الفيفا وسلطة أوسلو / ابراهيم ابو عتيلة
ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) الأحد 31/5/2015 م …
أشبعتهم شتماً وفازوا بالإبل .. لسان حال جبريل الرجوب رئيس الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة ” التحرير ” الفلسطينية وهو يناغش او ينافس أو يحارب او يهادن ممثلي الكيان الصهيوني لاجتماعات الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم العالمي – الفيفا – ، فقد سبق للرجوب أن هدد وزبد قائلاً يجب طرد الكيان الصهيوني من الفيفا أو على الأقل ان يتم تعليق عضويته على ضوء ما يمارسه الاحتلال من ممارسات بحق لاعبي كرة القدم الفلسطينيين ، كما سبق وأن سمعنا الكثير من البطولات الكلامية والتهديدات الصارخة في الفترة التي سبقت الاجتماع حين قام الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم بتقديم مشروع قرار لتعليق عضوية الكيان الصهيوني في الفيفا للتصويت عليه في إجتماعات الجمعية العمومية ..
وكان المشروع المقترح قد استفز سلطات الاحتلال واتحاد الصهاينة لكرة القدم حيث قاموا بارسال وفد كبير للاجتماعات للتحرك بين الوفود من أجل إفشال هذا المشروع ، كما عمل الصهاينة على تسخير كل قواهم وقوى حلفائهم من أجل ذلك ، وفي لحظة حاسمة وعند الوصول في جدول اجتماعات الفيفا لمناقشة المشروع الفلسطيني والتصويت عليه وقبل التصويت على القرار بلحظات قام الرجوب بطلب الحديث أمام الجمعية العمومية ، وكان له ما أراد ، وإذ به وبدلاً من أن يصر على التصويت على مشروع القرار يقوم باقتراح تعديلات عليه بل تعدى ذلك بحيث قام بسحب ذلك المشروع واستبدله بكلام انشائي لا يسمن ولا يغني من جوع ، ولقد أصر هو وأحد أعضاء الوفد الفلسطيني على أن يتم التصويت على المقترح البديل / الجديد كحزمة واحدة وكأنه مشروعاً لا يقل قوة وفاعلية عن المشروع الأصلي علماً بانه ” البديل ” يتعلق بحرية الحركة والتنقل للاعبين الفلسطينيين ورفض العنصرية ومنع الأندية الصهيونية الموجودة في المستعمرات في الضفة الغربية من المشاركة في المباريات تحت راية الفيفا ، وأشير في هذا المجال بأن ما احتواه المشروع البديل سبق وأن تم عرضه على الاتحاد الفلسطيني من قبل داعمي الصهاينة وذلك قبل جلسة التصويت الأمر الذي كان محط رفض من قبل الرجوب والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم فالهدف هو تعليق عضوية الكيان الصهيوني وليس أقل من ذلك…
وكان للرجوب ما سعى اليه وتم إلغاء مقترح تعليق عضوية الاتحاد الصهيوني كما تم التصويت على مقترح الرجوب البديل والذي فاز ب 90 % من الأصوات والذي صوره الرجوب بالنصر المؤزر ، علماً بأن القرار لا يقدم ولا يؤخر ولا يمس الكيان الصهوني بضرر ، وكان لزعيم الفيفا – إلى الأبد- دوره في ذلك بأن ترجم كل المشروع الذي تم التصويت عليه بتشكيل لجنة لمتابعة أوضاع كرة القدم الفلسطينية وممارسات الصهاينة ، وما أن ظهرت النتيجة حتى قام رئيس الاتحاد الصهيوني لكرة القدم بالتوجه إلى مكان جلوس الوفد الفلسطيني وقام بمصافحة جبريل الرجوب في لقطة تلفزيونية والرجوب يبادله الضحكات والابتسامات العريضة .. ولا أدري لماذا صفق الحضور هل لفوز مشروع القرار البديل أم لتلك الحركة التي قام بها رئيس الاتحاد الصهيوني ، لقد كسب المندوب الصهيوني الجولة بأن قام بلبس لباس المحبة والسلام حين صافح بمبادرة منه جبريل الرجوب في مشهد مسرحي لا يستطيع أن يخرجه إلى الواقع إلا مخرج كجوزيف بلاتر مستعيناً بخبرة مخرجي وكتاب سيناريو هوليوود .
ولم يضع تعب المخرج سدى فقد قام الرجوب ممثلاً للاتحاد الفلسطيني لكرة بمنح صوت فلسطين لجوزيف بلاتر في انتخابات رئاسة الفيفا بدلاً من انتخاب المرشح العربي والوحيد سمو الأمير علي بن الحسين وفقاً لما صدر عن الرجوب من أقوال قبل الاقتراع ، والآن وبعد ظهور النتائج فإن حالة من الارتباك تسود الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم فبعد أن صدر بيان رسمي عن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم صباح اليوم والذي برر فيه السيد الرجوب وكما لو كان على علم مسبق بما ستؤول اليه نتيجة التصويت عدم منح صوته لسمو الأمير علي بأن قال الفارق بين ما حصل عليه بلاتر والأمير علي يبلغ ( 60 ) صوتاً ، وصوت واحد لن يغير المعادلة ، كما أن الأمير علي لم يستشره في عملية ترشحه التي كانت بمثابة المفاجأة ، وبعد ردود الفعل السلبية والمستنكرة لموقف الرجوب إذ بعدد من المواقع الالكترونية القريبة منه تخرج علينا بالقول أن البيان المشار إليه كاذب ومدسوس وأنه قد منح صوته لسمو الأمير علي ، بل وكابرت تلك المواقع حين قالت بأن السيد الرجوب قام برفع ورقة الاقتراع أمام الكاميرات ليثبت تصويته للمرشح العربي الأردني ، وهذا ما لم الاحظه شخصياً أو أي من الذين شاركوني متابعة العملية الانتخابية ، وكل ما لاحظناه وما تناقلته وكالات الأنباء أنه وبعد أن ظهرت النتائج وإعلان سمو الأمير علي الانسحاب وعدم خوض الجولة الثانية ، قام السيد أحمد الفهد مندوب الكويت وممثلها في الاجتماعات بإهداء السيد بلاتر سيفاً ذهبياً تعبيراً عن فرحته بفوز الأخير ، وأن السيد الرجوب قد تناول السيف واخذ يلوح به راقصاً فرحاً وكأن الفائز هو المرشح العربي الاردني … فهل معنى ذلك أن السيد الرجوب قد منح صوته للمرشح الاردني والعربي الوحيد الذي تربطه بفلسطين روابط تاريخية !!! وهو الأحق بالحصول على صوت فلسطين ناهيك على كون الشعبين الأردني والفلسطيني هما شعب واحد بكل ما تحمله الكلمة من معنى والمنطق هنا يقضي بأن يكون المرشح الاردني هو مرشح فلسطين والعرب كل العرب الذين تخاذلوا وفشلوا في توحيد موقفهم بدعمه .
ومن الغرابة بمكان أن جبريل الرجوب قد صور فوز مقترحه البديل بتشكيل لجنة الفيفا بالنصر المؤزر تاركاً للكيان الصهيوني الاستمتاع بالنصر الحقيقي حين تم إفشال المشروع الذي كان يمكن أن يكون مقترحاً فلسطينية بامتياز لولا مقص الزعيم بلاتر وغيره من الصهاينة الذين غيروا الصورة والمشروع المقترح ، ولا أدري لماذا ذكرني ذلك بحكاية الإعرابي الذ كان يملك إبلاً يرعاها ويسهر عليها حين أغار عليها ذات يوم مجموعة من اللصوص وساقوها أمامهم وبعد أن انتبه الاعرابي لذلك قام باللحاق باللصوص وهو يشتمهم ، ولكنه لم يدركهم ، فلقد أخذوا الابل ، ولما عاد سأله قومه : ماذا فعلت ، فرد عليهم بالقول ، أشبعتهم شتما وفازوا بالابل ، نعم لقد قام الرجوب بشتم الصهاينة فهذا أسلوبه دوماً ، إلا أن الصهاينة فازوا ببقاء مقعدهم وبقاء عضويتهم بعد أن تمت إحالة الموضوع للجنة تشير كل الوقائع والتاريخ أنها لن تتمكن من فعل شيء .
وبعد ، إن ما حصل في إجتماعات الفيفا يستلزم وقفة جادة لمراجعته فهو مؤشر واضح على عدم جدية سلطة أوسلو بملاحقة الاحتلال فلقد سمعنا الكثير وشبعنا من شتم السلطة للاحتلال وتهديدها له باللجوء للأمم المتحدة ولمحكمة الجنائيات الدولية .. وأقول للصهاينة … قروا عيناً فسلطة كهذه لا يمكن أن تحرجكم أو تزعجكم وان قدمت مقترحاً للجنائية الدولية فهي التي ستتراجع عنه فكل همها إطالة عمر سلطة فاقدة للشرعية ومنظمة فقدت أهم كلمة من اسمها وهي كلمة التحرير واستشهد هنا بقول الشاعر ” زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا .. أبشر بطول سلامة يا مربع “.
التعليقات مغلقة.