من سيخلف محمود عباس؟ / ابراهيم ابو عتيلة

نتيجة بحث الصور عن ابراهيم ابو عتيلة

 ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) 30/5/2018 م …

عاشت رام الله والسلطة الفلسطينية خلال الأيام الماضية حالة من الترقب والانتظار بشأن الحالة الصحية للرئيس محمود عباس ، فمن أخبار تقول بأن حالته مطمئنة وهو تحت العلاج والمراقبة إلى أخبار تقول بأن صحة الرئيس حرجة بل روجت بعض قنوات تلفزيون العدو لشائعات عن وفاته .. الأمر الذي فتح الأبواب على كل الاحتمالات خاصة وأن الرئيس قد تجاوز الثمانين من عمره ، وإن مثل هذه الأخبار تثير الحيرة والإرباك على الحالة الفلسطينية المربكة اصلاً فهو علاوة على كونه رئيساً ل ” دولة فلسطين ”  وللسلطة الفلسطينية فهو يتولى رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئاسة حركة فتح الأمر الذي يزيد من حالة الإرباك التي قد تنجم عن وفاته المفاجئة فيما لو حصلت .




لقد تناوب على قيادة المنظمة أربعة أشخاص ولم يشعر أحد في حينه بحالة الارباك التي تعاني منها القيادة في الوقت الحالي ، مع التحفظ على الأسلوب الذي تولى به ياسر عرفات الرئاسة بعد السيد يحيى حمودة الذي تقلد المنصب لفترة انتقالية قصيرة بعد أن تم إبعاد المؤسس المرحوم أحمد الشقيري من قبل تيار ” فتح ” بدعم من الأنظمة العربية حيث قامت العديد من الدول العربية بدعم حركة ” فتح ” كي تتعاظم قوتها على حساب التنظيمات الأخرى من خلال الدعم المالي تارة والإصطفاف معها وتكفير قوى اليسار تارة أخرى ، وكانت النتيجة أن هيمنت حركة ” فتح ” على منظمة التحرير الفلسطينية وتقزمت بالمقابل الفصائل الأخرى شيئاً فشيئاً بما فيها فصائل اليسار ، حتى وصل معه الأمر إلى اعتقاد الكثيرين بأن فتح هي المنظمة والمنظمة هي فتح ، وبالنتيجة باتت قيادة المنظمة ترتبط تماماً وبشكل طبيعي بمن يتولى قيادة حركة ” فتح “.

ومع ما صاحب ولاية عرفات للمنظمة ، وما شهدته تلك الحقبة من تنازلات كبيرة على صعيد القضية الفلسطينية والتي انتهت باتفاقية الخزي والعار في أوسلو التي تخلت بموجبها المنظمة عن الميثاق الوطني الفلسطيني وعن مبررات وجودها المتمثل بتحرير فلسطين كل فلسطين كما تم نبذ الكفاح المسلح كوسيلة وحيدة وأساسية لعملية التحرير، كما وشهد عهد عرفات غياب العديد من رموز” فتح ” والمنظمة إما غياباً طوعياً أو إبعاداً قصرياً أو بالإغتيالات المتلاحقة علاوة على بعض الإنقسامات التي حصلت في ” فتح ” ، فكان لابد أن يترأس المنظمة بعد وفاة عرفات من يستمر في ذات النهج من حيث التراخي في المطالبة بالحقوق والتمسك بالثوابت واعتبار التفاوض وما يسمى ” سلمية النضال ، وسلمية المقاومة !!! ” طريقاً وحيداً لتحرير 22% من أرض فلسطين التاريخية لإنشاء دولة مسخة على هذا الجزء وتسميتها تجاوزاً ” دولة فلسطين ” ، ولم يكن هناك من يتولى قيادة المنظمة بعد وفاة عرفات في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 إلا محمود عباس الذي تقلد منصب الرئاسة رسمياً مع بداية عام 2005 وهو الذي قاد عملية التفاوض في عهد عرفات وصولاً لاتفاقية أوسلو ، علاوة على ما حظي به عباس من دعم كبير من الغرب أثناء توليه منصب رئيس الوزراء في عهد عرفات ، فكان لعباس ذلك ، وتولى الرئاسة ، وسار على نهج المفاوضات كما هو مخطط ، وهو الذي يعتبر ” الأب الروحي للمفاوضات ” كما قام عباس بانتهاج ما يسمى ب” سلمية المقاومة ” النضال للوصول إلى الدولة .

محمود عباس وهو الرئيس الثاني لما يسمى السلطة الوطنية الفلسطينية منذ 15 كانون الثاني / يناير  2005، والذي لم يزل في هذا المنصب على الرغم من انتهاء ولايته دستورياً في 9 كانون الثاني / يناير 2009حيث قام  المجلس المركزي لمنظمة التحرير بتمديد  ولايته الرئاسية لحين إجراء انتخابات رئاسية، وتشريعية التي لم تتم حتى الآن . 

 ومحمود عباس يعترف بوجود ” دولة إسرائيل والذي كان أول رئيس وزراء في السلطة الوطنية الفلسطينية حيث تولى رئاسة الوزراء جامعاً معها وزارة الداخلية في الفترة ما بين  آذار / مارس إلى أيلول /  سبتمبر 2003، واستقال بعدها بسبب خلافات على الصلاحيات بينه وبين عرفات .

وبعد وفاة ياسر عرفات في 11 نوفمبر 2004، أصبح عباس رئيساًل منظمة التحرير الفلسطينية، ثم رشح نفسه لانتخابات الرئاسة الفلسطينية 2005 وفاز في الانتخابات ليكون ثاني رئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية منذ إنشائها في عام 1993 وهو الذي لعب دورًا بارزًا في مفاوضات أوسلو عام 1993، وما تلاها من إتفاقيات، ومعاهدات كاتفاق غزة أريحا، واتفاقية باريس 1994، ضمن مسار التسوية السلمية.

والآن وبعد أن تجاوز عمر الرئيس عباس الثمانين عامأ ، ومع ما يشاع عن حالته الصحية التي قد تقوده إما إختياراً أو قصراً للتنحي عن موقع الرئاسة ، تزايد الحديث عن خليفته المحتمل، وكثرت الأسماء التي تحاول تلميع نفسها وكسب ود الداعمين من فلسطينيين وعرب وغيرهم بما فيهم أمريكا والكيان الصهيوني من خلال استخدام سينوريوهات مختلفة ينتهجها كل واحد منهم ، فتاهت التوقعات ، ولا يكاد يتفق اثنان على شخصية الرئيس المنتظر، ولو أن هناك أسماء بعينها يتم ترديدها وتداولها على ألسنة العامة الناس ، ولعل من بين هذه الأسماء :

·        محمود العالول : الذي لو صحت التقارير فإنه المرشح الأوفر حظاً لخلافة عباس وهو القيادي المخضرم في حركة فتح والبالغ من العمر (68 عاماً) وكان قد انتُخب قبل نحو عام لمنصب نائب الرئيس في حركة فتح التي تهيمن على السلطة الفلسطينية وقواها الأمنية، كما تحدثت التقارير عن أن عباس قال لأعضاء المجلس الثوري لحركة فتح بأن العالول هو المرشح المفضل لخلافته حيث من المتوقع أن يستمر العالول في نفس سياسات عباس الذي يشاطره استراتيجيته بالالتزام بـ”المقاومة الشعبية السلمية ” وليس “النضال المسلح” ضد ” إسرائيل ” .

عمل العالول مسؤولاً في قسم القطاع الغربي الذي كان يرأسه خليل الوزير (أبو جهاد) واستمر معه حتى اغتياله في تونس في عام 1988 وقد وشملت مهام العالول، من يين أمور أخرى، إنشاء قواعد تدريب لمقاتلي فتح في عدد من الدول العربي ، وبعد اختقاء الوزير من الساحة، تم تعيين العالول رئيسا للجنة الأراضي المحتلة، التي كانت مكلفة بتوفير المساعدات المالية والعسكرية للفلسطينيين خلال الانتفاضة .وفي عام 1995، تم تعيين العالول محافظا  لمدينة نابلس، أكبر المدن الفلسطينية في الضفة الغربية. في عام 2009 كما تم انتخابه عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح بفضل علاقته القريبة والودية مع عباس وكثيرا ما أعرب العالول عن آراء مماثلة لتلك التي يحملها عباس.

·        ماجد فرج والذي يتولى حالياً منصب رئيس المخابرات الفلسطينية ويتميز بشخصية حازمة كما يحظى بعلاقة جيدة مع تيار المفاوضات وقد يحظى بدعم من الدول العربية ومن المعسكر الغربي وعلى رأسه أمريكا فموقعه كرئيس للمخابرات يؤكد قدراته وعلاقاته الواسعة . 

·         صائب عريقات أو كبير المفاوضين يتولى حالياً موقع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهو المتمرس في عملية التفاوض منذ أن شارك عباس في مفاوضات أوسلو حتى الآن . 

·         جبريل الرجوب وهو رئيس سابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني وامين سر اللجنة المركزية لحركة فتح حالياً ويتولى رئاسة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم واللجنة الأولمبية الفلسطينية.

·         الدكتور ناصر القدوة الذي يتمتع بخبرة سياسية ودبلوماسية كبيرة من خلال عمله كعضو في في المجلس الوطني الفلسطيني ومساعد للمندوب الدائم للبعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة وعمله كممثل فلسطين الدائم في المنظمة الدولية علاوة على قربه من ياسر عرفات وحامل وحافظ سر مقتله.

·         محمد دحلان ويحظى بدعم عربي واضح و يترأس ما يسمى بالتيار الإصلاحي في حركة فتح ، وهو الذي يحاول العودة بقوة للساحة الفلسطينية ولقد باركت حركة حماس عودته للمجلس التشريعي الذي عقد اجتماعه في الآونة الأخيرة في غزة بعد أن كان أحد مبررات انقلاب حماس على السلطة كما وصلت حماس مع دحلان إلى تفاهمات واضحة في إدارة الشأن الفلسطيني ، ولكن وعلى الرغم من قوة دحلان إلا أنه يبقى شخصية خلافية لمعارضته من قبل القسم الأكبر من حركة” فتح ” .

·        مروان البرغوثي والذي يسمى أحيانًا بمانديلا الفلسطيني بالنظر لوجوده في سجون العدو الصهيوني لفترة طويلة ، ويتميز بجهوده الحثيثة لتوحيد الصف الفلسطيني وتزعمه لإضراب الأسرى الأخير ، ولقد كان البرغوثي الزعيم الوحيد الذي تقدم على زعيم حركة حماس في غزة، إسماعيل هنية، عندما تم استطلاع رأي الفلسطينيين حول خليفة عباس ، ولقد قال صائب عريقات كبير المفاوضين وأمين عام منظمة التحرير الفلسطينية في تصريح اذاعي بأنه سوف يقف إلى جانب البرغوثي إذا ما ترشح للرئاسة، ولكن المشكلة الكبيرة التي تواجه البرغوثي كونه خلف القضبان حيث يقضي خمسة أحكام بالسجن مدى الحياة على التوالي بتهمة القتل ، مما يعني صعوبة توليه منصب الرئيس ، ما لم تصدق الإشاعات التي تقول بأن هناك صفقة تبادل قريبة للأسرى بين حماس والعدو الصهيوني وسيكون البرغوثي على رأس من سيتم إطلاق سراحهم ، مما يعني الموافقة الحمساوية الضمنية على توليه الرئاسة ويعني أيضاً سهولة الحصول على موافقة تيار دحلان على ذلك بعد ما تم الوصول إليه من تفاهمات بين حماس ودحلان في الآونة الأخيرة.

·        ورغم قوة الأسماء التي ذكرت ، إلا أنه ما زال هناك من يقوم بترديد أسماء أخرى كالدكتور سلام فياض والدكتور محمد اشتية فيما قال عباس زكي أن لا سلطة بعد أبو مازن وسنعيد لمنظمة التحرير مكانتها،  كما صرح عزام الأحمد بأن من سيملأ مقعد الرئيس لو شغر بصورة مفاجئة هو رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون.

 ومما هو مؤكد فإن خليفة عباس لن يتم اختياره من خلال انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، ولكن من قبل مسؤولي فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله ، فالقطيعة والانقسام على الساحة الفلسطينية وخاصة بين فتح وحماس يجعل من إجراء انتخابات مفتوحة في الضفة الغربية وقطاع غزة فكرة غير واردة في الوقت الحاضر ، ولعل الأمر الأكثر أهمية من موقع الرئيس هو أن تتم عملية الخلافة بهدوء وبدون خلافات كبيرة بين الفلسطينيين في هذه المرحلة حيث يصعب تقييم حظوظ اي من المذكورين بالفوز بدعم غالبية المسؤولين في فتح كرئيس قادم للسلطة الفلسطينية. في الوقت الذي يرى فيه مسؤولون آخرون في حركة فتح أنفسهم خلفاء مناسبين أيضاً مما قد يؤدي ذلك إلى صراع مفتوح على السلطة في فترة ما بعد عباس

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.