الشعوذة الفكرية / هاشم نايل المجالي
هاشم نايل المجالي ( الأردن ) الثلاثاء 10/4/2018 م …
عند غياب المنهج الفكري العقلاني والرادع الخلقي ، والتوق لبعض الشخصيات للتربع على عرش الشهرة الجماهيرية ، راج سوق البعثرة الفكرية والجدل اللغوي بداعي المعلومة التي لا تستند الى البينات ، من أجل اعلاء الكعب على منبر الجمهور بدون مراعاة لضوابط الاخلاق لتصبح القيم والمباديء الاخلاقية تنعى نفسها ، فهناك من المواطنين من يقع فريسة لهؤلاء المتسلطين ويصبح الفكر المنطقي والاخلاقي كالطائر يغرد ويطير حيثما يشاء ويحط على اي غصن اراد واصبح التشهير بالوطن فريسة لاشخاص يقيمون خارج الوطن يمارسون الشعوذة الفكرية في خلق قصص ما أنزل بها من سلطان فتعددت الوانهم وانغامهم والحانهم في جدل مشاغبي وصار همهم الفتنة ونخر الفكر الوطني لدى المواطنين خاصة الشباب ، فمنهم من هو غير محصن ويصبح اكثر رواجاً ومقبلوية لهؤلاء الاشخاص ولا يخفي على احد ارتباط تلك الشخصيات بتنظيمات تسعى للنيل من امن واستقرار هذا الوطن ، ولقد آن الاوان لتحديد ما ينبغي من كل مواطن بمقتضى وفائه ووعيه واخلاصه لوطنه ومجتمعه وكرامة فكره وعقله ان ينحي ويقطع دابر كل ما هو مسيء لهذا الوطن وقيادته ، لدرء اي صدع او نخر يسعون الى تحقيقه في النسيج الاجتماعي والخلقي ، واعادة بناء ما هدمته تلك الشعوذات عند بعض المواطنين بتهذيب النفس وصقل الوعي وتوجيه المواطن نحو بناء انسانيته وحسه الوطني لمواجهة الازمات والمخاطر والمزالق التي تسعى اليها بعض الدول العدوانية باطنياً وظاهرياً اتجاه الوطن وفضح كافة ألاعيبهم والكشف عن الأغراض الدنيئة المسيئة التي يسعى اصحابها للترويج اليها لتحقيقها ولما لها من آثار سلبية وخطيرة .
وهذا يتطلب من الجميع الواعين والمدركين بالمخاطر المحدقة التكاتف يداً واحدة لمواجهة هذه الهجمة الفكرية المشعوذة ، ولن يجد المواطن رغم كل الصعوبات والازمات والباحث عن الامن والاستقرار في جميع شؤونه واحواله إلا عقد العزم على السير وفق المنهج للعقل الرصين ، وليميز بين الحقيقة والزيف واعاقة نشاط النفوس المريضة والعقول المطموسة عن المضي قدماً في هدم الانتماء وزرع الفساد في الفكر والعمل في هذا الوطن .
واذا اردنا السير قدماً بالاصلاح الحقيقي فعلينا استبعاد كل الموانع التي اعاقت سلوك طريق العقل في تحقيق التنمية المستدامة في جميع مناطق المملكة ، حتى يستعيد المواطن انسانيته وعافيته حاضراً ومستقبلاً ، وذلك بضوابط الدليل العملي والميداني ، فصناعة المنطق الاعلامي للمسؤول لا يصلح ان يكون مرجعاً ان لم يكن مقروناً بالحقائق الميدانية للانجازات ، والتي هي صناعة البرهان حيث يكون القول مقروناً بالفعل .
وكلنا يعلم ان فقدان المنهجية العقلية المقرونة بعصمة الدليل هي اولى الآفات التي عصفت بفكر المواطن ، حيث كانت غالبية الاستراتيجيات نظرية غير مقرونة بالعمل والعطاء والانتاج وكانت الزيارات الميدانية للمسؤولين من الحكومات المتعاقبة نظرية اكثر منها عملية .
كذلك فشلت غالبية الصناديق التنموية عن تحقيق الاهداف التي نصبو اليها ، وكان ضعف اداء مجالس المسؤولية الاجتماعية للشركات لتنمية المناطق الاقل حظاً سبباً لعزوف الكثيرين عن تقديم اي دعم هناك ، وتمادي شخصيات الفساد في ابراز مظاهر البرجزة والتفاخر بالمال عنوان للحراكات في كل مكان والتي كانت بمثابة صناعة البرهان لدى المتصدين لهم بضوابط الاثبات واليقين وليسخرها البعض الاخر لتحقيق مآربه وخوض حروبه الاعلامية ضد الوطن ، وهؤلاء الفاسدون بسبب الخلل الاخلاقي والنفسي لديهم سببوا ازمات لا احد يستطيع ان يتحكم بنتائجها ، لانهم لم يراعوا الضوابط التي يستدعيها طريق العقلانية فهم تمردوا على الوطنية وتلون فكرهم وتلوث بمالهم الفاسد الذي يعتزون ويعتدون به والكل يعلم كيفية الآلية التي حصلوا عليه .
وترى الفاسدين متبارين بمناسباتهم كل ينشد قدراته وامكانياته المالية ونفوذه ولا يعلمون انهم يسعون لهدم قيم الانتماء لدى الكثيرين من المواطنين المتصدين لذلك فالتفكير الموضوعي يستدعي من كل شخص ان يتعالى على كل الدوافع النفسية التي من شأنها الاخلال بالامن والاستقرار واستفزاز المواطن خاصة الغلبان منهم ، والشباب العاطل عن العمل الباحث عن لقمة عيشه واثبات وجوده حتى لا تنطمس معالم الطريق وكأننا في صحراء الجاهلية لا بل علينا ان نبقى الرايات مرفوعة فوق رؤوس كل من تسول نفسه العبث بأمن واستقرار الوطن .
المهندس هاشم نايل المجالي
التعليقات مغلقة.