خطأ عقد المجلس الوطني دون توافق / د. فايز رشيد
”دورة المجلس المنوي عقدها, دورة يتم عقدها دون توافق وطني فلسطيني, حتى مع تلك المنضوية في إطار منظمة التحرير! وأن عقد الدورة الجديدة للمجلس الوطني يأتي في ظل واقع فلسطيني قاسٍ ومؤلم وحزين, وفي أسوأ حالاته انسداد الآفاق بشكل كامل أمام الشعب الفلسطيني من خلال تعنت العدو ورفضه للحقوق الوطنية الفلسطينية.”ستنعقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني في رام الله, في 30 نيسان/ أبريل الحالي, وسط مقاطعة فصيل رئيسي من فصائل منظمة التحرير وهو الجبهة الشعبية, ودون اتفاق مع حركتي فتح وحماس, وهو ما سيعمق الانقسام الفلسطيني في طريق اللارجعة, في وقت أحوج ما كون فيه الفلسطينيون إلى الوحدة الوطنية على ضوء الحقائق الرئيسية الآتية: الأولى, الوقائع الإسرائيلية على الأرض, والتي تنسف بالكامل أية إمكانية ولو صغيرة لقيام دولة فلسطينية, عدا عن الرفض الإسرائيلي المطلق لقيامها. الثانية, انتفاضة العودة التي يمارسها الشعب الفلسطيني ضد المحتلين الصهاينة أسبوعيا, والشهداء الكثر وعدد الإصابات الكبير, التي يكابدها شعبنا أسبوعيا على أيدي الفاشية الصهيونية. ثالثا, وصول المفاوضات مع العدو إلى طريق مسدود, الأمرالذي يقتضي مشاركة كل الفصائل الفلسطينية في مراجعة وطنية شاملة تكون على رأس جدول أعمال المجلس الوطني الفلسطيني, وبخاصة بعد القرار الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.
رابعا, أن دورة المجلس ستعقد في الأرض المحتلة, أي تحت حراب الاحتلال الصهيوني, وهو ما سيؤثر على قرارات الدورة سلبا من جهة, ومن جهة أخرى عدم حضور ما يزيد عن 65% من أعضاء المجلس في الخارج, بسبب الإمكانية الفعلية لاعتقال غالبيتهم من دولة الكيان الصهيوني. ولقد سأل كاتب هذه السطور من استفسر منه من لجنة المجلس عن حضوره أم عدمه؟ سأله هل من ضمانات بعدم اعتقال إسرائيل له؟ أجاب المعني, كلا! ثم ذكّره السائل, بأن تنظيمه لن يشارك في هذه الدورة (مثَل أضربه وينطبق على كثيرين مثلي). خامسا, جرت العادة أن تسبق كلّ دورة مجلس وطني بتشكيل لجنة تحضيرية من كافة الفصائل الفلسطينية وبعض الشخصيات الوطنية. وبالفعل في عام 2017 تشكلت لجنة تحضيرية, عقدت اجتماعها في بيروت, وحضرته كل الفصائل, بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي, بحثت مسألة العضوية, وأصدرت عدة قرارات منها, مواصلة الاجتماعات, وعقد الدورة الجديدة (القادمة في نيسان الحالي) في الخارج, لكن رغم الاتفاق, لم تعقد اللجنة التحضيرية اجتماعا ثانيا لها, وها هي الدورة ستنعقد في رام الله! الأمر الذي يعني: مخالفة صريحة لما جرى الاتفاق عليه.
في الإجابة عن مسألة توفرّ النصاب اللازم لعقد المجلس في ظلّ غياب الأغلبية من الأعضاء, أجاب مسؤول فلسطيني معني, بأنه سيتم تكملة النصاب بالأعضاء الجدد الذين سيتم تعيينهم من قبل حركة فتح, أي أن الأعضاء الجدد لا دخل للتنظيمات الفلسطينية بهم, الأمر الذي يعني مزيدا من التفرد الفئوي في تشكيل المجلس, ونحن في الساحة الفلسطينية بحاجة إلى وحدة وطنية فلسطينية حقيقية, وبخاصة في هذه المرحلة الحرجة من النضال الوطني الفلسطيني, التي تحتاج إلى تضافر كل الجهود الوطنية للرد على الوقائع التي يفرضها الكيان الصني على أرضنا الفلسطينية. دورة المجلس المنوي عقدها, دورة يتم عقدها دون توافق وطني فلسطيني, حتى مع تلك المنضوية في إطار منظمة التحرير! وأن عقد الدورة الجديدة للمجلس الوطني يأتي في ظل واقع فلسطيني قاسٍ ومؤلم وحزين, وفي أسوأ حالاته انسداد الآفاق بشكل كامل أمام الشعب الفلسطيني من خلال تعنت العدو ورفضه للحقوق الوطنية الفلسطينية, كما نهج التفاوض ثم التفاوض ثم التفاوض (ولا شيء غيره!) الذي اختارته قيادة السلطة, كنهج استراتيجي لها في التعامل مع الصراع مع العدو, وتداعياته في فتح شهية العدو الصهيوني للمزيد من التنازلات الفلسطينية, ومن خلال (على ما يبدو) أنه طلاق نهائي بين رام الله وغزة.
يدرك الرئيس عباس تماما: أن عقد مجلس وطني دون التشاور مع فصائل منظمة التحرير وعلى رأسها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, التنظيم الثاني في الساحة الفلسطينية من فصائل منظمة التحرير, والتي ناضلت ضد اتفاقيات أوسلو وتداعياتها, والتي طالبت في كل ما صدر عنها, بإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير ولمؤسساتها كافة, وهي التي أول من رأى خطأ التصور من قبل من وقعوا أوسلو: بأن السلطة الفلسطينية في عرف قادتها, هي البديل للمنظمة, ثم, لماذا يقتصر الحضور على قيادة فتح فقط, لماذا لا تحضر أيضا ليس كل قيادات التنظيمات الأخرى؟ وكانت ستحضر لو جرى التوافق وتم عقد الدورة في الخارج.
سادسا: وهذه النقطة مرتبطة بالسابقة وفحواها: لا يجوز ضرب دستور المجلس الوطني, ولا تعليق قوانين حضوره على الرف! فمن الخطأ والخطر التصور بأن المجلس في تقديره لظروف الانعقاد! من المُفترض أن ينعقد مرة كل 4 سنوات! فلماذا لم يُحترم هذا الأمر!؟ ولم يجر تنفيذ قرارت المجلس المركزي في دورته الأخيرة! المؤكد: أن هناك خطوة سياسية جديدة, ربما تكون أحد المسامير في نعش المشروع الوطني الفلسطيني … الذي لن يموت بالتأكيد, وسيظل الشعب الفلسطيني يحمله نبراسا, وشعلة مضيئة في ظلام الليل الحالك الحالي! لم يُقدّم شعبنا شهداءه وكل تضحياته, على مدى قرن زمني وما يزيد… من أجل حق منقوص! لن نقبل إلا بحقوقنا في أرضنا من النهر إلى البحر… يوما ما, ستتم هزيمة المشروع الصهيوني, وسينكفئ كل المستوطنين الذين جلبهم من مختلف أنحاء العالم لاحتلال أرضنا! لا نقول شعرا… ولا نحلم … رغم أن الحُلم مشروع تماما! فالهدف الكبير يبدأ بحلم, وخطوة ثم خطوة ثم خطوة… ويتحقق.
التعليقات مغلقة.