سيناريوهات ما بعد رحيل أبو مازن / وسام ابو شمالة
أعاد مرض أبو مازن الأخير السؤال القديم الجديد ، ماذا بعد رحيل “الرئيس” ، وهو السؤال الذي لا يطرح في النظم الديمقراطية التي لا يعني غياب رئيسها معضلة في النظام السياسي كونها تحتكم لدستور ينظم المتغيرات في السلطات الثلاث “التشريعية والقضائية والتنفيذية” حتى ان هذا السؤال لم يطرح فترة الرئيس الراحل أبو عمار رغم أننا نتحدث عن نظام سياسي ناشئ تمت فيه عملية انتقال السلطة بسلاسة عبر تولي رئيس المجلس التشريعي في حينه الرئاسة لمدة شهرين ثم عقدت انتخابات رئاسية جاءت بأبي مازن على رأس السلطة التنفيذية ولم تجر إنتخابات منذ ذلك الحين وهيمن أبو مازن على مكونات النظام السياسي الفلسطيني وآخرها منظمة التحرير الفلسطينية . قانونا فإن رئيس المجلس التشريعي الحالي عزيز دويك هو رئيس المرحلة الانتقالية لمدة ستين يوما بعد رحيل أبو مازن ، ويفترض ان يكون أحد السيناريوهات الأكثر ترجيحا لكن على الأغلب ان سيناريو الاحتكام للدستور والنظام آخر ما ستفكر به حركة فتح التي تهيمن على النظام السياسي الفلسطيني في الضفة الغربية ، وقد لجأ أبو مازن لاتخاذ عدة إجراءات غير قانونية لاستبعاد تولي دويك رئاسة السلطة في المرحلة الانتقالية من أهمها تشكيل محكمة دستورية وتعيين رئيس لها من الموالين له وقد يكون أحد السيناريوهات تولي “رئيس المحكمة الدستورية” رئاسة المرحلة الانتقالية إلى حين إجراء انتخابات شاملة . ان موقع رئاسة السلطة محل اهتمام إقليمي ودولي و “إسرائيلي” بدرجة أولى، وعلى الأغلب فإن الإحتلال يستعد منذ زمن لهذه اللحظة وتشير العديد من التقديرات ان رئيس الحكومة الحالي رامي الحمد الله أثبت كفاءته في تنظيم علاقة مدنية مع مؤسسات الاحتلال لا سيما مع “الإدارة المدنية” التي يقف على رأسها ما يعرف “بالمنسق” عوضا عن تماهيه بالكامل مع التعاون الأمني والحفاظ على “الهدوء” في الضفة الغربية وقد يكون أحد المؤهلين لهذا المنصب . على الأغلب ستسعى القوى الفلسطينية وخاصة حركة حماس لاستثمار غياب الرئيس لاستعادة فرص الحديث عن تجديد شرعية المؤسسات الفلسطينية عبر الإنتخابات والتوافق على ان يتم إختيار شخصية توافقية لقيادة المرحلة الانتقالية او تشكيل مجلس توافقي يدير السلطة إلى حين إجراء الانتخابات وذلك في حال تعذر تولي عزيز دويك مسؤوليته الدستورية ، وقد تسعى حماس والقوى الوطنية لاستعادة الحديث عن مرحلة ما بعد أبو مازن منذ الآن وعدم إنتظار الغياب المفاجئ “للرئيس”.. رغم صعوبة ترجيح سيناريو بعينه نظرا لتداخل الفاعلين المؤثرين بشكل مباشر وغير مباشر وتناقض رغباتهم وأهدافهم ومصالحهم إلا ان السيناريو المفضل وطنيا هو جلوس القوى الوطنية الرئيسية والتوافق على إدارة المرحلة الانتقالية إلى حين إجراء الانتخابات الشاملة ، ورغم أفضلية هذا السيناريو إلا أن فرص تحقيقه محدود بفعل حالة الاستقطاب الحاد بين حركتي فتح وحماس ورغبة فتح باستمرارية هيمنتها على النظام السياسي الفلسطيني . أما السيناريو الأسوأ فهو “الفوضى” بمعنى عدم مقدرة حركة فتح على إدارة الخلافات الداخلية مما قد يؤدي إلى فوضى قد تستدعي تدخلا مباشرا من الإحتلال الذي يخشى من تدهور الحالة الأمنية واستغلال حركة حماس لحالة الفوضى لبسط نفوذها في الضفة وتفعيل عمليات المقاومة الشعبية والمسلحة ، ويبقى سيناريو الفوضى حاضرا إذا لم تتمكن فتح من الحد من صراع أقطابها على السلطة وخلافة أبو مازن ، خاصة ان مرحلة جيل التأسيس لحركة فتح تكون قد انتهت تقريبا مع رحيل أبو مازن ووجود أقران طامحين للقيادة من بعده . ولا يمكن تهميش الرجل القوي في فتح/التيار الإصلاحي محمد دحلان الذي سيلعب بكل الأوراق لاستعادة مكانته القيادية في فتح والسلطة ، وهو شخصية تتمتع بعلاقات إقليمية جيدة ولا يوجد فيتو صهيوني عليه ولدى حماس مصالح معه … تبدو كل السيناريوهات واردة وقد تلعب المتغيرات التي ستسبق رحيل أبو مازن دورا في ترجيح أحدها خاصة توجهات أبو مازن من الآن فصاعدا على صعيد قبوله نقاش موضوع خلافته وطنيا واقليميا الذي سيطرح بقوة في المرحلة المقبلة مما يحتم على القوى الوطنية طرح نقاش جاد وحقيقي وموضوعي ينقذ النظام السياسي الفلسطيني كمقدمة لإنقاذ المشروع الوطني .
التعليقات مغلقة.