باختصار: كلهم علينا! / زهير ماجد

زهير ماجد ( الخميس ) 12/4/2018 م …




واليوم أيضا هرعت صباحا إلى التلفاز، أتنقل بين المحطات الفضائية بحثا عن الجنون الأميركي المنتظر لسوريا. الجمل هي ذاتها، تهديد ووعيد، معظم أوروبا انضمت إلى الموقف الأميركي، لا بل إن سيدها الأميركي قادها منذ زمن بعيد وما زال يقودها، فهي لم تعد مستقلة القرار ولا السيادة .. كلمات الرئيس الفرنسي ماكرون منتقاة من أسلوب الرئيس الأميركي ترامب، وكذلك حال رئيسة وزراء بريطانيا ماي.
ما زال القلق قائما على دمشق .. أنطلق في حكمي من معرفتي لعقل الرئيس ترامب .. لعلنا رأيناه وهو يوقع على نقل السفارة الأميركية إلى القدس وكيف كان متغطرسا ومستعجلا .
لم ينتهِ الاستعمار كما وصفوه في السابق، ما زال قائما في عقول من مارسوه وحتى أولئك من جاؤوا من إرثه فهم أكثر استعمارا. لا أوروبا اعتذرت عن ماضيها تجاه العرب وتحديدا بريطانيا تجاه فلسطين، ولا تركيا التي سجن العثمانيون الأمة كلها في بوتقة التراجع والتخلف.
ما زالوا يتعاملون معنا كأسياد يديرون عبيدا، بل ما زالوا يقرأون فينا التخلف وحاجتنا الماسة إليهم، وكيف تشرئب أعناقنا إعجابا كلما أراد منا السفر إلى بلادهم. سمعت حوارا بين لبناني يسعى بكل قواه للسفر إلى أميركا وهو يقول للبناني آخر ولد فيها إنه يطمح لرؤية الجنة، فرد عليه، إنها الجحيم.
لو أن كريستوف كولمبوس لم يفعلها ويكتشف تلك القارة، لربما تغيرت قوانين البقاء على الأرض. فيا لها من لعنة، الدول الفقيرة عليها أن تعيش قتيلة أو مرذولة .. فهل يجوز بربكم، أن يعيش كيان إسرائيلي في منطقة يبدو واضحا للعيان أن لا علاقة له إطلاقا حيث هو موجود، بل هو حشر حشرا على مساحة من أرض كانت وطنا لبشر من خلايا المنطقة ومن كيميائها، من أجل أهداف استعمارية.
فما أجمل بلادنا وروعتها، ما أنقى الصحاري التي تحويها، والجبال التي تعلو لتصل السماء، والوديان التي يهمس فيها الهواء الطيب الرطب. وما أعذب حتى مياه بحرنا فكيف أنهارنا .. كان أحد العرب الذين سكنوا باريس ما أن ينزل من الطائرة في أي بلد عربي إلا وتراه يمارس الشهيق والزفير بقوة، وحين سألته مرة، أجابني أن السماء في فرنسا تكاد تكون قريبة من الأرض فتشعرنا بالاختناق، أما هنا فمعادلة السماء والأرض لا مثيل لها في أي مكان.
وأعود إلى الجوقة الغربية التي تمارس تخويف العاصمة السورية بكل الجمل المصوبة إليها، بأن دمشق لا تخاف .. هي ملت تلك الخطابات على بشاعتها، بعد أن قررت منذ زمن إحجام أصحابها، ويوم هتفت لعبدالناصر كانت تمارس فعل التحدي، بل حين نطق السوريون بحب حافظ الأسد ومن بعد بالرئيس بشار، كانوا يكتبون شجاعتهم الأبدية.
لا أحد هنا، حيث ولد قابيل وهابيل، وولدت كل الديانات، وفيها قادة عظماء لعبوا أدوارا في تاريخ المنطقة، وفيها عقول كان لها الفضل في ما وصله العالم من تقدم، تخاف أو تهاب قدرها، وهي قد مشت إليه بشجاعة، منذ سبع سنوات ورأسها فوق كفها يتنقل من نصر إلى نصر وستحقق النصر النهائي لا محالة.. فلا الجنون الأميركي مؤرق، ولا أوروبا المسلوبة الإرادة مغرية، ولا بعض العرب يحظون بالاحترام .. دمشق هي الدنيا، بل هي وهبت هذا العالم أوكسيجينه بعدما صنعت له رئتيه.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.