المجلس الوطني الفلسطيني: مخاوف وتحديات / فيحاء عبد الهادي

 

 




نتيجة بحث الصور عن فيحاء عبد الهادي

فيحاء عبد الهادي ( فلسطين ) الأربعاء 23/5/2018 م …

في طريقي للمشاركة في اجتماعات المجلس الوطني، يوم 30 نيسان 2018؛ لم أكن متفائلة تماماً، ولم أكن متشائمة تماماً، كنت متشائلة، على حد تعبير الكاتب الروائي “إميل حبيبي”.
صحيح أنني توقعت صدور بعض القرارات السياسية التي تستجيب لخطورة المرحلة على الصعيد السياسي والتنظيمي؛ لكني لم أتوقع تغييراً جوهرياً في النهج أو الأدوات، أو التطبيق: “ذات المقدمات تعطي ذات النتائج”.
وحين استفسر بعض الأصدقاء عن سبب مشاركتي في المجلس؛ ما دمت أعتقد أنه لن يحدث تغيير يمسّ طريقة اتخاذ القرار؛ أجبت بأن منظمة التحرير الفلسطينية ليست ملكية خاصة، هي بيتي وبيت الفلسطينيين جميعاً، ومكاننا هو مظلتها، ونضالنا لإعادة بنائها، هو واجب، ومسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا جميعاً.
أملتُ، كما أمل العديد من أعضاء المجلس، ومن أبناء الشعب الفلسطيني، أن تستجيب القيادة السياسية للدعوة التي صدرت من قوى سياسية متعددة بتأجيل انعقاد المجلس، حتى يتمّ التوصل لصيغة تتوافق عليها التنظيمات الفلسطينية، مع الاستجابة لقرارات اللجنة التحضيرية للمجلس، الذي انعقد في بيروت، في 10 كانون الثاني 2017، حيث تمّ الاتفاق بين فصائل منظمة التحرير كافة على ضرورة عقد المجلس الذي يضمّ القوى الفلسطينية كافة، وهذا القرار كان يستدعي انعقاد الاجتماع في بيروت، حتى تستطيع مختلف التنظيمات السياسية أن تشارك، بعيداً عن قيود الاحتلال، وتحقيقاً للوحدة الوطنية؛ ولكن اللجنة التنفيذية للمنظمة لم تقتنع بالأسباب التي طرحت لتأجيل الاجتماع، واتفقت على توجيه الدعوة لحضور الدورة الثالثة والعشرين للمجلس في رام الله، يوم 30 نيسان (دورة القدس وحماية الشرعية الفلسطينية)؛ فاتخذت قراري بالمشاركة.
كنت أعرف أن المشاركة لا تعني بالضرورة القدرة على التأثير في اتخاذ القرار أو التغيير؛ ولكني كنت أعرف أيضاً أن عدم المشاركة لا تعني التأثير، أو التغيير أيضاَ.
*****
على المستوى السياسي؛ كان يهمني مصادقة المجلس على قرارات المجلس المركزي في دورتيه الأخيرتين: في 5 آذار 2015، وفي 15 كانون الثاني 2018، هذه القرارات التي تعيد للمنظمة وجهها الكفاحي، كحركة تحرر وطني للشعب الفلسطيني.
كما كنت أنتظر التأكيد على القرارات المتعلقة بنسبة تمثيل المرأة في مؤسسات المنظمة، والتي أفرد لها المجلس، في آذار عام 2015، وفي كانون الثاني عام 2018، بنداً خاصاً نصّ على “ألاّ تقل مشاركتها في هذه المؤسسات عن 30%”.
توقعت أيضاً تدارك الخلل السياسي بشأن غزة، واتخاذ قرار رفع العقوبات عنها، ودفع حقوق الموظفين العموميين كاملة بعد تأخير طويل، مع الاعتذار عن الأضرار الناجمة عن التأخير.
*****
على الصعيد السياسي أكّد المجلس على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل، وفقاً للقانون الدولي، مع تثمين انتهاج أسلوب المقاومة الشعبية، ورفض الحلول المرحلية، والدولة ذات الحدود المؤقتة، وإسقاط ملف القدس، واللاجئين، والمستوطنات، وصفقة القرن، ودعا إلى مؤتمر دولي لحل الصراع، برعاية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، اعتماداً على قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، متجاوزاً المفاوضات الثنائية برعاية منفردة من الولايات المتحدة، بما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران، عام 1967.
وحين صادق المجلس على قرارات المجلس المركزي في دورتيه الأخيرتين، ما يعني وقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وبالانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي.
وحين دعا إلى تبني حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، والتنفيذ الفوري لقرار إحالة جرائم الحرب الإسرائيلية إلى المحكمة الجنائية الدولية، لمحاسبة ومعاقبة مجرمي الحرب.
*****
أما على الصعيد التنظيمي؛ فالمخاوف كبيرة، والتحديات أكبر؛ لأن المهام الكبرى التي تبناها المجلس، تحتاج جسماً تنظيمياً قادراً على حملها، وآليات تنظيمية شفافة، قادرة على التنفيذ.
لم يجر الاحتكام للنظام الداخلي للمجلس الوطني، سواء في انتخاب أعضاء المجلس الوطني الجدد، أو أعضاء المجلس المركزي، أو اللجنة التنفيذية، أو رئيس اللجنة التنفيذية. كان التصفيق، والتوافق (المحاصصة) هو الأسلوب التنظيمي الذي اتّبع خلال جلسات المؤتمر، ما يتعارض مع اللائحة الداخلية للمجلس، ولا ينسجم مع آليات العمل الديمقراطي.
لم يتم الالتزام ببنود اجتماع المجلس التي وزّعت على الأعضاء مسبقاً، وأهمها مراجعة التجربة. كان المفترض أن تصلنا مع الدعوة تقارير تفصيلية لإنجازات اللجنة التنفيذية لمنظمة لتحرير، ما بين اجتماعين، وأن يقدّم كل مسؤول/ة دائرة من دوائر المنظمة موجزاً للتقرير، يعرض بعدها للنقاش، تمهيداً لتقديم اللجنة التنفيذية استقالتها إلى المجلس، قبل انتخاب لجنة تنفيذية جديدة.
وبالنسبة للمرأة؛ حدث تجاهل لقرارات المجلسين المركزيين، بوجوب تمثيلها بنسبة لا تقل عن 30%؛ ما استوجب إعادة تأكيد القرار والمطالبة بتنفيذه.
كما حدث تناقض بين القرار الذي اتخذ حول رفع العقوبات عن غزة، وما نشر في وسائل الإعلام، ما يدلّ على عدم احترام الهيئات وعملها وقراراتها، ويكيل المزيد من الضربات إلى مصداقية المنظمة أمام الشعب الذي تمثله.
*****
كيف يمكن أن نرتب بيتنا/ منظمة التحرير الفلسطينية؟ ونستعيد مصداقية المنظمة بين جماهير الشعب الفلسطيني؟ وكيف يمكن أن نتبنى آليات ديمقراطية في عملنا؟
صحيح أن قراراً قد اتخذ بأن الدورة الثالثة والعشرين، هي الدورة الأخيرة للمجلس، وأن مجلساً جديداً توحيدياً، يعتمد على الانتخاب في الوطن والشتات، وفقاً لنظام التمثيل النسبي الكامل، سوف يعقد لاحقاً؛ ولكن من يضمن تنفيذ هذا القرار؟ من يضمن ألاّ يكون تحويل صلاحيات المجلس الوطني إلى المجلس المركزي هو قضاء عليه؟!
كيف يمكن الحيلولة دون الالتفاف على قرارات اتخذت بالإجماع، وأعلن عنها، مثلما حدث حين تمّ الالتفاف على البيان الختامي للمجلس الوطني، الذي تضمن نصاً صريحاً بإلغاء الإجراءات العقابية كافة، ضد قطاع غزة، وتبني خطة إنقاذ وطنية شاملة؟ وبعدها لم يدرج النص ضمن البيان الذي نشر في وسائل الإعلام.
لن يضعنا على طريق الحرية سوى استعادة الوجه الكفاحي التحرري للمنظمة، وإعادة بنائها على أسس وحدوية، وأنظمة داخلية شفافة، وآليات ديمقراطية، تعتمد على المشاركة، ضمن مبدأ المحاسبة والمساءلة.
فهل نفعل حتى نكون بمستوى التحديات الخطيرة التي نواجهها، والأخطر التي تنتظرنا؟
[email protected]
www.faihaab.com

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.