اللي استحوا ماتوا / عبد الكريم أبو زنيمه
عبد الكريم أبو زنيمه ( مصر ) الإثنين 14/5/2018 م …
اللي استحوا ماتوا ! قيل هذا المثل فيمن ماتوا داخل أحد الحمّامات العامة الذي شبّ فيه حريق كبير أثناء تواجد ألمستحمين بداخله ، فالذين عزّت عليهم كرامتهم وأخلاقهم وهيبتهم ووقارهم فضلوا البقاء بالداخل على أن يخرجوا عراة إلى الشارع على مرأى من الناس فكان الموت من نصيبهم ، أما الذين لا تعني لهم هذه القيم شيئاً فقد هربوا وخرجوا إلى الشارع العام حفاة عراة لا شيء يسترهم، وكان كل همهم النجاة من الموت والعيش حتى لو كان عيش بلا كرامة ! ما أكثرهم اليوم هؤلاء ممن يقفون حفاة عراة حتى من ورقة التوت التي كانت تظهر أكثر مما تخفي من عوراتهم، أسقطها سيدهم ترامب ودولته العميقة، ليقفوا أمام شعوبهم بكامل سوآتهم، سبعة عقود وهم يحجون لملاهي وفنادق وشواطيء الغرب بحجة إفهام وتوضيح القضية الفلسطينية للغرب، لنكتشف اليوم ان حجهم كان لإشباع غرائزهم وشهواتهم وتآمرهم وتواطئهم ، سبعة عقود من التآمر والاعتدال والانبطاح لم تثني ترامب ودولته العميقة من نقل السفارة الأمريكية إلى أقدس مقدساتنا مع أزدراءه لهم صبح مساء ، بالأمس رقصوا بسيوفهم احتفاء بترامب وإيفانكا بأرض الرسالة المحمدية، وغداً سيرقصون على طبلة إيفانكا ترامب ومزمار سارة نتنياهو وهز خصرعشيقة الجماهير تسيفي ليفني في ساحة السفارة الأمريكية في أرض مسرى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ومهد المسيح عيسى عليه السلام !هذه السفارة التي حضر حفل أفتتاحها كل أعضاء الدولة العميقة ممن جاهد حكامنا بحفر أسمائهم بأنهم أصدقاء لنا ومناصرين لقضايانا !!! سبعة عقود من البطش والديكتاتورية وتكميم الأفواه وسلب الحريات وشنق الاحرار بحجة مواجهة العدوان الصهيوني ! فلا شبر تحرر ولا تنمية تحققت ،سبعة عقود أنفقت فيها المليارات للتأثير على العقل الجمعي العربي لطمس وتزييف حقيقة الصراع العربي الإسرائيلي “مناهج خالية من أي مضمون وطني..تاريخ مزيف..آيات قرآنية وأناشيد وطنية حذفت من المناهج..مآثر تاريخية وبطولات طمست..برامج خلاعية تملأ شاشاتنا العربية وإعلام هابط على كافة المستويات..الخ” كل ما أنتجه الوطن العربي الكبير وبكفاءة هي مؤسسات بطش أمنية ومؤسسات الفساد والفن الرخيص ومؤسسات الجهل والتكفير والذبح وفن أكل الأكباد والفتن المذهبية والطائفية والحروب الداخلية ،وكل ما قدمناه من اختراعات وأبداعات للعالم مسابقات أسرع بعير وأجمل تيس ! مطلوب من الشعب الفلسطيني أن ينظر للمرآة الحقيقية لحقيقة ودور غالبية الأنظمة العربية المعادية للقضايا الوطنية العربية، مع التنويه هنا بأن هذه الأنظمة لا تملك من أمرها شيئا سوى الجلوس على الكراسي المخصصة لها، وتنفيذ ما يملى عليها من تعليمات وأوامر، مع التذكير هنا بما قاله معمر القذافي (رحمه الله) بأن أوراق عمل ومقررات القمم والاجتماعات العربية تأتينا مطبوعة جاهزة من الخارجية الأمريكية، وكذلك على الفلسطينين ان لا يراهنوا على الغرب فهم أيضاً لا يملكون خياراتهم السياسية وحالهم ليس بأحسن من حالنا إلا بما يخصهم داخل حدودهم ، عليكم أيها الفلسطينيون أن تتوحدوا خلف قيادة فلسطينية وطنية واحدة تؤمن بتاريخها وهويتها وعقيدتها وثقافتها ونضالها وشعبها ومصيرها ، فعبر التاريخ هناك خونة وأحرار..هناك مناضلين وطابور خامس..هناك عزيمة وإرادة وهناك ضعف ووهن..هناك ثوار وهناك سماسرة ،وحسب معرفتي بالتاريخ لم تتحرر أرض ولم ينقشع احتلال يوماً إلا بحد السيف والبارود، وآخر عبرة تاريخية بهذا المجال هو تحرير جنوب لبنان عام 2000 من قبل حزب الله وقوى المقاومة اللبنانية الأخرى ، حتى المفاوضات مع المحتل تاريخياً كانت تجرى تحت النار كما حدث في فيتنام وغيرها ،فالمحتل أيّاً كان ما قدم ليفاوض، بل قدم ليشرد وينهب ويستوطن !
التعليقات مغلقة.