نشرة الإقتصاد السياسي عدد 431 – 02 حُزيرَان 2018 – إعداد: الطاهر المعز
الطاهر المعزّ ( تونس ) السبت 2/6/2018 م …
فلسطين، في البحث عن التّوازن بين الآني والمُسْتَقْبَلِي: رفَعَتْ قوات الاحتلال من وتيرة القَتْل مع اقتراب موعد ذكرى النّكْبَة، ولم تنخفض وتيرة “مسيرات العودة الكبرى” حتى يوم 15/05/2018 بعد ستة أسابيع من بداياتها (في ذكرى يوم الأرض الثاني والأربعين 30 آذار/مارس 1976- 2018)، رغم المجازر الرهيبة التي ارتكبها قنّاصة جيش الإحتلال، ورغم دعم وانحياز الإمبريالية الأمريكية والأوروبية، لأن ثُلُثَيْ سُكّان غزة لاجئون مُتَمَسِّكون بوطنهم وبحق العودة، وقضية اللاجئين هي جوهر قضية فلسطين لأن الطرد الجماعي العنيف والمُخَطّط له تَرَافق مع افتكاك الأراضي وإزالة 531 قرية (1948)، لتخلُو الأرض (الوطن) للمستوطنين القادمين من وراء البحار والحاملين لمائة جنسية… أعربت بعض وسائل الإعلام الصهيونية عن تخوفاتها من تحَوّل الإحتجاجات الحالية إلى انتفاضة شبيهة بانتفاضة 1987، وابتهج مُحَرِّر افتتاحية صحيفة “هآرتس” (الجمعة 11 أيار 2018) لتحكم الفصائل الفلسطينية في تنظيم عملية النقل والإشراف على توزيع المَؤُونة خلال أيام المسيرات، مما لا يسمح (وفق الصحيفة) باتخاذ قرار جماهيري مُسْتَقِل بشأن استمرار الاحتجاج ، وبشأن توسيعه إلى الأجزاء الأخرى من فلسطين، ويتخوف أحد كبار المُحَرِّرِين من تحول المسيرات إلى “انتفاضة شعبية شاملة ضد الاحتلال”، في حال إفلات المسيرات من قبضة الفصائل (حماس بالأخص) وتشكيل لجان شعْبِيّة مُستقلّة تقوم بمهام القيادة الميدانية وتحدد جدول الأعمال، وما يُخيف هيئة تحرير الصحيفة الصهيونية هو عدم تمكّن الإحتلال بقَنّاصَتِهِ ودباباته وطائراته من وقف الإحتجاج إذا تحول إلى انتفاضة شعبية، رغم الدّعم الأمريكي غير المحدود للكيان الصهيوني… إن تخاذل قيادات العديد من الفصائل الفلسطينية يُقابله وعي جماهيري شعبي بالتمسك بتحرير الوطن الذي أقام عليه الإحتلال دولته ومُسْتوطناته وقواعده العسكرية وشركاته (أمريكية المَنْشَأ) وبحق العودة، مما يُرَسِّخ القناعة بأن القضية قضية وُجُود وليست مسألة حُدُود، ولكن الشُرُوط العَمَلِية للتحرير، غير متوفرة بسبب غياب برنامج وطني للتحرير (أي لعُمُوم فلسطين ولجميع الفلسطينيين، مهما كان مكان إقامتهم)، وقيادة وطنية سياسية وميدانية، تُخَطِّطُ وتُدير وتُشرف على تنفيذ برنامج التحرير بدون استبعاد أي وسيلة، وبعيدًا عن حماية مشروطة لأي هيئة أو نظام أو دولة… التّحْرِير مُقَدِّمَة للقضاء على تقسيم فلسطين إلى أجزاء وتقسيم شعبها إلى مجموعات، إذا كان البرنامج يتضمن بناء سلطة تُعارض الإستغلال والإضطهاد واحتكار الثروات التي أنشأتها جُهُود المُنْتِجِين، لكي يرتبط التّحرّر الوطني بالتخطيط للتّحرّر الإقتصادي والإجتماعي…
ضَحايا ظروف العمل: تُعتبر أنباء ظروف العمل السيئة وحوادث العَمَل القاتلة من الأخبار التي لا تُثِير الإهتمام ولا تنال حظّها من التعليق، لأن البشر ليسوا مُتساوي الحقوق عند الولادة ولا طيلة حياتهم ولا عند المماة، ومن حوادث العمل القاتلة، حادثان وقعا خلال نفس اليوم في قارّتين مختلفتين، ومن الأكيد أن عشرات أو مئات الحوادث القاتلة المُماثلة قد حصلت خلال نفس اليوم وذهب ضحيتها عُمّال فُقَراء، لهم أُسْرَة وأقارب، ولكن حياتهم لا تُساوي شيئا في وسائل الإعلام السّائد والمُهَيْمِن… قُتِلَ ما لا يقل عن 14 عامل إثر انهيار منجم لأحجار “اليشم” الكريمة في شمال “ميانمار” (بورما) ضمن مجموعة كوارث في قطاع الأحجار الكريمة غير المنظم في البلاد التي تُعْتَبَرُ منتجًا رئيسيّا للأحجار الكريمة (مما يُفَسِّر مصالحة العالم معها بضغط من الشركات الكبرى، رغم عدم احترام حقوق الإنسان ورغم الحكم العسكري) وتتساهل الحكومات المتعاقبة (العسكرية والمَدَنية) مع الأعيان المحليين الذين يُشرفون على البحث العشوائي في المناجم غير المُرَخّصة، وكانت الحكومة التي ترأسها أونغ سان سو كي (صاحبة جائزة نوبل) قد تعهدت (ولم تُوَفِّ بوعدها) بتشديد القواعد بعد انهيار أرضي في منجم لل”يشم” أودى بحياة أكثر من 100 شخص سنة 2015 في نفس ولاية “كاتشين”، حيث وقع هذا الانهيار الأخير، حينما كان العمال يبحثون في أكوام الركام داخل المنجم عن أحجار “اليشم”… في جنوب إفريقيا، توفي أربعة عُمال وجُرِحَ سِتّة وفُقِدَ إثنان في منجم “ماسكين” للذهب (غربي جوهانسبرغ” تُديره شركة “سيباني ستيل ووتر” للتعدين، بعد حُدُوث زلزال تسبب في انهيار داخل المنجم… (يُرْجَى مراجعة الخبر عن “بنغلادش” في هذا العدد) رويترز 04/05/18
في الذكرى السبعين للنكبة – أيار 1948–2018
في العاشر من أيار 2018، وقبل حلول ذكرى النّكبة ببضعة أيام، أراد قادة الكيان الصهيوني تحقيق انتصار رمزي في سوريا التي تحتل أمريكا وتركيا والحلف الأطلسي (إضافة إلى الكيان الصهيوني) أجزاء منها، وأحدثت صواريخ العدو الصهيوني أضرارًا وخسائر بشرية ومادّية ولكنها لم تُحقِّق أهدافها، بل أنتجت ردود فعل لم يتوقّعها قادة العدو، عبر صليات الصواريخ السورية التي أصابت الجولان المحتل ومنطقة الجليل (شمال فلسطين)، وبالتالي تقويض “ثقافة الغطرسة” والتّفوق العسكري الذي يجعل مجتمع المُسْتَوْطِنِين يشْعُرُ بالإطمئنان لأنه “مُحَصّن وخارج التهديد وبعيد عن دوائر النار والاستهداف”، ولا يجرؤُ أحد على المساس بالمُسْتوطنين القادمين من وراء البحار… لم يُحقّق الجيش السوري انتصارًا عسكريًّا ولكنه كَسَر حواجز نفسية ومادية وأحْدَثَ صدْمَةً في وعي مُجْتَمَعِ المُسْتَوْطِنِين قُبَيْل الذكرى السبعين لإعلان تأسيس كيانهم، وقبل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس…
في ذكرى النّكبة، تسارعت خطوات التطبيع من جانب الأُسَر الحاكمة في الخليج (وخارج الخليج أيضًا) التي اقترحت تمويل حرب أمريكية صهيونية ضد إيران وضد سوريا ولبنان، إضافة إلى اليمن والعراق وليبيا وغيرها، وأصبح الإعلام الذي تُموله السعودية والإمارات وقَطَر، مجرّد صدى للإعلام الصهيوني، ويرَدِّدُ ويَتَبَنّى بدون أي حَرَج تصريحات الناطق باسم جيش وحكومة العَدُو، كما يُبارك العدوان على سوريا واحتلال أجزاء من أراضيها، ويُمول ويُسلح حكام الخليج المجموعات الإرهابية في سوريا وكافة أرجاء الوطن العربي، وبلغت الوقاحة حد تصريح وزير خارجية البحرين: “إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها”، وهو ترديد لتصريحات القادة الصهاينة ومعهم قادة أمريكا وأوروبا…
في ذكرى النّكبة نشرت هيئات فلسطينية بعض الأرقام، منها إن أكثر من نصف عدد الفلسطينيين يسكنون في بلادهم، منهم 1,56 مليون في الأراضي المحتلة سنة 1948 وحوالي 2,9 مليون في الضفة الغربية بما فيها محافظة القدس (حوالي 435 ألف نسمة بنهاية 2017، حيث يهدم الإحتلال نحو مائة مَبْنَى سنويًّا في القدس بهدف تهجير أصحابها)، وحوالي 1,9 مليون نسمة (66% منهم من اللاجئين) في قطاع غزة الذي يُعَدّ أكثر مناطق العالم اكتظاظًا.
على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي، يعمل الإحتلال على القضاء على الزراعة وعلى القطاعات التي يمكنها توفير وظائف، ليستخدم الوضع الإقتصادي كورقة ضغط لكي يعمل جُزْءٌ صغير من السّكان الأصليين في منشئات العدو، بما في ذلك بناء المُستوطنات التي تُقام على أراضيهم المُصادَرَة، ولكي يُهاجر بقية السّكّان لِتَتَحَوّل أُسْطورة “أرض بلا شعب” إلى حقيقة، ويعمل الإحتلال على عزل المناطق المُحْتَلّة عن بعضها، عبر الحواجز الثابتة والمتنقِّلة، ومنع المُزارعين من الوصول إلى أراضيهم والإستيلاء على الأرض وعلى مصادر المياه وإقامة المناطق العازلة العريضة حول غزة بعمق 1,5 كيلومتر (حوالي 24% من مساحة قطاع غزة) واستولى الإحتلال على حوالي 15% إضافية من مساحة الضفة الغربية (الجدار)، وساهمت هذه السياسة المدروسة للكيان الصهيوني في ارتفاع معدل البطالة في قطاع غزة إلى حوالي 44% من القادرين على العمل (ما يُسَمّى “قُوّة العمل”)، ونحو 18% في الضفة الغربية، وترتفع نسبة البطالة بين الشباب (للفئة العمرية 15-24 عاما) إلى قرابة 65%، وحَوّلَ الحصار عددا هاما من مُزارعي وصيادي غزة إلى عاطلين عن العمل، مما رفع نسبة الفقر إلى حوالي 53% من سكان غزة ونحو 14% من سكان الضفة الغربية (بيانات سنة 2017)، أما الوظائف المتوفرة فمعظمها في أجهزة سلطة الحكم الذاتي الإداري التي تموّلها المنح الدّولية مقابل السّهر على أمن العدو ومُسْتَوطِنِيه…
… تَمَيَّزَ الإستعمار الإستيطاني الصهيوني بطرد السكان الأصليين بالقوة فارتكبت العصابات الصهيونية قبل تأسيس دولتها أكثر من سبعين أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني، والسيطرة على أكثر من 85% من مساحة وموارد فلسطين التاريخية (27 ألف كيلومتر مربّع)، ومنع عودة المُهَجَّرِين وتدمير قراهم وإزالتها من الوجود، وسيطرة الغُزاة على الأرض، وإحلال جماعات وأفراد من شتى بقاع العالم مكان السّكّان الأصليين، وأدّى ذلك إلى نكبة الشعب الفلسطيني تجسّدت في تهجير ما بين 800 ألف و850 ألف فلسطيني (من إجمالي 1,4 مليون)، وقَدّر مكتب الإحصاء الفلسطيني عدد الفلسطينيين بنهاية سنة 2017 بنحو 13 مليون نسمة موزعين على مختلف مناطق العالم، وبقي معظم اللاجئين في الدول العربية المجاورة (إضافة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة)، فيما فرض الإحتلال على فلسطينِيِّي الدّاخل عملية تهجير قَسْرِي بعد طردهم من منازلهم والاستيلاء على اراضيهم، ولا تزال عمليات الإستيلاء مُتواصلة في النّقَب (جنوب فلسطين) وفي الجليل وفي أحياء بعض المُدُن من بينها مُدن “حيفا” و”عكا”، وأصبحت مدينة “يافا” ضاحية لتل أبيب… بلغ عدد اللاجئين المُسَجّلِين في كانون الأول/ديسمبر 2017 في سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أنروا) نحو 5,87 مليون لاجئ فلسطيني، يعيش حوالي 28,4% منهم في 58 مخيما تابعا للوكالة (10 في الأردن، و9 مخيمات في سوريا، و12 في لبنان، و19 في الضفة الغربية، و8 مخيمات في قطاع غزة)، ويوجد لاجئون غير مسجلين، منهم من طردهم الإحتلال بين 1949 و 1967 كما لا يشمل هذا الإحصاء الدّولي الفلسطينيين (من غير اللاجئين) الذين رحلوا أو تم ترحيلهم على خلفية عُدوان 1967، وبلغت النسبة الرسمية للاجئين الفلسطينيين 42,5% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وغزة بنهاية 2017.
… بَيّنَتْ أرقام 2015 إن حوالي 61% من الأسر الفلسطينية تحتاج إلى بناء وحدات سكنية جديدة خلال الفترة 2016- 2025، لكن سلطات الاحتلال أصدرت خلال سنة 2017 أوامر بهدم أكثر من ألف وثلاثين مَبْنى في الضفة الغربية والقدس، ونفذ الإحتلال سنة 2017 عمليات هدم وتدمير433 مبنى (سكن ومنشآت)، 46% منها في مدينة القدس، ونتج عن ذلك تشريد 128 أسرة تتألف من حوالي 700 فرد نصفهم من الأطفال، فضلاً عن الخسائر الإقتصادية للأُسر في القدس بحوالي 51 مليون دولار خلال الفترة 2000-2017، وأقر الإحتلال العديد من العراقيل التي تُعَسِّرُ الحصول على ترخيص بالبناء، بالمقابل أنشأ العدو في الضفة الغربية 425 موقعا عسكريا (قواعد ونقاط مراقبة)، منها 267 مستعمرة وبؤرة استعمارية لنحو 636,5 ألف مستوطن مستعمِر، وفق بيانات 2016، وترافقت عملية الإستيلاء على الأراضي وهدم المباني وتسريع بناء المستوطنات، مع تكثيف عمليات القمع، فاعتقلت سلطات الإحتلال نحو مليون فلسطيني منذ 1967، ويوجد في سجون الإحتلال حاليا أكثر من 6,5 آلاف فلسطيني، من بينهم 350 طفلا، و62 امرأة (ثمانية قاصرات)، واعتقل الإحتلال خلال أربعة أشهر من سنة 2018 نحو 2,4 ألف فلسطينيا (بينهم 459 طفل و 47 امرأة)، وفرض الإقامة المنزلية على 300 طفل في القدس بين تشرين الأول 2015 و30 نيسان 2018.
… بعد سبعة عقود من الإحتلال والإحْلاَل الإستيطاني وإنكار وُجود شعب فلسطيني، يشارك الشباب من الجيل الرابع أو الخامس في كافة الإنتفاضات، ويُجَنِّدُ العدُو مئات القَنّاصَة بغرض قتل وإصابة العدد الأكبر، فبلغ عدد الشهداء حوالي 10,5 آلاف شهيد 10,463 شهيدا، خلال الفترة 29/9/2000 وحتى 31/12/2017، وبلغ عدد شهداء مسيرات العودة في غزة 49 شهيدا منهم 6 أطفال وصحفيين (بين 30/03/2018 و 10/05/2018)وأكثر من 9,52 آلاف جريح منهم 800 طفل، و283 امرأة، و163 مسعفا من الطواقم الطبية…
لم تَكْتَفِ الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، بدعم حكومات الاحتلال، بل تبنت رؤيتها لفرْض تصفية القضية الفلسطينية نهائيًّا وبسرعة (عكس سياسات التصفية عبر مراحل) ولكن الشعب الفلسطيني تمكّن من تحويل الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض (30 آذار/مارس 1976 في الأراضي المحتلة سنة 1948) والذكرى السبعين للنكبة إلى مرحلة نضالية عبر تنظيم “مسيرات العودة”، وإعادة طرح موضوع اللاجئين وإزالة القُرى وطَرْد السّكّان الأصلِيِّين بالقوة، ويمثل موضوع اللاجئين العمود الفقري للقضية الفلسطينية، ولا معنى للحديث عن أي “تسوية” أو “حل الدّولتين” أو دولة واحدة يُهَيْمِنُ على اقتصادها المُسْتَوْطِنُون أو غيرها، دون العودة إلى المُربّع الأوّل وهو احتلال مجموعات من المُسْتوطِنين المدعومين من الإمبريالية البريطانية والأوروبية بشكل عام، لأرض (وطن) كان شعبها يرزح تحت الإحتلال العُثْماني ثم البريطاني، ولا حَلّ بدون هزيمة الإحتلال التي تُؤَدِّي إلى عزُوف المهاجرين الجدد عن استيطان الأرض وعزوف الرأسماليين والمصارف والشركات عن الإستثمار وتحويل الهجرة إلى هجرة مضادة بخروج المُسْتوطنين الذي لا يشعرون بالإطمئنان والأمن، ليتمكن اللاجئون من العودة لبلادهم ولأراضيهم، وتنظيم حياتهم السياسية كشعب مُسْتقل… وردت الأرقام في بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووكالة “وفا“ وبوابة “الهدف“ 14/05/18
استثمارات أجنبية: بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالميًا نحو 1,452 تريليون دولار سنة 2017 وبلغ متوسط الاستثمارات الأمريكية بالخارج قرابة 300 مليار دولار سنويًا، ومتوسط الاستثمارات الصينية المتدفقة للخارج نحو 183 مليار دولار سنويًا، من جهة أخرى أُقِيمَ في المغرب المؤتمر الدّولي للتكنولوجيا والابتكار ( CyFy Africa 2018) من 10 إلى 12 أيّار 2018، واعتبرت شركات تكنولوجيا المعلومات إن قارّة إفريقيا والوطن العربي أصبحت مناطق كثيرة الإستهلاك لتقنيات المعلومات (دون أن تُشارك في إنتاجها وتَصْنِيعِها)، وعلى سبيل المثال يستحوذ قطاع التكنولوجيا على حصة تبلغ 70% من إجمالى حجم التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة الواردة إلى دبى، وفي الكويت ارتفع الإنفاق على التكنولوجيا (المُنْتَجَة في الخارج) من 939 مليون دولار سنة 2012 إلى 1,87 مليار دولار سنة 2017… عن المنشور الدّعائي للمؤتمر 10/05/18
من المُسْتفيد من الإرهاب؟ نَظّمت وكالة المخابرات المركزية عددًا لا يُحْصَى من الإنقلابات في العالم، وأسّسَت ومولت جمعيات عديدة (منظمات “غير حكومية”) تهاجم الأنظمة غير المُوالية لأمريكا، وأشرفت على تنظيم مظاهرات واحتجاجات بذريعة الدفاع عن حرية الرأي أو حرية المُعْتقد (الحريات الدينية) أو الدفاع عن حقوق الإنسان، وأظْهرت الوثائق إن الولايات المتحدة أنشأت تنظيم “القاعدة” وجماعة “طالبان” ومعظم المجموعات الإرهابية في العالم التي قتلت عشرات الآلاف من مواطني البلدان الفقيرة، ولم تُهاجم أبدًا الكيان الصهيوني أو نادِرًا ما تُهاجم دول أوروبا وحلف شمال الأطلسي التي تَشُن حُروبًا عُدوانية في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، وبالأخص في الوطن العربي سواء مباشرة أو عبر الوُكلاء مثل أنظمة الخليج، أو المنظمات الإرهابية التي تَدّعِي أوروبا وأمريكا محاربتها (ليبيا والعراق واليمن وسوريا والسودان ومصر…)، كما ثَبَتَ إن المخابرات المركزية الأمريكية تُشْرِفُ منذ 2012 على شراء ونقل السلاح الذي تُسَدِّدُ ثمنه السعودية وقَطَر والإمارات، من أوروبا الشرقية إلى تركيا والأردن ولبنان، لتوزيعه على المنظمات الإرهابية في سوريا (وفي مُقَدّمتها داعش والقاعدة التي أصبحت النصرة)، ولما بدأ الجيش السّورِي يسترجع بعض الأراضي التي كانت تحتلها المجموعات الإرهابية (بدعم تركي وخليجي وأمريكي وأوروبي)، عاد بعض الإرهابيين الأوروبيين إلى بلادهم الأصلية (فرنسا وألمانيا وبلجيكا وبريطانيا وغيرها)، وأعلن الرئيس الفرنسي في أواخر اب/اغسطس 2017 اعتزامه عقد مؤتمر في باريس لبحث موضوع تمويل الإرهاب، وانعقد المؤتمر في جلسات مُغْلَقَة في نهاية نيسان/ابريل 2018، وضمَّ حوالي 500 خبير و80 وزيرا من 72 دولة “لبحث سبل وقف تمويل الإرهاب الدولي، خصوصا تمويل تنظيمي داعش والقاعدة”، ولم يصدر بيان عن أشغال المؤتمر أو عن القرارات التي اتخذها المشاركون في هذا المُؤتمر المُغْلَق، لكن صحيفة “لوموند” نشرت مقالاً أورد معلومات عن “أجهزة الاستخبارات المالية” التي أنجزت بحثًا بشأن بضعة مئات من المُتَبَرِّعِين ومن جامعي الأموال لتنظيم “داعش” من أموال الزَّكاة ومن المنظمات الخيرية والمُحْسِنِين الأفراد في فرنسا، كما تُرْسِل بعض الأُسَر أموالاً لأبنائها المُقاتلين (الإرهابيين) في سوريا، لِتُضاف هذه الموارد إلى النّهب الذي تُمارسه المنظمات الإرهابية للثروات والمحاصيل وممتلكات الأفراد والأُسَر في سوريا على وجه الخصوص، وقدّرت المخابرات الفرنسية وأجهزة القَضَاء إن تنظيم داعش يجني حوالي 100 مليون يورو سنويا من أرباح استثماراته في العراق وسوريا، وحصل خلال ثلاث سنوات (2014 – 2016) على 40% من إنتاج الحبوب في العراق و80% من القطن في سوريا، وعلى حوالي 1,5 مليار يورو من الإبتزاز ومصادرة أموال السكان وتأجير أو بيع عقاراتهم، وكذلك مليار يورو من الغرامات والرسوم على الولادات والوفيات وعقود الزواج، والضرائب على التجارة والنقل والأعمال… أما الجديد في مقالات وسائل الإعلام الفرنسية فهو الإقرار بوجود “تداخل بين القوات العسكرية الأميركية والفرنسية والبريطانية من جهة وعصابات الإرهاب من جهة أخرى وتقديم المخابرات الغربية بعض المساعدات اللوجستية للإرهاب في المنطقة”… من جهة أخرى اندمجت المجموعات الإرهابية في المنظومة الرّأسمالية الليبرالية، وأتقنت استخدام التقنيات الحديثة التي يستخدمها الأثرياء لتهريب الأموال عبر الحدود وللتهرب من الضرائب، واستخدم تقنيات الإعلام والدّعاية عبر وسائل التواصل التي تُسَمّى “اجتماعية”، واستثمار الأموال عبر استخدام البطاقات المدفوعة مُسبقًا وعبر البرامج والتقنيات الأكثر تعقيدا لنقل الأموال والتلاعب بالحدود، وقدّرت أجهزة المخابرات الفرنسية أن ثروة داعش بلغت نحو 3 مليارات دولار، أو ما يُعادل قيمة شركة الخطوط الجوية الفرنسية (آير فرانس)، وفق صحيفة “لوموند” التي أضافت “إن الدوائر الرسمية تخفي ما تعرفه”، لذلك كان المؤتمر مُغْلَقًا… عن أ.ف.ب + صحيفة “لوموند” + محطة إذاعة القطاع العام “فرانس انْفُو” (بتصرّف وإضافات) 15/05/18
المغرب: عرضت السعودية على النّظام المغربي (القصر المَلَكِي) تسديد ثمن صفقة سلاح أمريكية، مقابل قطع العلاقات مع إيران والمُشاركة في العدوان على شعب اليمن، والإصطفاف الكامل وراء السعودية وأمريكا والكيان الصهيوني، لقاءَ وَعْدٍ بمساعدته مالِيًّا في حل بعض المشاكل الداخلية، ومن بينها احتجاجات منطقة “الريف” (شمال) و”جرادة” (شرق) ومطالب التّنْمِية والعدالة الاجتماعية، وتوفير الوظائف، وغيرها من المطالب المَشْرُوعَة، وكان أُمراء الخليج قد وعدوا مَلِكَيْ المغرب والأردن بمساعدتهما، سنة 2011، لكي لا تعصف الإحتجاجات بالأسرتَيْن الحاكِمتين، لكن الوعود لم تتحول إلى مبالغ ماليّة… من جهة أخرى نشرت صحيفة “ألموندو” الإسبانية مقالاً نقديا مُطَوّلاً بشأن طريقة إدارة الملك محمد السادس لشؤون البلاد، لأنّه “الحاكم الفِعْلِي للبلاد، ويمتلك كل السّلطات، ولكنه كثير التّغيب وكثير الكثير التّغيب وكثير الإقامة بالخارج منذ 2013، وأقام في البلاد أقل من عشرين يومًا خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2018″، أو ما يُعادل 16% من وقْتِهِ، مِمّا يُؤَدِّي إلى شَلَلِ جوانب عديدة من الحياة السياسية، لأن الملك يرأس مجلس الوزراء ويُعَيِّنُ ويُقِيل الوزراء والموظّفِين السّامِين ويُسلِّمُ أوراق اعتماد السُّفَرَاء، وبقيت الحكومة بدون وَزِيرَيْنِ للتعليم وللصّحّة لمدة ثلاثة أشهر، وكتبت بعض الصحف المُناصرة لسياسة الملك (مثل جون أفريك) إن الغيابات المُتَكَرِّرَة للملك تُزْعِجُ الشركاء الإقتصاديين الخارجيين (مثل إسبانيا وفرنسا، الشريكان الأول والثاني للإقتصاد والمغربي) والبعثات الدبلوماسية، في ظل وضع يتميّزُ بالغليان الإجتماعي والإحتجاجات اليوْمِيّة، كما سبب غياب الملك قَلَقًا للرأسماليين المحلِّيِّين الذين يجابه المُقَرّبون منهم للقصر الملَكي (المَخْزَن كما يُسَمِّيه المَغارِبَة) حملة “مُقاطِعُون” وهي مقاطعة ناجحة وشعبية موجّهَة ضد ثلاث علامات تجارية كبيرة: “سيدي علي”، وشركة “سنطرال” للحليب وشركة “إفريقيا”، وتهدف الحملة الإحتجاج على ارتفاع الأسعار، وقاطع عدد كبير من أصحاب السّيّارات محطات شركة توزيع الوقود “إفريقيا” التي يملكها أحد المُقَرّبِين من الملك والرّجل القوي في الحكومة، الملياردير “عزيز أخنوش”، وزير الزراعة، و تَسَبَّبَتْ حملة مقاطعة المنتجات الاستهلاكية بجدل وظهور اختلافات عَلَنيّة بين قادة الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) ونَدَّدَ أمينه العام “سعد الدّين العُثْماني”، وهو رئيس الحكومة، بحملة “مقاطعون”، واعتبرها عملاً غير مسؤول، ألْحَقَ أضرارًا كثيرة باقتصاد البلاد، بل أطلق الوزير المتحدث باسم الحكومة (مصطفى الخلفي) تهديدًا بإحالة مطْلِقِي الحملة الذين اعتبرهم من “مُرَوِّجِي الأخبار الزائفة” على القضاء لمُحاكمتهم، لأن الشركات الثلاثة المُسْتهدَفَة سَجّلت خسائر كبيرة… اعتادت الأُسْرَة المالكة في المغرب أن تستهلك الأحزاب (بما في ذلك أحزاب المُعارضة) وزعماءها ليكونوا واجهة لسياسة مَلَكِيّة رجعية وقَمْعِيّة، ويُحمّل الملك هذه الأحزاب فشل حل مشاكل البطالة والفقر والأُمِّية وارتفاع الأسْعار وخصخصة الخدمات وغيرها من المشاكل التي يعانيها أُجَراء وفُقراء العالم، وسقطت في هذا الفخ جميع الأحزاب، من الإتحاد الإشتراكي إلى الإخوان المُسْلِمِين، مُرُورًا بحزب الإستقلال، لكن يبقى الملك هو الحاكم الفعلي في كل الحالات… عن صحيفة “المستقبل المغاربي” + ترجمة تقريبية لمعلومات من موقع “أورينْت 21” + “ألموندو” (إسبانيا) – 14/05/18
الجزائر، خَلَل هيكَلِي: يعتمد الاقتصاد الجزائري (مثل باقي دول الريع النفطي) على الإيرادات المُتأتِّية من صادرات النفط والغاز بنسبة 96% تقريبًا من إجمالي الصادرات وتعود هذه الأموال إلى الخارج (أو تبقى هناك) لأن البلاد لا تنتج سوى القليل من حاجتها، وتستورد نحو 70% من السلع التي تحتاجها، وكلما انخفضت أسعار النفط الخام (مرة كل عشر سنوات تقريبًا) انخفضت احتياطيات العُملة الأجنبية وانخفضت موارد الدولة، فتُؤَجّل أو تُلْغي مشاريع في مجالات البنية التحتية أو السّكن، وتُخَفِّضُ أو تُلْغِي الإنفاق على البرامج الإجتماعية ودعم السّلع الأساسية، مما قد يخلق مشاكل تُحاول الدولة تفادِيها (احتجاجات وتظاهرات في الشارع)، كما تترك الدولة هامشًا للتهريب وللسوق الموازية (في جميع بلدان الوطن العربي كما في بلدان أخرى غيرها في آسيا أو إفريقيا)، ويتراوح حجم الإقتصاد الموازي (غير الرسمي) -غير الخاضع للضرائب ولقوانين العمل وحماية العُمال واحترام شروط سلامة المُسْتَهْلِك- ما بين 40% و50% من إجمالي الناتج المحلي للجزائر، ويعود الإختلاف إلى اختلاف المصادر وطريقة التّقْدِير، وتتراوح قيمته ما بين 100 و 130 مليار دولارا، وقَدّرَ “الديوان الوطني للإحصائيات” حجم العاملين في الإقتصاد الموازي سنة 2012 بنحو أربعة ملايين عامل أو حوالي 46% من الطبقة العاملة غير الفلاحية، وتستفيد مجموعات ذات نفوذ من هذا القطاع الذي يَحْظى بدعم من أصحاب النّفوذ السياسي والإقتصادي، ويُغطي كافة مناطق البلاد وكافة القطاعات من الزراعة والبناء إلى الخدمات والتجارة (غذاء ودواء وتجهيزات مختلفة وقطع غيار…)، بالإضافة إلى السوق الموازية لصرف العملة الأجنبية، التي تُقَدِّرُ المصارف حجمَها (في وثائق غير رسمية) بنحو عشرة مليارات دولار سنويا، وتُتاجر شركات التصدير بالعملة حيث تشتري العملة الأجنبية بثمن منخفض من المصارف الرسمية وتبيع جزءًا منها في السوق المُوازية، لتستفيد من الفارق… يتميّزُ الإقتصاد المُوازي -بطبيعته- بغياب الشّفافية وبعدم الخضوع لمراقبة مؤسسات الدولة (التي تَخَلّت عن مسؤولياتها لحماية “المصلحة العامة”)، مما يُيَسِّرُ الإستغلال المُكثّف للعاملين والغش والإحتكار وتكديس الثروات غير الخاضعة للضرائب أو لأي شكل من أشكال الضبط أو الرقابة… يُمثّل الإقتصاد الموازي مصدرًا لإثراء المُشرفين عليه، وكذلك مُتَنَفّسًا للفقراء والشباب العاطل عن العمل، لذلك فإن وظيفته الإجتماعية ضرورية وفق حسابات الشرائح الحاكمة، رغم خسائر ميزانية الدولة ورغم الأخطار العديدة التي يُشَكّلها الإقتصاد الموازي على الإقتصاد وعلى صحة المواطنين وعلى حقوق العُمّال… عن صحيفة “الوطن” الجزائرية (باللغة الفرنسية) – موقع “السّفير العربي” 29/04/18
مصر: انخفض سـعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، خلال الأسبوع السابق لشهر رمضان، مما يُنْذِرُ بارتفاع الأسعار، لأن مصر تستورد بالدّولار معظم السلع التي تستهلكها، أما مصدر العملة فهو من بيع ممتلكات الدولة (أُذون الخزانة والسّندات) والصادرات والسياحة وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وأعلن المصرف المركزي زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر شباط/فبراير 2018 بنسبة 11,6% في لتسجل نحو ملْيَارَيْ دولار (مقابل نحو 1,8 مليار دولار خلال شهر شباط/فبراير 2017)، وارتفع إجمالي التحويلات خلال الفترة من تموز/يوليو 2017 (بداية السنة المالية للحكومة المصرية) إلى شباط/فبراير 2018 بنحو 24,1%، من 13,9 مليار دولارا خلال الفترة المُماثلة السابقة إلى 17,3 مليار دولارا، بزيادة 3,4 مليار دولارا، ويستغل المهاجرون المصريون انخفاض قيمة الجنيه لإرسال الأموال التي يدّخِرُونها، خاصة خلال المناسبات والأعياد وبداية السنة الدّراسية… أما في جبهة الأسعار، فبعد الزيادات المُشِطّة في أسعار الطاقة والنقل، ارتفعت أسعار الغذاء قبل شهر رمضان ومن بينها اللحوم ولحم الدجاج والبيض والألبان ومشتقاتها والأرز والقمح والزيت، وارتفعت أسعار الدواجن المجمدة والطازجة بنسبة 8% قبل أسبوع من شهر الصيام، وتتوقع الغرفة التجارية بالقاهرة ارتفاعها بنسبة 15% خلال النصف الأول من شهر رمضان، وتستورد البلاد جزءًا هاما من الدّوادن التي يستهلكها المواطنون في ظل غلاء لحوم الماشية، أو ما تُسَمّى “اللحوم الحمراء”… (دولار = 17,85 جنيه مصري يوم الأحد 13/05/2018 وهو متوسط السعر بين المصارف، وليس سعر البيع للمواطن أو الشركات) أ.ش.أ13/05/18
لبنان: يبدو أن رياح الإنتخابات اللبنانية “جَرَتْ بما لا تشتهي السُفن” الأمريكية، (مع الإعتذار لأبي الطيب المتنبي)، وإن كانت الإنتخابات هي مُجَرّد مُؤَشِّر من مجموعة مُؤَشِّرات أخرى، فَحرّكت أمريكا وُكلاءها في المشرق العربي (السعودية وأخواتها) وفي داخل لبنان (“المستقبل” و”القوات اللبنانية”…)، ونشر “مركز استهداف تمويل الإرهاب” (وزارة الخزينة الأمريكية) مُلَخّصًا لقرار وضع مسؤولين من “حزب الله”، وفي مقدمتهم الأمين العام حسن نصرالله على لائحة الإرهاب، وتضُم القائمة أعضاء مجلس الشورى وأربع شركات متهمة بدعم الحزب. وإذا كان القرار يُشكل تأكيداً لقرارات سابقة، مع شيء من التّصْعِيد الإستفزازي، فإن توقيت إصدار القرار جدير بالملاحظة، حيث صدر القرار بسرعة (أسبوع بعد الإنتخابات) مما يدل أنه جاهز منذ مدة، وتزامن مع نقل سفارة أمريكا من تل أبيب إلى القدس في الذكرى السبعين للنكبة ومع التصعيد الصّهيوني للصراع على الجبهة العسكرية في سوريا والأراضي المحتلة سنة 1967 وارتكاب المجازر في غزة، بالتوازي مع تسارع خطوات التطبيع العلني للأنظمة العربية والخليجية بشكل خاص، وفي لبنان يُعتبر هذا القرار “ضربة استباقية” (وقائية؟) تستهدف من سيشارك في الحكومة المُقْبِلَة، التي تريدها أمريكا والسعودية ومعها مجلس التعاون الخليجي (وبقية التّوابع) حكومة مُواجهة مع “حزب الله” وليست حكومة تعاون معه، وترجم سعد الحريري وسمير جعجع (حلفاء السعودية) هذا الإتجاه منذ ما قبل الحملة الدعائية للإنتخابات (منذ الربع الأخير من سنة 2017)، لأن العقوبات طالت، منذ سنوات، معظم أعضاء مجلس الشورى الذين لم تُعْرَف عنهم ولا عن حزبهم تعاملات مع النظام المصرفي اللبناني أو الدولي، ولا يملكون أُصُولاً معروفة خارج لبنان، لذلك فإن القرار سياسي بالدرجة الأولى، يُحاول منح جرعة من الأُكْسِيجين للمقاول سعد الحريري الذي ورث الثروة والسلطة عن أبيه الذي حكم لبنان طيلة 15 سنة وأغرق لبنان بالديون التي استفادت منها شركاتُهُ الخاصة (تَوَلّت عملية “إعادة إعمار لبنان” وطَرْدَ الفُقَراء ومتوسّطي الدّخل من بيروت)، كما أصدر رفيق الحريري (الأب) عفوًا عن سمير جعجع الذي كان محكومًا بالإعدام من القضاء اللبناني، لِدَورِهِ المُباشر في إدارة وتنفيذ مجازر عديدة منها مجازر مُخَيَّمَيْ “صبرا” و”شاتيلا” (منتصف أيلول 1982)، بإشراف ودعم الجيش الصهيوني الذي احتل لبنان… عن وكالة الأنباء الوطنية اللبنانية (بتصرف) 16/05/18
عرب– الحقبة السّعودية: كان “لبنان” منذ إنشائه بمثابة قاعدة استخباراتية و”منَصّة وَثْب” أو درجة من درجات سُلّم الهيمنة في المنطقة (المشرق العربي) في خدمة نفوذ للدول الإستعمارية، ثم تعاظم دور السعودية كَوَكِيل للإمبريالية (الأمريكية خصوصًا) منذ ارتفاع أسعار النفط، ومنذ انهيار حكم الأنظمة الوطنية أو المناهضة للهيمنة المُطْلَقة للإمبريالية الأمريكية، في مصر والعراق، ولعبت السعودية دورًا كبيرًا في نَشْر الإيديولوجيات الرجعية والمنظمات الإرهابية، خصوصًا في أفغانستان، ثم لعبت السعودية دورًا كبيرًا في التعجيل بانهيار الإتحاد السوفييتي بإغراق الأسواق العالمية بالنفط الرخيص (والنفط يُشَكل أكبر مَوْرِدٍ من العملة الأجنبية للإتحاد السوفييتي المتورط في غزو أفغانستان)… أصبحت السعودية تُهيمن على الأنظمة العربية وعلى الجامعة العربية وتُمَوّل (مع الإمارات وقَطر) المنظمات الإرهابية في ليبيا والعراق وسوريا واليمن… في لبنان تَتَدَخّل الأُسْرة المالكة للجزيرة العربية في كافة جوانب الحياة السياسية، خصوصًا منذ حكم البلاد مُقاول جنسيته سعودية (الحريري الأب ثم الإبن)، وتمارس الإرهاب والإبتزاز والإختطاف (اختطاف رئيس حكومة دولة أجنبية) وإحْياء جُثَث مجرمي الحرب اللبنانية وسفّاكِي دِماء فُقَراء الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان..ز أَظْهرت الإنتخابات النِّيابية اللبنانية أن سعد الحريري التزم للسعودية بشن الحرب السياسية والإعلامية على حزب الله وحُلَفائه، وبتطبيق الخيارات السّعودية، وهو ما كان يَقُوم به سابقًا لكن ليس بنفس الوتيرة، مما يعني تضييق الهامش الذي كانت تتركه أمريكا لحُكّام السعودية ولِحكلم لُبنان وبقية الحكومات العَميلة، وفرضت السعودية والإمارات إقالة “نادر الحريري” (ابن عمة سعد الحريري، ومُدِير مكتبه) الذي لم يكن مُعارضًا لسياسات مجلس التعاون الخليجي وأمريكا ولكنه كان يعتمد الواقعية في إدارة ملفات العلاقة مع “حزب الله” و”أمل” (نبيه بري) و”التيار الوطني الحر” (ميشيل عون)، لكن النتائج السّيّئة وخسارة حزب أسرة الحريري 13 مقعدًا في مجلس النواب شجعت السعودية ومن ورائها الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي على إنهاء “هُدْنَةِ” فترة الحملة الإنتخابية، وليتَدَبّر سعد الحريري أَمْرَهُ لتسديد قُرُوض مصاريف الحملة الإنتخابية لحزبه، والتي فاقت قيمتها ثمانين مليون دولارا، مع هزيمة سياسية، بعد انتهاء مفعول التّركيز على اغتيال الأب المُؤسس للمجموعة الإقتصادية والمالية وذراعها السياسي (تيار “المستقبل”)، فحَمّلت السعودية (ومَنْ وراءَها من قُوى دولية) مسؤوليتها ل”نادر الحريري” وبعض المَسْؤُولين عن جهاز حزب أُسْرة الحريري، لأن نادر الحريري كان يمسك يخيوط شبكة الإتصال برؤساء حكومات أوروبا التي ضغطت على النظام السعودي من أجل إطلاق سراح سعد الحريري من مُعْتَقَله في السّعودية، بعد أن أمعنت السعودية في إذْلالِهِ ودفع شركات الحريري للمقاولات “سعودي أوجيه” و”مصرف البحر الأبيض المتوسط” نحو الإفلاس، بالإضافة إلى خسارة الحريري العديد من الممتلكات والعقارات في الخارج، بسبب عدم تسديد الدولة السعودية المستحقات العائدة للحريري، وحرمانه من أي عقد جديد… قَبِلَ الحريري شروط السعودية والإمارات وحكومتَيْ فرنسا والولايات المتحدة التي لا تَخْدِم العديد خُطَطَهُ الخاصة لرئاسة الحكومة بسرعة، ولم يَتْرُك له أَسْيادُهُ في هذه الدول الوقت الكافي للنظر في حل مشاكله التي كان يساعدة على حلها ابن عَمّتِه “نادر الحريري”، وهي مشاكل سياسية ومالية… في خبر آخر عن التّطبيع السّعودي (والخليجي) العَلَني مع الكيان الصهيوني، أثناء ارتكاب جيش العَدُوّ المجازر ضد الشعب الفلسطيني في غزة، نشرت صحف ومواقع سعودية خبرًا عن “لقاء ودي” جَمَع في القاهرة قادة مصر (عبد الفتاح السيسي) والسعودية (محمد بن سلمان) والإمارات (ولي العهد محمد بن زايد) والبحرين ( الملك حمد بن عيسى)، فيما نشرت الصحف والمواقع الصهيونية خبرًاعن نفس هذ “اللقاء الودي” بمشاركة أحد القادة العسكريين الصهاينة، وبحثوا معًا (العرب والصهاينة) تهدئة الوضع في غزة وتقديم بعض “الجزر” لحركة حماس في غزة، قبل (أو بالتزامن مع) العصا الغليظة التي يستخدمها جميعهم ضد الشعب الفلسطيني منذ 1948، إن لم يكن قبل ذلك… عن موقع “أمد” + “الأخبار” (بتصرف) 18/05/19
الخليج، تطبيع: تزامنت احتفالات الصهاينة ومعهم الإدارة الأمريكية بالذكرى السبعين لتأسيس الكيان الصهيوني وتشريد 850 ألف فلسطيني (بين 1947 و 1949) وإزالة 531 قرية فلسطينية من الوجود، مع خطوات تطبيعية خليجية إضافية، ومن بينها مشاركة منتخب الإمارات للسيدات مع المنتخب الصهيوني في بطولة أوروبا المفتوحة للـ “النت بول” (أو كرة الشبكة) يوم الجمعة 11/05/2018، وقبل أسبوع واحد شاركت البحرين والإمارات في سباق الدراجات “طواف إيطاليا 2018” الذي انطلق من فلسطين المحتلة تكريمًا لدولة الإحتلال، ليتواصل فيما بعد في إيطاليا، ولم يُعْرف عن دُوَيْلات الخليج نشاط رياضي هام، ولكن هذه الخطوات تَرْمُزُ إلى الإنحطاط والعمالَة والخنوع، ورفضت الأُسَر الحاكمة الإستجابة لمطالب حركة المقاطعة العالمية، وكانت الإمارات قد سمحت بمشاركة السائقين “الإسرائيليين” في سباق السيارات “أبو ظبي ديزيريه شالانج” في آذار/ مارس 2018… عن حركة المُقاطعة العالمية 12/05/18
الإمارات، “استثمارات” مشبوهة: ورد اسم رئيس الحكومة الماليزية المُنْهَزِم في الإنتخابات الأخيرة “نجيب عبد الرزاق” في فضيحة سرقة أموال صندوق سيادي حكومي (الصندوق الوطني للتنمية)، وإيداع الأموال في حساباته المصرفية الخاصة وحسابات أَفْراد أُسْرَتِهِ، وجاءت بعضُ هذه الأموال من السعودية، وحصل رئيس الحكومة (الذي يَرْأس الصندوق) في كانون الثاني/يناير 2016 على براءة من المدعي العام الذي عَيَّنَهُ، لكن التحقيقات متواصلة في ست دول أخرى وتتعلق بالفساد والإحتيال وغسيل الأموال، منها الولايات المتحدة وسويسرا، للتدقيق في صفقات مرتبطة بالصندوق الماليزي، منذ 2013، وورد ذِكْر الإمارات في عدد من القضايا، وأعلن رئيس الحكومة المُنْتَخَب “مهاتير محمد” أنه سيواصل متابعة هذه القضية التي قَدّرت السلطات السويسرية قيمة المبالغ العُمومية الماليزية التي وقع الإستيلاء عليها بأكثر من أربعة مليارات دولارا، بدعم من السعودية والإمارات، وكانت مخصصة لتمويل مشاريع تنمية اقتصادية واجتماعية في ماليزيا، من بينها تمويل استثمارات في معامل إنتاج الكهرباء، وتهجمت الصحف الخليجية وبعض رموز الحكم في السعودية والإمارات على رئيس الوزراء “مهاتير محمد” الفائز في الانتخابات الماليزية بعد أن دَعَمت (إعلاميا وماليا) خصمه رئيس الوزراء المهزوم “نجيب عبد الرازق”، المُهدّد بالملاحقة القضائية في ملف الفساد والسرقة والإستيلاء على المال العام، وأوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” في كانون الثاني/يناير 2017، إن شركات مرتبطة بدوائر الحُكْم في الإمارات تلقت أموالا (بالدولار) يعتقد المحققون في الولايات المتحدة وسنغافورة إنها اختلست من صندوق تنمية ماليزيا، ويشترك وُجَهاء الإمارات مع رجال أعمال (مُقرّبين من رئيس الوزراء السابق في ماليزيا) في ملكية شركات وفنادق، استخدمت لغسيل أموال منهوبة من صندوق التنمية الماليزي، الذي تَعرّض إلى إحْدَى أكبر عمليات الاحتيال في التاريخ، وفق المحققين الأمريكيين والسّويسريين… رويترز 12/05/18
بنغلادش، الذكرى الخامسة لانهيار مبنى ومصنع “رانا بلازا“: بلغت حصيلة ضحايا انهيار مبنى من ثمانية طوابق، كان يضم مصنعا للنسيج يعرف تحت إسم “رانا بلازا” (على إسم صاحب المبنى “سُهيل رانا”) في “سافار”، إحدى ضواحي العاصمة “دكّا”، أكثر من 1135 قتيل وما لا يقل عن أَلْفَيْ جريح (معظمهن نساء)، يوم 24 نيسان/ابريل 2013، فيما تمكنت قوات الدفاع المدني من إنقاذ حوالي 2500 عاملة وعامل، شُيِّد مبنى المصنع (ثمانية طوابق) بشكل غير قانوني، في “سافار”، مركز صناعة النسيج في البلاد، وتحتل بنغلادش المرتبة الثانية عالميا في تصدير الملابس والمنسوجات، بقيمة عشرين مليار دولار، ويوجد في البلاد حوالي خمسة آلاف مصنع نسيج يشتغل بها قرابة أربعة ملايين عامل (خصوصا من النساء)، في ظروف سيئة، بسبب المواد الكيماوية وغبار الأقْمِشَة ونقص التهوئة، وتنتج هذه المصانع ملابس لشركات عالمية شهيرة، ويُراقب خبراء من الولايات المتحدة وأوروبا جودة الإنتاج ومطابقته للمواصفات العالمية، دون الإهتمام بظروف العمل، ورواتب العُمال التي لا تتجاوز ثلاثين يورو شهريا… تظاهر عُمال النسيج في كانون الأول/ديسمبر 2016 من أجل زيادة الرواتب وتحسين شروط العمل، فاعتقلت السّلطات 41 مسؤولاً نقابيا وسَرّح أرباب العمل 1700 مُمثِّل نقابي واتهمت الدولة خمسة مندوبين نقابيين بالإخلال بالأمن العام وإلحاق الضّرر بأمن الدّولة، وتنظيم مظاهرة “غير قانونية”، ويعمد أرباب العمل إلى نشر قائمة وصور العُمال المَفْصُولين لأسباب نقابية أو بسبب “عدم الإنضباط” و”الخروج عن الطاعة”، بهدف عدم تشغيلهم في أي شركة أخرى… رفضت العديد من الشركات الأجنبية تسديد تعويضات لأسر العمال الضحايا أو المُصابين، كما رفضت الدولة علاجهم مجانًا، فساءت حالة المُصابين البدنية والنّفْسِية، في ظل ضعف تضامن نقابات الدول الأوروبية معهم… عن الإتحاد الوطني لعمال النسيج في بنغلادش – وكالة أسوشييتد برس 01/05/18
تُرْكيا، مُزايدات وتطبيع (حلال؟): بعد ستّة أسابيع من بداية “مسيرات العودة” في غزة وما سبقها وما رافَقَها من المجازر الصهيونية اليومية، دعت حكومة الإخوان المُسْلِمؤين في تركيا إلى عقد “قِمّة إسلامية”، مع التذكير إن منظمات “اللُّوبي” أو “مجموعات الضّغط” الصهيونية منحت رئيس تركيا الإخواني سنة 2005 “وسام الشجاعة السّياسية” الذي منحته وهو رئيس الدّورة الحالية ل”منظمة التّعاون الإسلامي”… دعا إردوغان إلى “ملاحقة إسرائل في محكمة الجنايات الدولية”، لكن المُعارضة الدّاخلية “المُعْتَدِلَة” تتهمه بالكذب والنِّفاق واستغلال القضية الفلسطينية، لأنه أَمَرَ يوم السابع من كانون الأول/ديسمبر 2017 (غداة إعلان الرئيس الأمريكي نقل السفارة من تل أبيب إلى القُدْس) بإسقاط جميع الدعاوى التي أقامتها الدولة التركية بالتنسيق مع منظمة الاغاثة الدولية ضد الكيان الصهيوني الذي قَتَلَ (نهاية أيار/مايو 2009) عشرة من المواطنين الأتراك على متن سفينة “مرمرة”، مقابل عشرين مليون دولارا لأُسَر الضّحايا التي لم تُسْتَشَرْ قبل اتخاذ القرار، ومن جهة أخرى رفض نُواب حزب العدالة والتنمية (الإخوان) وهم يُشكلون أغلبية نواب البرلمان مشروع قانون “إلغاء الاتفاقيات الموقّعة مع إسرائيل، واتفاقية سفينة مرمرة” (الثلاثاء 16 أيار،مايو 2018) وسبق أن رفضت حكومة الإخوان المسلمين استخدام حق النّقْض (فِيتُو) ضدّ انضمام الكيان الصهيوني إلى منظمة التعاون والتنتمية (0ECD) في أيار 2010، أي بعد سنة واحدة من مجزرة “مرمرة”، ولم تستخدم حكومة تركيا حق النّقْض لمعارضة اتفاقية الشراكة المتقدّمة بين الكيان الصهيوني وحلف شمال الأطلسي (ناتو) في أيّار 2016، ورفضت حكومة الإخوان المُسْلِمين باستمرار الرّد على أسئلة واتهامات المُعارضة التي رَكَّزت خلال فترة “مسيرات العودة” على تآمر الحزب التركي الحاكم، ورئيسه “أردوغان” ضد سوريا وضد الشعب الفلسطيني، بتحالف مع أمريكا واللكيان الصهيوني، ومع الأُسَر الحاكمة في الخليج (رغم بعض الخلافات مع السعودية والإمارات)، وسبق أن اعترض أحد مؤسِّسِي حزب “العدالة والتنمية” عبد اللطيف شنار (وكان نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا المالية حتى سنة 2007) على بيع شواطئ مدينة “إسطنبول” لشركة أمريكية صهيونية، فأجبره جناح إردوغان -المُهَيْمن على الحزب- على الإستقالة، وصَرح “شنار” مؤخرًا “ارتفع حجم وقيمة العلاقات الاقتصادية بين أسْرة إردوغان وإسرائيل وارتفع معها حجم التعامل التجاري بين الدولتين إلى خمسة مليارات دولارا”، وأشار إعلام المُعارضة عديد المرّات إلى الثّراء السريع لأبناء إردوغان وضلوعهم في نقل الثروات المنهوبة من العراق ونفط إقليم كردستان العراق والثروات المنهوبة من سوريا والعراقعبر البر وعبر شركة السّفن التي يملكونها ويتجه بعضها إلى ميناء “أم الرّشراش” في فلسطين المحتلة، ويستورد أبناء إردوغان من الكيان الصهيوني البذور (التي تثصدر تركيا ثمارها فيما بعد إلى البلدان العربية) والمعدات الإلكترونية المتطورة، كما اشترت تركيا طائرات آلية صهيونية، وطورت وزارة الحرب الصهيونية (بإذْنٍ من الولايات المتحدة) طائرات “فانتوم” والدبابات التركية… يتنافسُ النِّظَامَان “الإسلامِيّان” الرّجعيان في تركيا والجزيرة العربية (آل سعود وتوابعهم) على المرتبة الأولى في خدمة مصالح أمريكا والكيان الصهيوني والحلف الأطلسي، وتحاول كل منهما افتكاك صِفَة قيادة “الأمة الإسلامية” (الوَهْمِيّة)، وعقدت السعودية اجتماعًا لوزراء الخارجية في إطار جامعة الدول العربية (العِبْرِيّة؟) في القاهرة، قبل يوم واحد من اجتماع “منظمة التعاون الإسلامي” في إسطنبول (عاصمة الدولة العُثمانية سابقًا)، ولم يُسْفر الإجتماعان عن أي قرار لدعم شعب فلسطين، بل استخدمت كل من السعودية (وتوابعها) وتركيا هذه الإجتماعات لتبرير التطبيع ودعم المنظمات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن وغيرها… عن مواقع حزب “الجيد” (تركيا) + موقع “حزب الشعب الجمهوري” + الوكالة الرّسمية التّركية “الأناضول” من 15 إلى 19/05/18
الحرب الإقتصادية، رُبَّ ضَارّةٍ لأوروبا، نافِعَةٍ لروسيا: أعرب عَدَدٌ هام من المسؤولين في الإتحاد الأوروبي وفي الحكومات الأوروبية عن قَلقهم الشّديد من عقلية التّاجر والمُضارب التي تحكم بها الإدارة الحالية في البيت الأبيض، تحت شعار “أمريكا أولاً، من أجل أمريكا قَوِيّة مُجَدَّدًا”، وذلك عبْرَ شن حربٍ اقتصادية تُؤَدّي إلى إضْعاف اقتصاد “الحُلَفَاء” (دول حلف شمال الأطلسي ودول الإتحاد الأوروبي…)، قبل الخُصُوم (أو الأعْداء)، مثل الصين وروسيا وإيران وفنزويلا وكوبا، وسوف تَطول قائمة الخُصُوم الذين يعتبرهم رئيس أقوى دولة في العالم “أعْداء” (والعدو وجَبَتْ محاربته)، وتؤدّي هذه السياسة بمنطق الإقتصاد الرّأسمالي إلى إضْعَاف فُرَص نُمُوّ الإقتصاد العالمي بسبب زيادة القيود على حركة التجارة العالمية وفرض الرسوم الجمركية على دخول السلع المُنافِسة للسلع الأمريكية، وغيرها منن القُيُود (المُضادّة لمبادئ الليبرالية التي تتغنّى بها أمريكا قبل أوروبا واليابان والصّين)، في المُقابل، سبق وأن أشرنا إلى الإتفاق الإضطراري الذي وقّعته روسيا مع الصين (بعد عشر سنوات من الرفض) بشأن استخراج ونقل المحروقات (النفط والغاز)، وقد يُؤَدِّي تَصَلُّب مواقف الرئيس الأمريكي وانسحابه من الاتفاق الدّولي بشأن البرنامج النّوَوِي الإيراني إلى انتهاز الفرصة وتعزيز علاقاتهما بينهما من ناحية ومع إيران من ناحية ثانية، للمحافظة على مستوى النّمو الحالي لاقتصاد هذه الدول، وإيجاد منافذ لاستثمارات أو لإنتاج شركات روسيا والصّين في السوق الإيرانية، وستكون دول الإتحاد الأوروبي هي الخاسر الأكبر في “الحرب الإقتصادية” التي يَشُنُّها “حَلِيف” أوروبا وزعيم الإمبريالية العالمية وذراعها العسكري (حلف الناتو)، وبَذَلَتْ وتَبْذُلُ حُكومتا ألمانيا (الحليف الوَفِي للولايات المتحدة) وفرنسا جهودًا كبيرة (وغير مُجْدِيَة لحد الآن) لتخفيف حدة الهجوم الأمريكي على “الحُلَفَاء”، ولإيجاد تسويات بشأن الخلافات حول التجارة والإقتصاد، لأن انسحاب أمريكا من اتفاق إيران على سبيل المثال سيعيد فرض العقوبات على إيران، الذس ستتضَرّرُ منه أولا الشركات الأوروبية الكُبرى للنفط (توتال) والنّقل (آيرباص ورينو) ومتعددة الخدمات مثل “سيمنس”، والتي وجب عليها أن تختار بين الخروج من إيران وخسارة السوق الإيرانية الواعدة، أو الإستثمار في إيران وخسارة السوق الأمريكية، مع التعرض لتسديد غرامات مُرتفعة القِيمَة، ولذلك يمكن أن تُوَفِّرَ الحرب الإقتصادية الأمريكية فُرْصَةً للشركات الصينية والرّوسية للحلول محل الشركات الأوروبية، ولِتُصْبِح “الحرب الإقتصادية” الأمريكية حافزًا لتخفيف حدة العقوبات على البلديْن (روسيا كما إيران)… بلغ حجم التبادل بين روسيا وإيران من 2,18 مليار دولارا سنة 2016 إلى 1,7 مليار دولارا سنة 2017، عندما عادت شركات أوروبا الغربية إلى إيران، بعد توقيع “اتفاق النووي” والرفع الجُزْئِي للعقوبات، وتتهيأ الشركات الرّوسية الكُبْرى في قطاع النفط، أو الطاقة النووية (روس أتوم) أو البنية التحتية والتعدين (المناجم) والنقل الجوي (صناعة طائرات “سوخوي”)، إلى تعويض شركات أوروبا (فرنسا وألمانيا خُصُوصًا)… عن صحيفة “كومرسنت” (روسيا) – موقع صحيفة “لوفيغارو” (يمينية فرنسية تملكها أُسْرَة “داسُّو” صاحبة الشركة التي تصنع الطائرة الحربية “رافال”) + وكالة فرانس برس (أ.ف.ب) 16/05/18
فرنسا– تعميق هُوّة الفوارق الطبقية: وزّعت شركات “كاك 40” (أكبر الشركات المُدْرَجَة أَسْهُمُها في السّوق المالية بباريس) ثلثي أرباحها (أو ما نسبته 67,4% ) لمالكي الأسهم منذ سنة 2009، وبالاخص الشركات التي استفادت من خصخصة القطاع العام، مثل “فيوليا” التي اشترت خدمات نظافة المُدُن وتوزيع المياه، وإنجي التي استفادت من خصخصة قطاع الطاقة وتوزيع الكهرباء، وأرسلور ميتال التي استفادت من خصخصة قطاع الحديد والصّلب، مِمّا خفض من حصة الإستثمار (27,3% من الأرباح) ومن حصة رواتب الأُجراء (5,3% من الأرباح، مع خفض عدد الموظفين)، وتتعلّلُ هذه الشركات بالأزمة لرفض زيادة رواتب المُوَظّفِين، وفق منظمة “أوكسفام” ومنظمة (Basic) اللّتَيْنِ نَشَرَتَا تقريرًا بعنوان “كاك 40 – أرباح بلا منازع”، ووصف التقرير فرنسا ب”الدولة الوحيدة في العالم التي تسدد شركاتها الكبرى المُدْرَجَة في البورصة الجُزْءَ الأوْفَرَ من أرباحها للمُساهمين”، وفي تفاصيل حصة الرواتب، يستفيد أصحاب الرواتب المُرْتَفِعة (من رتبة مدير أو رئيس قسم أو فرع…) حيث كسب رؤساء شركات “كاك 40” سنة 2016 في المتوسط 257 ضعف الأجر الأدنى و 119 ضعف الراتب المتوسط داخل الشركة، ونشر التقرير أمثلة عديدة من شركات “كارفور” وإل في إم هتش (LVMH) و”دانون” حيث يبلغ متوسط الراتب السنوي للرئيس التنفيذي سنة 2016 نحو 553 مرة الراتب السنوي لعامل بالأجر الأدنى، وعمدت هذه الشركات إلى زيادة أرباحها بتأسيس أكثر من 1400 شركة فرعية (أو وهْمِيّة) في الملاذات الضريبية سنة 2016، لتيْسِير عمليات التهرب الضريبي… عن أ.ف.ب 14/05/18
فرنسا، “ماكرون رئيس الأثرياء“، بعد عام واحد من الرئاسة: وَعَدَ “إيمانويل ماكرون” بتحسين الأوضاع الإقتصادية، ولكن يواجه، بعد سنة واحدة من انتخابه، معارضة حادّة لأن صفة “رئيس الأثرياء” أصبحت مُلازِمَةً له، وسط مناخ اجتماعي “متوتر” تتخلله إضرابات في قطاعات استراتيجية هامة، من بينها النقل الحديدي والجَوِّي، وقطاع الصحة والتّعليم وغيرها، وسارع الرئيس والأغلبية البرلمانية التي تَدْعَمُهُ باستخدام فَصْلٍ دستوري يُخوّله اتخاذ قرارات دون مناقشة في البرلمان، ومن هذه القرارات ما أطلق عليه إسم “إصلاح قانون العمل”ليَقْضِي على ما تبقّى من قوانين تمكّن العُمّال من فَرْضِها، وليُصْبِح القانون الجديد في صالح أرباب العمل وأصحاب الأسهم في الشركات بنسبة 100%، مِمَّا أدى إلى مساهمة العديد من النقابات العمالية والمتقاعدين والطلبة إلى التّظاهر وتنظيم إضرابات، تنديدًا برئيس الأثرياء الذي يَدّعِي “إن هذا التغيير العميق سيؤدِي إلى تحسين الوضع الاقتصادي، وإلى محاربة البطالة التي تطال الشباب وفئات اجتماعية عديدة”، وأظْهرَت الوقائع إن الرئيس الفرنسي (وهو مُدير سابق في مجموعة “روتشيلد” المالية) “لا يبالي بوضع الفقراء والأحياء الشعبية والأرياف، وهو يُعارض مَبْدَأَ العدالة الإجتماعية”… على مستوى السياسة الخارجية صرح “إن معاداة الصّهيونية هي الوجه الخَفِي لمعاداة السّامؤيّة”، وأعلن دعمه غير المشروط للكيان الصهيوني، مُتَفَوِّقًا على الرئيس الأسبق “نيكولا ساركوزي” في التّصَهْيُن وفي دَعْم الكيان الصهيوني، كما ظهر الوجْهُ الإمبريالي الجديد للحكومة الفرنسية من خلال تعزيز العلاقات مع الإمبريالية الأمريكية وتكثيف مشاركة الطيران الفرنسي (والبحرية) في العدوان على سوريا… عن معهد “أُوبِنْيُون واي” – أ.ف.ب 07/05/18 … تراوحت تقديرات عدد المشاركين في تظاهرة احتجاج ضد سياسة “رئيس الأغنياء” إيمانويل ماكرون -في الذّكرى الأولى لتنصيبه- بين أربعين ألف (وفْقَ الشّرطة) و 160 ألف مُشارك ومشاركة (وفق المُنَظِّمِين) في هذه التّظاهرة في باريس، التي رافَقَتها حراسة أمنية مُشَدَّدَة، نَفَّذَها أكثر من أَلْفَيْ شُرْطي، واعتقلت الشرطة أربعة متظاهرين، كما نَظّم المحتجون تظاهرات مُماثلة في عدد من المدن الفرنسية الأخرى، فيما دعا رئيس حزب “فرنسا المتمردة” (وهز قيادي سابق في الحزب الإشتراكي ونائب برلماني سابق عن نفس الحزب ووزير في عدة حكومات) إلى يوم احتجاج وطني، في السادس والعشرين من شهر أيار 2018… انتهز حزب “فرنسا المتمردة” إضرابات عمال السكك الحديدية وموظفي شركة الخطوط الجوية “آير فرنس” لتنظيم هذه التظاهرة “دفاعًا عن القطاع العام”، فيما ارتفعت حِدّةُ احتجاجات الطلبة على خطط تغيير معايير دخول الجامعات وجعل التعليم الجامعي نُخْبَوِيًّا، وخصخصة التعليم العالي لاستبعاد أبناء الفُقراء والعمال والفئات الوُسْطى، ونُذّكِّرُ أن عمال سكك الحديد وقطارات منطقة باريس نَظّموا مظاهرة ضخمة يوم الخميس 3 أيار/مايو 2018، احتجاجًا على خطط الرئيس ماكرون “لإصلاح الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديد”، و”الإصلاح” في لغة الحكومة يعني الخصخصة وخفض عدد العُمال وخفض الرواتب ومعاشات التقاعد، بذريعة “تخفيف ديون الشركة وتحسين قدراتها التنافسية”، والديون هي في الواقع نتيجة مُضارَبَة نظمتها الحكومات المتعاقبة… عن أ.ف.ب 06/05/18
أمريكا: وقّع 1157 اقتصادي قبل أيام خطابًا مفتوحًا مُوجّهًا إلى الرئيس ترامب والكونغرس الأمريكي، وحَذّرُوا من السياسة الإقتصادية للرئيس الأمريكي التي قد تُؤَدِّي بالعالم إلى كساد كبير، لأنهم يعتقدون “إن الحروب الاقتصادية والحدّ من حرية التجارة سوف توجه للاقتصاد الأمريكي ضربة قاصمة، بل قد تتسبب في أزمة اقتصادية جديدة” مُشابهة لأزمة 1930 (الأزمة دائمة ومستمرة للعمال والفُقراء)… كانت الولايات المتحدة في أوج قُوّتها بعد الحرب العالمية الثانية، في حين كانت القُوى الرّأسمالية الأخرى ( أوروبا واليابان) في حالة دمار وانهيار ولقطع الطّريق على الشيوعيين الذين قادوا المقاومة ضد الإحتلال في اليونان وإيطاليا وفرنسا وفي عدد من البلدان التي احتلّها نازِيُّو ألمانيا وفَاشِيُّو إيطاليا، مَوّلت الإمبريالية الأمريكية عملية إعادة إعمار أوروبا (بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا) واليابان مقابل الهيمنة العسكرية (القواعد وحلف شمال الأطلسي) والإقتصادية (عبر القُرُوض) مما أدّى إلى هيمنة الولايات المتحدة على العالم من خلال الأمم المتحدة والبنك العالمي (كان يسمى البنك العالمي للإنشاء وإعادة الإعمار) وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الجمركي (التي أصبحت منظمة التجارة العالمية)، ولكن الوضع تغيّر بعد سبعة عُقُود من نهاية الحرب، حيث انهار النظام السوفييتي المُنافِس وأصبحت الأنْظِمَة في روسيا أو في الصين أنظمة رأسمالية تُنافس أمريكا، ليس في المجال العقائدي (الإيديولوجي) وإنما في مجالات المنافسة الإقتصادية المَفْتُوحة، وفق قواعد رأس المال الليبرالي المُعَوْلَم، مما جعل روسيا تتأثر بالأزمات الدّورية (1997-1998 و 2008-2009) والصين بدرجة أقل، واغتنمت الصين وبعض بلدان مجموعة “بريكس” (الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا) وأمثالها لتتحول “ورشة العالم” من أمريكا وأوروبا إلى آسيا، وبعض المناطق الأخرى، ولم تَبْقَ للإمبريالية الأمريكية سوى قوة الدولار (الذي بدأ يخسر بعضًا من نفوذه ولو بشكل بطيء)، والقوة العسكرية، وهما غير كافِيان على أمد بعيد، نظرًا لارتفاع ديون الولايات المتحدة وانخفاض إنتاجها وانخفاض إيراداتها من التّصْدِير، ولولا القُوة العسكرية والدّولار لكانت الولايات المتحدة على حافة الإفلاس، لكن زعيمة الإمبريالية لا تخْضَعُ لنفس القواعد، حيث استخدم المصرف المركزي (في أمريكا الشمالية وفي أوروبا أيضًا) المال العام خلال أزمة 2008 لإنقاذ الشركات والمصارف الكُبْرَى الخاصّة، أي تأميم دُيون هذه المصارف والشركات، مع عدم تأميم أرباحها التي عادت إلى الإرتفاع بفضل المال العام، ولا تزال الحكومات والمصارف المركزية “الغربية” تَضُخُّ المال العام المجاني (بدون فائدة) بعد عشر سنوات من بداية الأزمة، بينما تفرض على العُمال والأُجراء والفئات الوسطى والفُقراء التقشف والبطالة وخفض مستوى خدمات التعليم والصحة والنقل وخصخصة القطاع العام، وأدّى ضخ المال العام في خزائن الشركات الخاصة إلى ارتفاع نسبة الدّيون العالمية إلى نحو 225% من إجمالي الناتج العالمي (164 تريليون دولار أمريكي)… تمكّن “دونالد ترامب” وفَريقُهُ والفئات التي تدْعَمُهُ من إقناع العَامَّة بأوهام إعادة المصانع إلى الأرض الأمريكية، مما سيُوَفِّرُ للعمال والفُقراء العمل (الوظائف) والدّخل المُحترم، لكن أصحاب المصانع يفرضون مرتبات ضعيفة ووظائف هشة وبدوام جُزْئِي (مثل وول مارت ومادونالدز وكوكاكولا وغيرها)، لمنافسة الرأسماليين الذين يستثمرون في الصين أو فيتنام، وبذلك ترتفع أرباح رأس المال وتنخفض مستويات معيشة العمال الأمريكيين، من أجل خفض العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة الذي ارتفع سنة 2017 بنسبة 12,1% بقيمة 61,2 مليار دولار (56,6 مليار دولارا سنة 2016)، وتستوجب قوانين المنافسة (للخروج من الأزمة) تخفيض مرتبات العمّال الأمريكيين إلى مستوى زملائهم الصينيين… إن الحرب الإقتصادية التي يَشُنُّها “ترامب” على العالم (من الصين إلى أوروبا، مرورًا باليابان وكوريا الجنوبية)، بالإضافة إلى التهديد بالحروب العسكرية، تُؤَدِّي إلى خفض الإنتاج وارتفاع سعر السّلع (الإنتاج) مما قد يُؤدِّي إلى الكساد وإلى انهيار عدد من اقتصادات العالم، وقد تتسبّبُ الأزمة المُقْبِلَة في تفكك الاتحاد الأوروبي… عن موقع “روسيا اليوم” 13/05/18
طاقة: يتوقع تقرير نشرته مجموعة “مورغان ستانلي” في الخامس عشر من أيار 2018 ارتفاع متوسط سعر برميل النفط الخام نوعية “برنت” (بحر الشّمال) إلى 85 دولارا للبرميل بنهاية 2019 وإلى حوالي 90 دولارا للبرميل في المُتوسّط بنهاية 2020، بسبب ارتفاع الطلب بنحو 1,5 مليون برميل على بعض أنواع النفط المكرر (مشتقات أو “نواتج التّقْطِير”) بحلول 2020، فيما انخفض حجم المخزونات في الدول الرأسمالية المتطورة بنحو مليون برميل، إلى درجة قريبة من أدْنَى مُسْتَوَى لها خلال خمس سنوات، بسبب التنسيق بين مجموعة “أوبك” ومنتجين كبار من خارجها (منهم روسيا) لخفض إنتاج النفط الخام، وقد يضطرب التوازن بين العرض والطّلب بتصعيد وتيرة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران وروسيا، مما قد يُخَفِّضُ المعروض، وكانت وكالة الطاقة الدّولية (وهي مؤسسة خاصة، مقرّها باريس، تنحصر مهامها المُعْلَنَة في إرشاد وتوجيه الدول الرأسمالية الكُبْرى المُسْتَوْرِدَة للنفط والغاز) قد توقعت أن يتباطأ الطلب العالمي على النفط خلال سنة 2018 بحوالي 1,4 مليون برميل يوميا، بسبب ارتفاع سعره بنحو 51% خلال سنة 2017 (بعد أن بلغ الحضيض سنة 2015 و 2016) وزيادة السعر إلى قُرابة ثمانين دولارا للبرميل من الخام سنة 2018، وبسبب إلغاء العديد من الدول المستوردة الرئيسية دعم أسعار الوقود لمواطنيها، مما سيؤثر في نمو اقتصاد هذه الدّول… تجدر الإشارة إن إيران ثالث أكير مُنْتِج للنفط الخام في مجموعة “أوبك” (بعد السعودية والعراق) بنحو 3,8 ملايين برميل يوميا، وأضرّت بها العقوبات التي بدأ رفْعُها في بداية 2016 فانخفضت الصادرات بنحو مليون برميل يوميا، وانتهزت السعودية الفُرْصَة لتعويض القسم الأكبر من انخفاض صادرات إيران من 3,8 إلى نحو 2,6 مليون برميل يوميا في المتوسّط، من إجمالي حوالي 32,2 مليون برميل يوميا من الطلب العالمي… اضطرّت إيران إلى استباق العقوبات الأمريكية التي تشمل قُيُودًا صارمة على صادرات إيران من النفط، وقيودًا على التعاملات المصرفية، وطلبت إيران من الصين المحافظة على مستوى الواردات بعد سريان العقوبات الأمريكية، دون الحصول على ضمانات من الصين، أكبر مستهلك للنفط الإيراني في العالم، بمعدّل 655 ألف برميل يوميا خلال الربع الأول من العام 2018، أو حوالي 25% من إجمالي صادرات إيران، وكانت الصين قد استوردت قرابة 50% من إجمالي صادرات إيران، خلال فترة العُقوبات بين 2012 ونهاية 2015، وجرت تسوية معظم الصفقات باليورو واليوان الصيني، بينما خسرت إيران نحو 80 مليار دولارا من الموارد المالية التي كانت تتوقع الحصول عليها من صادرات النفط… ارتفعت الإمدادات العالمية من النفط الخام من خارج “أوبك”، مع ارتفاع الإنتاج الأمريكي من النفط الصّخري، بمقدار 2,1 مليون برميل يوميا، وتعمل الولايات المتحدة على استغلال العقوبات التي فَرَضَتْها على روسيا وإيران وفنزويلا، لزيادة صادرات النفط الصخري الأمريكي نحو أوروبا، كما بلغ حجم الصادرات الأمريكية المُقَرّرَة إلى آسيا نحو 25 مليون برميل حتى شهر أيار/مايو 2018 (الصين والهند وماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة)، وبذلك تُنافس الولايات المتحدة نفط الخَدَم الخليجيِّين، وتبيع أمريكا النفط الصخري (وهو نفط خفيف، مُنْخَفِضِ الكِبْرِيت) بأسعار أقل من “أوبك”، بتخفيضات أمريكية تتراوح بين 1,5 وخمسة دولارات في سعر البرميل الواحد… أدّى الوضع السياسي العالمي والتهديدات الأمريكية (بمختلف أنواعها وأشكالها) إلى ارتفاع أسعار النفط (وتَسْتفِيد الشركات الأمريكية بدرجة أولى من هذا الإرتفاع) إلى قرابة ثمانين دولارا لبرميل خام “برنت”، ولكن الأسعار انخفضت بعد ساعات قصيرة وقبل إغلاق أسواق المُضارَبة بالطاقة، بسبب تعمّد الشركات الأمريكية مثل “إكسون موبيل” و”رويال داتش- شل” و”شيفرون” و”بي.بي” و”توتال” زيادة المعروض، بهدف خفض سعر نفط غرب أفريقيا وروسيا وقازاخستان، وكان خُبراء “أوبك” قد اعتبروا أن ارتفاع النفط إلى 80 دولارا للبرميل هو طفرة قصيرة الأمد مدفوعة بعوامل جيوسياسية وليس بنقص في المعروض، مما لا يتطلّب مراجعة لجداول خفض الإنتاج المُتّفق عليها بين أعضاء “أوبك” وشركائهم وفي مقدمتهم روسيا… تُعْتَبَرُ مسألة الهيمنة على أسواق المحروقات (الغاز والنّفط) من أحد أسباب الحرب الإقتصادية والإعلامية التي تَقُودُها الولايات المتحدة ضدّ رُوسيا (إضافة إلى أسباب أُخْرَى ذات طبيعة استراتيجية)، وتعْمَلُ الولايات المتحدة على استغلال العقوبات التي فَرَضَتْها على روسيا وإيران وفنزويلا، لزيادة صادرات النفط الصخري الأمريكي نحو أوروبا وآسيا، ومنافسة نفط عُملائها الخليجيِّين (عُملاء بالمفهوم السياسي وليس التّجاري)… عن وكالة الطاقة الدّولية + رويترز (بتصرف) 16/05/18
التعليقات مغلقة.