صحيفة مصرية تكشف :”انقلاب نص الليل” يطيح بالحرس القديم في الإخوان
الأردن العربي ( السبت ) 30/5/2015 م …
تعيش جماعة الإخوان المصرية أزمة عنيفة تكاد تعصف بالتنظيم، بعد تفجر الأوضاع أخيرا على خلفية الصراع الذى نشب بين قيادات الجماعة وشبابها فى أعقاب ما عرف بـ«فتنة سلمية» محمود غزلان عضو مكتب إرشاد الجماعة الذى كتب مقالا أكد خلاله أن من لم يلتزم بالسلمية فهو ليس من الإخوان، ما فجر الغضب فى صفوف شباب الجماعة.
التشكيك فى الشرعية
المعركة بدأت بحسب قيادى إخوانى بارز بعد أن رأى عدد من قيادات الجماعة الكبار الذين اختفوا عقب فض اعتصام رابعة العدوية، أن النهج الذى يتبعه شباب التنظيم سيجر الإخوان إلى موجة عنف كبيرة ضد الدولة، تفقدهم التعاطف الشعبى والغربى معهم، فقررت تلك القيادات الخروج من مخابئها فى محاولة للسيطرة على الوضع، وفى مقدمة المجموعة التى حاولت العودة رجل الجماعة الحديدى محمود عزت، ومحمود غزلان، وعبدالرحمن البر، الذين صاغوا بيانا وصدروه على أنه مقال مذيل باسم غزلان ظنا منهم انه فور عودتهم وظهورهم من جديد سينحاز الشباب إلى رؤيتهم.
وكانت المفاجأة أن ظهورهم قوبل برفض شبابى كبير خاصة بعد أن تم نشر المقال فى بوابة «نافذة مصر» إحدى النوافذ التى تعبر عن الرأى الرسمى للجماعة، بعدما كان مقررا الاكتفاء بتعميمه على الصف الإخوانى دون نشره بحسب المصادر.
ويقول مصدر وثيق الصلة بالأزمة داخل بالجماعة إن «عددا من القيادات الجديدة التى تم ضمها أخيرا لمكتب الإرشاد بصورته الجديدة، يرون أن أعضاء آخر مكتب إرشاد قبل 30ــ6 مازالوا يعيشون ويفكرون بنفس تفكير الأزمة التى مرت بها الجماعة فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والتى انتهت بسجن معظم قادتها وكوادرها».
الأزمة لم تتوقف على المشهد داخل مصر فقط، ولكن كان لها تداعيات لدى إخوان الخارج، فمع اعلان الجماعة عن إطلاق تشكيل جديد بمسمى «المكتب الإدارى للإخوان بالخارج» برئاسة عضو مجلس شورى الجماعة أحمد عبدالرحمن عضو مجلس شورى الجماعة، فى حين خلا التشكيل الجديد فى عضويته من الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين بشكل بدا أمام الجميع أنه اطاحة بآخر رجال مكتب الإرشاد السابق.
جاء الإعلان عن المكتب الجديد ليفجر غضبا عبر عنه إبراهيم منير أمين سر مكتب الإرشاد الدولى والذى يعد الرجل الأول فى الخارج من تلك الخطوة قائلا: المفترض أن كل ما يتعلق بالإخوان فى الخارج سواء كانوا مصريين أو غير مصريين هو من اختصاص مكتب الإرشاد الدولى وانه لا معنى أو حاجة للمكتب الجديد»، وهو ما اعتبر انحيازا لحسين الذى تم حرقه أمام شباب الجماعة سواء فى الداخل أو الخارج، حيث تم تحميله ورفاقه فى مكتب الإرشاد القديم ما آل إليه وضع الجماعة فى الوقت الراهن.
فى المقابل يقول القيادى بالجماعة محمد سودان والمحسوب على معسكر القديم «الكثير من شباب الجماعة وقواعدها فهم الأمور بشكل خاطئ فالانتخابات التى أجريت أخيرا لم تكن لإنشاء تشكيلات جديدة لهياكل الجماعة سواء مكتب الإرشاد، أو مجلس الشورى أو المكاتب الإدارية فى المحافظات، ولكن كانت بهدف استكمال تشكيل تلك الهياكل، ببدلاء للقيادات المعتقلين أو ممن قتلوا خلال الاحداث، وهذا يعنى أن القيادات القديمة لم يتم الإطاحة بها ومازالوا متواجدين».
فيما يوضح قيادى كبير بالجماعة مقيم بسويسرا «بالفعل دخل الكثير من الشباب هياكل الجماعة بكثافة لدرجة جعلت الأغلبية فى أيديهم ببعض المواقع، إلا أن هذا لا يعنى ان القيادات الكبيرة تم الإطاحة بهم، هم متواجدون فى مواقعهم سواء فى مكتب الإرشاد أو مجلس الشورى، إلا أنهم طوال العامين الماضيين غابوا عن الصورة محاولين إفساح المجال للشباب الذين طالبوا بذلك»، متابعا «إلا أنه أمام اندفاع الشباب بحماستهم فى صراع عنيف ومسلح مع الدولة قد يعصف بوجود الإخوان قررت تلك القيادات القديمة العودة من جديد فى محاولة لضبط الإيقاع وهو ما لم يقبله الشباب حيث يرون فى دعوتهم للسلمية انها انبطاح خاصة بعد الانتهاكات التى يقوم بها النظام ضد الجماعة».
صراع الأرض والتمويل
ويكشف المصدر «أن الورقة القوية الوحيدة الآن فى يد القيادات القديمة هى أنهم مازالوا المسئولين عن الموارد المالية ويتصلون بفروع الجماعة فى الخارج وبخلاف ذلك فإن القيادات الشبابية بسطت سيطرتها بشكل تام على الجناح الإعلامى للجماعة، فضلا عن سيطرتهم على الأرض فهم موجودون فى كل المظاهرات، مضيفا إن الكثير منهم غامر وكان يتنقل بين المحافظات محاولا لم شتات الجماعة وإعادة تنظيمها وهو ما دفع مسئولى المكاتب الإدارية بالمحافظات والقيادات الوسيطة إلى دعمهم والوقوف خلفهم، فى ظل فقدان «جناح الستينيات» الكثير من المحافظات الداعمة له بسبب اختفائهم التام».
بيان الضربة القاضية
جاء البيان الذى أصدره المتحدث باسم الجماعة محمد منتصر منتصف ليل الجمعة، بعد ساعات قليلة من بيان محمود حسين بمثابة ضربة النهاية إعلاميا وتنظيميا لجيل القيادات التاريخية.
منتصر أوضح فى بيانه «أن المتحدث باسم الجماعة ونوافذها الرسمية فقط هم الذين يعبرون عن الجماعة ورأيها»، وذلك ردا على بيان محمود حسين الذى رفض موقع إخوان أون لاين والنوافذ الرسمية للجماعة نشره، وهو ما اضطر حسين لأن يضعه على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وذيله بأنه الأمين العام للجماعة.
منتصر قال فى بيانه الصادر باسم الإخوان «إن الجماعة أجرت انتخابات داخلية فى فبراير 2014 وقامت بانتخاب لجنة لإدارة الأزمة، مارست مهامها، وكانت نتيجة هذه الانتخابات استمرار محمد بديع فى منصب المرشد العام للجماعة وتعيين رئيس للجنة إدارة الأزمة وتعيين أمين عام للجماعة من داخل مصر لتسيير أمورها، كما قامت الجماعة بانتخاب مكتب إدارى لإدارة شئون الإخوان فى الخارج برئاسة أحمد عبدالرحمن، كما قامت الجماعة بتصعيد قيادات شابة فى هياكلها ولجان عملها ليتصدروا إدارة العمل الميدانى للجماعة».
وتابع منتصر فى بيان الجماعة «نؤكد أننا أجرينا تلك الانتخابات – برغم الملاحقات الأمنية – بمشاركة وعلم جميع أعضاء مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام للجماعة دون استبعاد أحد، التزاما باللوائح المنظمة لعمل الجماعة ومؤسسية اتخاذ القرار».
فى حين يوضح قيادى بالخارج أن «عزت وغزلان وحسين شككوا فى شرعية الانتخابات ويرون انها باطلة نظرا لأنها تمت قبل موعدها المنصوص عليه لائحيا، وكان طبيعيا ألا يتم اختيار أى أحد منهم فأحدهم خارج مصر، والآخر مختفى».
حسم معركة السلمية
المعركة الدائرة كشفت عن توجه جناح قيادات الجماعة الجديدة أكد عليه، المتحدث الرسمى الجديد باسم الجماعة فى بيانين لم يفصل بينهما سوى ساعتين رفض فيهما النهج السلمى، وأيد بيان «نداء الكنانة» الذى أباح استهداف الحكام والقضاة والإعلاميين والضباط والجنود والسياسيين باعتبارهم «محرضين على الدماء وحكمهم حكم القاتل الذى لابد من القصاص منه بالطرق الشرعية».
وقال البيان الأول لمنتصر والصادر فى الساعة الثامنة من مساء أمس الأول الخميس «الإخوان المسلمون جماعة التزمت بالعمل للإسلام بشموله، وتلتزم بالواجبات الشرعية التى يوجبها عليها الإسلام ولا تتراجع عنها مهما كانت التضحيات».
من ناحيته حاول محمود حسين المعبر عن «جناح الستينيات» استمالة شباب الجماعة فى محاولة منه لاسترداد السيطرة ببيانه الذى رفضت النوافذ الإعلامية الرسمية للجماعة نشره حينما أكد على أن مكتب الإرشاد الذى يمثله هو وعدد من القيادات التاريخية ويدير الجماعة بحسب بيانه «أكد على الثوابت وانه لا تفاوض مع القتلة ولا تنازل عن الشرعية وضرورة القصاص من القتلة».
ليرد عليه منتصر ببيان ثانٍ نشر منتصف ليل الجمعة ليؤكد بشكل على النهج الثورى فى مواجهة ما أسماه بالانقلاب فى مصر»، مشددا على أن الجماعة حسمت قرارها بعد استطلاع رأى قواعدها بأن الخيار الثورى بشكله المعروف وبكل آلياته خيار استراتيجى لا تراجع عنه»، مضيفا «تؤكد الجماعة أن البيان الذى أصدره 150 عالما من علماء الأمة وما سبقه من فتاوى شرعية بأن مقاومة الظلم واجب شرعى، هو أحد المنطلقات الرئيسية التى أكدت صحة مسار الجماعة فى كفاحها ضد الظلم والاستبداد».
ما عمق الأزمة بحسب مصدر مطلع بالجماعة زيارة قام بها محمود حسين وإبراهيم منير إلى إيران دون علم أحمد عبدالرحمن مسئول الإخوان الجديد فى الخارج.
التعليقات مغلقة.