في ضرورة وضع التشريعات اللازمة قبل المُضي بإنشاء مطار المفرق / د. قيس محافظة
د. قيس محافظة ( الأردن ) الجمعة 11/5/2018 م …
لا بُدّ من الإعتراف بدايةً، أنَّ إنشاء مطار عسكري-تجاري ومركز لوجستي في محافظة المفرق يُعدُّ خطوة طالما تطلعنا إليها لِما ستعود به من ثمارٍ طيبة لدفع عجلة الاقتصاد والتنمية من ناحيةٍ، ولرفد خزينة الدولة بعوائد مالية ضخمة من ناحيةٍ أخرى. وقد تمَّ توقيع اتفاقيةشراكة مبدئية بين الأردن وشركة “SafePorts” الأمريكية للغاية المذكورة، كما تم توقيع إتفاقية أخرى بين منطقة الملك الحسين بن طلال التنموية في محافظة المفرق والشركة المذكورة. ومضمونُ الإتفاقية الأولى ينُصُّ على إنشاء مطار لوجستي تجاري يعمل بالتوازي مع الميناء اللوجستي البري الحالي، عدا عن تقديم التسهيلات اللوجستية في كلية الملك الحسين الجوية في محافظة المفرق. وبالمقابل فقد ركزت الاتفاقية الثانية وبشكلٍ أساسيٍ على تسويق جُزءٍ من منطقة المفرق التنموية لتكون مركزاً لوجستياً لإعادة الإعمار في كُلٍ من العراق وسورية.
ونُشيرُ هُنا إلى أنّ الهدف الرئيسَ القائم من إنشاء مطار المفرق هو لجعل الأردن المركز اللوجستي الرئيسي لإعادة إعمار العراق وسورية، بحيث يكون قادراً على تعزيز دور الصادرات الأردنية التي انخفضت في السنوات الماضية بسبب الظروف غير المستقرة التي شهِدتها المنطقة مِن حولنا، ولجذب شركات الشحن التجارية العالمية للمنطقة وبالتالي إستقبال الطائرات التجارية العملاقة. وسيتمُّ تصميم المطار بموقعه الاستراتيجي بغرض تمكين الشركات الأجنبية من شحن البضائع والمعدات وتوزيعها في المنطقة بشكلٍ آمنٍ من أجل إعادة إعمار المستشفيات والمدارس والبِنَى التَّحتية والتصنيع وإحتياجات مهمة أخرى في دول الجوار.
إنَّ تركيزنا على موضوع إنشاء مطار المفرق وكما أوردنا سابقاً قد بُني على أساس إتفاقية شراكةٍ مبدئيةٍ ما بين الأردن وشركة “Safe Ports” الأمريكية. وعليه، لا بُدَّ من إيجاد تشريع خاص بهذا المطار وبالسرعة الممكنة وذلك لتنظيم أعماله وفرض سيادة الأردن عليه حتى لا نجد أنفسنا في وقتٍ من الأوقات أمام قاعدة عسكرية دولية أو أن يكون المطار تحت إشرافِ وإدارة أجنبية، مَا يعني إبعاد دور السطات الأردنية بالإشراف والرقابة على حركة الطائرات والأمور اللوجستية والرقابة الأمنية والعسكرية عليه. فلا يعقل أن يتم إنشاء هذا المطار دون وجود قيود ومحددات تفرضها الأردن بشكل سابق لإنشائه وقبل أن تتحول هذه الاتفاقيات إلى إتفاقيات نهائية تضع الأردن أمام التزامات تتعارض مع سيادتها وتوجهاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية.
ومن جهة أخرى، وبما أن الهدف الرئيسي من إنشاء هذا المطار هو جعل الأردن المركز اللوجستي الرئيسي لإعادة إعمار العراق وسورية، وبما أن تفريغ البضائع وتحميلها ونقلها وما غير ذلك سيكون داخل حدود الأردن إلى أن تصِل بعد ذلك إلى دول الجوار عن طريق المعابر الحدودية فلابد أن يكون للدولة الأردنية الرقابة على محتوى تلك البضائع إبتداءً من وقت وجودها في مطار المفرق ولغاية وصولها للمعابر الحدودية الأردنية وذلك تجنباً لإدخال بضائع ومواد خطرة بطرق غير مشروعة للأردن.
إن النظام القانوني الأردني مَبنيٌ على اتفاقيات دولية وتشريعات محلية تعكس دور الأردن على الساحة الدولية وأبرزته كشريك استراتيجي يعزز التقدم في كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، ولابد من الحفاظ على ذلك الدور من خلال ايجاد تشريع يحمي وينظم عمل مطار المفرق منعاً لأية اختلالات واختراقات قد تؤثر على مسيرة بلدنا واستقراره وسيادته.
المحامي الدكتور قيس علي محافظة
التعليقات مغلقة.