الأسد يتحدى صاحب الكلب المسعور .. الخروج سلما أو حربا / نارام سرجون
نارام سرجون ( سورية ) الجمعة 1/6/2018 م …
اذا كان في البيت الأبيض فقهاء فان عليهم اليوم ان يجتمعوا ولو تحت ضوء الشموع لبحث معاني كلام الرئيس الأسد في حديثه الأخير للمحطة الروسية من أن الاميريكيين سيخرجون من سورية بطريقة أو بأخرى .. اذ قال بالحرف (سنلجأ إلى تحرير تلك المناطق بالقوة، ليس لدينا أي خيارات أخرى .. بوجود الأمريكيين أو بعدم وجودهم .. ليس لدينا خيار آخر.. هذه أرضنا وهذا حقنا .. ومن واجبنا تحرير تلك المنطقة ..وعلى الأمريكيين أن يغادروا .. وسيغادرون بشكل ما .. !! ) ..
واذا كان هناك من يعرف القلق في البنتاغون فعليه ان لاينام منذ هذه اللحظة .. واذا كان هناك من يعرف الندم فسيعرفه الليلة لأنه أدخل نفسه في فخ التواجد في الشرق السوري .. وأما من لم يتعرف من الاميريكيين الى السوريين بعد فما عليه الا انتظار الأيام القادمة وسيرى السوريين وجها لوجه ..
وانا كلي ثقة ان الأميريكيين لم يسمعوا اي كلمة في حديث الاسد الا عبارة واحدة كانوا يبحثون عنها ويفتشون وينتظرون رأي الأسد فيها ليتأكدوا انه فهم انذارهم ووعيدهم .. ورده في الحقيقة حمل جوابه الصريح على انذاراتهم وهو يحمل تقرير مصير الوجود الأميريكي في الشرق السوري .. والخطاب الذي فيه الكثير لايعني سكان البيت الأبيض الا فيما يخص وجودهم الذي صار منذ اللحظة امام حتمية المغادرة .. سلما أو حربا .. والسؤال الذي طرحته محطة روسية على الرئيس الأسد سؤال خبيث ومدروس بعناية .. فالسؤال روسي والجواب سوري .. وهناك تكامل بين السؤال والجواب .. وتنسيق بينهما وتبادل ادوار كما هو الحال بين روسية وسورية .. وهو سؤال يشبه الصواريخ البعيدة المدى التي تحمل رؤوسا استراتيجية .. وقد انطلق من دمشق وسقط في المكتب البيضاوي وأحرق غرة ترامب الصفراء ..
توقيت المقابلة ليس بريئا .. وهو في منتهى الخبث .. وقد اقترب الاحتكاك مع الوجود الاميريكي في الشرق السوري .. وهذا السؤال بالذات في منتهى الدهاء في صياغته وتبادله مع الرئيس الأسد لاطلاقه على شكل رسالة او صاروخ كاليبر .. فالسؤال صاروخ حمّله الرئيس الأسد بأقوى شحنة تفجير روسية سورية المشتركة .. وكبس على زر التشغيل ..
الرسالة وصلت الى اميريكا .. وهي واضحة جدا لالبس فيها .. وهي ليست رواية (اخرج منها ياملعون ) للرئيس العراقي الراحل صدام حسين .. التي كانت أحلاما انتهت بأن دخل فيها الملعون .. وهذه الرسالة من الأسد أكبر تحد تواجهه اميريكا منذ سقوط الاتحاد السوفييتي والانهيار بعاصفة الصحراء عام 1991 ضد العراق .. فمنذ تلك العاصفة والنظام العالمي الجديد الذي أرساه جورج بوش الاب واميريكا لاتطيق من يتحداها ولاتسمح لأحد ان يعصي لها قرارا .. ولاتقبل ان يطلب منها كائن من كان ان يخيرها ان تغادر سلما أو حربا .. لأن رائحة التهديد تخرش خياشيمها وتستفزها كما تستفز رائحة الدم اسماك القرش .. فتزداد شراسة ودموية وفتكا ..
الأسد يزن كلامه بالنانوغرام ولايحب المبالغة والاستعراض ولا الزيادة ولاالنقصان .. وهو يستعمل في توقيت كلامه ساعة زمنية تقيس الزمن بأعشار الثواني .. ووجد ان الأمر قد نضج الآن كي يتم توجيه انذار ليس محشوا بالديبلوماسية بل محشوا بسمعته كرئيس هزم الامريكيين في العراق .. وهزمهم في لبنان .. وهزم ربيعهم في سورية .. وهو يعي مايقول في التوقيت الذي يقوله .. وعبر محطة روسية .. والكلام واضح جدا .. وهو ان على الاميريكيين ان يقدموا البرنامج الزمني لرحيلهم .. والطريقة التي يريدون اخراجه بها .. والا فان عليهم ان ينتظروا برنامجنا الزمني لترحيلهم بالطريقة التي لايحبون ان يخرجوا بها .. وهي طريقة مؤلمة ومحرجة ولادواء لها .. وعليهم ان يدركوا انهم يتعاملون مع قيادة تمرست في التحدي والرقص على حافة الهاوية لخمسين سنة .. وهي خبيرة جدا في ايلام الخصم كما بدا في جنوب لبنان وفي العراق وفي كل مكان قررت ان تتحدى فيه ..
لم أكن قلقا ابدا من وجود الاميريكيين ولكن حديث الأسد اليوم أضفى على ثقتي بعدا جديدا من اليقين .. ولاشك انه نقل كثيرين من التردد والشك الى يقين اليقين بأن القرار السوري الروسي تبلور بزيارة الأسد الى بوتين .. فالرئيسان اتفقا على أن ينتهي وجود القوى المحتلة غير الشرعية .. وكذلك فأن آخر حديث عن التقسيم انتهى اليوم بابلاغ الاميريكيين علنا ان عليهم الخروج وهم من كان البعض يظن انهم قوة التقسيم الرئيسية وحراسه وقوته الدافعة وحصان الجر للمشروع وسكين الفصل وساطور الجغرافيا والتاريخ .. والساطور الذي سيقطع اللحم السوري الى قطع ويعلقها للبيع في دكاكين الامم المتحدة ..
ربما لم يفهم ترامب ماذا قال له الأسد في اللقاء مع المحطة الروسية لان ترامب يمتلك لغة على مقاس أخلاقه وذوقه الرفيع .. وطبعا اذا اردنا استعمال لغة ترامب المحشوة بالبذاءة والرثاثة وقلة الادب والانحطاط والدناءة كي يفهم ترامب ومجموعته ماذا يعني الأسد بالضبط فيمكننا ان نتطوع ونترجم كلام الرئيس الأسد الى اللغة الترامبية السوقية ونقول له: ستخرج كما يخرج حيوان أجرب .. وسنضع حذاء عسكريا في فمك ..
وأستطيع أن أتخيل ترامب وهو يتابع المقابلة .. ولكن يبدو عليه عدم الفهم عندما يقول الأسد (على الاميريكيين المغادرة بشكل ما) .. فيطلب من ابنته ايفانكا وصهره كوشنلا ان يترجما ماقاله الأسد .. فتقول له ايفانكا: داد .. الأسد يريد أن يقول انك ستخرج ورجلك فوق رقبتك .. فيبدو ترامب غاضبا وهو يزداد حيرة .. لكن كيف يسير أحدنا ورجله فوق رقبته .. هذا محال ..
وهنا يتبرع صهره كوشنر .. ويقول: كما خرج أوباما وبوش من العراق .. هذا مايسمى الخروج والرجل فوق الرقبة .. او كما تقولها ديبلوماسية غلامنا عادل الجبير (على الأسد المغادرة سلما أو حربا) .. واليوم نحن والجبير .. سنغادر سلما أو حربا ..
ترامب لم يفهم ويتصل بوزير خارجيته بومبيو ووزير دفاعه الكلب المسعور ويستدعيهما في الحال .. ويسألهما عن معنى الخروج والرجل فوق الرقبة .. فيجيب بومبيو: سيدي الرئيس .. الأسد يعني أنك ستخرج مثل الكلب المطرود .. وفي العربية يقولون انك ستضرب مثل البعير الأجرب ..
ترامب يغمغم: أيها الحيوان ..
بومبيو: طبعا انه حيوان كما وصفته ياسيدي ..
ترامب: بل انت هو الحيوان يابومبيو .. لأنك لاتفعل شيئا أيها الحيوان .. ماهي خطتك؟؟ ..
بومبيو: لاتقلق ياسيدي سنفرض على السوريين ان يخرجونا مكرمين بالباصات الخضراء .. السوريون لديهم باصات خضراء كثيرة .. وهم يضمنون الخروج المشرف والآمن .. وسنسحب كل قواتنا بالباصات السورية الخضراء ولن تكلفنا العملية بنسا واحدا فلا تقلق .. كل من صعدوا بالباصات الخضراء كانوا يسافرون على نفقة الأسد ..
ترامب: أيها الحيوان الأبله .. اتصل بالسعوديين والخليجيين الآن وقل لهم ان تكلفة التذاكر بالباصات الخضراء تصل الى 500 مليار دولار .. وعليهم أن يدفعوا .. تعلم ايها الحيوان كيف تربح حتى وانت تهزم وتخسر ..
ثم ينظر ترامب الى الكلب المسعور ويحدق باصرار: جهز التوماهوك .. أذكى أنواع التوماهوك ..
الكلب المسعور: التوماهوك ياسيدي جربناه .. وبدل ان يصل الى دمشق وصل الى متحف موسكو كما لو كان صاروخا أحول .. يبدو انه سبقنا بالصعود الى الباصات الخضراء .. لكن رحلته كانت أبعد من ادلب بكثير ..
ترامب: كم كنت غبيا .. أواجه أسدا بكلب مسعور .. وبحفنة كلاب مسعورة .. انني أكبر حيوان عرفته اميريكا .. أيها الأسد ..
التعليقات مغلقة.