في الذكرى الثالثة لرحيل المناضل والقائد الشيوعي الأردني العربي والأممي الرفيق الدكتور يعقوب زيادين
الراحل الكبير الرفيق يعقوب زيادين
الإثنين 9/4/2018 م …
الأردن العربي –
- من المدير العام لموقع ” الأردن العربي ” / عاطف الكيلاني
قبل ثلاثة أعوام من الآن رحل عنا المناضل القائد المرحوم يعقوب زيادين ، ووفاء مني شخصيا ، ومن موقع ” الأردن العربي ” لهذا القائد الشيوعي ولكل ما كان يمثله من فكر تقدميّ ومن التزام بالثوابت الوطنية والقومية والأممية ، بالإضافة إلى انحيازه المطلق لخندق الفقراء والمهمشين وقضاياهم ، رأيت وأسرة التحرير أن ننشر الثلاث مقالات التالية عن الرفيق الكبير .
المادة الأولى كتبها حفيده قيس ( النائب في البرلمان الأردني ) ،
والثانية لأحد رفاق الفقيد الرفيق العميد ناجي الزعبي.
أما الثالثة ، فهي للرفيق الكادر الشيوعي الرفيق احمد جرادات.
***************************************************
** المادة الأولى ** / قيس زيادين
قيس زيادين
في الذكرى السنوية الثالثة لرحيل جدي الدكتور يعقوب زيادين”
ثلاث سنوات يا جدي حصل فيها الكثير، تمنيت حديثا معك ، تمنيت نصيحة هنا او توبيخا هناك، تمنيت ابتسامة صلبة تطمئنني او نظرة دقيقة تسعفني.
ثلاث سنوات مرت يأيامها و لياليها ، يومها ودعت جزءا من قلبي، ودعت معلمي و سندي، ودعت انسانا جبارا، مناضلا صلبا، رجلاً في زمن كثرت فيه الذكور و قلّت الرجال.
افتقدك كثيرا، افتقد رفقتك، افتقد احاديثنا الطويلة، افتقد صلابتك و عنفوانك، افتقد مسكة يدك ليدي، التي كانت صلبة مؤلمة حتى في اخر ايامك.
فارقت الحياة و الابتسامة على محياك، مبتسما تحلم بغد اجمل، غد يوحدنا ، غد تعود بها فلسطين الى حضنها العربي. اغمضت عيناك عالما ان الطريق ما زال طويل لكنه غير مستحيل.
فانت من علمني ان الطائفية و الاقليمية و الجهوية و العنصرية لا تبني اوطانا بل تدمرها.
وانت من علمني ان العمل و الكفاح هو من ياتي بالنتائج لا الكلام و الشعارات الرنانة.
وانت من علمني ان العمل عبادة و الكفاح مسؤولية و ان حب الاردن و العمل من اجل مستقبلٍ مشرق واجبٌ مقدس.
قلت لي في اخر ايامك ان الوطنية ليست حكرا على احد، و ان المرحلة مختلفة و المتطلبات مختلفة، قلت لي ان ابقى على الثوابت الوطنية و ان لا اختبىء خلف الشعارات ، فالمرحلة القادمة تتطلب مد اليد و العمل مع حلفائنا السياسين و حتى مع خصومنا السياسين ان تطلبت مصلحة الوطن، لان الوطن اكبر منا جميعا، فالانجاز هو المعيار الاهم .
يا جدي، اصحاب المبادىء لا يموتون ، ستبقى حيَّا فينا نحن جميعا ، ستبقى جزءاً من تاريخ الاردن المشرف و ابرز رجالاته ، و ستبقى جرأَتك و صلابتك عنوانا للنضال و للحرية.
اعدك باني ساروي لاولادي و احفادي، قصصا عن قائدٍ بطل احب الاردن، لم يساوم، لم يهادن، ساكلمهم عن شجاعتك ، ساقول لهم ان الحياة عبارة عن وقفة عز، ساقول لهم انك ودعت هذه الحياة واقفا كالاشجار، لم تنحني يوما. اعدك ان اقرا لهم البدايات و اعلمهم انها ليست النهايات.
نم قرير العين ، سنواصل المسيرة ، مسيرة العدالة و تكافؤ الفرص مسيرة فقراء و كادحي هذا الوطن مسيرة حريات ابناء الوطن . وعدتك بأن ابقى على ارض هذا الوطن و اعمل بما هو متاح لي ، فالاردن هو الاب و الام هو الحضن هو الوطن.
يا جدي، يبكيك قلب ينبض في الكرك و عينا احبت عمان و يدا قاومت في القدس و روحا عاشت في نهر .
الاردن تروي الضفتين نضالا.
نم قرير العين يا جدي، و صديقي و معلمي، يا سنديانة الاردن الحمراء.
نم قرير العين يا ابن الكرك و ابن القدس في انٍ واحد،
وداعاً يعقوباً،
وداعاً يعقوباً،
لك الرحمة و لروحك الطاهرة الف سلام ،،
حفيدك قيس زيادين
*********************************************
العميد ناجي الزعبي
** المادة الثانية ** / العميد ناجي الزعبي
الساعة الواحدة ظهر اليوم الاحد ٥/٤ / ٢٠١٥
غادرت روح رفيقنا الكبير المناضل الشيوعي د يعقوب زيادين .
وحوالي الساعة الواحدة والنصف ظهراً كان منزله المتواضع يعج بالرفاق الذين توافدوا اثر سماعهم النبأ المؤلم , وكنت من ضمن الرفاق .
وحين توجهنا للرفيقة ام خليل رفيقة عمره ودربه لنقوم بواجب العزاء, بدت متماسكة وذات بصيرة ثورية مثيرة للاعجاب والدهشة برغم حجم الفاجعة وهول الصدمة ..
كان حضور الرفيقة ام خليل التي فقدت رفيق عمرها بعد ما يناهز ال ٧٠ عاما او اكثر من علاقتهما الرفاقية والانسانية يكاد يكون خارقاً، فالحدث يكاد ان يفقد البعض صوابهم فكيف زوجته ورفيقته !!
قلت للرفيقة التي كانت جديرة بان تكون رفيقة درب قائدنا :
لقد كنت جديرة بمكانتك
وان غادر رفيقنا فنحن بانتظار ان تشدي من ازرنا كما كان ابا خليل يفعل
لملمي حزننا وفجيعتنا .
نظرت الي مليا وبتماسك وحضور قل نظيره قالت :
غادر القائد وهو مسكون بالهم العام وبهموم شعبنا , منحاز للفراء والمعذبين واالمضطهدين .
لا عليكم ايها الرفاق امضوا واتموا مسيرته .
صمتُّ قليلا ,,, ثم سالتها :
ماالذي كان يشغل بال قائدنا الكبير قبل رحيله ؟
قالت رفيقتنا رفيقة درب القائد : لقد كان يسأل عن ثورة الفقراء اليمنيين ، وكان يطمئن عما يجري في سورية .
.كان مسكوناً بالهم العام ، وكان واثقاً من النصر .
صمتت فلم تسعفني اللحظة لان اكون بحجم قامة الراحل ورفيقته الواثقة الممتلئة يقينا وبصيرة وانصرفت .
في اخر لقاء لنا معا”
ربت على كتفي وقال ، وفي عينيه عتاب رقيق ونظراته العذبة تطوقني
لم لا تزورني ؟
مضى امد بعيد لم ارك به ، لا تطل الغيبة
قلت : تامر رفيق انا مقصر اعتذر
شد اذني بدعابته وحنوه ودفئه المعتاد وقال :
انا لا اريد اعتذار ، اتمنى ان اراك قريبا .
غادر رفيقي ، رفيقنا ، ولم اف بالوعد
لم نلتقي
.يعقوب زيادين لم تمت ولن تموت وان غادرت روحك وان غاب جسدك فعذوبتك ونهجك ساكن فينا .
*************************************
احمد جرادات
** المادة الثالثة ** / احمد جرادات
في الذكرى الثالثة لرحيل المناضل الوطني والأممي البارز يعقوب زيادين:
ليست مرثية: مَن يرثي مَن؟
أبا خليل،
لستُ أحاول هنا أن أرثيك، فمَن يرثي مَن؟ ومَن فينا الأحوجُ إلى الرثاء، أنت أم نحن؟ بل أحاول أن أقول فيك بعض الكلام الذي أرجو أن يليق بك ويجدر، وأحدِّثك بلغة القلب الخضراء، لا بلغة السياسة العجفاء.
فقد عشتَ رافع الهامة كما اخترتَ، ورحلتَ كما شئتَ ومتى شئتَ واقفاً كسنديانة، أليس هذا لقبُك أيها الكبير المتواضع، الذي لم تتضخم ذاته يوماً، فلم تتدحرج كرةَ نار أو ثلج إلى قاع المصير البائس لعشاق الذات؟ لم تعرفْ الكراهية والحقد، ولا حتى ما درجْنا على تسميته بالحقد المقدس، ولذا فقد تصالحتَ مع نفسك، فصفا ضميرك وهدأتْ روحك وفاضت، لحظة فاضت، مثل نسمة بلا ألم. آمنتَ بالحتمية التاريخية عندما هرولَ كثيرون نحو إعلان البراءة منها. وحين ساد دين الليبرالية وأيقونتها “نهاية التاريخ”، ظللتَ ترى بثفة نهاية الرأسمالية المتوحشة وأزمتِها البنيوية حفارةِ قبرها.
بيد أنك حين رأيتَ بأم عينك كيف يعربد في أرضنا وعلى أجسادنا أمراء الزيت والقتل والطوائف لعصر ما قبل الدولة… كيف يأمر المايسترو الأعلى بتوحيد فتاوى التكفير ووصفات السوق الحر في مجلد واحد ودمج كتائب الليبراليين الجدد والوهابيين الجدد في فيلق واحد، فيُطاع… كيف يستقدم العرب أعداء أمتهم ويستعينون بهم لتدمير بلدانهم وتقسيمها قطع أراضٍ مفروزة مبتهجين بصداقة المستعمرين والمحتلين، مهلِّلين ومكبِّرين لخوض حروبهم بالوكالة…كيف تُنظَّم مهرجانات الذبح و”سيركات” الحرق والسبي على شاشات الفضاء، ويكون “النصر بالرعب” و”إدارة التوحش” الطبعة الوهابية “للصدمة والرعب” و”الفوضى البناءة”… كيف تتحول سبأٌ العظيمة إلى خرابة وتُتَّخذ بلقيسُ الجمال والرقيِّ رَكوبةً لبعير، ويمتزج صبا بردى ودمع أمير الشعراء بدم التلاميذ الطازج ورائحة لحمهم المشويِّ… وكيف تُمحى منجزات التاريخ الإنسانيِّ العريق الذي شهدَ إبداعَ الحروف والقوانين والفنون منذ فجر البشرية، احتفاءً بالعودة إلى التاريخ الصفر، التاريخ الدارس والحضارة الدارسة…
عندئذٍ أبيتَ يا أبا خليل أن تكون شاهداً متفرجاً على هكذا عصر، فغادرتَنا بهدوء!
ودَّعناكَ واستودعناكَ صدراً حانياً في التراب الذي أنْبتك، بين سنابل شعير “السماكية” بجوارِ وفي حراسة جبل شيحان الذي لا يغفل أبداً، وتطلُّ عليك من الأفق الغربي عين جبل المكبِّر التي لا تنام. وغداً سيمرُّ بمرقدك القاصدون والعابرون ليقرئوك السلام، وسيقرأون على شاهد قبرك النديِّ: هنا يغفو يعقوب زيادين: مناضلاً كان.. شجاعاً كان.. كانَ وكان وكان.. لكن الأهم من هذا وذاك أنه: إنساناً كان، فلا توقظوه.
أحمد جرادات
نيسان/أبريل 2015
التعليقات مغلقة.