القول الفصل في مشروع قانون ضريبة الدخل ( في الأردن ) / د. عادل يعقوب الشمايله
من الطبيعي أن يُثيرَ الجدلُ الدائرُعلى مشروع قانون ضريبة الدخلِ إهتمامي باعتباري مواطنا أولا وكأكاديمي مُختص يتحملُ الامانة والمسؤولية العلمية ثانيا. يتكونُ المشروعُ كما القانون مِن جُزئين، الجزءُ الاولُ يُمكن تقييمهُ من وجهةِ نَظرِ علم المالية العامة، والجزء الثاني وهو الاجرائي يُمكنُ تقييمهُ من وجهة نظر علوم الادارة المالية او الادارة العامة او القانون او المحاسبة.
فيما يتعلقُ بالجزءِ الاولِ وهو مدى توافقِ المشروع مع ما استقر عليه علم المالية العامة من الخصائص التي يجب ان يتمثلها أيُ قانونٍ للضرائب، و كذلك الاهداف التي شُرِعَ ليحققها، فانني أرى أن المشروع قد ناكف تلك الخصائص والاهداف، ولا عجب أن يَحدُثَ ذلك اذا كان من يصوغُ القوانين المالية ومن يقرونها في بلدنا، لا يختلفون عن خُبراء الطبِ الشعبي الذين يُعالجونَ المرضى النفسيين بضربهم بالاحذية. هدفُ المُشعوذينَ هو إخراجُ الشيطانِ من المريض بالحذاء وهدفُ الوزراء والنواب هو إخراجُ المالِ من جيوبِ من كدحَ ليحصلَ عليها. أما المخالفات فهي باختصار شديد:
1-يُفترضُ أن يعكسَ قانونُ الضريبة الفلسفةَ الاقتصادية والاجتماعية للدولة وأن يُحافظ على وظيفةِ الضريبةِ كاداة من أدوات السياسة المالية للحكومة. وفي هذا الاطار، يُرحبُ بالتعديلِ اذا كان الهدفُ مِنهُ هو إصلاحُ النظامِ الضريبي بِما يُحقق نموا اقتصاديا موجبا وعاليا، الى جانب تحسين التحصيل الضريبي، أو على الاقل تحسينِ التحصيلِ الضريبي مع عدمِ إعاقة النمو الاقتصادي. المشروعُ كما فهمته يُكرسُ نهجَ هذه الحكومة والحكومة التي سبقتها المتمثلِ بتعميقِ الانكماش الاقتصادي الذي استنزف الاردنيين منذ عام 2008 باقتدار كبير. وخيرُ مثال على ذلك هو الطريقةُ التي عالج فيها مشروعُ القانونِ الودائع البنكية والاستثمار بكافة اشكاله، الى جانب تحويل جميع من يمشي على الارض الى مكلفين. كل ذلك يوحي بأن هدف المشروع جبائي بحت. ولهذا يجب دحضُ هذا التوجهِ وإفشالهِ وعدمِ تمكينِ الحكومة من تجريف جيوب المواطنين والمنتجين.
2- مبدأ الحيادية: يُفترضُ أن يكونَ القانونُ حياديا تجاه خيارات وبدائل الاستثمار. وهذا يتطلب عدم التأثير على قرارات المستثمرِ بدفعهِ لترك مجالات الاستثمار التي يتحققُ فيها التخصيصُ الكفوءُ لموارد المجتمع، الى مجالاتٍ تقلُ فيها الكفاءةُ لأن نسب الضريبة عليها أقل. إن تفاوتَ النسبِ الضريبية بين قطاعات الاستثمار يتدخل سلبا في القرارات الاستثمارية للمستثمرين الحاليين ومن قد يفكر بذلك وهذا يؤدي الى عدم إستغلال الموارد الوطنية بشكل يعظم الناتج المحلي الاجمالي .
3- مبدأ البساطة: يُفترضُ في القانون البساطة. أي وضوح النصوص القانونية وسهولة فهمها من المكلفين العاديين مِمن يُجيدون القراءة والكتابة. وكذلك بساطةَ وسهولة تطبيقها حتى لا تكون قابلة لاختلاف ألإجتهادات مما يُخل بمبدأي المساواة والعدالةُ، حيثُ يُمكن أن يقلَ العبءُ الضريبي على البعضِ ويزيد على البعض الاخر تبعا لقدارات المحامين او المحاسبين وهو ما يسمى loopholes. ضَعفُ الصياغة اللغوية والابهامُ في المعنى هو سِمةُ المشروعِ الرئيسية، مما سيضطرُ حتى صغارِ المكلفين الى الاستعانةِ بمكاتب المتخصصين في الضريبة، كما أنهُ سيدفعُ بالكثيرين منهم الى اللجوء للقضاء. فكلما زاد التعقيد اللغوي، وحارت الافهامُ مِن الابهام، كلما زادت فرص التهربِ الضريبي وفرص الرشوة.
4- مبدأ الموارد الضائعةdeadweight loss :يُفترضُ في القانونِ أن يُمكنَ المكلفَ من الالتزام بالقانون بدونِ كُلفٍ إضافيةٍ غير الضريبة نفسها سواءاً مالية أو زمنية أو نفسية. إن المسافة والوقت اللذين يتحملهما المكلفُ للانتقال الى أي من مديريات الضريبة والانتظار والتحرك بين المكاتب وعدم ملائمة اماكن الجلوس ودرجة الحرارة والحمامات وتعامل الموظفين كُلها أعباءٌ إضافية. وهي بمثابة ضريبة اضافية.هذه الموارد المهدورة يخسرها المكلف ولا تستفيد منها الحكومة.
5- يُفترضُ أن يؤدي القانون الى تحصيل المبلغ المتوقع من الضرائب. وهذا يتطلب أن لا يخالف القانون ما يعرف ب Laffer Curve.. لقد تتابع تعديلُ مختلف الضرائب والرسوم والرخص خلال السنوات القليلة الماضية لزيادة الايرادات، غير أن الحكومة تزعُمُ بان الايراداتِ لا تصل الى المبلغ المتوقع. الا يعني ذلك تحقق Laffer Curve اذا كان زعم الحكومة صحيحا؟
6- مبدأ تحقق العدالة الافقية والعدالة العمودية horizontal equity and vertical equity وهذا ما لم يضمنه المشروع، لا من حيث اعتماد المقدرة على الدفع وهو مبدأ من مبادئ علم المالية العامة واحد نصوص الدستور الاردني، ولا من حيث الاعفاءات والتنزيلات. إن الاعفاءات الشخصية والطبية والتعليمية تُقللُ مِن تصاعُدية الضريبة ولا يستفيد منها الا الاغنياء بصورة كبيرة، وبقدر اقل بكثير لمن تتجاوز دخولهم مبالغ الاعفاءات. وحيثُ أن دُخول غالبيةِ الاردنين تَقلُ عن مبلغ الاعفاءات والتنزيلات فانهم لن يستفيدوا منها إطلاقا. وبناءا على هذه الحقيقة المُثبتة، اذا كان لا بد من وجود الاعفاءات والتنزيلات لاسباب دعائية والضحك على دقون محدودي الدخل، فانني أقترحُ أن تقتصرَ الاعفاءاتُ على الدخول من الرواتب التي تقل عن 24000 دينار سنويا فقط. والافضلُ أن يخضعَ كلُ من لهُ دخلٌ للضريبة، وان يتمَ ردُ الضريبة كلها لمن تقل دخولهم من الرواتب عن 24000 دينار سنويا أو أن تُزاد الرواتبُ بمبلغ معادل.
7- يفتقدُ القانونُ لمبدأ المرونة بل والادهى انه يعاكسه: يتطلبُ مبدأُ المرونةِ أن يتجاوب قانون الضريبة مع الدورات الاقتصادية وان يُسهم في معالجتها. ففي حالة الانكماش الاقتصادي من الطبيعي أن تقل الارباح وتكثر الخسائر. وبالتالي تكونُ إيرادات الضريبة أقل. أما في حالة الانتعاش الاقتصادي فيحدث العكس تماما. مشروع القانون يطلبُ من المكلفين إيداع دفعات للضريبة بناءاً على العبء الضريبي للعام السابق للعام الضريبي، والا سيتعرضون لغرامات باهضة والسجن. كما سيتعرض المدير العام لعقوبات غير منطقية. اذاً في حالة الانكماش او تردي اوضاع الشركة، على الشركة أن تستدين أو تبيع قسما من موجوداتها لتسدد الدفعات المتوجبة عليها بموجب القانون تجنبا للعقوبات. كما ان لا خيار امام المدير العام والمدير المالي إلا الاستقالة ليهرب كل بريشه وبامواله الخاصة. لست ادري من هو صاحب هذه العبقرية الاقتصادية والقانونية. يقضي مبدأ المرونة ايضا أن تكتفي الحكومة بتخفيض نسب الضريبة في حالة الانكماش لتحريك الاقتصاد، وزيادتها في حال الانتعاش الاقتصادي لمنع التضخم، دون حاجة الى تعديل مواد القانون الاخرى.
8- مبدأ إتساع القاعدة الضريبية: يُفترضُ أن يبسط القانونُ عبائته على أوسعِ قاعدةٍ ضريبية ممكنة ومنطقية. وهذا يتطلبُ أن يقترب تعريفُ الدخل والدخل الخاضع للضريبة قدر الامكان من التعريف الذي وضعه العالمان هيج وسايمون لضمان تحقق توافق مقبول بين معياري الكفاءة والعدالة من جهة، وللحصول على الايرادات المتوقعة من جهة اخرى ولكن بنسب ضريبية منخفضة وتجنب التسبب بتشوهات في الاقتصاد بسبب محاباة قطاعات على حساب أُخرى. إتسم المشروعُ بالتوسع في الاستثناءات لانواع من الدخول ولاشخاص طبيعين وإعتباريين مما ضيق القاعدة. كما أن الممارسة التاريخية لتطبيق قوانين الضريبة في الاردن تَشهدُ على أن عباءة من أُستثني من الضريبة تسمح بالتسلل اليها.
9- مبدأُ الشفافية: اذا كان من واجب دافعي الضرائب أن يحترموا القانون، فإن من حقهم أن يعرفوا أدق التفاصيل عن إدارة مالية الحكومة. وهذا يتطلب أن تكون سجلاتُ الحكومة مفتوحة للمواطنين للتأكد من حجم الاموال العامة المحصلة من مختلف أنواع الضرائب والرسوم والرخص والغرامات، وكذلك الاطلاع الفعلي على حقيقة حجم الانفاق إن تم وعلى ماذا. إن موقع الاردن على السلم الدولي للشفافية المالية متدنٍ حسب البيانات التي ينشرها البنك الدولي والمنظمات الدولية. وعليه، لا يكفي أن تُدرجَ الحكومة في مشروع قانون الموازنة السنوي المبالغ المُحصلة والمبالغ المُنفقة وأن تتوقع من مواطنين واعينَ مُلتزمين بمصلحة بلدهم أن يُصدقوها خاصة وأن مجلس النواب لا يُمَكنُ من الاطلاع إلا ضمن قيود وضوابط، وفي الوقت ذاته فإن عينه على الحكومة وهو ديوان المحاسبة مُستثنى من الحصانة مع أنه أولى بها من الوزراء، الامر الذي يجعلُ هذهِ العين تُعاني من ضعفِ النظر. إن الثقة بين الحكومة والمواطنين في أدنى درجاتها حسب ما يُنشر على وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وما يُتبادل من أحاديث وما يتفوهُ به بعض النواب والناشطين والحراكيين. يقول القرآن: ‘ ولا تأتوا السفهاء اموالكم’. ولقد أثبتت الحكومات المتعاقبة أعلى درجات السفهِ في التصرف بالمال العام. إن من غير المعقول أن تُغيبَ إرادةُ دافعي الضرائب عن تقريرِ حجم الانفاق الحكومي وتركيبتهِ بين جاري ورأسمالي ومدني وعسكري، والاكتفاء بمباركة مجلسي النواب والاعيان، اللذين يعانيان من إنعدام ثقة المواطنين بهما. إن التصويت الحقيقي والواقعي على المجلسين بعدم الثقة قد تم ويتم بمعدلات مشاركة تفوق كثيرا المشاركة في الانتخابات التي يُؤمنُ مُعظم الاردنيين أنها غيرُ نَزيهةٍ ولا تُعبر عن إرادتهم وإختيارهم. النتيجةُ أنهُ لا يحقُ للحكومة أن تزيدَ إنفاقها السنوي وأن تٌقرر هي أولياتهُ وطُرقَ إنفاقهِ والمنتفعينَ مِنهُ بِمُفردها، ثم تُجبرُ الناسُ على تَحمُلِ نتيجةِ قراراتها بدفع المزيد من الضرائب وتَحمُلِ دينِ عام يتضخمُ كالسرطان، وفي نفس الوقتِ إستمراء الاهانة لكرامتهم الوطنية الناجمةِ عن التسولِ والتوسُلِ الازلي وليس الطارئ لِ ومن دولَ ومنظماتٍ أجنبيةٍ لنجدة الدولة الاردنية العاجزة دوما عن إثباتِ أنها دولةٌ مستقلةٌ وذاتُ سيادةٍ وجديرةٍ بالحياة والاستمرار والندية. الحالُ الماثلُ أمامنا، هو مُنقلبُ الدولةِ التي تٌصرُ على أن يَقودها مَن قَادَها دوما نحو هذا الوضعِ المتأزمِ ماليا ومعنويا وجَعلَها مُجردَ عالةِ على الامم. وانني أؤكد للقراء أن حالة الازمة المالية مُصطَنعةٌ للتخويفِ والابتزازِ وليست ناجمةً عما تُقدمهُ الحكومةُ لمواطنيها. فالجميع يُشاهدُ ويلمسُ التراجعُ المستمرَ لدورِ الحكومة وأدائها دون اكتراث لانتقاداتِ المواطنين والجهات الدولية.
10- مبدأ منع التهرب الضريبي: يُفترضُ في القانون أن يتضمنَ ألياتٍ تُحاصرُ أسباب التهربِ الضريبي وتجتثها وتعاقبَ المتهربين وخاصةَ الكبارَ لا مُعاقبة المجتمع كله. من الضروري أن لا يغيبَ عن الذهنِ أن السببَ الاول للتهرب الضريبي هو تدني الولاء الوطني وانعدام الربط في التربية والتنشئة بين حُبِ الوطنِ وبين التضحيةِ مِن أجلهِ عن طيب خاطرٍ واقتناع. أما السببُ الثاني فهوالقدوة السيئة. عندما يكونُ التهربُ مِن الضريبةِ هو صِفةُ كافةِ المُتنفذين وظيفيا وماليا، وان سُلوكهم مسكوتٌ عنهُ ومَصون، فما فائدةُ تغليظِ العقوبات طالما انها لا تطالُ هذه الفئةِ الطفيلية خاصة وأن حجم الاموالِ التي يمتنعون ترفُعا وغطرسةً عن دفعها تفوقُ ما يُجمعُ مِن المواطنينَ والمُنتجينَ العاديين كافة. وبالتالي فإن تغليظَ العقوباتِ سَيُصيبُ من كان يدفعُ الضريبة أصلا ولكنهُ يتأخرُ في دفعها، أو من يجهلُ أن دخلهُ خاضعٌ للضريبةِ، أو صِغارِ المُتهربين. هذا بالنسبة للتهرب غير القانوني. اما التهربُ القانوني فانه يتمثلُ في استغلال الثغرات في القانون، والثغراتُ في هذا القانونِ كثيرة. هذا النوع من التهرب يحدثُ، وأثره الماليُ كبيرٌ ولا عِقابَ على المتهربين لانه يقعُ ضمن بند الفهلوة.
11- يُفترضُ أن يتغيا المُشرِعُ الوصولَ الى نوعٍ من التوازن بين الحاجات والواجبات. إن إنتفاع دافعي الضرائبِ مِن وجود الحكومة ومرافقها وخاصة الامن ليس متساويا. فأصحابُ المصالحِ الاقتصادية الكبيرة والمتشعبة كافراد وكشركات ينتفعون اكثر من المواطنين العاديين. لانه كلما زادت أموالهم ونشاطاتُهم الاقتصادية كُلما زاد طلبهم على الامن وعلى خدمات الحكومة. ولذلك فمقابل الطلب المتزايد يجب أن يكون هناك التزام متزايد، أي تصاعدي في عبئهم الضريبي. اذاً يتطلبُ مبدأُ المساواة أن تتساوى المنافع والالتزامات. كما أن المُهمُ ليسَ تصاعُد مُعدلاتِ الضريبة ولكن تصاعد العبء الضريبي الحقيقي وهذا ما تقللهُ الاعفاءات والتنزيلات.
12-مبدأ الاستقرارِ الضريبي والوضوح والابتعاد عن العشوائية سواءا في مقدار العبء الضريبي أومواقيته أوطريقة دفعه أوالاجراءات التي على دافع الضرائب أن يمر بها. يقول آدم سميث إن العشوائية والتعديلات المستمرة الاعتباطية تحولُ دون التيقنِ والقدرةِ على التخطيطِ لدى دافعي الضرائب مما يجعلُ الضريبة مكروهة ويزيدُ من محاولات التهرب منها حتى ولو كانت الادارة الضريبية نزيهه. كما انها تزيد من فرص الرشوة.
13- مبدأ الكفاءة: بمعنى تحقيق الهدف بأقلِ كُلفةٍ مُمكنة. إن مَن يقرأُ مشروعَ القانونِ يجدُ أنهُ يُخالف هذا المبدأ بصورة جِدُ كَبيرة. إن الزام جميع من هم في سن الثامنة عشرة فما فوق أن يحصلوا على أرقام ضريبية وتعبئة بيانات الضريبة، وكذلك كل من لديه دخل قل او كثر، وكل شركة عاملة او موقوفة او متوقفة لاي سبب من الاسباب، اقتصادية او عائلية او خلافات بين الشركاء او وفاة المالك او احد الشركاء ان يُقدم سنويا بيانا ضريبيا وان يدفع ضريبة، والا إستحقت عليه غرامةٌ ماليةٌ سنوية يُخالفُ قاعدة الكفاءة لان هذا يتطلب المزيد من الموظفين والرواتب والحواسيب وزيادة الطاقة التخزينية والتحليلية لها وتزايد عدد المراجعين والمحتجين والمعترضين ودعاوي المحاكم ومن ثم القضاة والسجون والشرطه. كما يتطلبُ أبنية أوسع وسيارات اكثر. أي أن جزءا غير يسير من الضريبة سيضيع كمصاريف ادارية غير مفيدة.
14- مبدأ الازدواج الضريبي: لا يجوزُ أن يُنتجَ القانونُ إزدواجا ضريبيا. إن إخضاع ارباحِ الشركات للضريبة، ثم اخضاع ما توزعه الشركاتُ على المساهمين كارباحٍ على أسهمهم هو ازدواجٌ ضريبي غيرُ مبرر علميا ولا واقعيا. وهو مُضرٌ بالاستثمار ومُضرٌ بمستوى معيشةِ المواطنين الذين تُشكلُ ارباحُ الاسهمِ مصدرا هاما من مصادر دخلهم ومعيشتهم. وسيؤدي وجود هذه النص الى المزيد من التدهور في اسعار الاسهم وعزوف اصحاب الوفورات المالية عن الاستثمار في الشركات المساهمة التي هي العماد الحقيقي لاقتصاد قوي.
15- يحتاجُ القانونُ الى اسنان، ولكن ليس أسنان دُبٍ كاسر. فالمشروع تيئيسي ومتوحش الى حد بعيد. إن إدخال مفهوم التشهير والتوقير fame and shame الى مشروع القانون مطلوبٌ بل ومُرحبٌ به لانهُ يُشكلُ وسيلة ضغطٍ أخلاقي قد تكونُ أقوى من عقوبات السجنِ والغرامةِ بحق المتهربين. إن التهربُ الضريبي دليلٌ على ضعفِ الولاءِ الوطني كما أسلفتُ، وَسَرِقةٍ للمالِ العام والحصولِ على منافعَ مجانا وهذهِ إنتهازية. وحيثُ أن مُعظم المتهربينَ هُم مِمن يَتمتعونَ باعلى المكاسبِ من الوطن فان من الضروري كشفهم وتشميسهم.
16- تقليل فرص نقل عبءالضريبة Tax shifting: على الرغم من أن ضريبة الدخل هي اقلُ أنواعِ الضرائبِ قابليةً لنقل عبئها من المُكلفِ بها قانونا الى غيرِ المُكلفينَ بِها سواءا المستهلكين او الموردين، إلا أنَ هذهِ الامكانيةِ تظلُ مُمكنة على أرض الواقع، وهذا يعني ان البنوك ومعظم الشركات صغُرت أو كبرت وكذلك اصحاب المهن سيعمدونَ الى نقلِ عبئهم الضريبي كُليا أو جزئيا الى زبائنهم أو مُورديهم حسبَ مُرونة الطلب ومُرونة العرض. مما يعني أن الفقراء ومحدودي الدخل والمقترضين سيتضررون وسيدفعون الضريبة مرتين: مرة عن أنفسهم ومرة عن الشركات والبنوك واصحاب المهن.
التعليقات مغلقة.