اتركوا سورية وشأنها… إنها وطن لأبناءها وليس مقراً لصراعاتكم / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الثلاثاء 26/5/2015 م …
سورية اليوم وعلى إمتداد خارطتها الجغرافية ـ السياسية محط أنظار العالم بأكمله, الكل يحاول أن يتدخل في شؤونها, هناك قوى دولية وإقليمية أصبحت ترى أن سورية ساحة سياسة لأخذ مبتغاها وتأخذ حريتها فيها للعب دورها في المنطقة كيفما تشاء، وبالأخص دول الخليج وتركيا، التي أصبحت لاعب أساسي في خلط الأوراق في البلاد لتصفية حساباتها مع الخصوم، فعلى ما يبدو إن الحرب المستمرة بكل تفاصيلها، وضعت المنطقة العربية برمتها على صفيح ساخن جداً، وأمام مرحلة تاريخية جديدة، يبادر فيها الغرب وحلفاؤه للهجوم العسكري الواسع النطاق ليس في سورية فحسب، وانما في العراق التي أشعلوها مجددا، في هجوم منسق تجسد بوضوح في إحتدام المعارك هناك، فالضبابية التي تلف الساحات والميادين العربية والإقليمية وعدد الضحايا الذي يتزايد هنا وهناك وجبل الأوهام الذي يتراكم باسم الحرية والديمقراطية لا يمكن أن تحجب حقيقة أساسية مفادها أن المنطقة دخلت فعلاً لتفتيتها إلى دويلات عنصرية وطائفية وزعزعة أمنها واستقرارها.
تتابع إسرائيل عن كثب تطورات الأزمة السورية، وقد شكلت الجهات الأمنية والإستخباراتية في تل أبيب فرق متابعة لرصد تداعيات الأحداث في سورية منذ إندلاعها، الأمر الذي يلوح بمدى أهمية هذه المنطقة بالنسبة لإسرائيل, لذلك تبدو التحديات التي ستواجهها سورية كبيرة خلال هذا العام، فهي محاطة بسلسلة من المخاطر والمؤامرات التي يسعى المخططون لها لفرملة مسيرتها وتعطيل عبورها للمستقبل، وتتم تلك المؤامرات بمشاركة دول إقليمية ودولية وبعض الدول العربية برعاية غربية لعرقلة تحقيق أمن سورية وإستقرارها، فلو توقفنا قليلاً، وتأملنا فيما يحدث من قتل، وتدمير، وتخريب وما أصاب العراق وليبيا واليمن ومصر وتونس والسودان والصومال، واليوم في سورية نكتشف إن الوطن العربي يتعرض لمؤامرة كبيرة تهدف إلى تمزيقه، والسيطرة على مقدراته وتحويله لقواعد غربية.
ما من مرة تدخّل الغرب في دولة إلا وعبث فيها ومزق مكوناتها وأثار فيها الحروب والفتن، فالأزمات التي تواجهها العديد من الدول العربية حالياً، لم يكن لها أن تتفاقم وتتحول إلى ساحات للمواجهات الدموية وإنتشار للأفكار التكفيرية والإرهابية، وإلى معاقل للمرتزقة، لولا يد الخارج التي تجد عوناً لها في الداخل يعمل في خدمته معتقداً أن الخارج يحقق له مصالحه، ويغيب عن باله أنه مجرد أداة يتم إستغلالها، وعندما تنتهي صلاحيته يتم التخلي عنه، في إطار ذلك قامت أمريكا بإنتاج تنظيم داعش و الجماعات والقوى المتطرفة الأخرى كحليف ووكيل بالإنابة لها في المنطقة لتنفيذ مخططها “الشرق الأوسط الكبير”، وتسويق أسلحتها ولهذا السبب رسمت لداعش دوراً دموياً لتدمير دول المنطقة، وعلى رأسها سورية.
وفي هذا الإطار لا تبحث أمريكا في مشروعها الجديد سوى تحقيق أمن إسرائيل وترسيخ وجودها على حساب الدولة السورية، لذلك جندت واشنطن عبر حلفائها الآلاف من المسلحين تم إرسالهم إلى سورية في مهمة قتل وتدمير الشعب السوري ضمن محاولة شطب وتدمير الدولة السورية وإخراجها من المعادلة الإقليمية التي قد تهدد إسرائيل مستقبلاً، ومن هنا أرى إن استمرار شلال الدم في سورية هو مصلحة أمريكية إسرائيلية يريدونها مقسمة وملغاة من دورها في الصراع العربي الإسرائيلي حتى ينجح مشروع الشرق الأوسط الكبير ضد الوجود العربي والقضاء على فكرة القومية العربية وإبقاءها خاضعة للهيمنة الصهيوأمريكية.
إني على يقين تام إن من أهم الأخطاء الفادحة التي إرتكبتها أمريكا حين إعتقدت إنها بمأمن من الإرهاب وإنها قادرة على إبقائه خارج حدودها وسيظل على الدوام لعبة سهلة بيديها توجهه حيث أرادت، لكن هذا الإعتقاد الخاطئ جعل الدول الكبرى تتهاون وبشكل كبير في تعاطيها مع الإرهاب الذي يجتاح سورية، بالإضافة إلى أن هذه الدول عملت في كثير من الأحيان على دعم الإرهاب وتقوية شوكته ومن ثم إستغلاله بما يحقق مصالحها ووسيلة لمعاقبة الخصوم وتأديب الأنظمة والدول التي تحاول الخروج عن السيطرة، إلا أنها أغفلت حقيقة أن الإرهاب لا يمكن تطويعه بشكل كامل كما لا يمكن تطويقه وحصره داخل حدود دول بذاتها، وما حصل في فرنسا أو السعودية بالأمس القريب إلا تأكيد على هذه الحقيقة.
وفي سياق متصل إن الحرب على سورية لها آثارها المدمرة لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي، وأن هذا العدوان سيكون كارثياً على مستقبل الأمة العربية وعلى سورية التي لن يغيب عن أذهان أبنائها أن من يعدون الحرب على فلسطين والعراق وليبيا واليمن و…و..هم أنفسهم من يريدون قتل الإرادة الوطنية في سورية، في هذا المشهد بات تقدم الجيش السوري من جديد هو المعادل الطبيعي لفكرة الأمان وإسترجاع الإستقرار الراسخ الذي كان ميزة يتباهى بها السوريون في كل مكان.
عليه… نتمنى من كافة الدول أن ترفع يدها عن سورية وأن تتوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية، وأن يجرى اتفاق على إنهاء ظاهرة الميليشيات والقوى المتطرفة المتفاقمة، ولا بد من وقف كل أشكال الدعم الغربي لهذه المجموعات في سورية ووقف ضخ الإرهابيين بالمال والسلاح، بإختصار شديد نحن ننادي ونطالب…..ولكن هل من مجيب ؟! …أعتقد إن لا مجيب… والجواب الوحيد بالصمود والمقاومة أمام هذه الهجمة الشرسة لكسرها ودحرها ولا شيء غير ذلك ….وبعدها ستشرق الشمس بنورها الساطع، لأن سورية ستنتصر بالشرفاء والمخلصين من أبناءها الذين يحبونها ويسعون جاهدين لرفعة شأنها ومكانتها.
التعليقات مغلقة.