سورية … الأكذوبة الكبرى … انكشاف حقائق صادمة عن “الخوذ البيضاء”
الأحد 8/4/2018 م …
الأردن العربي –
تكيل وسائل الإعلام الغربية آيات المديح لمنظمة “الخوذ البيضاء” التي تمارس نشاطها في سوريا. غير أن الصحفية “فانيسا بيلي” كشفت الطبيعة الحقيقية لهذه المنظمة.
وكانت منظمة “الخوذ البيضاء” أنشئت في عام 2013. وهي تمارس فعالياتها شكلياً كمنظمة تطوعية إنسانية، تتصف بالحياد وعدم التحيز كما هو معلن عنها.
وقيل إن الخوذ البيضاء جماعة مدنية تطوعية تشكلت على خلفية الحاجة لمواجهة تداعيات الصراع المسلح، وضمت بين صفوفها فئات مختلفة من السوريين، عمالاً وحرفيين وطلبة ومهندسين وعاطلين عن العمل، وغيرهم ممن أخذوا على عاتقهم مهمة مساعدة الناس على نحو ما هي عليه مهمة فرق الدفاع المدني المعروفة في العالم.
وتم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام.
وفي عام 2016، كوفئت منظمة “الخوذ البيضاء” عبر نيل فيلم “ذي وايت هلمتس” الذي يتناول عملها المحفوف بالمخاطر في إنقاذ المدنيين من ضحايا النزاع في سوريا، بجائزة أوسكار لأفضل فيلم وثائقي قصير.
المنشأ المشبوه
غير أن هذه الصورة الطيبة التي يقدمها الإعلام الغربي تتنافى مع ما يراه الباحثون المستقلون أثناء جولاتهم في سوريا، ومع ما يراه ويعيشه سكان المناطق التي تتواجد فيها هذه الجماعة، ومنهم الصحفية فانيسا بيلي التي كشفت لـ”سبوتنيك” حقيقة جماعة “الخوذ البيضاء”.
وتنظر الصحفية إلى منظمة “الخوذ البيضاء” على أنها جماعة تدعم الأطماع الاستعمارية للدول الغربية وتؤيد نشاطات المجموعات المتطرفة في سوريا.
وليس هذا فقط، بل جمعت فانيسا المعلومات الموثقة التي تلقي الضوء على دور “الخوذ البيضاء” في الحرب الإرهابية ضد الحكومة السورية.
وتقول فانيسا إنه يمكن لمن يقضي ساعات معدودة في حلب الشرقية أن يعثر على كمية هائلة من الدلائل على أن منظمة “الخوذ البيضاء” تمارس العنف أو تتغاضى عن عنف الآخرين واستخدامهم للمدنيين كدروع بشرية. ويقدم “الخوذ البيضاء” دعماً لتنظيمي “القاعدة” و”داعش” من خلال توفير احتياجاتهما ورصد مسارات الطيران السوري والروسي.. إلخ.
وباتت فانيسا تنظر إلى منظمة “الخوذ البيضاء” نظرة الارتياب بعدما اكتشفت أن الجماعة تأسست في تركيا، وأسسها الخبير الأمني جيمس لي ميزوريه، وهو موظف سابق في مخابرات الجيش البرييطاني.
وعمل ميزوريه بعدما ترك الخدمة في الجيش لحساب منظمات تزاول النشاط المشبوه مثل جماعة المرتزقة “أوليف غروب”.
وقال ميزوريه لمجلة “مينز جورنال” في عام 2014 إن إنشاء منظمة “الخوذ البيضاء” تصادف مع وجوده في تركيا حيث قضى إجازته هناك، ورأى لزاماً عليه أن يساعد المدنيين في سوريا بعدما استمتع إلى اللاجئين القادمين منها الذين حكوا عن الدمار الذي أصاب بلادهم.
وتقول فانيسا إنها تعتقد بأن العكس هو الصحيح، فوجود ميزوريه في تركيا وقتما أنشئت منظمة “الخوذ البيضاء” لم يكن هكذا بالصدفة. وتم ذلك حين بدأت جهود إسقاط “نظام الأسد” تتعثر.
والأكثر إثارة للاهتمام أن ميزوريه لم يواجه صعوبة في الحصول على الدعم المالي من الدول الأجنبية. وحصل ميزوريه في بادئ الأمر على مبلغ يقارب 300000 دولار من عدد من الدول منها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ثم ارتفع حسابه إلى 100 مليون دولار حين بدأ يتلقى الدعم من المنظمات غير الحكومية. وحصل ميزوريه من هولندا على 4.5 مليون دولار ومن ألمانيا على 4.5 مليون دولار ومن الدانمارك على 3.2 مليون دولار. ووصلت المعدات وتجهيزات أخرى من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وحصلت الجماعة على ما يزيد على 150 مليون دولار أمريكي قبل فبراير/شباط 2018.
ماذا انكشف
وتبين من تحليل مقاطع الفيديو المسجلة عن نشاطات “الخوذ البيضاء” أنهم لم ينقذوا المدنيين في سوريا بل على العكس قاموا باتخاذ الإجراءات التي تودي بحياة الإنسان.
وكشفت منظمة “أطباء سويديون لحقوق الإنسان” أن من يسمون أنفسهم منقذين وطوعيين لم ينقذوا الأطفال السوريين بل على العكس قاموا بقتلهم. وبعد التدقيق بالمقاطع المسجلة التي تظهر معاناة أطفال سوريين نتيجة “هجوم كيميائي” مفترض، توصل الخبراء السويديون إلى أن “المنقذين” يقومون بحقن الطفل بالأدرينالين في منطقة القلب بواسطة حقنة ذات إبرة طويلة، مع العلم أن الإسعاف الأولي لمصابي الهجوم الكيميائي لا يتم بهذه الطريقة. ولم يتم الضغط على مؤخرة الحقنة في مقطع الفيديو المسجل وهذا يعني أنهم لم يقوموا بحقن الطفل بالدواء.
على أي حال فإن ما أعلنه “الخوذ البيضاء” من أنهم أنقذوا أكثر من 90 ألف شخص موضع الشك لاسيما وإنهم والحكومات الغربية الداعمة لهم لم يقدموا أية وثائق ولم يعلنوا أسماء من تم “إنقاذهم”.
وتقول فانيسا إن “الخوذ البيضاء” يقدمون ما يجب أن يدل على أن القوات الحكومية تستخدم الأسلحة الكيميائية وتقترف غير ذلك من “الفظائع” التي يمكن اتخاذها ذريعة للتدخل في سوريا. ويتبين في وقت لاحق أن “أعمال” القوات الحكومية مزيفة أو تعملها قوات المعارضة. وإضافة إلى ذلك لا تُظهر مقاطع الفيديو التي يعرضونها القتال الحقيقي بل تُظهر “آثاره” التي تلتقطها عدسات أعداد غفيرة من المصورين.
وتشير فانيسا إلى أن الفيلم الوثائقي الذي نال جائزة اوسكار قام بتصويره عناصر الجماعة بواسطة ما وُضع تحت تصرفهم من معدات تقنية راقية لا يشغّلها إلا من تلقى التدريبات المناسبة.
وليس هذا فقط، بل عرضت الجماعة في أحيان كثيرة مقاطع الفديو والصور المزيفة عن عملياتها “الإنقاذية”.
ويخدم عمل “الخوذ البيضاء” غرضا آخر يتمثل في تمويه فظائع المتطرفين المتعاونين مع الجماعة والتستر على ما يعملونه على أرض الواقع.
وقامت فانيسا وغيرها من الباحثين المستقلين بتسجيل وتدوين وقائع التعاون الوثيق بين منظمة “الخوذ البيضاء” وتنظيمات التطرف مثل “جبهة النصرة” و”حركة نور الدين الزنكي” في حلب الشرقية وأماكن أخرى.
وحاورت فانيسا الكثيرين من السوريين الذين قالوا لها إن “المراكز الإنسانية” التابعة لمنظمة “الخوذ البيضاء” تقع دائما قرب قواعد “النصرة” وإن الذين يتلقون العلاج في مستشفياتهم معظمهم عسكريون وليسوا مدنيين. واستخدمت الجماعة أحيانا نفس المباني التي تتواجد فيها “النصرة” وتنظيمات الإرهاب الأخرى.
وتقول فانيسا: “ذهبت إلى حلب الشرقية في ديسمبر/كانون الأول 2016 حين حررها الجيش العربي السوري من الإرهابيين. ونفى منتسبو الهلال الأحمر العربي السوري الذين تحدثت لهم أن يكونوا رأوا الخوذ البيضاء هناك في حين قال المدنيون الذين حاورتهم إنهم لا يعرفون من هم الخوذ البيضاء، وإن الجماعة الوحيدة للدفاع المدني التي سمعوا عنها هي جماعة الدفاع المدني التابعة لجبهة النصرة. وقال بعضهم إنهم رأوا كيف يسرق أعضاء هذه الجماعة جثث الموتى”.
فضح انحيازهم
ولا غرابة أن منظمة “الخوذ البيضاء” على اتصال وثيق مع تنظيمات من هذا النوع مع العلم أن الجماعة تتواجد في المناطق السورية التي تحتلها تنظيمات الإرهاب.
وبالإضافة إلى المساعدة الطبية التي تقدمها الجماعة إلى تنظيمات من هذا النوع توجد المعلومات الموثقة عن تعاون “الخوذ البيضاء” مع تلك التنظيمات في المسائل الأكثر خطورة. وترى فانيسا مبررا للاشتباه بأنهم تلقوا التدريبات العسكرية من مؤسس منظمتهم ميزوريه.
وعلى سبيل المثال يُظهر مقطع الفيديو الذي التقط أثناء قيام النصرة بشن الهجمة الشعواء في شهر مارس/آذار 2015، “الخوذ البيضاء” يعتدون على المدنيين بالضرب بالتنسيق مع عناصر النصرة. ويُظهر مقطع الفيديو الآخر “الخوذ البيضاء” يحتفلون مع عناصر جبهة النصرة بـ”الانتصار” في الساحة الرئيسية لمدينة إدلب.
وهناك مقاطع فيديو تسلط الضوء على مشاركة “الخوذ البيضاء” في تنفيذ حكم الإعدام على ضحايا الجهاديين والتي ينشرها أعضاء منظمة “الخوذ البيضاء” بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وثمة صور ومقاطع فيديو كثيرة تُظهر عناصر منظمة “الخوذ البيضاء” يحملون السلاح أو يقفون وسط المجموعات المسلحة.
ويُظهر أحد مقاطع الفيديو الذي التُقِط في محافظة درعا في يونيو/حزيران 2017، سير أحد عناصر منظمة “الخوذ البيضاء” على الجثث الممزقة لجنود الجيش السوري الموضوعة في صندوق سيارة الشحن.
ويُظهر نفس الفيديو المسلحين الموجودين قرب السيارة يلوّحون بالرأس المقطوع. ولا يربك هذا المشهد عنصر منظمة “الخوذ البيضاء” الذي ينتشل العلم السوري من تحت الجثث ويرميه على الأرض.
وأعلن “الخوذ البيضاء” تنصّلهم من تلك الوقيعة زاعمين أنهم طردوا المتطوع “الوقح”.
ولم تعبر المصادر الرسمية والإعلامية الغربية عن استنكارها لتلك الوقيعة غير الجائزة لمن ينسبون أنفسهم إلى فريق الدفاع المدني.
وتشير فانيسا إلى وجود فريق الدفاع المدني الحقيقي في سوريا والذي أنشئ في عام 1953.
وعمل الفريق في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة ويحتلها المتمردون على نحو سواء حتى عام 2016 عندما اضطر إلى مغادرة المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة حفاظا على سلامة أفراده الذين هددهم المتطرفون أثناء قيامهم بأعمال الإنقاذ.
واستمر الفريق في مطلع عام 2018 في تقديم المساعدة والدعم لـ80 في المائة من سكان سوريا.
والتقت فانيسا أثناء وجودها في سوريا بأعضاء الفريق في حلب واللاذقية وطرطوس ودمشق. وكشفوا لها أن عناصر جبهة النصرة وتنظيمات التطرف الأخرى اغتالوا زملاءهم بوحشية في حلب الشرقية والرقة ودير الزور وإدلب، واستحوذوا على معداتهم بما فيها سيارات المطافئ والإسعاف الأولي. وانضم الكثيرون منهم إلى جماعة “الخوذ البيضاء”.
وكشف المتطوع الإنساني بيير لي كورف في فيلمه الذي تم تصويره في معقل “الخوذ البيضاء” في حلب بعدما غادرها “الخوذ البيضاء” مستقلين سيارات الأوتوبيس مع عناصر “النصرة” وعناصر تنظيمات مسلحة أخرى الذين هربوا من المنطقة في ديسمبر/كانون الأول 2016 مستفيدين من اتفاق العفو والهدنة التي أعلنتها الحكومة السورية موفرة لهم المخرج الآمن إلى إدلب، كشف العلاقة غير المنفصمة بين المجموعات المسلحة ومنظمة “الخوذ البيضاء”.
ويظهر في فيلم المتطوع الفرنسي مبنى المدرسة السابقة الذي احتله “النصرة” و”الخوذ البيضاء” وحوّلوه إلى قاعدة عملياتية تضم المركز العسكري والمحكمة “الشرعية” والسجن وغرف تنفيذ أحكامها ومستودعات الذخيرة. وزُيِّن القسم من المبنى الذي احتله “الخوذ البيضاء” بالرسوم والأعلام التي تؤكد ولاءهم لمجموعات إرهابية.
صور مزيفة
ومن سخرية القدر أن رئيس منظمة “الخوذ البيضاء” رائد صالح مُنع في أبريل/نيسان 2016 من الدخول إلى الولايات المتحدة وتم ترحيله من مطار واشنطن.
وعندما سئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونر عن تلك الحادثة تعذر عليه أن يرد مؤكدا بذلك أن الولايات المتحدة زودت الجماعة بـ23 مليون دولار على أقل تقدير على الرغم من الاشتباه بأن لصالح صلة مع المتطرفين.
وبينما يستمر الغرب في توفير الدعم المالي لـ”الخوذ البيضاء” ويظل يسبح بحمدهم، ترتسم ملامح الانهيار الذي يطال أطراف واجهة الجماعة.
وإضافة إلى ذلك تكشف التحقيقات التي يجريها الصحفيون الجريئون أمثال فانيسيا بيلي أن الجماعة وليدة الدول الغربية التي سعت إلى تغيير نظام الحكم في سوريا.
وتختم فانيسا حديثها قائلة: يزوّد “الخوذ البيضاء” الدول ووسائل الإعلام المانحة بصور “الكارثة الإنسانية” و”جرائم الحرب”. ويقبل المانحون ما يقدمه لهم “الخوذ البيضاء”، ويستمرون في توفير التمويل للجماعة من أجل تحقيق هدفهم بإقامة مناطق حظر الطيران في سوريا لكي تتقلص مساحة الدولة السورية وتصبح دولة فاشلة.
فنيسا بيلي — صحفية مستقلة
التعليقات مغلقة.