فلسطين … رند الريماوي .. تكمل الحلم المسروق لوالدها الأسير منذ 17 عاماً
الأربعاء 11/7/2018 م …
الأردن العربي – مضت 17 عاماً على آخر محاضرة جامعية حضرها الأسير عبد الكريم الريماوي من بلدة بيت ريما شمال غربي رام الله، كان في سنته الثالثة في تخصص الإعلام بجامعة بيرزيت، عندما اختطفته قوات الاحتلال أثناء عودته من الجامعة مساء الثامن عشر من حزيران عام 2001، على حاجز نصبته قرب قرية النبي صالح.
حكم عليه بالسجن لمدة 25 عاماً، قضى منها 17 عاماً، واليوم ابنته رند التي أنهت الثانوية العامة تستعد لإكمال حلمه.
رند التي كانت لا تتجاوز ثمانية أشهر عندما اعتقل والدها، هي اليوم تبلغ ثمانية عشر عاماً، وقبل ثلاثة أيام حصلت على معدل 92.4 بالفرع الأدبي.
خططت منذ طفولتها لدراسة الإعلام، لتكمل طريق والدها، الذي لم يستطع إكمال التخصص الذي طالما تمنى أن يحصل عليه، وهو اليوم يدرس التاريخ من داخل الأسر منتسباً لجامعة القدس المفتوحة.
شجعها والدها على الإعلام، وهو يأمل أيضا بإكمال دراسته بعد الافراج عنه من سجون الاحتلال، حتى أنها تتمنى أن ترافقه مقاعد الدراسة وأن يكون زميلاً لها في الجامعة.
خلال امتحانات الثانوية العامة كان دائما يسأل عنها، لازمه القلق والانتظار، خاصة أن التواصل بين الأسرى وذويهم يكون في الغالب بغاية الصعوبة، لكنه رغم كل الظروف تمكن من الاطمئنان على ابنته رند التي تركها مرغماً وهي تخطو خطواتها الأولى.
ليديا أم مجد والدة رند التي أنجبت طفلها ذا الـ5 سنوات عن طريق تهريب الحيوانات المنوية، تقول: “في آخر فترة كان عبد الكريم يتواصل معنا يوميا، ويشجعنا، ولكثرة سؤاله عن ساعة النتائج، طلبت منه أن يتصل بشخص آخر (تضحك)، لأني كنت متوترة جدا وقتها”.
صدرت النتيجة عند الساعة الثالثة والنصف، وحاولت ليديا أن تتواصل معه لكنها لم تتمكن، وبعد 45 دقيقة تمكنت من إبلاغه بالنتيجة، كانت لحظات تصفها بالسعيدة وبالحلم، تتساءل، كيف مرت كل هذه السنوات؟.
كان لدى ليديا الأمل حاضرا دائما بأن يتم الافراج عن زوجها قبل ان تصل رند للثانوية العامة، وكانت تقول دائماً بأنه ما إن تصل رند التوجيهي إلا وعبد الكريم حاضر بيننا يشاركنا فرحتنا، لكن لما صدرت النتيجة ولم تجده إلى جانبها، دخلت في نوبة بكاء طويلة، “كنت بحاجة إليه، كنت أريد أن يشاركنا هذه الفرحة، أن أشاهده يحتضن ابنته”.
منعت رند من زيارة والدها خلال سنتها الأخيرة في المدرسة، بحجة المنع الأمني، ولم تتمكن من زيارته إلا مرة واحدة، لكنها على أمل بأن تزره يوم الـ22 من الشهر الجاري، لكنها تخشى بأن يتم ارجاعها لأن والدتها حدث معها ذلك في الزيارة الأخيرة.
لا تعرف رند كيف ستكون لحظات اللقاء الأولى مع والدها، وما هي المشاعر التي يمكن أن تعبر عنها لوالدها بعد أن حققت حلمه وتفوقت بالنتيجة، وهي ترى بأن الدموع أفضل وسيلة للقاء، فلن تتمكن من احتضانه ولن تتمكن من أن تسمعه صوتها مباشرة، سيتحتم عليه أن تتواصل معه عبر سماعة هاتف يتحكم بها جندي إسرائيلي، وسيفصل بينهما حاجز زجاجي، لن تكون سوى ملامحهما حاضرة في هذا اللقاء.
لا تجمعها أي صورة مع والدها، فالاحتلال منعها حتى من صورة داخل الأسر، لكنها وبطريقة طريفة خطت بقلم حبر رسمة لها مع والدها ووالدتها في أول صورة تجمعها منذ الاعتقال.
رند كانت تطمح بالحصول على معدلٍ عالٍ، لكن والدها قال لها، إن ما حصلت عليه جاء نتيجة لتعبك وجهدك، واحرصي على الفرح، واجعلي للفرحة والسرور المساحة الأوسع في حياتك، وإن تمكنت من ذلك ستحققين الأفضل.
افتقدت لحضن والدها عند صدور النتائج، كانت تريد أن تركض نحوه وتحتضنه، “في هذه اللحظات كنت بأمس الحاجة إليه، كم هي الحياة صعبة وقاسية، وكم هذا الاحتلال ظالم”.
تتمسك رند بالأمل دائما وتقول: “على كل شخص أن يسير خلف حلمه، لأنه سيحققه في النهاية، وإذا امتلك الإرادة سيتغلب على كل الظروف مهما كانت”.
التعليقات مغلقة.