هل تحول الإعلام لأداة قتل؟ ( 1 ) / شاكر زلوم
شاكر زلوم * ( الأردن ) الجمعة 29/6/2018 م …
*كاتب وباحث …
لتحقيق السياسات الإستعمار المعتمدة يلجأ أصحاب تلك السياسات للترويج لها عبر وسائل الإعلام فالإعلام المقاوم يحرض جمهوره بصدق لكي يحفزه على المقاومة , المقاومون أصحاب قضايا عادلة فلا يلزمهم فبركة بينما المستعمرون اصحاب قضايا ظالمة تستهدف الشعوب بثرواتها وأراضيها وبأمنها, ليحقق الإستعمار غاياته يلجأ لتشويه أعدائة تمهيداً لشن حروبه العدوانية والتمهيد يبدأ باغتيال شخصية ” العدو” اي المستهدف وفق قواعد مدروسه وذلك بترويج الشائعات والأكاذيب باستخدام كل الطرق اللامشروعه وكما ببناء التحالفات مع الأدوات من داخل البلد المستهدف, العربة التي تحمل المشاريع الإستعمارية هي الماكنات الإعلامية بمختلف مسمياتها من تلفزة, صحف ومنابر ومنظمات مجتمع مدني ممولية من أشخاص تابعين لأجهزة المخابرات الغربية كمنظمات اليهودي الصهيوني الملياردير جورج سورس , جورج سوروس هو أكبر ممول وداعم للمنظمات الغير حكومية المسماة بالمجتمع المدني المفتوحNGO’s وله مؤسسة باسم Soros Open Society كما أنه ممول بفريدوم هاوس وNED الصندوق الوطني للديمقراطية ومركز ابحاث كارنيجي وهو كذلك يقدم تبرعات ضخمة لمنظمة هيومان رايتس ووتشHuman Rights Watch. وهو شريك أساس بالفيس بوك , كل منظمات سورس هي عبارة عن أدوات اعلامية بمسميات مختلفة هدفها خدمة مخططات الإستعمار بمسميات حضارية زائفة , من المفيد الإشارة أن منظمات سورس ساهمت بما يسمى بالربيع العربي ودربت معظم ناشطيه وحقوقييه واعلامييه .
أدوات الإعلام المختلفة تقوم بأدوار مختلفة وصولاً لتحقيق هدف واحد فالتلفزة تبث الخبر الكاذب وتستشهد بشهود عيان مزيفين و بمنظمات “حقوق انسان” وبتقارير لمعاهد “دراسات” وبمتطوعين على الأرض يؤكدون الخبر الكاذب كجماعة القبعات البيضاء وغيرهم , مما سبق نجد أن السيطرة على العقل الجمعي للشعوب تتم وفق منظومة متكاملة تستخدم العامل العقلي والنفسي للسيطرة على عقل المتلقي وهنا أذكر بشهود العيان وبقصص كاذبة نسجتها أجهزة استخبارات يعجز الشيطان أن يتخيلها وروجتها الماكنات الإعلامية بمختلف مسمياتها لشيطنة الخصم , لقد نسجت روايات عن الضحية الصبية الشابة زينب حصني التي اختطفها الأمن السوري , تقول الرواية ان الأمن اختطف زينب وعذبها , قتلها وقطع أوصالها ويتم الإستشهاد بشهادات من ذويها للحديث عن بشاعة الجريمة التي ارتكبها “النظام” بحق البنات وسبقها روايات عن جريمة قتل “الطفل ” حمزة الخطيب وهكذا …, لقد بثت الجزيرة والعربية ومئات محطات التلفزة قصة حمزة وقصة زينب , حمزة الخطيب قتل و هو يهاجم مساكن الضباط , كان فتاً يافعاً وطامعاً بسبية من نسوة الضباط ,كان بعمر السابعة عشر وببنية ريفي حوراني ضخم , استحضر الإعلام صوره وهو بعمر التاسعة ونشرها حين مقتلة وهو بعمر السابعة عشرة, أما مشهد تشييع جثمان زينب حصني المحزن فلقد نشرته مئات محطات الاعلام ولم تقصر منظمة
هيومن رايتس ووتش بأدانة جريمة النظام الدموي لقتله زينب الحصني , بعد ذلك ظهرت زينب حصني حية ترزق على التلفزة السورية وهي بكامل عافيتها لتنفي رواية اختطافها وتعذيبها ولتشرح ملابسات اختفائها, لم يهتز رمش للماكنات الإعلامية المختلفة بل بقيت تردد رواياتها حولها, لم تقم وسائل الاعلام المختلفة بحذف روابط أكاذيبها عن زينب وغير زينب مراهنة على غباء جمهور متابعيها, هذا هو رابط المقابلة مع زينب حصني بعد لملمة أشلائها وإخراجها من قبرها:
أما قصة طفل مالطا “السوري” الخارق وشقيقته فهي فصل آخر من فصول الزيف, صور الفيلم في مالطا على أنه في سوريا, القصة عن طفل اصابه قناص فأصيب ونهض بمعجزة لينقذ شقيقته التي اصابها القناص, هذا الفيديو حصد 6 ملايين مشاهدة خلال ايام, أخرج الفيديو المخرج البلجيكي (لارس كليفبرغ) وأنتج بمال السحت الخليجي, بعد ذلك اعتذر المخرج عن جريمة تزويره بينما لم تعتذر دول العار الممولة للفلم عن فعلتها, أما قصص القبعات البيضاء “النبلاء” كما وصفتهم العجوز الشمطاء هيلاري كلينتون بسياق مناظراتها الرئاسية مع دونالد ترامب, فلقد اسستهم المخابرات البريطانية ودعمتهم كل المخابرات الغربية وروجت لرواياتهم كل صحف (العرب) والغرب واعتبرتهم المرجع الصالح لنقل أخبار حلب بحينه ولاحقاً في الغوطة الشرقيةو استشهدوا بهم لشرح مآىسي أطفال سوريا بينما شاركوا الزينكي الفرح بذبح الطفل الفلسطيني عبد الله عيسى (12) عام كما أظهرت الصور التي نشرت بحينه, أما قصة الطفلة (بانا العبد) فهي شاهد آخر على الزيف والكذب الممنهج الذي تقوم به ماكنات الإعلام المعادية ,قام موقع العربية نت بنشر تقرير عن “المغردة بانا العبد “, ورد به : ” طفلة حلب, شهيرة تويتر تطلق تغريدة طمأنة بطعم الاستغاثة “, تخيلوا أن طفلة حلب شهيرة تويتر تغرد بالعربية والإنجليزية وهي بالسابعة!, تغرد بينما نظرائها بذات الحي الذي تقطنه لا يجيدون الكتابة والقراءة بالعربية, هذه المغردة المعجزة لديها حساب موثق على شبكة تويتر والتوثيق أمر صعب لا يتمكن منه إلآ ” ثوار” سوريا وكتبتهم ونفر قليل قليل من غيرهم في وطننا العربي الكبير الكبير, تخيلوا أن لبانا العبد أكثر من 280 ألف متابع بينما ساسة كبار ومواقع مهمة لا تملك هذا العدد من المتابعين بالرغم من تواجدهم لسنوات على موقع تويتر, أمام ما سبق فلقد تم السيطرة على الوعي الجمعي للكثيرين فتحولوا لأدوات في خدمة المستعمرين واعداء لأنفسهم ولبلدانهم. ما سبق بعض من فيض عن القصص والروايات التي فُبركت لشيطنة الدولة السورية بهدف اسقاطها .
في الحرب على سوريا استخدمت كل قواعد اعلام الحرب العشرة التي كتبها رائد هذا الإعلام بونسمبي وهي :
- نحن لا نريد الحرب
- العدو هو المسؤول الوحيد عن اندلاع الحرب
- العدو هو كيان مرفوض
- غاياتنا نبيلة وإنسانية
- العدو يرتكب جرائم عن سابق إصرار وتصميم، أما أخطاؤنا فهي خارجة عن إرادتنا
- العدو يستخدم الأسلحة المحظورة
- نحن نتعرض للقليل من الخسائر، أما العدو فخسائره هائلة
- الفنانون والمثقفون يساندون قضيتنا
- قضيتنا مقدسة ومحقة
- كل الذين يشككون في الأعلام وفي قضيتنا هم خونة
لقد نفذت كل قواعد اعلام الحرب التي وردت بكتب بونسمبي وما استحدث من قواعد ونظريات كشيطنة الشخصية وصولاً لإغتيالها, أنفقت مليارات الدولارات على الإعلام بمختلف اشكاله التي وردت بمقدمة المقال, لقد وظفت الأحزاب والأشخاص من مختلف الاتجاهات من اليمين واليسار في الحرب على سوريا فالحرب على سوريا هي حرب كونية ونتائجها ستحدد شكل العالم الجديد كما حدث في الحربين الكونيتين الأولى والثانية.
يبقى أن نقر أن الدول الوطنية لم تدرك أهمية الاعلام فلا أقمار صناعية لها وللقوى الحليفة لها, لقد ارتهن بث قنوات الدول الوطنية وحلفائها للقوى المتحكمة بالأقمار الصناعية التابعة للإستعمار وللقوى العربية التابعة له, لم تعطِ الدول الوطنية أيضاً الاهتمام الكافي للمنابر الإعلامية المختلفة عبر الوسائط المختلفة فنمطية التعامل تبقى هي السائدة بالرغم من اطلاق فضائيات كثيرة, لقد بقيت معظم إداراتها ضعيفة فلم تستطع أن تحقق التغيير المنشود .
مع ظهور البث الفضائي في تسعينات القرن الماضي وانتشار محطات التلفزة الفضائية العابرة للبلدان فقد الإعلام الوطني دوره في التأثير حيث المنافسة غير متكافئة بين الإعلامين بغياب دور الدولة الوطنية , تم هذا في ظل تنامي دور الدول الوظيفية الخليجية, لقد انتقلت تقنيات مبهرة لم تكن معروفة للمتلقي في بلده من حيث الإخراج وتجهيز الإستوديوهات, لقد تم استقدام وجوه اعلامية جديدة تتكلم بلغة جريئة تقبلها المتلقي نظراً لبلادة الإعلام الوطني ونمطيته حيث احتل صاحب السيادة والفخامة معظم مساحة البث فكان الإعلام الفضائي بديلاً مقبولاً للمتلقي العربي.
لقد تنوعت محطات التلفزة الفضائية فكان منها الإخباري, السياسي, الرياضي الإجتماعي, الديني والوثائقي و.. وصولا الى المحطات الإباحية, لقد مورست الدعارة السياسية والدينية بابشع صورها حتى بات الزيف والتدليس هو القاعدة بينما تحولت المحطات الجادة والمحترمة لإستثناء يحارب ويُسقط من على الأقمار الصناعية ومن شبكات التواصل الإجتماعي التي صنعت لخدمة غايات الإٌستعمار, لقد وظف الإستعمار المال الخليجي في الإعلام لتحقيق غاياته ليتحول بعد ذلك الاعلام الخليجي لأداة تجهيل ولأداة تدمير لبلادنا وإنساننا, لقد تجاوز إعلام البترودولار كل دون اي لمعايير المهنية الضابطة لهذه المهنة .
لقد ابهرت محطات البث الفضائي المتلقي العربي وجذبته كثيراً لتحوله بعد ذلك لأداة لأصحابها في تحقيق سياساتهم أو بتعبير أدق لسياسة القوى الحاكمة والمتحكمة بهم وصولاً لإستلاب فكر المتلقي وتحويله لسلاح في وجه خصومهم, لقد اعتمد الإعلام الفضائي الناطق بالعربية والممول خليجياً والموجه أمريكياً وإسرائيلياً على أمرين مهميين, نفسي ومزيف (موضوعي) للسيطرة على الوعي الجمعي للجمهور العربي, لقد سيطر الإعلام الخليجي على فضاء الإعلام العربي منذ بداياته فكانت كبريات شركات البث خليجية المظهر وصهيونية الجوهر, بإسم الموضوعية استقبل الإعلام الخليجي الصهاينة فأدخلهم عنوةً لبيوت المتلقين العرب ليكسر حاجز الكراهية مع العدو الصهيوني تمهيداً للإعتراف بالكيان الصهيوني وهذا ما تثبته الأحداث بهذه الأيام .
لقد تناول الإعلام الخليجي الناطق بالعربية كافة العناوين الإعلامية, لقد شيطن الإعلام القيم والمثل النبيلة بعدما نقل برامج عالمية جريئة ليبثها للعرب بالرغم من الفارق الثقافي للمتلقي العربي عن نظيره الأجنبي دون مراعاة لظروف النشأة والتربية مما أفقد الشاب العربي توازنه وعقله, قام الإعلام الخليجي ببداياته بنقل حلقة لمقدمة برامج “MBC” من غرفة النوم وبقميص النوم بحجة مرضها خلافاً للمنطق والمالوف وقام لاحقاً بنقل كواليس برامج ” تلفزيون الواقع” بما فيها من حركات وإيحائات جنسية على الهواء مباشرة مع العلم أن البرنامج شبابي ومعظم متابعيه من المراهقين, هذه التصرفات المقصودة كانت موجهة للمراهقين, أبهرتهم فأفقدت معظمهم توازنهم, من هذه البرامج شبه الإباحية تم ويتم نقل المتلقي لبرامج المحطات الدينية التي تخاطب متلقيها غرائزياً, تناديه للجهاد لملاقاة الحور العين فيتلقفها المراهق المكبوت في المجتمات الأكثر انغلاقاً وجهلاً ليتحول بعد ذلك لوقود لحروب الإستعمار و الكيان ولقاتل للشعوب العربية, لقد جند الإعلام الديني السعودي الجنس لخدمة سياسات الصهاينة والمستعمرين فكان لسان حاله, إذهب لسوريا أو العراق دون فلسطين لتظفر بسبية ان انتصرت أو بمجاهدة نكاح ان تعذر ذلك أو بالحور العين البكار ان قتلت, لقد تم تحريض الأغرار للذهاب فذهبوا لتلبية شبق جنسي مكبوت بينما أمرائهم يمارسون كل أنواع الرذيلة في قصورهم بلياليهم الحمراء, لقد أغفل الإعلام الخليجي عن عمد وقصد الأعمال الفنية الهادفة فمنذ عقود لم نشاهد أعمالا كالراية البيضا وضمير ابلة حكمت وارابيسك وزيزينيا والشهد والدموع والمصراوية وحمام القيشاني والتغريبة الفلسطينية ونهاية رجل شجاع والخ من الأعمال الفنية الهادفة التي أنتجها إعلام الدول الوطنية .
كل ما قام به الإعلام الخليجي الناطق بالعربية كان لخدمة دول الإستعمار عن عمد وسبق اصرار ومن قرأ خلاصة مؤتمر ” كامبل بنيرمن ” في 1907 يتأكد أن مهمة تجهيل الشعوب العربية هي ركن اساس من المهام الوظيفية التي أنيطت بالسعودية فقامت بها على أتم وجه بما يخدم السيد المستعمر . بخبث شديد قامت السعودية بتأمين تكاليف انتاج الأعمال الفنية من مسلسلات وأفلام وأعمال هابطة وذلك بشرائها بقيمة عالية من المنتجين شريطة موافقتها المسبقة على النص والموافقة على النص تعني أن يكون العمل تافها, سافلاً ووضيعاً أو باحسن الحالات أن يكون بلا مضمون هادف ينهض بالوعي الجمعي للناس, لا بارك الله بعربان كالغربان ليس منهم الآ الشر والخراب .
التعليقات مغلقة.