“إشهار كتاب لظى المواجع وندى البدائع”

 

الأردن العربي ( خاص ) ( الأربعاء ) 20/5/2015 م …

أقيم مساء السبت الموافق 16/5/2015 حفل إشهار كتاب “لظى المواجع وندى البدائع” لمؤلِّفه الكاتب الباحث حنا ميخائيل سلامة نعمان. والكتاب من القطْع الكبير ضم بين دفتيه نحو 108 مادة توزعت على 266 صفحة. جرى الحفل برعاية المفكر اللواء المتقاعد منصور أبو راشد رئيس جمعية التغير المناخي وحماية البيئة الأردنية وجاء في كلمته “إن الكتاب الجديد يُعد مخزناً من الموضوعات الحيوية الكثيرة الدَّالة على دقة ملاحظة المؤلِّف وبمقدار حرص المؤلّف على سلامة المواطن وأمن بلدنا العزيز وكما جاء في بعض المقالات ومنها “ازدياد عدد جرائم القتل، أسلحة فردية غير مُرخصة، هل من حملةٍ لمصادرة الأسلحة من المركبات؟، نجدهُ حريصاً يُركزُ على واجب الإنسان نحو بيئته، ويقرع ناقوس الخطر محذراً من ممارسات التعدي على البيئة”. وأضاف: إن هذا الإنجاز يخدم الأردن بمصداقية رفيعة المستوى، وأناشد من يعنيهم الأمر إيلاء موضوعات الكتاب الأهمية التي يستحقها مَجهود المؤلِّف، الذي تـَرَفَّع عن جميع الإغراءات التي عُرضت عليه كي لا يكشف خللاً هنا وفساداً هناك، بل رفض أن يتقاضى أيّ أجرٍ على مقالاته طيلة السنوات ليبقى قلمه حُراً نزيهاً وكما عرفناه”. وأشار مدير المركز المجتمعي المسكوني القس سامر عازر أن توقيع الكتاب يجيء مع اقتراب مناسبة عزيزة علينا وهي عيد الإستقلال كما أشار إلى قيمة الكتاب الذي يرصد الإختلالات المجتمعية والظواهر السلبية. وجديرٌ بالذكر أن مؤلِّف الكتاب كان له الفضل في تأسيس المركز وإطلاقه للنور مع سعادة القس سامر والأديب الشاعر الأستاذ سليمان المشيني والدكتور جلال الفاخوري وذلك قبل أعوام بهدف نشر الثقافة.

هذا وقد توالت كلمات المتحدثين الأجلاء من علماء الدين والأساتذة المختصين والخبراء. فاستهل سماحة الشيخ مصطفى أبو رمان كلمته ببيت شعرٍ لصديقه شاعر الأردن الكبير سليمان المشيني يقول فيه: “إنا لنفخر أن نكون بموطنٍ  فيه المسيحيّ والمسلم أخَوانِ”  ثم أضاف “إن من علمني حب محمد هو عيسى ومن علمني حب الوطن عيسى ومحمد ومن عشت معه حياة الحب هذه هو الأستاذ حنا حيث جسدنا هذه المحبة سوية بين المسجد والكنيسة والأصدقاء من كافة الأطياف بترجمة حقيقية، وإزالة للحواجز، ووطنية صادقة، وعيشٍ مشترك وتآلف ومحبة” ثم ضرب سماحته على ذلك بعض الأمثلة من الواقع “في تطبيق عملي لرسالة عمان التي تجسد هذه المعاني” وجديرٌ بالذكر أن الكتاب تضمن موضوعات مثل “من أجل حوارٍ دينيٍ أجدى” حيث سلط المؤلِّف النظر فيها على جميع محاور الحوار القائم وطالب بتفعيله وعدم الاكتفاء بالتصريحات والظهور بوسائل الإعلام وهدر الوقت على الاجتماعات التي تُدفن توصياتها مباشرة.

وقال أستاذ الأدب العربي الباحث الدكتور حسن المبيضين: “إن كتاب لظى المواجع وندى البدائع يستحق أن يكون سجلاً وطنياً بإمتياز بما يتضمنه من مقالات تتناول الشأن العام بتفصيلاته السياسية والإجتماعية والإقتصادية، إذ يتناولها بصورة النقد البناء الهادف إلى الإصلاح بعيداً عن تجريح الذوات القائمين على هذا الشأن وبعيداً عن نكران الإيجابيات الكثيرة الموجودة في شؤون وطننا كله، وهو إذ يتعرض إلى هذه الأمور جميعها بأسلوب ثقافي فكري وبرؤية أدبية شفافة ليعمل في اتجاهين إيجابيين أحدهما الإشارة إلى الإيجابيات وتعظيمها والتنبيه إلى السلبيات والتحذير منها، والآخر إضفاء تلك الروح الأدبية على سلوكنا أثناء النقد البناء الذي لا يزعج أحداً.”

وأشار أستاذ الأدب والنقد العربي الحديث الدكتور أسامة شهاب: “إن الأديب حنا ميخائيل سلامة يكتب ويعبر عن موقف إنساني واجتماعي مؤلم، إنه يضع إصبعه على الجرح، والجرح كبير وقافلة الوطن كبيرة والمشيعون كثيرون لتجعل من يفسد ذوق الأمة ويقسِّم المقسم بين أبناء الشعب الواحد.. إن كتاباته تجعلنا على قدر واعٍ من محاكاة الواقع والضغط على دمامله الكبيرة المؤلمة.. وكتاباته أٌقرب ما تكون إلى السهل الممتنع وهو أسلوب عربي جميل، آسر، عرف به عميد الأدب العربي طه حسين.. إن أخي حنا يكتب بصدق وحرارة وهو لا يكتب دون تأثير وإنفعال لموقف إنساني أو إجتماعي أو أدبي.. إذاً في مفهوم النقاد هناك الدفقة الشعرية والشعورية التي ما زالت هي مسيطرة على أدب صاحبنا وهذا أجمل بكثير من ما يسمى الشعر المنثور أو النثيرة كما أطلقه عليها الأديب اللبناني أنسي الحاج”.

ثم ألقى فضيلة الشيخ عوني جدوع العبيدي إمام وخطيب مسجد الأبرار كلمة جاء فيها “يطل علينا إشهار هذا الكتاب في ذكرى الإسراء والمعراج ومن البقعة التي مر منها إلى السماء الكثير من الأنبياء، وحول المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، ستبقى الكنيسة، كنيسة القيامة بجوار المسجد الأقصى، وسيبقى أهل بيت لحم بجوار أهل الخليل، وسيبقى أبناء هذه الأمة على مختلف المنابت والأصول والأديان والمذاهب أمة واحدة في بلد الحشد والرباط، النموذج الأسمى في زمن التخلف، وبقيادته الجامعة الهاشمية”. ثم عرجّ على جهود مؤلف الكتاب القلمية الراقية في سبيل الأردن.

وجاء في كلمة أستاذ التربية الدكتور الباحث ادوارد عبيد أن عمق تحليل الظاهرة هو ما يميز الكاتب، كما أن قدرته على الإقناع هي المفتاح الذهبي للتأثير في نفس القارىء. وركز على أن الظاهرة السلبية التي تتجاوز القوانين تصبح بمرور الوقت حقاً مكتسباً وبمرور الزمن تصبح  ظاهرة ايجابية في نظر الكثيرين. وبيَّن أن موضوعات الكتاب تشكل عناوين بارزة ومداخلَ مهمة لدراسات اجتماعية لمعرفة حجم كل مشكلة مطروحة ومداها لوضع الحلول الناجعة لها من الجهات المختصة. وأشار إلى أن نسبة 4% من المقالات حملت إشارات تحذيرية مثل: احذروا، افتحوا عيونكم، احْذروهُنَّ..، لاتخنقوا..، يوجّه الكاتب فيها وينبه ويقرع الجرس لتجنب مضاعفاتٍ أو وقوع مشاكل أخطر وأكبر. ونسبة 13% هدفها تسليط الضَّوء على مشكلة موجودة وممارسات حدثت مثل: في ظاهرة، في مسألة، في تحويل، في تعريض، في مشكلات، في ضرورة، في غياب، في باب الخ.. و17%  من المقالات ابتدأت بتساؤلات مثل: هل مِن، ما جدوى، هل حققت،  أين الخطط،  أين الرقابة الخ.. وتطرح هذه المقالات قضية على شكل سؤال مباشر لقضية يعاني منها المواطن وتحتاج إلى إجابة مباشرة من المسؤول لحسم القضية ضمن الأنظمة والقوانين. ونسبة 17% لتنبيه المسوؤل مباشرة حول موضوع لم يلق الاهتمام المطلوب. وشكلت الموضوعات ذات الطابع التربوي 7% من المقالات وهي تُعنى بالأمور التربوية مثل: احتفالات التخرج ونَسْفُ حصصٍ دراسية. فهذه المقالات تبرز أهمية دور التربية في خدمة المجتمع، والتقصير في هذا الدور يزيد من تفاقم المشكلة الاجتماعية، كما تبرز خلل ما يمارس في العملية التربوية. وتركز المقالات في هذا الجانب على بعض النقاط السلبية التي لها تأثير مباشر على المجتمع. أما العناوين ذات الطابع البيئي فشكلت نسبة 13% من المقالات،  كذلك 29%  من الكتاب غطى عناوين مختلفة تمس حياة المواطن وقضاياه بشكل مباشر.

واستعرض المُفكر التربوي الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم العطيات في كلمته تاريخ الحضارة منذ ابتدأت الكتابة واعتبرها “أعظم مُنجزٍ إنساني اخترعه الإنسان” وأضاف “أن الكتابة والكلمة أسهمتا في صنع تاريخ الإنسان على الأرض” والحضارة الإنسانية مدينة للكلمة كما هي مَدينة  للكهرباء” شارحاً الأسباب. كما شرح الدكتور عطيات تساؤلاً طرحه: لماذا كانت الكلمة هي الجامعة؟ ولماذا كان الكتاب وكانت الكلمة هي مُحدِثَةٌ للحضارة؟ وتوقف عند مُفكرين من الغرب والشرق أسهموا في بناء الحضارة الإنسانية “مُعتبراً كتابات الأديب حنا شجاعة حضارية وتنويرية ومقالاته الواردة في كتابه الجديد حافِزة باعِثة على الإصلاح والتغيير فيها حرارة وشجاعة ووعي، وان الهاجس المعرفي والهاجس الإصلاحي يتملكان المؤلّف كما أن مقالاته هي في جوهر مشكلات الإنسان العربي والإنسان الأردني”. ثم توقف المفكر العطيات عند بعض مقالات الكتاب كتلك التي تتعلق بسرقة الأفكار جاءت في مقال اسمه” في ظاهرة السطو على المؤلفات والبحوث – قرصنة فكرية على المكشوف-” ومقالات أخرى تتعلق بالجريمة والأسلحة النارية والمخدرات وما يتعلق بإفساد الشباب، وما جدوى عقد المؤتمرات وحفظ التوصيات في الدروج وغير ذلك.

وألقى الشاعر الأستاذ محمود عبده الفريحات قصيدة نالت تقدير الجمهور استعرض فيها منجزات الأديب حنا وعينه الراصدة لقضايا مجتمعه ووطنه.

وأختتم الحفل الذي أداره الباحث عبد القادر الحداد أستاذ التاريخ السياسي بكلمة المؤلف، التي جاء فيها “إن موضوعات كتابه الجديد تكشف المزيد من القضايا والممارسات والظواهر والسلبيات التي كان يرصدها  بنفسه ويحيط بجميع جوانبها قبل أن يسدد قلمه للكتابة فيها وعن السُّبُل الملائمة لمعالجتِها، وأضاف أن البقاء ضمن جمهرة المتفرجين وإشاحة النظر عن القضايا والمشاكل والسلبيات كما يفعل بعض حَمَلة الأقلام كي لا يخسروا قنوات الود التي تربطهم مع الجهات صاحبة الشأن مسألة لا تروق له، وعليه وجد نفسه أمام مسؤولية ضميرية تُحتِّم عليه الكتابة في تلك الموضوعات بعد دراستها والتأكد مِن أنها تستحق بذل الجُهد الشخصي لإيصالها لِمن يعنيهم الأمر مع حرصه على أن تكون مقالاته بطابع أدبي وطراز لُغوي جميل، لتكتسب في بنائها صفة الديمومة وتعمَّ الفائدة المرجوة منها.” وأوضح أن اشتغاله بالنقد لا يعني إغفاله لمُنجزات مُشرقة تحققت على أرض الواقع مشيراً لمقاله بعنوان “من يقف وراء تحويل الأنظار عن مُنجزات الأردن؟” وأضاف “أن صون حياة الناس والمحافظة على المقدرات والانجازات والاستقرار في الفترة العصيبة التي مرَّ بها الأردن قد تم بحِلمٍ وحِنكة لذا أودع الكتاب مقاله بهذا الخصوص وعنوانه “كلمة حقٍ بحق العيون الساهرة فلتُصغ النفوس”. ويشكل الكتاب كما جاء بكلمة المؤلف “مرجعاً مفيداً للجهات الرسمية لمزيدٍ من التطوير والتحسين والإصلاح، كما يمكن الاتكاء عليه للباحثين والدارسين والمـُهتَمِّين”.

وصفق حضور الحفل  كثيراً عندما أورد مؤلف الكتاب قولاً كان دونه في مذكراته قبل سنوات طويلة مفاده: “إن الشرق لن ينصفه العالم ما لم يبدأ هو بإنصاف نفسه” جاء هذا بعد أن أعلن ألمه لما يجري في المنطقة من سفك دماء وتهجيرٍ وخطف وهدم لمنجزات الأمة بالإضافة إلى “تفخيخ للقلوب وتلغيم للعقول”.

وفي نهاية الاحتفال وقع المؤلف الكتاب وأهدى نسخاً منه للحضور الكرام من مفكرين وأكاديميين ومختصين وشخصيات إعلامية موقرة منهم سعادة الأستاذ المفكر عاطف الكيلاني المدير العام لشبكة الأردن العربي الإعلامية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.