ترامب يتصل بالأسد / فوزي بن يونس بن حديد
فوزي بن يونس بن حديد ( الجمعة ) 13/4/2018 م …
بقدر ما تحدّث عن ذكاء الصواريخ التي سيرسلها على سوريا ونبّه روسيا إليها، يظهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جليا أنه غبي من الطراز الرفيع، فهو يرسل تغريداته المتواصلة التي تهدد وتتوعد سوريا بضربة قاضية وقاسية، لكن متى وكيف؟ يبدو أن الرئيس الأمريكي يغرّد خارج السرب بهذه التغريدات التي لا تخلو من الحرب النفسية التي كان يشن مثلها على كوريا الشمالية، ولعلكم تتذكرون ما كان يقوله آنذاك من محو لكوريا الشمالية من الخريطة وغيرها من التصريحات المقلقة والمرعبة، ولكن هل يكون الأمر نفسه مع سوريا أم أن الأمر يختلف كثيرا أو قليلا؟ وهل ستترك روسيا والصين ترامب يفعل ما يشاء أم ستتصديان له بكل الوسائل كما فعلتا مع كوريا الشمالية؟ وهل للرئيس الأمريكي زر كبير آخر على مكتبه يوجهه نحو سوريا وزر آخر يوجهه نحو روسيا وزر ثالث سيوجهه إلى إيران أم أن أزراره كلها لا تعمل فيتعرى وينكشف أمره.
انقضى الوقت المحدّد الذي حدّده ترامب لضرب سوريا ولم يضرب سوريا إلى حد الآن، هل هو الخوف من روسيا أم هناك معارضة شديدة من البنتاجون لضرب سوريا؟ إن ترامب يريد أن يفعل كما فعل جورج بوش الابن مع العراق بدعوى امتلاك السلاح الكيماوي واستخدامه ضد المدنيين، ظن ترامب أنه يدافع عن المدنيين على لسان مندوبته في مجلس الأمن غير أنها وهو لا يدركان أن العالم كله يعلم أن المسرحية مكشوفة وأن ما يفعله ترامب هو نتيجة عقدة النقص التي يشعر بها ويتألم من أجلها بعد أن ظهر الرئيس الروسي يحمل كل ملامح القوة سواء في إدارته الداخلية أو الخارجية، بينما ظهر الرئيس الأمريكي وكأنه طرطور لا يعرف شيئا من السياسة.
ولكن ماذا لو فعلها، نعم لو فعلها وأقدم على هذه الخطوة الحمقاء، سيزداد ألمه لا شك، لأن القواعد الروسية والإيرانية وقواعد حزب الله ستتحرك صوب إسرائيل وستكون حربا شاملة، وستتخذ روسيا القرارات المناسبة لوقف الجموح الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة، فترامب لا يهمه بشار الأسد ولا الشعب السوري ولا أيا كان، الذي يهمه مصالحه الشخصية ومصالح إسرائيل في المنطقة، وكل ما يفيد الصهاينة سيقدم عليه، ولكن مستشاريه الذين يزداد اعتقادهم أن رئيسهم بدأ يدب الزهايمر إلى دماغه البسيط يدركون حجم المشكلة النفسية التي يعانيها الرئيس الأمريكي، وأنه يريد بهذه الترهات التي يرسلها للعالم أن يغطّي على جرائمه الإباحية وفساده المالي وضعف إدارته ويصرف نظر الإعلام الأمريكي والعالمي عنها.
افتعل الأمريكيون المشكلة بدعوى استخدام الغاز في دوما التي ستتحرّر بإذن الله تعالى من الإرهابيين الذين تدعمهم السعودية، وستكون دوما مثالا للانتصار على الإرهاب الأمريكي السعودي في حقيقة الأمر، لذلك نرى ابن سلمان يتحمس للفكرة ويدعمها ماديا وعسكريا وربما دخل في أتون حرب ثانية لا يعلم عواقبها إلا الله تعالى، يا لها من مغامرة جديدة فهل يفعلها ابن سلمان من أجل إسرائيل، ومن أجل أن يتحقق حلمه الوهمي وهو إخلاء الساحة من الإيرانيين، ألا يعلم أن سوريا اليوم باتت تعج بالإيرانيين والمقاومين الذين يتكاثرون لتبديد الرؤية الأمريكية الصهيونية في المنطقة.
هل فعلا ستقع حرب أم هناك من يحاول في الكواليس إخمادها قبل أن تقع، وماذا عن الجانب الأوروبي الذي يبدو منقسما تجاه القضية، وهل هناك اتصالات مباشرة مع النظام السوري، وهل سيفعل ترامب كما فعل مع زعيم كوريا الشمالية حين تغيّرت الظروف والأحوال وانقلبت رأسا على عقب؟ أم ان ترامب جاد هذه المرة وسيفعلها قبل تحديد مصير السفارة الأمريكية في القدس الشريف، الأحوال معقدة فعلا، لا تدري ولا ندري ما الذي سيحدث في الأيام القادمة التي بلغ فيها التوتر أشده والنزاع ذروته أم هي الحرب العالمية الثالثة على الأبواب، أم سيكون كل شيء على ما يرام وما هي إلا سحابة غمام أمطرت وذهبت، دع الأيام تفرز لنا الحقيقة.
التعليقات مغلقة.