مصر والسعودية … والمعارضة السورية

 

الأردن العربي – رأي اليوم ( الأربعاء ) 27/5/2015 م …

*المناكفة” السعودية المصرية تتجلى في “حرب المؤتمرات” واقتسام المعارضة السورية بين من يريد اسقاط النظام ومن يخطط لاصلاحه.. فلمن ستكون الغلبة في نهاية المطاف؟ وهل توصل “المثلث” السعودي القطري التركي الى اتفاق مع واشنطن لاقامة المنطقة العازلة في حلب فعلا كضربة استباقية؟

قبل كانون الثاني (يناير) الماضي، كان التوافق المصري السعودي في ذروته في مختلف الملفات العربية الساخنة، والسوري منها على وجه التحديد، لكن بعد تولي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم، اختلفت الرؤى، وتناقضت المواقف، وباتت السعودية تقف في الخندق التركي القطري المناويء لمصر، وبدأ الحديث عن الدعم السعودي المادي لمصر يخبوا، وتراجعت معه ارقام المليارات، وانكمشت العلاقات بسرعة قياسية.

العلاقات السعودية المصرية بدأت تدخل “مرحلة المناكفة” في الملف السوري على الاقل، وانعكس ذلك بوضوح على صعيد تنافس عاصمتي البلدين على استضافة مؤتمرات للمعارضة السورية تتلائم مع توجهات كل منهما السياسية، ورؤيتها لحل الازمة السورية، وازمات المنطقة بشكل عام.

شهر حزيران (يونيو) المقبل سيشهد انعقاد مؤتمرين للمعارضة السورية، الاول مطلع هذا الشهر في القاهرة، يضم القوى السورية “الوطنية” تحت رعاية وزارة الخارجية المصرية بهدف انهاء الازمة السورية من خلال الحل السياسي ووقف سفك الدماء، والحفاظ على تطلعات الشعب السوري في التغيير، مع الحفاظ على وحدة الاراضي السورية ومؤسسات الدولة”، حسب ما جاء في بيان لوزارة الخارجية المصرية، اما المؤتمر الثاني سيعقد في الرياض، التي يبدو انها حلت محل اسطنبول، في منتصف الشهر نفسه، تشارك فيه فصائل المعارضة السياسية والعسكرية بهدف التحضير لمرحلة ما بعد الرئيس الاسد، حسب تصريحات ادلى بها السيد خالد العطية وزير الخارجية القطري.

الفارق الابرز بين المؤتمرين، هو في هوية الفصائل والقوى المشاركة في كل منهما وطموحاتها السياسية والعسكرية واهدافها النهائية، فالمؤتمر الاول الذي ترعاه القاهرة يستبعد كليا حركة “الاخوان المسلمين” الذين ترعاهم تركيا وقطر، وانضمت اليهما السعودية منذ مطلع هذا العام، اما الثاني، وحسب اقوال احد ابرز اقطاب المعارضة الليبرالية لـ”راي اليوم”، فيريد رد الاعتبار لحركة “الاخوان المسلمين” والقوى السلفية الاخرى، بحيث يكون للاسلاميين اليد العليا في اي ائتلاف جديد.

السلطات السعودية تريد احتواء المعارضة السورية مثلما احتوت الدولة اليمنية، وتجعل من الرياض المقر الرئيسي لها، وتتولى عمليات التمويل والتسليح بنفسها، وبشكل مباشر، وليس عبر وسطاء، ومن المستبعد ان تجرؤ كل من تركيا وقطر على منافستها في هذا المضمار، فعندما تجلس السعودية امام مقعد القيادة فعلى الآخرين الجلوس في المقاعد الخلفية، مثلما قال وزير خارجية عربي سابق لهذه الصحيفة.

المعادلة واضحة جدا يمكن استخلاصها من قراءة ما بين سطور المؤتمرين والتحضيرات الجارية لهما، فمصر، احد اطراف هذه المعادلة، تعمل مع محور موسكو وايران وسورية والعراق على احداث تغيير اصلاحي للنظام السوري، بادخال بعض قادة المعارضة في مؤسسات الحكم ودوائر صنع القرار، ولكن تحت مظلة الرئيس بشار الاسد، ولو مؤقتا، بينما يريد المثلث السعودي التركي القطري، طرف المعادلة الآخر، اقتلاع النظام السوري ومؤسساته من الجذور، واعادة بناء الدولة السورية وفق تصوراته المعلنة، بحيث تكون الهيمنة للتيارات الاسلامية المعتدلة و”الاخوان المسلمين” على وجه الخصوص، ولكن في ظل تعايش مع فصائل واحزاب ليبرالية اخرى لتجنب تكرار التجربة المصرية.

من الصعب ترجيح كفة طرف على آخر في هذه المعادلة، لكن يبدو ان التحالف السعودي التركي القطري بدأ يحقق مكاسب على الارض تفرض واقعا جديدا، ربما يتمثل في اقامة منطقة حظر جوي، او دويلة جديدة في شمال غربي سورية، عاصمتها حلب، وتحظى بحماية تركية مباشرة، وتكون مركز انطلاق نحو جيوب سورية اخرى.

ما يدفعنا الى الذهاب الى هذا الحد، التصرحات التي ادلى بها وزير الخارجية التركي يوم امس، وقال فيها ان بلاده توصلت الى اتفاق مع امريكا على ضرورة قيامها بتوفير الغطاء الجوي لقوى المعارضة السورية المسلحة لحمايتها من غارات طائرات النظام، لان من غير المجدي تدريب قوات المعارضة وتسليحها دون حمايتها من الغارات الجوية لطائرات النظام وبراميله المتفجرة، حسب قوله.

السؤال هو حول كيفية الرد الايراني الروسي السوري على اي خطوة على هذه الدرجة من الخطورة والفاعلية التي يمكن ان تغير موازين القوى على الارض، وفي السماء ايضا؟

صيف المعارضة السورية سيكون ساخنا حتما، بل ملتهبا، سياسيا وعسكريا، فخروج السعودية من التحالف المصري الاماراتي وانضمامها الى المحور التركي القطري، جاء من اجل الحسم في سورية لصالح المعارضة، وتسريع اطاحة النظام، ورد الاعتبار لحركة “الاخوان”، وهذا يوجه طعنة قاتلة للمحور الذي تتزعمه مصر، خاصة الشق المتعلق منه باحتضان الاخوان والسلفيين (غير الجهاديين)، ولهذا من غير المستبعد ان تخرج “المناكفة” المصرية السعودية الى السطح، وان تمتد الى ملفات اخرى الى جانب الملف السوري، والايام القادمة ستجيب عن الكثير من الاسئلة في هذا الاطار.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.