تغيير شخوص المسئولين لا يبدل الأحوال والمطلوب تغيير أسس ومنهجيات الاختيار / د.أنيس الخصاونة

 

د.أنيس الخصاونة ( الأردن ) الأربعاء 20/5/2015 م …

ينشغل بعض الناشطين السياسيين والمواطنين المهتمين بالشأن العام بالاستقالات أو بالأحرى الإقالات الأخيرة التي شملت وزير الداخلية السيد حسين المجالي ومديري جهازي الأمن العام والدرك.بعض المحللين منهمكين في تحري الأسباب الحقيقية للإقالات ومعرفة الشعرة التي قصمت ظهر البعير لتتخذ قرارات هامه تتعلق بقيادات بارزة لأجهزة تمثل السيادة الداخلية للدولة .الشخوص الثلاث المقالين كنا لفترة وجيزة وما زلنا نعتقد بقربهم الكبير من القصر وصلاتهم الوثيقة مع ولي الأمر حيث أن السيد حسين المجالي على سبيل المثال أمضى ردحا من عمره الوظيفي في الأمن العام والخارجية وقبلها مرافق شخصي وأمني للراحل الملك الحسين مما أتاح له تطوير صلاته مع العائلة المالكة لدرجة كان من المستبعد على أي مراقب حاذق أن يتنبأ باحتمال استبعادة عن موقعه الوزاري وبصورة بدا من خلالها أنه قصر في إنجاز ما أنيط به أو لم يستطيع على الأقل قيادة أجهزة وزارة الداخلية المختلفة لتحقيق غاياتها وفي مقدمتها ضبط الأمور في معان وبسط سيادة الدولة والقانون على ربوعها وأهلها.

نعم ربما قصر السيد المجالي وزملاءه قادة الأجهزة الأمنية الطوالبة وسويلميين في تحقيق المهمات المناطة بهم ولكن هذا يقودنا إلى تساؤل مشروع يتعلق فيما إذا كانت أصلا هناك مهمات مطلوبة ومحددة المعالم مناطة بالقادة المقالين ،وفيما إذا كان لهم مطلق الحرية في تحقيق هذه المهمات على أسس فنية أمنية محترفة دون تدخل الأبعاد السياسية ومن أعلى مستوى في الديوان الملكي لتحول دون تنفيذ خطط لبسط الأمن في معان وضواحيها؟ والتساؤل الأكثر أهمية هنا هل ما يحدث في معان ومنذ سنوات طويلة أسبابه ومسوغاته هي أمنية فقط أم أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وانتشار الفقر والبطالة وغض النظر من السلطات لفترات طويلة عن بعض المخالفين قد أدى إلى تفاقم الأزمة التي تعاني منها المدينة؟أهل معان مواطنين أردنيين يشهد لهم حرصهم على الوطن وقد قدموا من أجل الأردن وفلسطين الكثير من الشهداء والتضحيات فليس من المعقول أن يكون لأهل هذه المحافظة أجندات تهدف إلى زعزعة أمن الأردن والنيل من استقراره.

عندما لا يفلح الناس في إيصال مظلماتهم وشكاويهم لأولي الأمر ،وعندما لا يجد الناس من يستمع إليهم فقد لا يجدون إلا الاحتجاج ورفع الصوت لعل سامع يدركهم وينصفهم.صحيح أن بعض الأوضاع الأمنية في معان تم استغلالها وتأزيمها من قبل نفر قليل من الخارجين على القانون والمطلوبين ولكن ذلك لا يبرر هدم البيوت وسفك الدماء وترويع الأهالي والعوائل.

تغيير الوجوه وإقالة وزير الداخلية ومدراء الأمن والدرك واستبدالهم بآخرين لن يحل المسألة بغياب المنهجيات الصحيحة والخطط المدروسة والمحاسبة والمسائلة العامة.الشخص الذي جاء بالسادة المجالي والطوالبة والسويلميين لمواقغهم القيادية هو نفسه من أقالهم وهو نفسه من يعين بدلاء عنهم استنادا لرؤيا شخصية له وليس استنادا لاستراتيجيات ومعايير مبنية على وجود خطط للتعامل مع الوضع الأمني الداخلي في معان أو الأغوار، أو الحدود الشرقية مع الأنبار والرمادي، أو مع الحدود الشمالية مع درعا وريفها والشيخ مسكين وطفس.

تعيين القيادات الأمنية والوزراء بصورة شخصية لا يمكنا من معرفة إنجازاتهم بسبب عدم وجود الخطط والاستراتيجيات، وبسبب استناد التعيينات إلى اعتبارات شخصية وولاءات سياسية وليست مهنية وحرفية، وهذا الأمر ينطبق على الحكومة ورئيسها المدعي لامتلاكه للولاية العامة الذي ربما سمع عن الإقالات الأخيرة مثلما سمعنا من التلفزيون.تعيين القادة والحكومات ينبغي أن يتم على أسس واعتبارات تتعلق بإرادة الناس وقوانين الانتخاب للأحزاب والقوى السياسية وممثلي الشعب الذين يعطون الثقة للوزراء والحكومات.ستبقى الأمور تراوح مكانها فيذهب المجالي والخصاونة أو الطراونة أو الطوالبة لياتي سلامه حماد أو عوض الله وربما وليد الكردي والذهبي وغيرهم من السادة دون وجود معايير عادلة تمكنا من معرفة نجاحهم في تحقيق المهام والغايات التي عينوا من أجلها والسبب طبعا أنهم عينوا تكريما لشخوصهم وولائهم وليس على ضوء موائمتهم للمهمات والمواقع التي يشغلونها.الأردن يجب أن يتغير وآلية ومناهج تعيين القيادات الأمنية وغير الأمنية يجب أن تتبدل لتصبح مستندة إلى إرادة الشعب عبر قوانين ناظمة فاعلة،وحكومات تمثل القوى السياسية الأبرز في المجتمع ،ومجلس نواب حقيقي يستند في تركيبته إلى قوانين انتخاب عادلة تساعد على إفراز نواب أقوياء يحاسبون المسئولين المقصرين ويمنحون الثقة أو يحجبونها بجرأة دون تلقي مهاتفات من الديوان ومن الدوائر والأجهزة الأمنية ودون انشغالهم بقص كعكة التورتة تخت قبة المجلس بمناسبة أعياد ميلاد ولاة أمورنا .عندها فقط يمكن أن يكون لتغيير الشخوص معنى وأثر لأن هؤلاء الشخوص سيمثلون فكر ورؤى وأساليب لتحقيق الصالح العام وتحقيق السلام المجتمعي وانجاز المهمات.أداء كل من حسين المجالي والطوالبة والسويلميين ربما لم يكن بالمستوى المطلوب ولكنه بالتأكيد وفي ظل غياب المعايير ليس أسوأ من أداء عميد الدبلوماسية الأردنية ناصر جودة أو وزراء التخطيط والأوقاف أو أي وزير آخر في الحكومة !!!!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.