داعش والكيان الاسرائيلي نشأتان مشبوهتان.. ومشروع واحد / محمد محمود مرتضى

 




 

محمد محمود مرتضى ( الأربعاء ) 27/6/2018 م …

لا يحتاج المرء الى كثير من التتبع ليلحظ وجود تشابه بين نشأتي تنظيم “داعش” والكيان الاسرائيلي. “ففلسفة” إنشاء كيان متطرف يعتمد على سفك الدماء ونشر التطرف ليس بالأمر الجديد. ومع القليل من التأمل يمكن ملاحظة جملة من الامور المشتركة بين هذين الكيانين:
1- بعد قيام الجماعات الصهيونية باحتلال فلسطين واعلانهم عن تأسيس “وطن قومي لليهود” دعت الحركة الصهيونية يهود العالم الى الاسراع للهجرة الى فلسطين كونها “أرض الميعاد”، وعملت على تسريع هذه الهجرة.
وفي المقابل، وما أن سيطر تنظيم “داعش” على اجزاء من العراق وسوريا، حتى أعلن زعيمها المدعو “أبو بكر البغدادي” عن إقامة ما يسمونه “الخلافة على منهاج النبوة” ودعوا انصارهم “للهجرة” الى “أرض الخلافة الموعودة”. وفي كلا النموذجين استعمل الخطاب الديني في اطار الاستقطاب.
2- في اطار سعيها لبسط سلطتها وتهجير أصحاب الارض، عمدت عصابات “الهاجانا” الصهيونية وغيرها من العصابات الى ارتكاب المجازر في اطار الترويع لإخافة الخصم من جهة، وتهجير الناس من جهة أخرى، لبسط النفوذ. وفي المقابل، فان داعش اعتمد نفس “الاستراتيجية” تحت مسمى اظهار “الغلظة” لإرهاب “عدو الله وعدوكم” كما يزعمون.
3- لم تكن نشأه الكيانين بقوة ذاتية، بل جاءت من خلال دعم القوى الغربية. ففيما يتعلق بالكيان الاسرائيلي، فقد كان الانشاء والعدم علنياً من خلال “وعد بلفور” اولا ومن ثم دعم القوى الغربية لهذه الكيان بالسلاح والعتاد قبل أن يتبلور بعدوان ثلاثي ثم بجسر دعم جوي من الولايات المتحدة الاميركية التي ورثة الوجود البريطاني. أما في الحالة الداعشية فقد كان التأسيس سريا تحت مسمى “القاعدة” بموجب برامج سرية تابعة للمخابرات الاميركية، منذ احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان، لكنه تبلور اكثر مع الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003.
4- التشابه الرابع يقع في موضوع الحدود، ففيما لم تحدد “اسرائيل” حدودها، وهو أمر نادر الحصول فيما يتعلق بالمجتمع الدولي والامم المتحدة ( اذ من الغريب ان تقبل الامم المتحدة عضوية “دولة” لا حدود لها دستورياً)، فضلا عن ان الكيان يسعى للسيطرة على من كان يسمى بإسرائيل الكبرى ( من الفرات الى النيل)، فان تنظيم “داعش” ايضا رفض الحدود، واعتبر ان “دولته”: ستمتد الى الحدود التي كانت “الخلافة الاسلامية” قائمة عليها. وبكلمة أخرى، حيث يوجد مسلمون يجب ان تمتد “الدولة”.
5- ومن الناحية العقائدية، فان “اليهود” يعتبرون انفسهم “شعب الله المختار”، فيما في المقابل يعتبر تنظيم داعش نفسه “الفرقة الناجية” من اصل ثلاثة وسبعين فرقة سينقسم اليها المسلمون بحسب نص تراثي ينسبونه للنبي الاعظم (ص).
وبمعزل عن هذه التشابهات، فان سلوك “اسرائيل” و”داعش” لا يبدو سلوكا لطرفين عدوين، “فاسرائيل” لم تنظر يوما الى “داعش” بوصفه تنظيما يهدد امنها، بل على العكس تمام، فانها كانت تدعم التنظيمات التي تقاتل الجيش السوري في سعي لإسقاط النظام في سوريا ولو ادى ذلك لبسط سيطرة “داعش”. ولا شك أن من يفعل ذلك لا يرى في “داعش” خطرا عليه. وفي الجهة المقابلة، فان العديد من مسؤولي “داعش” اعلنوا ان تحرير فلسطين ليس من “أولويات الجهاد”، وبرروا ذلك بان الله لم يأمرهم بقتال اليهود الا بعد الانتهاء من قتال “المرتدين”. وبما ان كل الدول الاسلامية هي بنظرهم “دول مرتدة” فان ذلك يقتضي قتال هذه الدول قبل قتال “اسرائيل”. والنتيجة الحتمية لهذه المقولة الحروب في المنطقة ستمتد لعشرات السنين وان قتال “اسرائيل” لن يتم الى على اشلاء العالم الاسلامي، عندها قد لا تبقى شعوب لتقاتل اصلا.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.