القلمون … معركة التلال الإستراتيجية / غالب راشد

 

غالب راشد ( الأردن ) الأحد 17/5/2015 م …

بعيداً عن الضوضاء الإعلامية الصاخبة ، وبعيداً عن الدعاية والترويج والتبشير والتزمير الإعلامي تدور معركة التلال الاستراتيجية في القلمون والتي ابهرت انجازاتها المحللين وأقلقت الخبراء العسكريين وجعلت الحيرة والتخبط علامات ارتسمت على قسمات وجوههم الكالحة . لقد أبهرت التكتيكات العسكرية التي اتبعها الجيش العربي السوري ورجال المقاومة كل المراقبين والمتابعين نظرا لطبيعة المنطقة التي تجري فيها المعارك فهي منطقة جردية وعرة وواسعة على امتداد اكثر من 800 كلم ، و المعارك الجردية المكشوفة من اصعب المعارك، ورغم كل هذه الصعوبات حقق الجيش السوري وحزب الله نصراً بدل كل المعايير وكل ما ساد وأذيع ونُنشر بعد سقوط مدينة ادلب وجسر الشغور شمالا وبصرى الشام جنوبا . ظن الواهمون أن الجيش العربي السوري على وشك الانهيار والاستسلام وأن أيام النظام اصبحت معدودة وسقوطه أصبح وشيكا . وتعرّض المقاتل والمواطن السوري تحديدا إلى أشرس حرب دعائية نفسية إعلامية موجّهة قامت على التضليل والتلفيق والكذب الممنهج المعزز بالفبركات والصورة الخادعة ، في ظل هذا الترويج والبروباجاندا القائمة على تسمية الأشياء بغير مسمياتها و إطلاق الشعارات والتكرار جاء الردّ سريعا من الجيش العربي السوري ومقاتلو المقاومة في جبهة القلمون فكانت السيطرة السريعة وتطهير جرود رأس المعرّة بما تتضمنه من “معابر” وما تختزنه من تلال ونقاط استراتيجية تجمع هذه الجرود ما بين شمال سوريا وجنوبها، وتربض على تماس مباشر مع الجرود اللبنانية التي لطالما شكّلت رافداً للمسلحين في السنوات الماضية. وتوالت الانهيارات العسكرية سريعا للمسلحين وتمكن رجال المقاومة من السيطرة على تلة موسى الاستراتيجية التي جاء تحريرها من اصعب المراحل .تلك السيطرة التي ستحدث تغييرا في طرق الصراع مع العدو الصهيوني، خصوصا ان الجيش السوفياتي قام بتحصين التلة وإقامة الانفاق فيها والخنادق وحوّلها الى ما يشبه القلعة الحصينة، ولعبت دوراً بارزاً في حرب تشرين وفي التصدي للاجتياح الاسرائيلي عام 1982 لجهة صد الهجوم الاسرائيلي على بيادر العدس. واعتبرها الجيش السوفياتي من أهم التلال الاستراتيجية في الشرق الاوسط ويصعب على اي جيش الوصول اليها او اختراقها. هذا مع العلم ان «جبهة النصرة» سيطرت عليها نتيجة الخيانات فأحدثت خسارتها خللاً في الميزان العسكري لصالح العصابات المسلحة في القلمون حتى جاءت المعارك العسكرية الاخيرة وهجوم الجيش السوري ومقاتلو المقاومة، اذ راهن الكثيرون من قيادات الجيوش بأن تلة موسى ستشكل عقدة لحزب الله ولن يستطيع السيطرة عليها لإن الانجازات التي تحققت في القلمون ولا زالت تتحقق من سرعة السيطرة على المرتفعات والتلال والعمل الحربي في طبيعة صعبة تعجز أقوى جيوش العالم عن تحقيق ذلك وستكون التكتيكات التي اتبعتها المقاومة اللبنانية والجيش العربي السوري دروسا مستفادة ستدرّس مستقبلا في أضخم المعاهد العسكرية العالمية كما أنها يمكن أن تشكل رداً معنوياً فورياً على الخسارة التي حصلت في بصرى الشام وإدلب وجسر الشغور، وبالتالي استعادة هامش المبادرة من المسلحين ، كما أن هذه الانتصارات والحسم سيوفر للدولة السورية أريحة في تأمين طريق دمشق بيروت وعمقاً مستقراً مع بيئة المقاومة اللبنانية وخطوط إمداد آمنة غاية في الأهمية بالنسبة للطرفين وسيكون لنتائج هذه المعركة كسر الطوق الذي سعت الدول الداعمة للمسلحين من فرضه على الدولة السورية من خلال السيطرة على المعابر والمنافذ الحدودية . ويؤمن في الوقت ذاته العمق اللبناني من خطر تسلل هذه العناصر التكفيرية والقيام بأعمال إرهابية تستهدف المقاومة . والأهم هو الرسالة الموجهة للدول الداعمة لهذه العصابات المسلحة لا سيما الكيان الصهيوني ومن يدور في نطاقه فقد أثبتت المعارك الأخيرة مدى الجهوزية العالية والخبرة القتالية المتراكمة لدى المقاومة اللبنانية والجيش العربي السوري والقدرة العالية على العمل تحت أقسى الظروف والمستجدات

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.