سماحة السيد ، هل يعي ما يحدث ؟ / أحمد الحباسى
أحمد الحباسي ( الخميس ) 21/5/2015 م …
طبعا ، هذا سؤال بليد و لا يسأله إلا ناقص عقل ، و مع ذلك هناك من تجرأ على السيد بهذا السؤال ، و بما أن ناقل الكفر لا يعتبر كافرا فقد تجرأت بإعادة السؤال من باب تعميمه و من باب لفت النظر لبعض التفاهات الإعلامية التي لا نجدها إلا في الساحة الإعلامية اللبنانية ، الكاتب اللبناني كمال ضاهر تجرأ منذ أيام قليلة بالسؤال التالي : هل حقا بعلم السيد نصر الله ما يجرى في حزبه ؟ ، طبعا ، الرجل يدرك أن السيد يعلم و يعلم و يعلم ، و لكن ما ضر السيد ضاهر لو طرح السؤال لإرباك بعض المتابعين و للإيحاء بأن سماحة السيد غائب عن الوعي بما يحدث داخل الحزب ، فهناك في لبنان و في هذا العالم العربي من سيتابع المقال ، و من سيصدق ، و من سيشك حتما و بالطبع ، و هذا هو المهم ، فهو قد أدى الدور المسموم و قام “بالواجب” نحو مشغليه في تيار الرمي المتواصل على المقاومة و على حلف المقاومة و على سيد المقاومة .
يريد كاتب المقال السيد ضاهر ، لا فض فوه ، أن نصدق أنه “يبدو” أن سماحة السيد لا يعلم بمواعيد العمليات التي ينفذها الحزب ضد العدو الصهيوني ، و يريد هذا “يبدو ” أن نصدق أن السيد هو آخر من يعلم ، و بالطبع ، يغمز المقال من زاوية أن نفهم في النهاية أن سماحة سيد المقاومة هو شبيه بالزوج المخدوع الذي يكون آخر من يعلم كما في الخرافة و الخيال السينمائي ، ثم ، في نهاية الأمر ، و حتى نصدق هذا السؤال السقيم المريض ، يستثمر الكاتب كمية لا بأس بها من الترهات الكاذبة لنكتشف في النهاية أن السيد ممنوع عليه أن يعي ما يحدث ، أن إيران هي من تحرك كل شيء ، و أن السيد لا يعلم بما يحدث و إن علم فهو علم متأخر و بعد أن تقع الفأس في الرأس .
” لو كنت أعلم أن خطف الجنود سيؤدى إلى ما أدى إليه لا أعدت النظر في العملية برمتها ” … تتذكرون ، هذا تصريح سماحة السيد بعد عدوان و انتصار تموز 2006 و ذلك على محطة نيو .تى .في بتاريخ 27/8/2006 ، طبعا نتذكر كامل الخطاب و نتذكر السياق الذي ورد فيه التصريح ، و طبعا ” لو كنت اعلم ” في كلام السيد لم يكن القصد منها أن عملية خطف الجنديين الصهيونيين قد تمت دون مشورته أو علمه ، أو أن سماحة السيد لم يكن يعلم بالطرف المنفذ و بتداعيات عملية الخطف على الواقع اللبناني في تلك الفترة ، بل أن عملية الخطف التي كانت مقررة أن تكون بطريقة نظيفة معينة كما يقول السيد قد حصلت فيها تداعيات لم تكن منتظرة و خسر العدو في تلك العملية كثير من الجرحى و القتلى إضافة إلى خطف الجنديين مما وضع الجميع ، الحزب و العدو ، في وارد حرب و مواجهة حتمية لم يسع إليها الحزب ، من باب معرفته بالغطرسة الصهيونية و مدى استغلال إسرائيل لتلك الحادثة لتنتهك كل الأعراف الدولية بغاية تحميل المقاومة وزر تلك الحرب و دفع الشعب اللبناني إلى كراهيتها نتيجة القتل و الدمار الحاصل بسبب تداعيات تلك العملية.
لا أدرى لماذا لم يصوب الكاتب سم قلمه إلى العدو الصهيوني مع أن تقرير فينوغراد الشهير قد أثبت بالبينة و البرهان أن كامل المؤسسة العسكرية ، الاستخبارية ، السياسية الصهيونية لم تكن تعلم ما حدث و أن أمن المقاومة قد استطاع لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني أن يحمى كوادر الحزب و أمن المقاومة في كل تضاريسه و عناوينه السياسية و العسكرية بحيث صمد الحزب ما لا يقل عن 33 يوما كاملة في مواجهة أعتى المؤسسات العسكرية في العالم و كسب بالدم و النار انتصارا تاريخيا غير مسبوق لا زال محل دراسة في الكليات العسكرية العالمية ذات الصلة ، فهل أن بشرى السيد بضرب السفينة الحربية الصهيونية قبالة السواحل الصهيونية في تلك الفترة قد كان مجرد مزحة أم هو قرار عسكري صادر عن القائد العام للمقاومة في لبنان يدرى ما يفعل و يدرى تبعات ما يفعل .
لا أدرى حقا لماذا لم يصوب هذا الكاتب الشقي لسان قلمه الخبيث نحو حلف المؤامرة ” الحريري ” الذي كشفت المؤامرة على سوريا أنه كان لا يعلم من هو بشار الأسد و من هو الجيش و الشعب السوري و فشلت مخططاته و تنبؤاته المريضة برحيل الرئيس في ظرف أسابيع من بداية المؤامرة في سنة 2011 ، و لماذا لم ينتبه أن النظام السعودي و مثيله القطري الخائن قد تحدثا عن بضع أسابيع لنهاية الأسد دون أن يتحقق ” الحلم” الذي تحول بعد أربعة سنوات إلى كوابيس ، بل من المهم أن نتساءل لماذا لم يتعرض كاتب الباطل للسلطان العثماني الواهم الذي بشر بالصلاة في المسجد الأموي دون أن تتحقق هذه الأمنية ، أو للسيدة ” الراحلة” كوندليزا رايس التي منت العرب برحيل النظام بعد ساعات ، فهل أن كل أخطاء التقدير المختزلة المذكورة ليست علامات واضحة على أن من قاد هذه المؤامرة على سوريا قد كان فاقدا للوعي بما حوله ، و أن الذين كانوا في مواجهة هذه الحرب الإرهابية التكفيرية القذرة كانوا واعون بتضاريس هذه المعركة و ارتداداتها و إرهاصاتها بحيث يصبح الكلام المريض عن أن السيد لا يعلم هو مجرد حرث في البحر .
التعليقات مغلقة.