الأردن نظاما وشعبا مستهدف / د. عبد الحيّ زلوم

نتيجة بحث الصور عن عبد الحي زلوم

د. عبد الحي زلوم ( الأردن ) الأربعاء 6/6/2018 م …

* تمرير صفقة القرن هدف امريكي إسرائيلي..




* حديث صحف أمريكية عن خطة أمريكية سعودية لتهميشه ليس صدفة … 

 بدأ الاعلام  الامريكي والصهيوني واعلام صهاينة العرب يصرحون بشكل واضح أن دور الاردن الجيوسياسي قد انتهى وهو اليوم يبحث عن دور . والحقيقة هي انهم قد خططوا له دوراً لا يريده الشعب ولا النظام وهو ان يصبح جزءاً من حل صفقة قرنهم والتي تمت بمعزل عن مشاركة الاردن بتفاصيلها. كما ذكرت الصحافة الامريكية انه منذ انشاء التحالف الامريكي الاسرائيلي السعودي سنة 2016 فقد اتفقت تلك الاطراف على تهميش دور الاردن.

منذ اسبوع هناك حراك في الشارع الاردني له مطالب مشروعة مثل سحب قانون الضريبة وهو من صنع صندوق النقد الدولي اداة الاستعمار الحديث المكشوفة للجميع بالاضافة الى مطالب شرعية اخرى .

ما يهمني هنا أن أبين ان الاستعمار الحديث قد اصبح يدير تغيير الانظمة عن طريق (الثورات الملونة) وذلك بسرقة حركات أو انتفاضات الجماهير المشروعة والتي تفتقد الى قيادة حكيمة صاحبة رؤيا واضحة وعزيمة فتسوق تلك الجماهير الى حيث لا تريد وهذا ما لا نتمناه لوطننا .

بدأت الاحداث في سوريا قبل 7 سنوات بمطالب شرعية كان يجب أن لا يختلف عليها اثنان  ولكن تمّ قيادة انتفاضة الشعب الى حيث لا يريد ولا يفيد وكانت النتيجة لتاريخه مقتل اكثر من نصف مليون سوري بريء ولجوء وهجرة عشرة مليون من الشعب السوري عن بلداتهم وبيوتهم وتدمير البنية التحتية للقطر ومحاولة تفتيت البلد الى دويلات . فهل هذا ما ارادته الجماهير حين انتفضت ؟ بالمقابل هل دول الخليج التي مولت الدمار والارهاب هي ديمقراطية ؟ وهل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني اللذان دعما الدمار والخراب والارهاب لوجيستياً ومخابراتياً وسياسياً  كانت تريد الخير للشعب السوري ؟  انها كانت تستهدف افضل ما في النظام وهو عدم تبعيته للعولمة وادواتها كصندوق النقد الدولي وأنه كان بلداً مكتفياً ذاتياً اقتصادياً فتم شطب كافة هذه الميزات وستحتاج سوريا الى مئات مليارات من الدولارات لاعادة بنيتها التحتية ورحم الله من قُتل ولعنة الله على من تسبب في ذلك .

لا اريد أن اطيل بأن الذين جاؤا على دبابات الاحتلال الامريكي الى بغداد قد تسببوا بمقتل الملايين وتهجير الملايين فأصبح الوضع حتى ايام الحصار الجائر حين كان انتاج النفط 2 مليون برميل يومي افضل منه اليوم والانتاج يزيد عن 5 مليون برميل. وبالرغم من ايرادات العراق التي وصلت الى الاف المليارات  اصبح العراق مديناً لصندوق النقد الدولي ب140 مليار دولار واصبحت البلاد تفتقر الى الماء والماء فوق ظهورها محمول . و لا اريد أن اذكر مصر وكيف تم سرقة ثورتها أو كيف تم تدمير ليبيا ولكني اود أن احذر مرة اخرى ان لايسمح الشعب بالانحراف عن مطالبه الشرعية  عبر مندسين بينهم وداخل النظام لتصبح مطالبهم كلمة صدق اراد المنحرفون بها باطل .

فشلت محاولات الجماهير في ما تم تسميته بالربيع العربي كان نتيجة عدم توفر القيادة ذات الرؤية الحكيمة  والبرامج الواضحة لما تريد فتم اختطاف تلك الانتفاضات . و لدى الاردنيون من الحكمة والاشخاص من اصحاب الكفاءات القيادية والادارية وعلى النظام ان يدرك انه مستهدف وان مصلحته اليوم تتقاطع مع مصلحة الشعب وان استمداد قوته وشرعيته من الشعب يحميه من مؤامرات الخارج .

إن تحديد اهداف الاصلاح المطلوب بطريقة عقلانية وادارية هو من اهم البدايات ومن اول تلك الاولويات الخروج من المنظومة المتآمرة على الشعب والنظام. ولكي لا يكون ذلك (طلاسم) نقتبس  ماقالته صحيفة يديعوت أحرونوت أن :  “أمرين حصلا في الأردن في الأيام الأخيرة، الأول استثناء عمان من الاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية ومصر، في موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس″، أما الثاني، فهو “تظاهر الأردنيين في المدن الكبرى ضد رفع أسعار النفط والكهرباء ومشروع ضريبة الدخل الجديد، مشيرة الى انه  “في الظاهر لا يوجد رابط بين الأمرين، فنقل السفارة سياسي، ومطالب الأردنيين تتعلق بالشأن الاقتصادي”، مؤكدة ان الرابط يكمن في ان “الأردن الذي يتصرف كدولة غنية، يعيش عملياً على الدعم والمساعدات الأجنبية منذ سنوات عديدة”.

·         وأضافت الصحيفة: “ملك الأردن الراحل حسين، ومن بعده ابنه عبدالله، عرفا كيف يحصلان على (الدعم) من الخليج وامريكا، وهكذا أدى الاقتصاد الأردني المتعثر دوره على مدى السنين”،ولكن “دفعة واحدة تفكك كل شيء، فالسعودية ولأسبابها، قررت التنازل عن الأردن في اتفاق مع الأمريكيين، ومصر التي ليس لديها مال زائد جرت خلفها، ومعهما الإمارات”.

·         وادعت الصحيفة أن “الضغط الإسرائيلي على واشنطن لحماية الأردن آخذ في الانخفاض وبالتالي؛ فإن على الأردن أن يقف على قدميه وأن يهتم بنفسه”.

·         وتطرقت الصحيفة إلى “تفجر غضب الولايات المتحدة، وإسرائيل والسعودية من مشاركة عاهل الاردن في القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت بإسطنبول التركية الجمعة 18 أيار/مايو الماضي، والتي بحثت تطورات الوضع في (فلسطين المحتلة) عقب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.”

اتوقف هنا حيث انتهى اخر اقتباس للجريدة الصهيونية عن آخر لقاء في اسطنبول ما بين الملك واردوغان وروحاني. وارى ان بداية الخروج من الازمة هي اكمال هذا المشوار بالتفاهم مع هاذين البلدين وذلك لسبب بسيط وهو ان الاردن لن يستطيع في المدى المنظور من جمع ما بين النقيضين وهما متطلبات صندوق النقد الدولي ونتائجه المدمرة على الشعب الاردني . المتآمرون ينتظرون تأزم الموقف بين الشعب والحكم وعلى الطرفين عدم السماح لحدوث ذلك. لكن الخروج من الهيمنة  السياسية و الاقتصادية الامريكية عبر ادواتها هو ضرورة قصوى . إن في التعاون مع ايران بمدها النفط للاردن بطريقة أو باخرى سيوفر على الاردن 4 مليار دولار وإن اي حكومة مخلصة تستطيع ان تشطب من النفقات 4 مليارات اخرى ونحن بحاجة الى هذه المليارات بنفس السرعة و الفجائية التي تم قطع المساعدات عن الاردن بها . اعلم ان الدول لا تفتح جمعيات خيرية لمساعدة بعضها ولكن هناك تقاطع مصالح واضح يجب استغلاله للخروج من الازمة وأنا احب ان ارى كيف سيتصرف الكيان الصهيوني وحليفه السعودي حينما يريا تحالف الاردن  مع سوريا وايران والعراق وتركيا وحشود (مقاوميهم ) على 700 كيلو متر من الحدود الاردنية مع فلسطين المحتلة أو نراها على حدود شمال حليف الكيان الصهيوني الجديد . هذا مثال بسيط عن استعمال الجغرافيا الاردنية وللاردن مزايا كثيرة يمكن استعمالها .

اذا كان مجرد مصافحة مع الرئيس الايراني روحاني في اسطنبول قد اثارت الرعب في قلوب الاعداء فما البال حينما يصبح هناك تعاون نتيجة لتقاطع المصالح . ثم دعني اقولها بصراحة ان الاكذوبة الكبرى عن الشقاق الذي تم فبركتها بين السنة والشيعة هي من انتاج الكيان الصهيوني والنظام الانجليكاني الامريكي  فكلنا مسلمون.

اخيراً اود ان أُذكر النظام بأن محاولته الالتفاف على ضغوطات الولايات المتحدة وادواتها لن يفيده كما اثبتت التجارب مرة واخرى . و كمثال على ازمة جنوب شرق آسيا الاقتصادية سنة 1998 والتي بدأت بمضاربات سوق المال الامريكي وشركاته وانتهت بدمار اقتصادات تلك الدول كان الاقل تضرراً منها هي ماليزيا بقيادة رئيس وزرائها مهاتير محمد . قرر مهاتير محمد ان يتحدى صندوق النقد الدولي لانه طالب تلك الدول بالبقاء على حرية تحويل عملاتها لتتمكن شركات شارع المال الامريكي من شراء حطام الشركات التي نتج عن مضارباتها بأبخس الاسعار . ذهب مهاتير الى اندونيسيا واقنع رئيسها سوهارتو ببرنامجه فأعلن سوهارتو بأنه لن يقبل ببرنامج صندوق النقد الدولي. لكنه تراجع بعد الضغوط الامريكية كما وصفتها مجلة نيوز ويك 2/2/98 – ص 38  “قام وفد من كبار المسؤولين ومن بينهم ويليام كوهين ، وزير الدفاع الاميركي في منتصف شهر كانون الثاني من عام 1998 ، بزيارة الى جاكرتا .  وكانت الرسالة التي اوصلوها الى الرئيس الاندونيسي سوهارتو ، معززة بمكالمة هاتفية تخلو من اللياقة ، كان مصدرها الرئيس كلينتون ، والذي قال :  ان الاستقرار في اندونيسيا ، وهي الدولة التي يعيش على اراضيها 198 مليون نسمة له أولوية حاسمة بالنسبة للولايات المتحدة ، وان ذلك الاستقرار يعتمد على قبول سوهارتو شروط صندوق النقد الدولي وان يقبل الدواء المر الذي وصفه الصندوق للشعب الاندونيسي ، والاخذ به كأمر مسلّم به كما لو كان قد جاء من السماء” .

كانت نتيجة وصفات صندوق النقد الدولي انهيار الاقتصاد الاندونيسي  اذ انهارت 260 شركة من أصل 282 في سوق جاكرتا المالي. نفس شركات وول ستريت التي سببت ازمة جنوب شرق آسيا عن طريق المضاربات على عملاتها بما في ذلك في اندونيسيا قامت بشراء حطام شركات سوق جاكرتا المالي بأبخس الاسعار.كان نتيجة قبول سوهارتو للضغوط الامريكية تحطيم الاقتصاد الاندونيسي وزيادة الدين الى الضعف وخسارة سوهارتو لمنصبه .

الموضوع خطير يجب الا يسمح به بأخطاء ولا للغوغاء ولا الى نصائح الاصدقاء (الالداء).

   مستشار ومؤلف وباحث

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.