية . فالتنمية بمفهومها العام تعني أشياء كثيرة أهمها : تحسين دخل الفرد و الأُسر ، و تحسين نوعية الحياة ، و تحسين قدرات المواطنين للتعامل مع العِلم و المعرفة و متطلبات العصر .

لقد ترسخ لدى بعض القائمين على الإدارة الاقتصادية للنشاط الحكومي ، تفكير تنموي بقي متحجراً على نهج واحد منذ سنوات طويلة نتيجة لعدم الأخذ بفكرة تجديد المعرفة لديهم . و إبقاء كل شيء على حاله بانتظار التعليمات من الأعلى . كما تم استبعاد المشاركة الشعبية ، و الاستعانة بأصحاب الخبرة . وبدلاً من أن تصبح المشاريع أداة تحسين لظروف المجتمع ، تصبح عبئاً على خزينة الدولة .

لقد أدى عدم تطوير الطرق وأساليب إدارة النشاط الاقتصادي لجملة من السلبيات منها تكريس الاتكالية بين المواطنين ، و تزايد اعتمادهم على المساعدات التي تحددها الدولة لهم . و أصبح الدعم المالي الحكومي يشغل جانبا مهماً من معيشة المواطنين . وأصبح التعامل مع أجهزة الدولة و مؤسساتها من قبل بعض الافراد مدخلاً لانتفاعهم ، و تحقيق ثرواتهم باستخدام أساليب متعددة بما في ذلك تلقي الرشوة . كما تمكن بعض موظفي الادارة الحكومية من استغلال مواقعهم و من تكوين ثروتهم .

لم يتمكن الاردن من بلوغ معدلات النمو التي كان يتمناها ، كما لم يتمكن من تنويع القاعدة الاقتصادية بشكل كافٍ يخرجه من مجموعة الدول التي تُصنّف على قائمة بلدان الانتاج وحيد الجانب ، أو مجموعة السلع محددة العدد بإنتاجها الرئيسي ، و خاصة صادراتها . و يؤكد الواقع أنه لا يمكن تحقيق نتائج اقتصادية ، إذا ظلت الامكانيات البشرية غير مستثمرة استثماراً جيداً إذ إن خريجيّ الجامعات و كليات المجتمع تتضاعف اعدادهم ، و ما زال أغلبهم بعيداً عن الوصول إلى مراكز توظيف في القطاع الحكومي .

إن التقدم الاقتصادي يقوم في حقيقة الأمر على الاستفادة من خبرات و قدرات البشر ، فنحن ننتقل إلى نظام اقتصادي يعتمد على تقدم العلم و ثورة المعلومات . وهذا يعني أننا بحاجة إلى عمالة على مستوى عالٍ من التعليم و التدريب ، و قادرة على التحول من مهنة إلى أخرى . و قادرة على الحوار و البناء و اتخاذ القرار على خط الانتاج مباشرة ، و من هنا كان الارتباط الوثيق بين التعليم و البحث العلمي و التنمية الشاملة القائمة على الحوار و المشاركة .

تستلزم مشاركة المجتمع بتنمية الحوار . و يعتبر الحوار بين المجتمع وأطراف الدولة الأداة التي تمهد للمشاركة ، لتنعكس بنتائجها على طرق و أساليب عمل المؤسسات ، بحيث يصبح قاعدة للعمل بين جميع الأطراف . و هذا يقتضي العمل لنشر فكرة الحوار ، و زيادة توعية الناس بأهمية المشاركة في صنع نهج التنمية ، و تعويد المواطنين على مهارات و أساليب الحوار و المشاركة بها .

و تظل أوقات الازمات دائماً فرصة لفكرة المشاركة و لفكرة الحوار ، و تزداد الرغبة بالمشاركة كلما ضعفت قدرة الجانب الحكومي على استيعاب الأزمة أو تأخر الجانب الحكومي على استيعابها ، وعلى اتخاذ المعالجة الملائمة في الوقت المناسب و يبرز الدعم المؤازر للحكومات ، و خاصة عندما يعبر الأداءُ الحكومي عن الارادة الشعبية ، أو عند الشعور بالمخاطر التي تتهدد الوطن ، وفي الأحداث الوطنية العظمى و في القضايا التي تهم الوطن . ففي أعقاب استشهاد الطيار معاذ الكساسبة من قبل مجموعة داعش الارهابية ، أقدم المواطنون الاردنيون تلقائياً و بشكل عفوي على مبادرات تضامنية كبيرة تجاه أهالي الشهيد ، و اتجاه مؤسسات الدولة ، وهذا أعطى أساساً ملائماً للمشاركة بالمسؤولية ، عندما شعر الناس أن مشاركتهم مهمة و ضرورية في هذا الحدث الجلل ، وأثبت أن المشاركة الشعبية مهمة في اتخاذ القرارات المصيرية ، و أن الحاجة تستدعي تقديمهم مثل هذه المشاركة ، ولهذا فإن محاورتهم ستمنحهم شعوراً بأهميتهم و احترامهم لذاتهم ، الأمر الذي يزيد من اندفاعهم في العمل و تحمل المسؤولية .

 

       

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.