“الخيّر بقول وبغيّر”.. هل تراجع “الرزاز” عن قرارات للتوجيهي؟ / رائد العزام
رائد العزام ( الأردن ) الأربعاء 25/4/2018 م …
حتى انتهاء اللقاء الذي جمع وزير التربية والتعليم الدكتور عمر الرزاز بعدد من النوّاب والتربويين المتخصصين، يوم 18/3/2018، في مجلس النواب، ظل الرزاز مصرا على رأيه ومدافعا عن قراره فيما يتعلق باختيارية مادتي الفيزياء واللغة العربية التخصص، لطلبة التوجيهي، بل وألح على أهمية القرار ومدى مواءمته مع مشروع التطوير الذي تتبناه وزارة التربية والتعليم.
وبعد أقل من شهر على ذلك اللقاء عممت وزارة التربية والتعليم على الميدان التشكيلات المدرسية للعام الدراسي 2018/2019، لنجد أن مادة اللغة العربية التخصص ليست من ضمن المواد الاختيارية لطلبة الفرع الأدبي، وأنها تحولت (بقدرة قادر) إلى مادة إجبارية، ما طرح تساؤلين: هل يعني ذلك تراجعا غير معلن من الوزير عن قراره بإعدام مادة اللغة العربية التخصص وقرارات أخرى؟ وهل اجتمع مجلس التربية أصلا لاتخاذ هذا القرار الجديد؟
عندما عارضنا القرار، كان منطلقنا تربويا خالصا، لأن التغيير التربوي الناجح يكون من الأسفل إلى الأعلى، بمعنى أنه إذا فصلنا الثانوي عن الأساسي، فمن الضروري البدء من الأول الثانوي، بحيث تكون مباحثه مرتبطة بصورة علمية بما سيختاره الطالب في مرحلة التوجيهي.
كما عارضنا السرعة أو التسرع والتشتت وآلية اتخاذ القرارات وتغييرها بين يوم وضحاه، وعارضنا إهمال الرزاز لرأي الميدان التربوي بمعلميه ومعلماته، الذي هو أكثر دراية ومعرفة بحاجات الطلبة، منه ومن كل اللجان المشكلة من الوزارة وخارجها.
معارضة اختيارية اللغة العربية التخصص كان موقفا نابعا من المنطق العلمي أساسا، إذ كيف يلغى المبحث الذي سمّي الفرع الأدبي نسبة إليه وإلى ما يدرسه طلبة الفرع عن الأدب العربي؟ وكيف يستثني الوزير دارسي تخصصات؛ الصحافة والإرشاد المدرسي وصعوبات التعلم والإدارة (مثلا)، من ضرورة دراسة اللغة العربية التخصص؟
أما ما تحاول الوزارة الترويج له من أن الطلبة يدرسون المواد الاختيارية في الصفّ الأول ثانوي، وبالتالي يكون الهدف المعرفي تحقق مسبقا، فهذا تضليل متعمد؛ لأن الرزاز نفسه اعترف أن الطلبة في الأول ثانوي لا يدرسون مواده بل يدرسون مواد التوجيهي، ويعدّون مرحلة الأول ثانوي، نزهة واستراحة، أو (سنة العسل) كما أسماها، واذا ما أخذنا بعين النظر تعليمات الرزاز الجديدة والمعمول بها حاليا حول أسس النجاح والإكمال والرسوب، فإن الأول ثانوي يكون ألغي عمليا من حياة الطلبة، فلا رسوب مدرسي فيه، ولا دوام مطلوب إلا بالحد الأدنى، ولا ارتباط بين مباحثه ومباحث التوجيهي.
تراجع الوزير غير المعلن فضائيا، يعني أن القرار كان متسرعا وخاطئا، ما يؤكد على واقعية مطلبنا بضرورة التمهل، ويساند دعوتنا القائمة إلى مزيد من الدراسة والبحث والاستشارة، وتأجيل تطبيق القرار عاما على الأقل؛ ليتسنى إخراجه بعد دراسة مستفيضة قرارا ناضجا، وبالتالي نقلل من إحتمالية وجود تداعيات ميدانية سلبية له.
أما عن مبحث الفيزياء، فأترك لمتخصصيه الحديث عنه، ولكن أشير هنا إلى شبه إجماع من المتخصصين في الميدان التربوي، والأكاديميين في الجامعات، على أهمية أن يكون مادة إجبارية لطلبة الفرع العلمي.
وكون عملية التحديث والتطوير للقطاع التعليمي والتربوي في الأردن قائمة على نظام الهبة والفزعة وما يُكلف به الوزير ممن لا علاقة لهم ولا معرفة في التربية والتعليم وميدانه الواسع، فإننا ندعو الرزاز ليكون منسجما أكثر مع هذا النظام وبالتالي من الخيرين الذين يقولون ويغيّرون.
التعليقات مغلقة.