تفجير «القديح»… جرس إنذار للخليج / ريم خليفة
ريم خليفة ( البحرين ) الإثنين 25/5/2015 م …
صدق الفنان العراقي المعروف الهام المدفعي عندما غنى عن وطنه العراق «بغداد جئتك كسفينة متعبة… اخفي جراحاتي وراء ثياب… بغداد طرت على حرير عباءتي وعلى ضفائر زينب ورباب». كلمات هذه الأغنية ليست بعيدة عن مشهدنا العربي ومن اوطاننا التي عاشت زمنا طويلا على التنوع في كل شيء، لكن هذه الاوطان اصبحت يوما بعد يوم ملطخة بدماء كثيرة، وبكراهية شديدة تلعب على وتر الدين والمذهب في صورة مقيتة.
ليست فقط بغداد فهناك جراحات كثيرة تملأ كل عاصمة وبلد عربي. لكن هذه الجراحات لم تتزايد الا مع تطور صناعة الكراهية وتفشي ثقافة قتل الآخر ونعته بمسميات تبرر اسباب القتل والكراهية داخل المجتمع وذلك عبر غسل عقول النشء بمناهج دراسية رجعية تؤسس لفرقة المجتمعات وتكفر افرادها عبر آلة القتل واعلام الكراهية.
ويأتي تفجير بلدة «القديح» الصغيرة في شرق السعودية بالقطيف في وقت تزايدت فيه صناعة الموت والكراهية من بعد ثورات واحتجاجات الربيع العربي. فهذه البلدة الصغيرة هي مثال جيد، فقد قتل أبرياء في دار عبادتهم وفي عقر دارهم لمجرد أنهم من مذهب مختلف – بمعنى آخر – ان كل من يختلف مع عقيدة الارهابي الذي فجر نفسه فنهايته هي الموت.
وهو مبدأ للأسف مازال متفشيا لأن هناك اجيالا في الخليج تربت على مثل هذه الافكار وهو امر يختلف من بلد خليجي الى آخر لكونه يدرس في مناهج دراسية وبرامج للمناصحة على مدى حقب طويلة. ولهذا فإن ما يحدث في مشهدنا العربي وانتقل فيما بعد الى المشهد الغربي هو جزء منه من الثقافة التي علمت اجيالا على التكفير ونبذ الطرف الآخر.
لقد اصبحت هذه المبادئ بمرور الوقت ارهابا أو جزءا من تنظيم ارهابي مطلوبة عناصره دوليا. كما أن مجتمعات الخليج لم تعد في منأىً من ذلك وخاصة أنها حاضنة لهذه الافكار ولخلايا متعاطفة مع هذه التنظيمات الارهابية. وهو من دون شك جرس انذار ينذر دول الخليج التي تشارك في تحالف دولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).
إن تفجير القديح ليس الاول من نوعه بشرق السعودية فقد اعاد هذا الانفجار الذي استنكرته حكومات المنطقة الى الأذهان حادث الدالوة بالأحساء وهو يعكس حقيقة أن مسألة الامن والاستقرار داخل الخليج تحتاج إلى معالجة في ظل تعدد الجبهات والانزلاق في قضايا الصراع الطائفي وخاصة بعد مقاومة الربيع العربي في كل بلد عربي. فمن خلال ادوات الاعلام الجديد والتقليدي وصولا الى آلة القتل، يتم قمع وخمد الاصوات التي تطالب بالحقوق المدنية والسياسية المشروعة في البلدان العربية. هذه البلدان التي مازالت واقعة تحت اسر سياسات لا تسمح بارتفاع الصوت الناقد لسلوكيات انظمة المنطقة بشكل عام وحتى جاء فيه الوقت الذي نرى فيه رئيسا عربيا كان يحاكم يبرأ وأخر رئيسا عربيا منتخبا يسجن وينتظر قرار اعدامه.
صحيح أن الرياض أعلنت أمس الاول (السبت ) أنها تعرفت على هوية منفذ الهجوم الإرهابي مؤكدة صلته بتنظيم «داعش» المتطرف إلا أن هذا لا يمنع من القول إن هذا التفجير قد يكون مقدمة لعمليات أخرى في دول الخليج المحاربة لداعش في الوقت نفسه. وهو ما يعني تزعزع السياسات الأمنية التي وضعت في الاعوام الاربعة الماضية بين دول الخليج.
وهذه الدول تبدو في الوقت الراهن كسفينة مثقلة ولكن ليست متعبة بكثير من الملفات الداخلية التي قد تنذر بكل لحظة مفاجأة جديدة قد تكون نهاياتها مشابهة لتفجير «القديح» وخاصة بعد ان استطاعت عناصر «داعش» الارهابية اختراق بوابة الخليج الشرقية.
التعليقات مغلقة.