بعيداً عن تعليق مندوب سوريا لدى الامم المتحدة بشار الجعفري على تصويت مندوب الكويت في مجلس الامن السفير منصور العتيبي ضد القرار الروسي ، فالمندوب السوري لم يقل شيئاً يخالف الحقيقة و ان موقف سوريا أبان الغزو العراقي الغاشم على الكويت كان اصيلاً و مبدئياً و نابعاً من رؤية قيادتها الراحل حافظ الأسد الذي استشعر ان ابتلاع الكويت من قبل الغازي صدام حسين ، تهديد لكل المنطقة ، و لم يكتف حافظ الأسد بموقف التأييد للكويت و حسب ، بل شاركت القوات السورية في حرب تحرير الكويت ، بغض النظر عن حجم و دور قواتهم ، لكن كانت مشاركة القوات السورية عملاً مؤثراً ، الامر الذي لا ينبغي ان ننساه نحن هنا في الكويت …
سوريا لم تتعرض لجرثومة او وباء ماسمي بالربيع العربي ،و تالياً لم تكن هناك انتفاضة او حركة او ثورة شعبية داخلية ضد النظام ، انما سوريا تعرضت الى مؤامرة رباعية او خماسية بهدف أسقاط النظام و تعيين نظام إسلامي من جماعات الاخوان ، تحت مسمى الديمقراطية ، لكن النظام في سوريا ادرك الحقيقة مبكراً ، لذا لم يترك فرصة للعصابات الغوغائية المدفوعة من الأطراف المتأمرة كي تحقق أهدافها ، فلقد ادخل المرتزقة و شذاذ الافاق و المغيبون و مدمنو المخدرات و حبوب الهلوسة و المخنثون الى سوريا تحت جناح انهم ثوار سوريون حتى وصلت أعداهم الى اكثر من ١٠٠ فصيل يتقاتل على الارض السورية ، لكنها لم تحقق اي انتصار حقيقي ، لكونهم لم يكونوا ثواراً حقيقيين و لا كانوا سوريين و انما مرتزقة دافعهم المال لا المبدأ ، لقد قضىت سبع سنوات على الحرب في سوريا ، و داخلة السنة الثامنة ، و قد تمتد لسنوات اخرى و لا هناك منتصرٌ او مهزوم …!!
لم تكن الكويت ضد النظام السوري ، و لا كانت من دعاة تغيير النظام ، و لا من الذين تامروا او شاركوا في المؤامرة القذرة على تدمير سوريا ، بل كانت من دعاة السلم و الحل السياسي ، لذلك اذا نأت الكويت عن الازمة السورية ، فذلك دليل على انها ليست مع الشرق او مع الغرب ، و انما مع السلام و حق الشعوب في اختياراتها …
احتلال الكويت مقعداً غير دائم في مجلس الامن ، لا يعني ان هذا التمثيل لئن كان شرفاً ، الا انه ليس حقاً خالصاً للكويت او حقاً خالصاً لمندوبها منصور العتيبي حتى يتمدد و يتربع على مقعده ، و يخطب و يصوت في جلسات المجلس على مزاجه ، او بما تملي عليه أفكاره او بما يتم الاتفاق عليه خلف الابواب ، انما وجود الكويت في مجلس الامن هو تمثيل لكل البلدان العربية ، بمعنى انه يمثل مجموعة الدول العربية بما فيها سوريا ، فهل وافقت الدول العربية على الضربة العدوانية الثلاثية على سوريا ، او هل تشاور منصور العتيبي مع مندوبي الدول العربية لدى الامم المتحدة كي يستشف ارائهم ، ام انفرد بالتصويت و كانه وحيد زمانه ، فباستثناء دولة او دولتين جميع البلدان العربية بما فيها الكويت ليست ضد النظام السوري ، و لا تدعو الى تغييره بالقوة ، و بالتالي تصويت منصور العتيبي في جلسة الجمعة ضد القرار السوفيتي كانت سقطة لم يكن ينبغي الوقوع بها ، بل كان يجدر به ان يندد بالضربة الثلاثية ، لان الضربة لم تكن على اساس القوانين الدولية ، و لا كان هناك مبرر للضربة فيما لم يكن هناك تاكيد جازم على ان القوات السورية قد استخدمت أسلحة كيماوية ، و كان ينبغي إعطاء فرصة للتحقيق المحايد من قبل الخبراء الدوليين …
ان المهزلة بعد القصف العدواني ان تتقدم الدول الثلاث التي شاركت في عمليات القصف الى تقديم قرار إرسال لجنة للتحقيق في الاسلحة الكيماوية المزعومة ، لقدكان العدوان الثلاثي على سوريا هو بمثابة جواز مرور. لترامب كي يكرر مغامراته الحمقاء على دول المنطقة ، و انها نذر حرب قادمة في المنطقة التي اذا حدثت ، فلا تبقي و لا تذر ، فترامب ما برح يهدد ايران على خلفية الاتفاق النووي السداسي الذي يراه غير كاف ، و من جانبها ما برحت اسرائيل تحرض على ضرب ايران ، فيما من جانبها ايران تهدد على جعل المنطقة تحت مرمى نيران صواريخها ، ان سوريا التي غدت حقل تجارب لتجريب الصواريخ و الاسلحة الحديثة ، باتت تهدد امن المنطقة برمتها ، و كان يجدر بالدعوة لإيجاد حل لإنهاء الازمة ، لا لتأجيجها ، ان السوريين ادرى بحكم بلادهم و بنظامهم ، و تالياْ لا هناك حل للازمة السورية غير الحل السياسي ، و هو ما يعني ان يحل السوريون ازمتهم مع بعضهم ، بعيداً عن التدخلات والضغوط الخارجية التي لم تكن الا مزيداً من التعقيد و اطالة امد الحرب ، و اطالة ماساة السوريين…
التعليقات مغلقة.